سورة الأنفال / الآية رقم 3 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}. فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قال العلماء: هذ الآية تحريض على إلزام طاعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أمر به من قسمة تلك الغنيمة. والوجل: الخوف.
وفي مستقبله أربع لغات: وجل يوجل ويأجل وييجل وييجل، حكاه سيبويه. والمصدر وجل جلا ومؤجلا، بالفتح. وهذا مؤجلة بالكسر للموضع والاسم. فمن قال: يأجل في المستقبل جعل الواو ألفا لفتحه ما قبلها. ولغة القرآن الواو {قالُوا لا تَوْجَلْ} ومن قال: {ييجل} بكسر الياء فهي على لغة بني أسد، فإنهم يقولون: أنا إيجل، ونحن نيجل، وأنت تيجل، كلها بالكسر. ومن قال: {ييجل} بناه على هذه اللغة، ولكنه فتح الياء كما فتحوها في يعلم، ولم تكسر الياء في يعلم لاستثقالهم الكسر على الياء. وكسرت في {ييجل} لتقوي إحدى الياءين بالأخرى. والأمر منه {ايجل} صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها. وتقول: إني منه لأوجل. ولا يقال في المؤنث: وجلاء: ولكن وجلة.
وروى سفيان عن السدي في قوله جل وعز: {الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} قال: إذا أراد أن يظلم مظلمة قيل له: اتق الله، ووجل قلبه.
الثانية: وصف الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوجل عند ذكره. وذلك لقوة إيمانهم ومراعاتهم لربهم، وكأنهم بين يديه. ونظير هذه الآية {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ. الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}. وقال: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ}. فهذا يرجع إلى كمال المعرفة وثقه القلب. والوجل: الفزع من عذاب الله، فلا تناقض. وقد جمع الله بين المعنيين في قوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ}. أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله. فهذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته، لا كما يفعله جهال العوام والمبتدعة الطغام من الزعيق والزئير ومن النهاق الذي يشبه نهاق الحمير. فيقال لمن تعاطى ذلك وزعم أن ذلك وجد وخشوع: لم تبلغ أن تساوي حال الرسول ولا حال أصحابه في المعرفة بالله، والخوف منه، والتعظيم لجلاله، ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله. ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال: {وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ}. فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم. ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم، فمن كان مستنا فليستن، ومن تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو من أخسهم حالا، والجنون فنون. روى مسلم عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحفوه في المسألة، فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال: «سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ما دمت في مقامي هذا». فلما سمع ذلك القوم ارموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر. قال أنس: فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فإذا كل إنسان لأف رأسه في ثوبه يبكي. وذكر الحديث.
وروى الترمذي وصححه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. الحديث. ولم يقل: زعقنا ولا رقصنا ولا زفنا ولا قمنا.
الثالثة: قوله تعالى: {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً} أي تصديقا. فإن إيمان هذه الساعة زيادة على إيمان أمس، فمن صدق ثانيا وثالثا فهو زيادة تصديق بالنسبة إلى ما تقدم.
وقيل: هو زيادة انشراح الصدر بكثرة الآيات والأدلة، وقد مضى هذا المعنى في آل عمران. {وعلى ربهم يتوكلون} تقدم معنى التوكل في آل عمران أيضا. {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} تقدم في أول سورة البقرة. {أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} أي الذي استوى في الإيمان ظاهرهم وباطنهم. ودل هذا على أن لكل حق حقيقة، وقد قال عليه السلام لحارثة: «إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك»؟ الحديث. وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، أمؤمن أنت؟ فقال له: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار والبعث والحساب فأنا به مؤمن. وإن كنت تسألني عن قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلى قوله: {أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} فوالله ما أدري أنا منهم أم لا.
وقال أبو بكر الواسطي: من قال أنا مؤمن بالله حقا، قيل له: الحقيقة تشير إلى إشراف واطلاع وإحاطة، فمن فقده بطل دعواه فيها. يريد بذلك ما قاله أهل السنة: إن المؤمن الحقيقي من كان محكوما له بالجنة، فمن لم يعلم ذلك من سر حكمته تعالى فدعواه بأنه مؤمن حقا غير صحيح.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال