سورة الأنفال / الآية رقم 43 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ القُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {إذ}: بدل من (يوم الفرقان)، أو ظرف لالْتقى، أو لاذكر، محذوفة، والعدوة مثلث العين: شاطئ الوادي و{الدنيا} أي: القربى، نعت له، و{القصوى}: تأنيث الأقصى، وكان قياسه: قلب الواو ياء، كالدنيا والعليا؛ تفرقة بين الاسم والصفة، فجاء على الأصل، كالقَود، وسُمع فيه: القصيا على الأصل، وهو شاذ. و{الركب}: مبتدأ، و{أسفل}: ظرف خبره.
يقول الحق جل جلاله: واذكروا {إذ أنتم بالعُدْوَة الدنيا} أي؛ بعدوة الوادي القريبة من المدينة، {وهم} أي: كفار قريش، {بالعُدْوة القصوى} أي: البعيدة منها، {والركبُ} أي: العير التي قصدتكم، {أسفل منكم} أي: في مكان أسفل منكم، يعني الساحل، ثم جمع الله بينكم على غير ميعاد، {ولو تواعدتُم} لهذا الجمع، أنتم وهم للقتال، ثم علمتم حالكم وحالهم {لاختلفتم في الميعاد}؛ هيبة منهم؛ لكثرتهم وقلتكم، لتتحققوا أن ما اتفق لكم من الفتح والظفر ليس إلا صنيعاً من الله تعالى خارقاً للعادة، فتزدادوا إيماناً وشكراً، {ولكن} الله جمع بينكم من غير ميعاد؛ {ليقضي اللَّهُ أمراً كان مفعولا}؛ سابقاً في الأزل، وهو نصر أوليائه وقهراً أعدائه في ذلك اليوم، لا يختلف عنه ساعة. رضي الله عنه {ليَهلِكَ من هلك عن بينة ويحيى مَنْ حَيَّ عن بينة}، أي: قدَّر ذلك الأمر العجيب ليموت من يموت عن بينة عاينها، ويعيش من يعيش عن حجة شاهدها، لئلا يكون له حجة ومعذرة، فإن وقعة بدر من الآيات الواضحة، فكل من عاينها ولم يؤمن قامت الحجة عليه. أو ليهلك بالكفر من هلك عن بينة وحجة قائمة عليه، ويحيى بالإيمان من حي به عن بينة من ربه، {وإنَّ الله لسميع عليمٌ} بكفر من كفر وإيمان من أمن، فيجازي كلاًّ على فعله. ولعل الجمع بين صفة السمع والعلم؛ لاشتمال الأمرين على القول والاعتقاد.
واذكر أيضاً {إذْ يُريكَهُمُ الله في منامك قليلاً}، كان صلى الله عليه وسلم قد رأى الكفار في نومه قليلاً، فأخبر بذلك أصحابه، فقويت نفوسهم وتجرؤوا على قتالهم، وكانوا قليلاً في المعنى، {ولو أراكَهُمْ كثيراً} في الحس {لفشلْتُمْ} لجبنتم، {ولتنازعتم في الأمر}؛ في أمر القتال، وتفرقت آراؤكم، {ولكنَّ الله سلَّم} أي: أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع؛ {إنه عليمٌ بذات الصدور} أي: يعلم ما يكون فيها من الخواطر وما يغير أحوالها.
{و} اذكر أيضاً {إذْ يُريكموهم} أي: يريكم الله الكفار، {إذ التقيتم في أعينكم قليلاً}، حتى قال ابن مسعود لمن إلى جنبه: أتراهم سبعين؟ فقال: أراهم مائة، تثبتاً وتصديقاً لرؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم، {ويُقلِّلكم في أعينهم}، حتى قال أبو جهل: إن محمداً وأصحابه أَكَلَهُ جزور بفتح الهمزة والكاف جمع آكل، أي: قدر ما يكفيهم جذور في أكلهم.
قال البيضاوي: قللهم في أعينهم قبل التحام القتال؛ ليجترئوا عليهم ولا يستعدوا لهم، ثم كثّرهم حين رأوهم مثليهم؛ لتفجأهم الكثرة فتبهتهم وتكسر قلوبهم، وهذا من عظائم آيات الله في تلك الوقعة، فإن البصر، وإن كان قد يرى الكثير قليلاً والقليل كثيراً، لكن لا على هذا الوجه ولا إلى هذا الحد، وإنما يتصور ذلك بصد الله الأبصارَ عن إبصار بعضٍ، مع التساوي في المرئي. اهـ.
وإنما فعل ذلك في الجهتين؛ {ليقضيَ الله أمراً كان مفعولاً} أي: ليظهر الله أمراً كان سبق به القضاء والقدر، فكان مفعولاً في سابق العلم، لا محيد عنه، ومن شأن الحكمة إظهار الأسباب والعلل، كما أن من شأن القدرة إبراز ما سبق في الأزل، وإنما كرره؛ لاختلاف الفعل المعلل به؛ لأن الأول علة لالتقائهم من غير ميعاد، وهنا لتقليلهم في أعين الكفرة، أو للتنبيه على أن المطلوب من العبد هو النظر إلى سابق القدر، ليخف عليه ما يبرز منه من الشدائد والأهوال، ولذلك قال أثره: {وإلى الله تُرجع الأمور}، وإذا كانت الأمور كلها راجعة إلى الله تعالى فلا يسع العبد إلا الرضا والتسليم لكل ما يبرز منها، فكل ما يبرز من عند الحبيب حبيب. والله تعالى أعلم.
الإشارة: الأرواح والأسرار بالعُدوة القريبة من بحر الحقائق، ليس بينها وبينه إلا إظهار أدب العبودية، وهو الذي بين بحر الحقيقة والشريعة، والأنفس وسائر القواطع بالعدوة القصوى منه، والقلب، الذي هو الركب المنازع فيه، بينهما، أسفل من الروح، وفوق مقام النفس، الروح تريد أن تجذبه إليها ليسكن الحضرة، والنفس وجنودها تريد أن تميله إليها ليسكن وطن الغفلة معها، والحرب بينهما سجال تارة ترد عليه الواردات الإلهية، التي هي جند الروح، فتنزل عليه بغتة من غير ميعاد، فتجذبه إلى الحضرة.
وتارة ترد عليه الخواطر والهواجس الردية فتحطه إلى أرض الحظوظ بغتة، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً في سابق علمه، فإذا أراد الله عناية عبد قلّل عنه مدد الأغيار، حتى يراها كل شيء، وقواه بمدد الأنوار حتى يغيب عنه كُل شيء فتذهب عنه ظلمة الأغيار وإذا أراد الله خذلان عبد قطع عنه مدد الأنوار، وقوى عليه مدد الأغيار، حتى ينحط إلى الدرك الأسفل من النار، والعياذ بالله من سوء القضاء والقدر، وإليه الإشارة بقوله: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} الآية. والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال