سورة الأنفال / الآية رقم 6 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6)}
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} يقتضي تشبيه شيء بهذا الإخراج وذكروا فيه وجوهاً: الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى كثرة المشركين يوم بدر وقلة المسلمين قال: «من قتل قتيلاً فله سلبه ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا» ليرغبهم في القتال، فلما انهزم المشركون قال سعد بن عبادة: يا رسول الله إن جماعة من أصحابك وقومك فدوك بأنفسهم، ولم يتأخروا عن القتال جبناً ولا بخلاً ببذل مهجهم ولكنهم أشفقوا عليك من أن تغتال فمتى أعطيت هؤلاء ما سميته لهم بقي خلق من المسلمين بغير شيء فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الانفال قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول} [الأنفال: 1] يصنع فيها ما يشاء، فأمسك المسلمون عن الطلب وفي أنفس بعضهم شيء من الكراهية وأيضاً حين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القتال يوم بدر كانوا كارهين لتلك المقاتلة على ما سنشرح حالة تلك الكراهية، فلما قال تعالى: {قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول} كان التقدير أنهم رضوا بهذا الحكم في الأنفال وإن كانوا كارهين له كما أخرجك ربك من بيتك بالحق إلى القتال وإن كانوا كارهين له وهذا الوجه أحسن الوجوه المذكورة هنا.
الثاني: أن يكون التقدير ثبت الحكم بأن الأنفال لله، وإن كرهوه كما ثبت حكم الله بإخراجك إلى القتال وإن كرهوه.
الثالث: لما قال: {أُوْلئِكَ هُمُ المؤمنون حَقّاً} كان التقدير: أن الحكم بكونهم مؤمنين حق، كما أن حكم الله بإخراجك من بيتك للقتال حق.
الرابع: قال الكسائي: الكاف متعلق بما بعده، وهو قوله: {يجادلونك فِي الحق} والتقدير {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق} على كره فريق من المؤمنين كذلك هم يكرهون القتال ويجادلونك فيه. والله أعلم.
المسألة الثانية: قوله: {مِن بَيْتِكَ} يريد بيته بالمدينة أو المدينة نفسها، لأنها موضع هجرته وسكناه بالحق، أي إخراجاً متلبساً بالحكمة والصواب {وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ المؤمنين لَكَِّرِهُونَ} في محل الحال، أي أخرجك في حال كراهيتهم.
روي أن عير قريش أقبلت من الشام وفيها أموال كثيرة ومعها أربعون راكباً منهم أبو سفيان، وعمرو بن العاص، وأقوام آخرون، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر المسلمين فأعجبهم تلقي العير لكثرة الخير، وقلة القوم، فلما أزمعوا وخرجوا، بلغ أهل مكة خبر خروجهم، فنادى أبو جهل فوق الكعبة: يا أهل مكة النجاء النجاء على كل صعب وذلولا إن أخذ محمد عيركم لن تفلحوا أبداً، وقد رأت أخت العباس بن عبد المطلب رؤيا، فقالت لأخيها: إني رأيت عجباً رأيت كأن ملكاً نزل من السماء فأخذ صخرة من الجبل، ثم حلق بها فلم يبق بيت من بيوت مكة إلا أصابه حجر من تلك الصخرة. فحدث بها العباس. فقال أبو جهل: ما ترضى رجالهم بالنبوة حتى ادعى نساؤهم النبوةا فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير، وفي المثل السائر لا في العير ولا في النفير فقيل له: العير أخذت طريق الساحل ونجت، فارجع إلى مكة بالناس. فقال: لا والله لا يكون ذلك أبداً حتى ننحر الجزور ونشرب الخمور، وتغني القينات والمعازف ببدر فتتسامع جميع العرب بخروجنا، وإن محمداً لم يصب العير فمضى إلى بدر بالقوم. وبدر كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوماً في السنة، فنزل جبريل وقال: يا محمد إن الله وعدكم إحدى الطائفتين، إما العير وإما النفير من قريش، واستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: ما تقولون إن القوم خرجوا من مكة على كل صعب وذلول. فالعير أحب إليكم أم النفير؟ قالوا بل العير أحب إلينا من لقاء العدو. فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل فقالوا يا رسول الله عليك بالعير ودع العدو، فقام عند غضب النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر فأحسنا، ثم قام سعد بن عبادة فقال امض إلى ما أمرك الله به فإنا معك حيثما أردت. فوالله لو سرت إلى عدن لما تخلف عنك رجل من الأنصار. ثم قال المقداد بن عمرو: يا رسول الله امض إلى ما أمرك الله به، فإنا معك حيثما أردت، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هاهنا قاعدون} [المائدة: 24] ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما دامت منا عين تطرف. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: سيروا على بركة الله والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم، ولما فرغ رسول الله من بدر، قال بعضهم: عليك بالعير. فناداه العباس وهو في وثاقه، لا يصلح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم؟» قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك ما وعدك.
إذا عرفت هذه القصة فنقول: كانت كراهية القتال حاصلة لبعضهم لا لكلهم، بدليل قوله تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ المؤمنين لَكَِّرِهُونَ} والحق الذي جادلوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى النفير لإيثارهم العير. وقوله: {بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ} المراد منه: إعلام رسول الله بأنهم ينصرون. وجدالهم قولهم: ما كان خروجنا إلا للعير، وهلا قلت لنا؟ لنستعد ونتأهب للقتال، وذلك لأنهم كانوا يكرهون القتال، ثم إنه تعالى شبه حالهم في فرط فزعهم ورعبهم بحال من يجر إلى القتل ويساق إلى الموت، وهو شاهد لأسبابه ناظر إلى موجباته، وبالجملة فقوله: {وَهُمْ يَنظُرُونَ} كناية عن الجزم والقطع. ومنه قوله عليه السلام:
من نفى ابنه وهو ينطر إليه أي يعلم أنه ابنه. وقوله تعالى: {يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [النبأ: 40] أي يعلم.
واعلم أنه كان خوفهم لأمور:
أحدها: قلة العدد.
وثانيها: أنهم كانوا رجالة.
روي أنه ما كان فيهم إلا فارسان.
وثالثها: قلة السلاح.
المسألة الثالثة: روي أنه صلى الله عليه وسلم إنما خرج من بيته باختيار نفسه، ثم إنه تعالى أضاف ذلك الخروج إلى نفسه فقال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق} وهذا يدل على أن فعل العبد بخلق الله تعالى إما ابتداء أو بواسطة القدرة والداعية اللذين مجموعهما يوجب الفعل كما هو قولنا.
قال القاضي معناه: أنه حصل ذلك الخروج بأمر الله تعالى وإلزامه، فأضيف إليه.
قلنا: لا شك أن ما ذكرتموه مجاز، والأصل حمل الكلام على حقيقته.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال