سورة الأعراف / الآية رقم 71 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ المُنتَظِرِينَ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


أعلمهم بأن القضاء قد نفذ وحل عليهم الرجس وهو السخط والعذاب يقال رجس ورجز بمعنى واحد، قاله أبو عمرو بن العلاء، وقال الشاعر: [الطويل]
إذا سنة كانت بنجد محيطة *** فكان عليهم رجسها وعذابها
وقد يأتي الرجس أيضاً بمعنى النتن والقذر، ويقال في الرجيع رجس وركس، وهذا الرجس هو المستعار للمحرمات، أي ينبغي أن يجتنب كما يجتنب النتن، ونحوه في المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في خبر جهجاه الغفاري وسنان بن وبرة الأنصاري حين دعوا بدعوى الجاهلية: «دعوها فإنها منتنة» وقوله: {أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم} إنما يريد أنهم ثخاصمونه في أن تسمى آلهة، فالجدل إنما وقع في التسميات لا في المسميات، لكنه ورد في القرآن {ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم} [يوسف: 40] فهنا لا يريد إلا ذوات الأصنام، فالاسم إنما يراد به المسمى نفسه.
قال القاضي أبو محمد: ومن رأى أن الجدل في هذه الآية إنما وقع في أنفس الأصنام وعبادتها تأول هذا التأويل، والاسم يرد في كلام العرب بمعنى التسمية وهذا بابه الذي استعمله به النحويون، وقد يراد به المسمى ويدل عليه ما قاربه من القول، من ذلك قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] وقوله {تبارك اسم ربك} [الرحمن: 78] على أن هذا يتأول، ومنه قول لبيد: [الطويل]
إلى الحوِل ثمَّ اسمُ السلام عليكما ***
على تأويلات في البيت، وقد مضت المسألة في صدر الكتاب والسلطان: البرهان وقوله {فانتظروا إني معكم من المنتظرين} الآية وعيد وتهديد.
والضمير في قوله {أنجيناه} عائد على هود أي أخرجه الله سالماً ناجياً مع من اتبعه من المؤمنين برحمة الله وفضله، وخرج هود ومن آمن معه حتى نزلوا مكة فأقاموا بها حتى ماتوا {وقطعنا دابر} استعارة تستعمل فيمن يستأصل بالهلاك، والدابر الذي يدبر القوم ويأتي خلفهم: فإذا انتهى القطع والاستئصال إلى ذلك فلم يبق أحد وقوله {كذبوا بآياتنا} دال على المعجزة وإن لم تتعين لها.
وقوله تعالى: {وإلى ثمود} الآية، هو {ثمود} بن غاثن بن أرم بن سام بن نوح أخو جديس بن غاثن، وقرأ يحيى بن وثاب {وإلى ثمودٍ} بكسر الدال وتنوينه في جميع القرآن، وصرفه على اسم الحي وترك صرفه على اسم القبيلة، قاله الزجاج، وقال الله تعالى: {ألا إن ثموداً كفروا ربهم} فالمعنى: وأرسلنا {إلى ثمود أخاهم} فهو عطف على نوح والأخوة هنا أخوة القرابة، وقال الزجاج يحتمل أن تكون أخوة الآدمية، وسمى {أخاهم} لما بعث إليهم وهم قوم عرب وهود وصالح عربيان، وكذلك إسماعيل وشعيب، كذا قال النقاش، وفي أمر إسماعيل عليه السلام نظر، وصالح عليه السلام هو صالح بن عبيد بن عارم بن أرم بن سام بن وح كذا ذكر مكي، وقال وهب بعثه الله حين راهق الحلم، ولما هلك قومه ارتحل بمن معه إلى مكة، فأقاموا بها، حتى ماتوا فقبورهم بين دار الندوة والحجر، وقوله {بينة} صفة حذف الموصوف وأقيمت مقامه، قال سيبويه وذلك قبيح في النكرة أن تحذف وتقام صفتها مقامها، لكن إذا كانت الصفة كثيرة الاستعمال مشتهرة وهي المقصود في الأخبار والأمم زال القبح، كما تقول جاءني عبد لبني فلان وأنت تريد جاءني رجل عبد لأن عبداً صفة فكذلك قوله هنا {بينة}، المعنى آية أو حجة أو موعظة {بينة}، وقال بعض الناس إن صالحاً جاء بالناقة من تلقاء نفسه، وقالت فرقة وهي الجمهور: بل كانت مقترحة.
قال القاضي أبو محمد: وهذا أليق بما ورد في الآثار من أمرهم، وروي أن بعضهم قال: {يا صالح} إن كنت صادقاً فادع ربك يخرج لنا من هذه الهضبة وفي بعض الروايات من هذه الصخرة لصخرة بالحجر يقال لها الكاثبة ناقة عشراء قال فدعا الله فتمخضت تلك الهضبة وتنفضت وانشقت عن ناقة عظيمة، وروي: أنها كانت حاملاً فولدت سقبها المشهور، وروي أنه خرج معها فصيلها من الصخرة، وروي: أن جملاً من جمال {ثمود} ضربها فولدت فصيلها المشهور، وقيل {ناقة الله} تشريفاً لها وتخصيصاً، وهي إضافة خلق إلى خالق، وقال الزجاج: وقيل إنها ناقة من سائر النوق وجعل الله لها شرباً يوماً ولهم شرب يوم، وكانت الآية في شربها وحلبها.
قال القاضي أبو محمد: وحكى النقاش عن الحسن أنه قال: هي ناقة اعترضها من إبلهم ولم تكن تحلب والذي عليه الناس أقوى وأصح من هذا، قال المفسرون: وكانت حلفاً عظيماً تأتي إلى الماء بين جبلين فيزحمانها من العظم وقاسمت {ثمود} في الماء يوماً بيوم فكانت ترد يومها فتستوفي ماء بئر همشريا ويحلبونها وما شاؤوا من لبن ثم تمكث يوماً وترد بعد ذلك غياً، فاستمر ذلك ما شاء الله حتى أماتها {ثمود} وقالوا ما نصنع باللبن، الماء أحب إلينا منه، وكان سبب الملل فيما روي أنها كانت تصيف في بطن الوادي وادي الحجر وتستوفي ظاهره فكانت مواشيهم تفر منها فتصيف في ظهر الوادي للقيظ، وتستوفي باطنه للزمهرير وفسدت لذلك، فتمالؤوا على قتل الناقة فقال لهم صالح مرة إن هذا الشهر يولد فيه مولود يكون هلاككم على يديه، فولد لعشرة نفر أولاد فذبح التسعة أولادهم، وبقي العاشر وهو سالف أبو قدار، فنشأ قدار أحمر أزرق فكان التسعة إذا رأوه قالوا لو عاش بنونا كانوا مثل هذا، فاحفظهم إن قتلوا أولادهم بكلام صالح.
فأجمعوا على قتله، فخرجوا وكمنوا في غار ليبيتوه منه وتقاسموا لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله، فسقط الغار عليهم فماتوا فهم الرهط التسعة الذين ذكر الله تعالى في كتابه هم قدار بن سالف، ومصرع بن مهرج ضما إلى أنفسهما سبعة نفر وعزموا على عقر الناقة، وروي أن السبب في ذلك أن امرأتين من {ثمود} من أعداء صالح جعلتا لقدار ومصرع أنفسهما وأموالهما على أن يعقرا الناقة وكانتا من أهل الجمال، وقيل إن قداراً شرب الخمر مع قوم فطلبوا ماء يمزجون به الخمر فلم يجدوه لشرب الناقة، فعزموا على عقرها حينئذ فخرجوا وجلسوا على طريقها وكمن لها قدار خلف صخرة، فلما دنت منه رماها بالحربة ثم سقطت فنحرها، ثم اتبعوا الفصيل فهرب منهم حتى علا ربوة ورغا ثلاث مرات واستغاث فلحقوه وعقروه، وفي بعض الروايات أنهم وجدوا الفصيل على رابية من الأرض فأرادوه فارتفعت به حتى لحقت به في السماء فلم يقدروا عليه فرغا الفصيل مستغيثاً بالله تعالى فأوحى الله إلى صالح أن مرهم فليتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام، وحكى النقاش عن الحسن أنه قال إن الله تعالى أنطق الفصيل فنادى أين أمي؟ فقال لهم صالح إن العذاب واقع بكم في الرابع من عقر الناقة، وروي: أنه عقرت يوم الأربعاء وقال لهم صالح تحمر وجوهم غداً وتصفر في الثاني وتسود في الثالث وينزل العذاب في الرابع يوم الأحد، فلما ظهرت العلامة التي قال لهم أيقنوا واستعدوا ولطخوا أبدانهم بالمن، وحفروا القبور وتحنطوا فأخذتهم الصيحة وخرج صالح ومن معه حتى نزل رملة فلسطين.
قال القاضي أبو محمد: وهذا القصص اقتضبته من كثير أورده الطبري رحمه الله رغبة الإيجاز، وقال أبو موسى الأشعري: أتيت بلاد {ثمود} فذرعت صدر الناقة فوجدته ستين ذراعاً.
قال القاضي أبو محمد: وبلاد {ثمود} هي بين الشام والمدينة، وهي التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين في غزوة تبوك فقال لا تدخلوا مساكين الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم، ثم اعتجر بعمامته وأسرع السير صلى الله عليه وسلم وروي أن المسافة التي أهلكت الصيحة أهلها هي ثمانية عشر ميلاً، وهي بلاد الحجر ومراتعها الجناب وحسمي إلى وادي القرى وما حوله، وقيل في قدار إنه ولد زنا من رجل يقال له ظيبان وولد على فراش سالف فنسب إليه ذكره قتادة وغيره، وذكر الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال أتعرفون ما هذا قالوا: لا، قال هذا قبر أبي رغال الذي هو أبو ثقيف كان من {ثمود} فأصاب قومه البلاء وهو بالحرم فسلم فلما خرج من الحرم أصابه ما أصابهم فدفن هنا وجعل معه غصن من ذهب قال فابتدر القوم بأسيافهم فحفروا حتى أخرجوا الغصن.
قال القاضي أبو محمد: وهذا الخبر يريد ما في السير من أن أبا رغال هو دليل الفيل وحبيسه إلى مكة والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال