سورة الأنفال / الآية رقم 2 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}.
التفسير:
كانت غزوة بدر أول موقف وقفه المسلمون إزاء الغنائم التي وقعت لأيديهم من يد أعدائهم في ميدان القتال.. ولهذا اضطربت مشاعر المسلمين فيها، واختلفت أنظارهم عليها.. فمن قائل إنها لمن جمع الغنائم وحازها ليده، ومن قائل إنها لمن قائل والتحم بالعدو.. ومن قائل- إنها لمن شهد القتال، قاتل أو لم يقاتل، حاز غنيمة أو لم يحزها.. ومن قائل إنها للجماعة الإسلامية التي كانت تضمها المدينة.. وهكذا توزعت مشاعر المسلمين وعواطفهم، في مواجهة هذا الطارق الغريب، الذي أطلّ عليهم بوجهه، لأول مرة.
ولو ترك هذا الموقف للمسلمين يقضون فيه برأيهم، ويلتقون فيه على رأى، لما كان في هذا ما يحسم الموقف، ويجمع هذا العواطف المشتتة، وتلك النوازع المختلفة.. فإن أي رأى يلتقى عنده المسلمون، لم يرض نفرا منهم أيّا كان عدده.
وتلك لا شك ثلمة في بناء الجماعة التي لا تزال على أول الطريق، في استكمال كيانها، ودعم بنائها، بل هو صدع في هذا البناء، تزيده الأيام عمقا واتساعا، إن لم يكن في الحساب توقّيه قبل أن يقع.. حتى يحفظ هذا الجسد سليما معافى من أيّة آفة، تندس إليه، وتنفث سمومها فيه.
ولهذا جاءت كلمة الفصل من السماء، حتى لا يكون لقائل قول، ولو كان الرسول الكريم نفسه، والذي لو قال كلمة هنا لتلقاها المسلمون بالقبول والرضا، ولسكن عندها كل خاطر، ولماتت بعدها كل نازعة أو وسواس، لما للرسول في نفوس المسلمين من حب وطاعة، وولاء.. إذ كانوا على يقين، بأنه- صلوات اللّه وسلامه عليه- لا يقضى إلا بالحق، ولا يقول إلا بما أراه اللّه: {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى}.
ومع هذا، فإن حكمة الحكيم العليم اقتضت أن تكون كلمة اللّه هى القضاء الفصل فيما اختلف فيه المسلمون، حتى يعودوا من هذه المعركة، وقد خلت نفوسهم من أي همّ من هموم الدنيا، وحتى يكونوا جندا خالصا لدين اللّه، لا يجاهدون إلا في سبيل اللّه، وفى إعلاء كلمة اللّه، دون التفات إلى شيء من هذه الدنيا، وما يقع لأيديهم من مغانم الحرب.. فتلك المغانم- وإن كثرت- لا حساب لها في هذا الوجه الكريم الذي يتجه إليه المجاهدون في سبيل اللّه.
ومن أجل هذا، كان حكم اللّه قاضيا على المجاهدين بألّا شأن لهم بهذه الغنائم، وأن أمرها إلى اللّه، ثم إلى رسول اللّه يضعها حيث يشاء، ويتصرف فيها كما يرى.
تلك هى كلمة اللّه، وهذا هو قضاؤه.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}.
وانظر كيف كانت الحكمة في هذا الحكم، وهذا التدبير الحكيم.
لقد كان ذلك أول الإسلام، ومع أول تجربة يقع للمسلمين فيها خير مادىّ، بعد أن احتملوا ما احتملوا من أذى وضر في أموالهم وأنفسهم.
ولو كان الذي حدث في بدر جاريا مع موقع النظر الإنسانى، لكان أول ما يتبادر إلى العقل هو التمكين للمسلمين الذين قاتلوا، أن يحوزوا هذه الغنائم، ليكون منها بعض العزاء لما ذهب منهم، سواء أكانوا مهاجرين أو أنصارا.. حيث هاجر المهاجرون تاركين وراءهم الديار والأموال، وحيث شاطرهم الأنصار ديارهم وأموالهم..!
ولكن تدبير اللّه يعلو هذا التدبير، وحكمته تقضى بغير ما يقضى به هذا النظر البشرى المحدود.
فلو أن المسلمين شغلوا أنفسهم من أول خطوهم بهذه الغنائم، لكان في ذلك جور على الدعوة التي دعاهم اللّه إليها، وندبهم لها، ولكان حسابهم معها قائما على الريح والخسارة في جانب الدنيا، أكثر منه في جانب الدين..!
ولهذا، جاء أمر اللّه قاطعا على المسلمين هذا الطريق، آخذا على أيديهم أن تمتدّ إلى تلك الغنائم، التي جعلها اللّه سبحانه له، ثم وضعها بين يدى رسوله.
إنهم مجاهدون في سبيل اللّه وحسب، باعوا أنفسهم للّه، ورصدوها للجهاد في سبيله.
أما الغنائم فأمرها خارج عن هذا العهد الذي عاهدوا اللّه عليه.
فإذا جاء بعد هذا قضاء من عند اللّه في شأن ما يقع للمجاهدين من غنائم.
وإذا جعل اللّه للمقاتلين نصيبا مفروضا فيها، فذلك فضل من اللّه، ومنّة منه على عباده، وبهذا يظل المجاهدون على هذا الشعور الأول الذي أقامهم اللّه عليه، وهو أن تلك الغنائم هى للّه ولرسوله، وأن ما فرض لهم بعد ذلك هو استثناء من الحكم الأصلىّ، جاء برّا بهم، ورحمة لهم.
ومن أجل هذا، فإنه بعد أن انتهت معركة بدر، ومغانمها، وعاش المسلمون مع تلك التجربة زمنا كافيا، اطمأنوا فيه إلى ما تقرر من ألّا شيء لهم فيما يغنمون- جاء حكم اللّه بعد هذا مقررا لهم نصيبا مفروضا فيما يغنمون، وفى هذا يقول اللّه تعالى في هذه السورة: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.
وقوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
فقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} هو تعقيب على هذا الحكم الذي تلقاه المسلمون من اللّه في شأن غنائم بدر.. وفى دعوتهم إلى تقوى اللّه تذكير لهم باللّه الذي استجابوا لدينه، ودخلوا فيه، وقاتلوا في سبيله، فإذا ذكروا هذا، فاءوا إلى السّلامة والعافية، وأقاموا وجوههم على الوجه الذي استقبلوا به الإسلام من أول يوم.
موطنين الأنفس على احتمال الضرّ، والصبر على المكاره، ولم يقع في نفوسهم شيء من هذه المشاعر، التي وقعت لهم بين يدى تلك الغنائم، قبل أن يتلقوا حكم اللّه فيها.
ومن هنا جاء أمر اللّه إليهم بعد ذلك بقوله: {وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ} أي حيث أخليتم أنفسكم من هذا المتاع الذي كان سببا في التنازع والاختلاف بينكم، فعودوا إلى ما كنتم عليه، إخوانا مجاهدين في سبيل اللّه، لا تبتغون بذلك إلا رضا اللّه ورضوانه.. ثم جاء قوله تعالى بعد هذا: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أمرا بالطاعة المطلقة، والتسليم الخالص للّه، ولرسوله.
فذلك هو شأن المؤمنين، إذ لا إيمان بغير طاعة وتسليم..!
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.
هو كشف للصورة الكريمة للمؤمنين، يعرضها اللّه سبحانه، لأولئك الذين دعاهم اللّه إلى طاعته وطاعة رسوله، في شأن هذه الغنائم ليدخلوا في عداد المؤمنين، بما استقبلوا به أمر اللّه سبحانه من طاعة ورضى.
فالمؤمن حقا، هو الذي يخشى اللّه ويتّقيه، فإذا ذكر اللّه، أو ذكّر به امتلأ قلبه خشية ووجلا- أي خوفا- من جلاله وسطوته، وإذا تلى آيات اللّه أو تليت عليه، خشع لها، وأشرق قلبه بنورها، فازداد بذلك إيمانا على إيمان، ثم انتهى به ذلك إلى أن يكون عبدا ربّانيا، يسلم أمره كله لمن بيده الأمر كلّه.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ}.
هو استكمال لتلك الصورة الكريمة للمؤمن.. فلا يكتمل إيمان المؤمن حتى يقيم الصلاة على وجهها، ويؤديها في خشوعها وخضوعها، ولا يكمل إيمانه حتى يكون- مع إقامة الصلاة- من المنفقين مما رزقه اللّه، في وجوه البرّ والإحسان.
فإذا فعل المؤمن ذلك، فأطاع اللّه ورسوله، وذكر اللّه خاشعا متضرعا، وتلا آياته وجلا خائفا، وأقام الصلاة، وأنفق مما رزقه اللّه في سبيل اللّه- إذا فعل ذلك كان من المؤمنين حقّا.. أي كان مؤمنا ظاهرا وباطنا.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.
فالمؤمن إيمانا كاملا، ظاهرا وباطنا، هو في مقام كريم عند ربه، يحفّه بمغفرته ورحمته، ويفيض عليه من إحسانه وفضله.
ويلاحظ هنا أن هذا العرض للمؤمنين، وما ينبغى أن يكون عليه إيمانهم باللّه، هو- وإن كان مطلوبا لكل مؤمن باللّه، في جميع الأحوال والأزمان- هو من المطلوبات التي استدعتها تلك الحال التي كان عليها المؤمنون بعد معركة بدر، في مواجهة الغنائم التي وقعت لأيديهم في هذه المعركة.
فلقد أثارت تلك الغنائم غبارا كثيرا في آفاق المسلمين، فكان من تدبير اللّه لهم، وصنيعه بهم، أن أجلى هذا الغبار من سمائهم، وعرض عليهم تلك الصورة الكريمة للمؤمنين، وأراهم- سبحانه- أنه يدعوهم إليه، ويرسم لهم الصورة التي ينبغى أن يكونوا عليها، وهم يستجيبون له، ويقبلون عليه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال