سورة الأنفال / الآية رقم 16 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}
{وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ} أي يوم اللقاء ووقته {دُبُرَهُ} فضلًا عن الفرار.
وقرأ الحسن بسكون الباء {إِلاَّ مُتَحَرّفًا لّقِتَالٍ} أي تاركًا موقفه إلى موقف أصلح للقتال منه، أو متوجهًا إلى قتال طائفة أخرى أهم من هؤلاء، أو مستطردًا يريد الكر كما روى عن ابن جبير رضي الله تعالى عنه. ومن كلامهم:
نفر ثم نكر *** والحرب كر وفر
وقد يصير ذلك من خدع الحرب ومكايدها، وجاء «الحرب خدعة» وأصل التحرف على ما في مجمع البيان الزوال عن جهة الاستواء إلى جهة الحرف، ومنه الاحتراف وهو أن يقصد جهة من الأسباب طالبًا فيها رزقه {أَوْ مُتَحَيّزًا إلى فِئَةٍ} أي منحازًا إلى جماعة أخرى من المؤمنين ومنضمًا إليهم وملحقًا بهم ليقاتل معهم العدو، والفئة القطعة من الناس، ويقال: فأوت رأسه بالسيف إذا قطعته وما ألطف التعبير بالفئة هنا، واعتبر بعضهم كون الفئة قريبة للمتحيز ليستعين بهم، وكأنه مبني على المتعارف وكم يعتبر ذلك آخرون اعتبار للمفهوم اللغوي.
ويؤيده ما أخرجه أحمد. وابن ماجه. وأبو داود. والترمذي وحسنه. والبخاري في الأدب المفرد واللفظ له عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنا في غزاة فحاص الناس حيصة قلنا: كيف نلقى النبي صلى الله عليه وسلم وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر فخرج فقال: من القوم؟ فقلنا: نحن الفارون فقال: لا بل أنتم العكارون فقبلنا يده فقال عليه الصلاة والسلام: أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين ثم قرأ {إِلاَّ مُتَحَرّفًا لّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيّزًا إلى فِئَةٍ} والعكارون الكرارون إلى الحرب والعطافون نحوها.
وا روى أنه انهزم رجل من القادسية فأتى المدينة إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: يا أمير المؤمنين هلكت فررت من الزحف فقال عمر رضي الله تعالى عنه: أنا فئتك، وبعضهم يحمل قوله عليه الصلاة والسلام: «أنتم العكارون» على تسليتهم وتطييب قلوبهم، وحمل الكلام كله في الخبرين على ذلك بعيد. نعم إن ظاهرهما يستدعي أن لا يكاد يوجد فار من الزحف، ووزن متحيز متفيعل لا متفعل وإلا لكان متحوز لأنه من حاز يحوز وإلى هذا ذهب الزمخشري ومن تبعه، وتعقب بأن الإمام المرزوقي ذكر أن تدير تفعل مع أنه واوي نظر إلى شيوع ديار، وعليه فيجوز أن يكون تحيز تفعل نظرًا إلى شيوخ الحيز بالياء، فلهذا لم يجيء تدور وتحوز، وذكر ابن جني أن ما قاله هذا الإمام هو الحق وأنهم قد يعدون المنقلبون كالأصلي ويجرون عليه أحكامه كثيرًا، لكن في دعواه نفي تحوز نظر، فإن أهل اللغة قالوا: تحوز وتحيز كما يدل عليه ما في القاموس، وقال ابن قتيبة: تحوز تفعل وتحيز تفيعل، وهذه المادة في كلامهم تتضمن العدول من جهة إلى أخرى من الحيز بفتح الحاء وتشديد الياء، وقد وهم فيه من وهم، وهو فناء الدار ومرافقها، ثم قيل لكل ناحية فالمستقر في موضعه كالجبل لا يقال له متحيز وقد يطلق عندهم على ما يحيط به حيز موجود، والمتكلمون يريدون به الأعم وهو كل ما أشير إليه فالعالم كله متحيز ونصب الوصفين على الحالية وإلا ليست عاملة ولا واسطة في العمل وهو معنى قولهم: لغو وكانت كذلك لأنه استثناء مفرغ من أعم الأحوال ولولا التفريغ لكانت عاملة أو واسطة في العمل على الخلاف المشهور وشرط الاستثناء المفرغ أن يكون في النفي أو صحة عموم المستثنى منه نحو قرأت إلا يوم كذا ومنه ما نحن فيه ويصح أن يكون من الأول باعتبار أن يولي عنى لا يقبل على القتال، ونظير ذلك ما قالوا في قوله عليه الصلاة والسلام:«العالم هلكى إلا العالمون» الحديث.
وجوز أن يكون على الاستثناء من المولين، أي من يولهم دبره إلا رجلًا منهم متحرفًا فالقتال أو متحيزًا {فَقَدْ بَاء} أي رجع {بِغَضَبٍ} عظيم لا يقادر قدره، وحاصله المولون إلا المتحرفين والمتحيزين لهم ما ذكر {مِنَ الله} صفة غضب مؤكدة لفخامته أي بغضب كائن منه تعالى شأنه {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} أي بدل ما أراد بفراره أن يأوي إليه من مأوى ينجيه من القتل {وَبِئْسَ المصير} جهنم ولا يخفى ما في إيقاع البوء في موقع جواب الشرط الذي هو التولية مقرونًا بذكر المأوى والمصير من الجزالة التي لا مزيد عليها، وفي الآية دلالة على تحريم الفرار من الزحف على غير المتحرف أو المتحيز، وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله تعالى والسحر وقتل النفس الت يحرم الله تعالى إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف» وجاء عده في الكبائر في غير ما حديث قالوا: وهذا إذا لم يكن العدو أكثر من الضعف لقوله تعالى: {الئان خَفَّفَ الله عَنكُمْ} الآية أما إذا كان أكثر فيجوز الفرار فالآية ليست باقية على عمومها وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم.
وأخرج الشافعي. وابن أبي شيبة: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال من فر من ثلاثة فلم يفرو من فر من اثنين فقد فر، وسمي هذا التخصيص نسخًا وهو المروي عن أبي رباح. وعن محمد بن الحسن أن المسلمين إذا كانوا اثني عشر ألفاف لم يجز الفرار، والظاهر أنه لا يجوز أصلًا لأنهم لا يغلبون عن قلة كما في الحديث، وروى عن عمر.
وأبي سعيد الخدري. وأبي نضرة. والحسن رضي الله تعالى عنهما وهي رواية عن الحبر أيضًا أن الحكم مخصوص بأهل بدر، وقال آخرون: إن ذلك مخصوص بما ذكر وبجيش فيه النبي صلى الله عليه وسلم وعللوا ذلك بأن وقعة بدر أول جهاد وقع في الإسلام ولذا تهيبوه ولو لم يثبتوا فيه لزم مفاسد عظيمة ولا ينافيه أنه لم يكن لهم فئة ينحازون إليها لأن النظم لا يوجب وجودها وأما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم معهم فلأن الله تعالى ناصهر، وأنت تعلم أنه كان في المدينة خلق كثير من الأنصار لم يخرجوا لأنهم لم يعلموا بالنفير وظنوها العير فقط وأن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن لله تعالى ناصره كان فئة لهم، وقال: بعضهم إن الإشارة بيومئذ إلى يوم بدر لا تكاد تصح لأنه في سياق الشرط وهو مستقبل فالآية وإن كانت نزلت يوم بدر قبل انقضاء القتال فذلك اليوم فرد من أفراد يوم اللقاء فيكون عامًا فيه لا خاصًا به وإن نزلت بعده فلا يدخل يوم بدر فيه بل يكون ذلك استئناف حكم بده {وَيَوْمَئِذٍ} إشارة إلى يوم اللقاء ودفع بأن مراد أولئك القائلين إنها نزلت يوم بدر وقد قامت قرينة على تخصيصها ولا بعد فيه اه، وعندي أن السورة إنما نزلت بعد تمام القتال ولا دليل على نزول هذه الآية قبله والتخصيص المذكور مما لا يقوم دليل على سياق ويد الله مع الجماعة والله تعالى أعلم.
هذا ومن باب الإشارة في الآيات: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الانفال} إذ لم يرتفع عنهم إذ ذاك حجاب الأفعال {قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول} أي حكمها مختص بالله تعالى حقيقة وبالرسول مظهرية {فاتقوا الله} بالاجتناب عن رؤية الأفعال برؤية فعل الله تعالى: {وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} حو صفات نفوسكم التي هي منشأ صدوركم ما يوجب التنازع والتخالف {وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ} بفنائها ليتيسر لكم قبول الأمر بالإرادة القلبية الصادقة {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1] الايمان الحقيقي {إِنَّمَا المؤمنون} كذلك {الذين إِذَا ذُكِرَ الله} لاحظة عظمته تعالى وكبريائه وسائر صفاته وهو ذكر القلب وذكره سبحانه وتعالى بالأفعال ذكر النفس {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي خافت لإشراق أنوار تجليات تلك الصفات عليها {إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله} بالترقي من مقام العلم إلى العين.
وقد جاء أن الله تعالى تجلى لعباده في كلامه لو يعلمون {وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] إذ لا يرون فعلًا لغيره تعالى، وذكر بعض أهل العلم أنه سبحانه وتعالى نبه أولًا: بقوله عز قائلًا: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} على بدء حال المريد لأن قلبه لم يقو على تحمل التجليات في المبدأ فيحصل له الوجه كضرمة السعفة ويقشعر لذلك جلده وترتعد فرائصه، وأما المنتهى فقلما يعرض له ذلك لما أنه قد قوى قلبه على تحمل التجليات وألفها فلا يتزلزل لها ولا يتغير، وعلى هذا حمل السهر وردى قدس سره ما روى عن الصديق الأكبر رضي الله تعالى عنه أنه رأى رجلًا يبكي عند قراءة القرآن فقال: هكذا كنا حتى قست القلوب حيث أراد حتى قويت القلوب إذ أدمنت سماع القرآن وألفت أنواره فما تستغربه حتى تتغير، ونبه ثانيًا: سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا: {زَادَتْهُمْ إيمانا} على أخذ المريد في السلوك والتجلي وعروجه في الأحوال، وثالثًا: بقوله عز شأنه {وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} على صعوده في الدرجات والمقامات، وفي تقديم المعمول إيذان بالتبري عن الحول والقوة والتفويض الكامل وقطع النظر عما سواه تعالى، وفي صيغة المضارع تلويح إلى استيعاب مراتب التوكل كلها، وهو كما قال العارف أبو إسماعيل الأنصاري أن يفوق الأمر كله إلى مالكه ويعول على وكالته، وهو من أصعب المنازل، وهو دليل العبودية التي هي تاج الفخر عند الأحرار، والظاهر أن الخوف الذي هو خوف الجلال والعظمة يتصف به الكاملون أيضاف ولا يزول عنهم أصلًا وهذا بخلاف خوف العقاب فإنه يزول، وإلى ذلك الإشارة بما شاع في الأثر:«نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» {الذين يُقِيمُونَ الصلاة} أي صلاة الحضور القلبي وهي المعراج المعنوي إلى مقام القرب {وَمِمَّا رزقناهم} من العلوم التي حصلت لهم بالسير {يُنفِقُونَ} [الأنفال: 3] {أُوْلئِكَ هُمُ المؤمنون حَقًّا} لأنهم الذي ظهرت فيهم الصفات الحقة وغدوا مرايا لها ومن هنا قيل: المؤمن مرآة المؤمن {لَّهُمْ درجات عِندَ رَبّهِمْ} من مراتب الصفات وروضات جنات القلب {وَمَغْفِرَةٌ} لذنوب الأفعال {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 4] من ثمرات أشعار التجليات الصفاتية، وق لبعض العارفين: المغفرة إزالة الظلمات الحاصلة من الاشتغال بغير الله تعالى والرزق الكريم الأنوار الحاصلة بسبب الاستغراق في معرفته ومحبته وهو قريب مما ذكرنا {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ} متلبسًا {بالحق وَإِنَّ فَرِيقًا مّنَ المؤمنين} وهم المحتجبون برؤية الأفعال {لَكَِّرِهُونَ} [الأنفال: 5] أي حالهم في تلك الحال كحالهم في هذه الحال {يجادلونك فِي الحق بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ} [الأنفال: 6] لك أولهم بالمعجزات {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} بالبراءة عن الحول والقوة والانسلاخ عن ملابس الأفعال والصفات النفسية {فاستجاب لَكُمْ} عند ذلك {أَنّي مُمِدُّكُمْ} من عالم الملكوت لمشابهة قلوبكم إياه حينئذ {بِأَلْفٍ مّنَ الملئكة} أي القوى السماوية وروحانياتها {مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] لملائكة أخرى وهو إجمال ما في آل عمران {وَمَا جَعَلَهُ الله} [آل عمران: 124، 125] أي ما جعل الله تعالى الإمداد {إِلاَّ بشرى} أي بشارة لكم بالنصر {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} لما فيها من اتصالها بما يناسبها {وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله} والأسباب في الحقيقة ملغاة {أَنَّ الله عَزِيزٌ} قوي على النصر من غير سبب{حَكِيمٌ} [الأنفال: 10] يفعله على مقتضى الحكمة وقد اقتضت فعله على الوجه المذكور {إِذْ يُغَشّيكُمُ النعاس} وهو هدو القوى البدنية والصفات النفسانية بنزول السكينة {أَمَنَةً مّنْهُ} أي أمنا من عنده سبحانه وتعالى: {وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السماء} أي سماء الروح {مَاء} وهو ماء علم اليقين {لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ} عن حدث هواجش الوهم وجنابة حديث النفس {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان} وسوسته وتخويفه {وَلِيَرْبِطَ على قُلُوبِكُمْ} أي يقويها بقوة اليقين ويسكن جأشكم {وَيُثَبّتَ بِهِ الاقدام} [الأنفال: 11] إذ الشجاعة وثبات الأقدام في المخاوف من ثمرات قوة اليقين {إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الملئكة أَنّي مَعَكُمْ} أي يمد الملكوت بالجبروت {فَثَبّتُواْ الذين ءامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} لانقطاع المدد عنهم واستيلاء قتام الوهم عليهم {فاضربوا فَوْقَ} لئلا يرفعوا رأسًا {واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12] لئلا يقدروا على المدافعة، وبعضهم جعل الإشارة في الآيات نفسية والخطاب فيها حسا يليق له الخطاب من المرشد والسالك مثلًا، ولكل مقام مقال، وفي تأويل النيسابوري نبذة من ذلك فارجع إليه إن أردته وما ذكرناه يكفي لغرضنا وهو عدم إخلاء كتابنا من كلمات القوم ولا نتقيد بآفاقية أو أنفسية والله تعالى الموفق للرشاد، ثم إنه تعالى عاد كلامه إلى بيان بقية أحكام الواقعة وأوالها وتقرير ما سبق، حيث قال سبحانه:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال