سورة الأنفال / الآية رقم 17 / تفسير روائع البيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمْ تَقْتُلُوَهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ المُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الكَافِرِينَ إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الفَتْحُ وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ المُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18)}
[2] الفرار من الزحف:
التحليل اللفظي:
{زَحْفاً}: زحف الرجل إذا مشى على بطنه كالحية، أو دبّ على مقعده كالصبي، وشبّه به هنا مشي الجيش الكثير للقتال بزحف الصبيان، لأنه لكثرته يرى كأنه يزحف زحفاً.
{الأدبار}: جمع دُبُر وهو الخَلْف ويقابله (القُبُل) وهو الأمام، ويطلق القُبُل والدّبُر على سوأتي الإنسان، وأمّا إطلاقه على الأمام والخلف فمشهور في اللغة قال تعالى: {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ} [يوسف: 25].
{مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ}: يقال: تحرّف وانحرف إذا مال وعدل من طَرَف إلى طرف، مأخوذ من الحَرْف وهو الطرف أي الجانب، والتحرف للقتال الفرّ للكرّ أي يتظاهر بالفرار ليغرّ عدوه حتّى يُخيّل له أنه انهزم، ثم يكر عليه فيقتله، وهذا من باب مكايد الحرب (والحرب خدعة).
{مُتَحَيِّزاً}: أي منظماً، والفئة: الجماعة قال تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا} [الأنفال: 45] والمراد أن ينهزم لينضمّ إلى جماعة أُخرى يعينهم أو يستعين بهم.
{بَآءَ بِغَضَبٍ}: أي رجع بغضب وسخط من الله.
{وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ}: أي مسكنه وملجأه جهنم وبئس هذا الملجأ والمصير.
{مُوهِنُ كَيْدِ الكافرين}: أي مضعف بأس الكافرين بخذلانهم ونصر المؤمنين عليهم.
قال ابن كثير: هذه بشارة أخرى مع ما حصل من النصر فإنه تبارك وتعالى أعلمهم بأنه مضعف كيد الكافرين فيما يستقبل ومصغرّ أمرهم، وأنهم في تبار ودمار وقد وُجد المخبرُ وفق الخبر فصار معجزاً للنبي صلى الله عليه وسلم فللَّه الحمد والمنة.
المعنى الإجمالي:
هذه الآيات الكريمة نزلت لتثبيت قلوب المؤمنين في أول غزوة وقعت بينهم وبين المشركين ألا وهي (غزوة بدر) وقد كانت هذه المعركة هي الفارقة بين عهدين عهد الكفر، وعهد الإيمان ولذلك سمي يومها بيوم الفرقان قال تعالى: {وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان} [الأنفال: 41] لأنها فرقت بين الظلام والنور وبين الكفر والإيمان وفي هذه الآيات يأمر الله عباده المؤمنين أن يصمدوا أمام أعدائهم، وألا ينهزموا مهما كان جيش الكفر عظيماً وكبيراً، فإن الغلبة ليست بالكثرة، والمؤمنون أولى بالثبات والشجاعة من الكافرين، لأنهم يطلبون إحدى الحسنيين: إما العزة في الدنيا والنصر على الأعداء، وإما الشهادة في سبيل الله التي لا يعادلها شيء من الأشياء وقد حذرهم من الفرار والهزيمة لأن فيه كسراً لجيش المسلمين والقاءً للرغب في قلوب المجاهدين وبين تعالى أن الفرار يجوز في حالتين اثنتين.
الأولى: إذا كان بقصد خداع العدو والتغرير به، لأن الحرب خدعة، والعاقل من عرف كيف يبطش بعدوه ويستدرجه.
والثانية: إذا بقي هذا المسلم وحيداً فريداً فانضم إلى جماعة أخرى ليتقوى بها أو رأى أنها بحاجة إليه ليشد أزرهم ويقوي عزمهم.
وما عدا ذلك فالفرار من الزحف جريمة نهى الله تعالى عنه وتوعد عليه أشد التوعيد وهو أن يرجع بغضب من الله وأن مقره في جهنم وبئس ذلك المقر والمصير.
ثم بين تعالى أن المؤمنين لم ينتصروا في بدر ولا في غيرها من الغزوات بقوة سلاحهم ولا بوفرة عددهم وإنما انتصروا بتأييد الله لهم وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم، فليعتمدوا إذاً على الله وليتوكلوا عليه فإنه نعم المولى ونعم النصير.
تنبيه وفائدة: ذكر المفسرون عند قوله تبارك وتعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكن الله رمى} «أن النبي صلى الله عليه وسلم صفّ الصفوف يوم بدر ثم أخذ قبضة من تراب وحصباء ثم استقبل بها قريشاً فقال: شاهت الوجوه ثم رمى بها المشركين فلم يبق أحد منهم إلا وقد أصابه ذلك اليوم منها فدخلت في عيونهم ثم أمر عليه الصلاة والسلام أصحابه أن يشدوا عليهم فكانت الهزيمة وقتل من قتل من صناديد قريش وأُسر من أُسر من أشرافهم».
الأحكام الشرعية:
الحكم الأول: الفرار من الزحف من الكبائر.
تدل ظواهر النصوص الشرعية على حرمة الفرار من الزحف إلا في حالتين اثنتين وهما: حالة الفر من أجل الكرّ خدعة للعدو- وحالة الالتحاق إلى جماعة المسلمين والانضمام إلى صفوفهم ليتقوى بهم وقد بينت السنة النبوية أن الفرار من الزحف من الكبائر فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبِقات» قالوا وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حمر الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
الحكم الثاني: كم عدد العدو الذي يحرم الفرار منه؟
هذه الآية حرمت الفرار من القتال، وأما عدد العدو الذي يحرم الفرار منه فقد بينته الآية في آخر سورة الأنفال وهي قوله تعالى: {الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يغلبوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ الله والله مَعَ الصابرين} [الأنفال: 66] فقد أوجبت هذه الآية على المسلمين أن يثبتوا أمام أعدائهم إذا كان العدو ضعفهم وقد كانوا من قبل مكلفين بملاقاة العدو والصمود حتى ولو كانوا عشرة أضعافهم فنسخ الله ذلك وخفف عن عباده رحمة بهم وتيسيراً عليهم، فإذا كان جيش الكفار يزيد أضعافاً مضاعفة على جيش المسلمين فإنه لا يجب عليهم ملاقاته إلا إذا كان هناك خطر جسيم كهجوم المشركين على ديار المسلمين فإنه يجب حينئذٍ الدفاع عليهم، ويفترض القتال على الرجل والمرأة والصغير والكبير.
وأما المغامرة في الحرب فقد قال بعض العلماء: لا يقتحم الواحد على العشرة ولا القليل على الكثير لأن في ذلك إلقاء إلى التهلكة.
والصحيح كما قال (ابن العربي): إنه تجوز المغامرة لكسر شوكة المشركين وإضعاف نفوسهم فإنهم إذا رأوا هذه الشجاعة النادرة من شخص واحد دبّ الرعب في قلوبهم وأيقنوا بعدم قدرتهم على مقاومة المسلمين وفي ذلك إعزاز لدين الله وقهر للمشركين والله أعلم.
الحكم الثالث: هل يجوز الفرار عند الضرورة؟
يجوز الفرار عند الضرورة في غير الحالتين السابقتين التي أشارت إليهما الآية وذلك كأن يحيط العدو بالجيش أو يقطعوا على المجاهدين طريق المؤنة والغذاء فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كنا في غزاة فحاص الناس حيَصةً (أي فروا أمام العدو) قلنا كيف نلقى النبي صلى الله عليه وسلم وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر فخرج فقال: من القوم؟ فقلنا: نحن الفرّارون. فقال: «لا بل أنتم العكّارون فقبلنا يده. فقال: أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين» ثم قرأ: {إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ}.
العكارون: أي الكرارون العطافون.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة:
أولاً- المؤمن يجاهد لإعلاء كلمة الله فعليه أن يتحمل الشدائد لأن العمر بيد الله.
ثانياً- الفرار من الزحف كبيرة من الكبائر لأنه يعرض جيش المسلمين للتدهور والخطر.
ثالثاً- لا يجوز الفرار إلا في الحالات الضرورية.
رابعاً- النصر بيد الله، فعلى المؤمن أن يعتمد على الله مع الأخذ بالأسباب.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال