سورة الأعراف / الآية رقم 187 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِ لاَ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)}.
التفسير:
{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ}.
فمن يهدى من أضلّ اللّه وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة؟.
تلك مشيئة نافذة للّه، لا معقّب عليها، وقضاء مبرم لا مردّ له.
{وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي يخلى بينهم وبين أنفسهم، يتخبطون في ظلمات الشرك والضلال.
والعمه: التحيّر، والضرب في الأرض على غير هدى.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها}؟ أي يسألونك عن الساعة.
متى تجى ء؟ والتعبير عن مجيئها بمرساها، إشارة إلى أنها غائب ينتظر مجيئه، حيث لا يدرى أحد متى تطلع، وتبلغ الغاية التي تصل إليها، وتلقى مراسيها عندها.
ومن سفاهة السائلين أن يسألوا عن الساعة، ولم يعملوا لها، ولم يستعدوا للقائها.. فما سؤالهم عنها- والأمر كذلك- إلا من قبيل الجدل السفيه! ما عندهم للساعة حتى يسألوا عن ميقاتها، ويستعجلوا يومها؟
{قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ}.
إن أمرها عند اللّه، لا يكشفها، ولا يظهرها لوقتها الذي تظهر فيه، إلا ربّ العالمين.
فهى عند اللّه، سبحانه، في مستودعات الغيب الذي لا يملك مفاتحه إلا هو وحده.
{ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي عظم وقعها على السموات والأرض.
أي أنها يوم تجىء تثقل على السموات والأرض، فكيف تحتملون أنتم مجيئها يوم تجى ء؟ فلم تستعجلونها يومها؟ ولم تلحّون في البحث عن ميقاتها؟
وثقل الساعة على السموات والأرض يشير إليه قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} وقوله سبحانه: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}.
ففى هذا اليوم تتغيّر معالم الوجود السماوي والأرضى، لما يقع فيه من أهوال، فكيف يستعجلون هذا الهول، وينادون به أن يطلع عليهم؟.
ألا ما أشد جهلهم وغباءهم.. أما المؤمنون، فإنهم- مع إيمانهم باللّه واستعدادهم للقائه- مشفقون من لقاء هذا اليوم العظيم، كما يقول سبحانه وتعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها. وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} [18: الشورى].
{لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} البغتة: الفجاءة، أي على غفلة.. أي أن الساعة لا تجىء على حسب موعد معلوم للناس، وإنما تقع فجأة وعلى حين غفلة.. إنها هؤل عظيم، يطلع على غير انتظار من هؤلاء المشركين، الذين يسألون عنها سؤال تهكم واستخفاف.. وفى هذا ما يضاعف بلاءها عليهم.
{يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها}.
كأنك حفى عنها: أي كثير الطلب لها، والسؤال عن وقتها.
وهذا يعنى أن النبي صلى اللّه عليه وسلّم لم يكن من شأنه أن يتطلع إلى معرفة وقتها المعلوم، وإن كان من دأبه أبدا ذكرها، والإعداد لها.. وفى هذا إنكار على هؤلاء الذين يسألون عن الساعة، ومتى يجىء يومها.. وكان الأولى لهم أن يعملوا لهذا اليوم، ويستعدوا للقاء اللّه فيه.
{قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} وهذا توكيد لما تقرر من قبل بأن علم الساعة مما استأثر اللّه به وحده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة، ولا يرضون بالتسليم بها، بل يسألون ويلحفون في السؤال عنها، ولو أنهم عقلوا ما سألوا.
وفى التعبير هنا بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ} على حين كان النظم القرآنى في هذه الآية نفسها: {قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي}.
مراعاة لاختلاف المقامين.. حيث كان التعبير بلفظ: {عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي} ردّا مباشرا على سؤال السائلين للنبيّ عن ميقات الساعة، وحيث كانوا يحسبون أن ذلك مما يعلمه النبىّ، فجاء الرد عليهم بإضافة العلم إلى ربّ محمد، لا إلى محمد.
أما الرد عليهم بقوله تعالى: {عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ} فذلك بعد أن جاءهم العلم بأن علم الساعة ليس مما يطلع عليه محمد بل هو مما استأثر به ربّ محمد، وإذن فليعلموا بعد هذا أن اللّه ربّ العالمين، هو ربّ محمد، وربّ كل مخلوق.
{قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ}.
ومن الجهل الذي يستولى على العقول، فيضلّها عن سواء السبيل، أن يرى بعض الناس أن النبىّ إذ كان على صلة بالسّماء، قادر على أن يشارك اللّه في سلطانه، وأن يكون بيده ما بيد اللّه أو بعض ما في يد اللّه من قدرة وعلم وسلطان.
ولهذا كان من مقترحات مشركى قريش على النبيّ، أنهم لن يؤمنوا له حتى يأتيهم بما اقترحوا عليه، مما ذكره اللّه سبحانه وتعالى على لسانهم في قوله: {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا} [90- 93: الإسراء].
ومن واردات هذا الجهل ذلك السؤال الذي يلحّ به السائلون على النبيّ عن يوم القيامة، ظنّا منهم أن النبىّ غير بشر، وأنه يملك من قوى الغيب ما يجعله عالما بكل شىء، قادرا على كل شىء.
ولو كان النبىّ ممن يعمل لحسابه وممن يطلب المجد والسلطان لنفسه في الناس- لحمد لهؤلاء الظانين به هذه الظنون رأيهم فيه، ونظرتهم إليه، بل لعمل على الترويج لهذه الظنون، وإذاعتها في الناس، ليكبر في أعينهم، ويعظم مقامه فيهم.
ولكنّ النبىّ لا يعمل إلا للحق، ولا يتعامل مع الناس إلا بالحق، ولهذا جاء قوله تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ} ليؤذّن به النبي في الناس، وليريهم أنه بشر مثلهم، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فالنفع والضرّ بيد اللّه وحده.
وهذا لا يكون إلا من إنسان قام أمره على الصدق كلّه، فلا يقول إلا ما يوحى إليه من ربّه، ولو كان ذلك مما يشقّ عليه، ويزيد فيما بينه وبين قومه من شقاق.
وفى عطف الضر على النفع إشارة إلى أن النبىّ لا يملك لنفسه أي شىء، ولو كان من السّلبيات.. بمعنى أنه لو صح منه العزم على أن يضرّ نفسه ما استطاع أن يصل إلى شيء من ذلك، إلا ما شاء اللّه له.
وهذا أبلغ في وصف الإنسان- ولو كان نبيّا- بالعجز، وقصور يده عن أن يبلغ أي شيء إلا ما قدر اللّه له، ولو كان ذلك الشيء مما يحسب الإنسان أنه ملك خاص له، لا ينازعه فيه أحد، مما لا تنزع إليه النفوس ولا ترغب فيه، كطلب ما يضرّ من الأمور، وهو شيء مقدور عليه بأيسر جهد، بل بلا جهد أصلا.. وحسب من يريد إتلاف نفسه أو إلحاق ضرر بها ألا يتحرك أية حركة، فيجد الشرّ يهجم عليه من كل جهة!! {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ}.
وهذا مثل واضح، شاهد لا يدفع، على أن النبىّ لا يعلم الغيب، إذ لو كان عنده من علم الغيب شيء لعرف عواقب الأمور قبل أن تجىء، ولما اتجه إلى أمر تسوء عاقبته، ولكان كل متجهه دائما إلى ما تحمد عاقبته، وتعظم ثمرته.
فمثلا، لو كان يعلم النبىّ من أمر الغيب شيئا لما عرض نفسه على ثقيف قبل الهجرة، ولما تعرض لهذه المواجهة المنكرة التي واجهوه بها، ولجنّب نفسه هذا الأذى الذي أصابه في جسده وفى مشاعره جميعا! ولو كان يعلم الغيب لما أذن المنافقين الذين جاءوا إليه بأعذار كاذبة للتخلف عن غزوة تبوك.
{إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
فتلك هى مهمة الرسول، أن يبلّغ ما أنزل إليه من ربّه، منذرا ومبشرا.
وفى قوله تعالى: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} إشارة إلى أن رسالة الرسول إنما تؤثّر أثرها، وتعطى ثمرتها لمن كان على استعداد للتعامل معها والإيمان بها، والانتفاع بالخير الذي تحمله بين يديها.. فكأنّ الرسول- والأمر كذلك- رسول إلى هذا الصنف من الناس، الذين يسمعون، فيعقلون، فيؤمنون.. أما من سواهم من أهل السفاهة والضلال، فليس هو منهم في شىء، إذ كانت بضاعته كاسدة عندهم، لا يأخذون منها شيئا.. كالأعمى.. ضوء الشمس عنده كظلمة الليل.
فآية الشمس عنده آية غير عاملة..!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال