سورة الأنفال / الآية رقم 71 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ} ما صح له ولا استقام {أَن يَكُونَ لَهُ أسرى} {أَن تَكُونَ}: بصري {حتى يُثْخِنَ فِي الأرض} الإثخان كثرة القتل والمبالغة فيه من الثخانة وهي الغلظ والكثافة حتى يذل الكفر بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام بالاستيلاء والقهر، ثم الأسر بعد ذلك. رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسبعين أسيراً فيهم العباس عمه وعقيل فاستشار النبي عليه السلام أبا بكر فيهم فقال: قومك وأهلك، استبقهم لعل الله يتوب عليهم وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك. وقال عمر رضي الله عنه: كذبوك وأخرجوك فقدمهم واضرب أعناقهم فإن هؤلاء أئمة الكفر، وإن الله أغناك عن الفداء، مكن علياً من عقيل، وحمزة من العباس، ومكني من فلان لنسيب له، فلنضرب أعناقهم. فقال عليه السلام: «مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم حيث قال: {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (إبراهيم: 36) ومثلك يا عمر كمثل نوح حيث قال: {رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً} (نوح: 26)» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: «إن شئتم قتلتموهم وإن شئتم فاديتموهم واستشهد منكم بعدّتهم» فقالوا: بل نأخذ الفداء فاستشهدوا بأحد فلما أخذوا الفداء نزلت الآية {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدنيا} متاعها يعني الفداء سماه عرضاً لقلة بقائه وسرعة فنائه {والله يُرِيدُ الآخرة} أي ما هو سبب الجنة من إعزاز الإسلام بالإثخان في القتل {والله عَزِيزٌ} يقهر الأعداء {حَكِيمٌ} في عتاب الأولياء.
{لَّوْلاَ كتاب مّنَ الله} لولا حكم من الله {سَبَقَ} أن لا يعذب أحداً على العمل بالاجتهاد وكان هذا اجتهاداً منهم لأنهم نظروا في أن استبقاءهم ربما كان سبباً في إسلامهم، وأن فداءهم يتقوى به على الجهاد، وخفي عليهم إن قتلهم أعز للإسلام وأهيب لمن وراءهم، أو ما كتب الله في اللوح أن لا يعذب أهل بدر، أو ألا يؤاخذ قبل البيان والإعذار. وفيما ذكر من الاستشارة دلالة على جواز الاجتهاد فيكون حجة على منكري القياس. {كِتَابٌ} مبتدأ و{مِنَ الله} صفته أي لولا كتاب ثابت من الله و{سَبَقَ} صفة أخرى له، وخبر المبتدأ محذوف أي لولا كتاب بهذه الصفة في الوجود، و{سَبَقَ} لا يجوز أن يكون خبراً لأن {لولا} أبداً {لَمَسَّكُمْ} لنالكم وأصابكم {فِيمَا أَخَذْتُمْ} من فداء الأسرى {عَذَابٌ عظِيمٌ} روي أن عمر رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو وأبو بكر يبكيان فقال: يا رسول الله أخبرني فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت.
فقال: «أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء ولقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة» لشجرة قريبة منه. وروي أنه عليه السلام قال: «لو نزل عذاب من السماء لما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ» لقوله كان الإثخان في القتل أحب إليّ {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ} رُوي أنهم أمسكوا عن الغنائم ولم يمدوا أيديهم إليها فنزلت. وقيل: هو إباحة للفداء لأنه من جملة الغنائم. والفاء للتسبيب والسبب محذوف، ومعناه قد أحللت لكم الغنائم فكلوا {حلالا} مطلقاً عن العتاب والعقاب من حل العقال وهو نصب على الحال من المغنوم، أو صفة للمصدر أي أكلاً حلالاً {طَيِّباً} لذيذاً هنيئاً أو حلالاً بالشرع طيباً بالطبع {واتقوا الله} فلا تقدموا على شيء لم يعهد إليكم فيه {إِنَّ الله غَفُورٌ} لما فعلتم من قبل {رَّحِيمٌ} بإحلال ما غنمتم. {ياأيها النبي قُل لّمَن فِي أَيْدِيكُم} في ملكتكم كأن أيديكم قابضة عليهم {مِّنَ الاسرى} جمع أسير من الأسارى أبو عمرو جمع أسرى {إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} خلوص إيمان وصحة نية {يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} من الفداء، إما أن يخلفكم في الدنيا أضعافه أو يثيبكم في الآخرة {وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} رُوي أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مال البحرين ثمانون ألفاً، فتوضأ لصلاة الظهر وما صلى حتى فرقه، وأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ منه ما قدر على حمله وكان يقول: هذا خير مما أخذ مني وأرجو المغفرة، وكان له عشرون عبداً وإن أدناهم ليتجر في عشرين ألفاً وكان يقول: أنجز الله أحد الوعدين وأنا على ثقة من الآخر {وَإِن يُرِيدُواْ} أي الأسرى {خِيَانَتَكَ} نكث ما بايعوك عليه من الإسلام بالردة أو منع ما ضمنوه من الفداء {فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ} في كفرهم به ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} فأمكنك منهم أي أظفرك بهم كما رأيتم يوم بدر فسيمكن منهم إن أعادوالخيانة {والله عَلِيمٌ} بالمال {حَكِيمٌ} فيما أمر في الحال.
{إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ} من مكة حباً لله ورسوله {وجاهدوا بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله} هم المهاجرون {والذين ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ} أي آووهم إلى ديارهم ونصروهم على أعدائهم وهم الأنصار {أولئك بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} أي يتولى بعضهم بعضاً في الميراث، وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة وبالنصرة دون ذوي القرابات حتى نسخ ذلك بقوله {وَأُوْلُو الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} وقيل: أراد به النصرة والمعاونة {والذين ءَامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ} من مكة {مَا لَكُم مّن ولايتهم} من توليهم في الميراث {ولايتهم} حمزة.
وقيل: هما واحد {مّن شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُواْ} فكان لا يرث المؤمن الذي لم يهاجر ممن آمن وهاجر، ولما أبقى للذين لم يهاجروا اسم الإيمان وكانت الهجرة فريضة فصاروا بتركها مرتكبين كبيرة، دل على أن صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان {وَإِنِ استنصروكم} أي من أسلم ولم يهاجر {فِي الدين فَعَلَيْكُمُ النصر} أي إن وقع بينهم وبين الكفار قتال وطلبوا معونة فواجب عليكم أن تنصروهم على الكافرين {إِلاَّ على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ} فإنه لا يجوز لكم نصرهم عليهم لأنهم لا يبتدئون بالقتال، إذ الميثاق مانع من ذلك {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} تحذير عن تعدي حد الشرع.
{والذين كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ظاهره إثبات الموالاة بينهم، ومعناه نهي المسلمين عن موالاة الكفار وموارثتهم وإيجاب مباعدتهم ومصارمتهم وإن كانوا أقارب وأن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضاً. ثم قال: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ} أي إلا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولى بعضهم بعضاً حتى في التوارث تفضيلاً لنسبة الإسلام على نسبة القرابة، ولم تجعلوا قرابة الكفار كلا قرابة {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرض وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة، لأن المسلمين ما لم يصيروا يداً واحدة على الشرك كان الشرك ظاهراً والفساد زائداً {والذين ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وجاهدوا فِي سَبِيلِ الله والذين ءَاوَواْ وَّنَصَرُواْ أولئك هُمُ المؤمنون حَقّاً} لأنهم صدقوا إيمانهم وحققوه بتحصيل مقتضياته من هجرة الوطن ومفارقة الأهل والسكن والانسلاخ من المال والدنيا لأجل الدين والعقبى {لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} لا منة فيه ولا تنغيص ولا تكرار، لأن هذه الآية واردة للثناء عليهم مع الوعد الكريم والأولى للأمر بالتواصل {والذين ءَامَنُواْ مِن بَعْدُ} يريد اللاحقين بعد السابقين إلى الهجرة {وَهَاجَرُواْ وجاهدوا مَعَكُمْ فأولئك مِنكُمْ} جعلهم منهم تفضلاً وترغيباً {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} وأولوا القرابات أولى بالتوارث وهو نسخ للتوارث بالهجرة والنصرة {فِي كتاب الله} في حكمه وقسمته أوفى اللوح، أو في القرآن وهو آية المواريث وهو دليل لنا على توريث ذوي الأرحام {أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فيقضي بين عباده بما شاء من أحكامه. قسم الناس أربعة أقسام: قسم آمنوا وهاجروا، وقسم آمنوا ونصروا، وقسم آمنوا ولم يهاجروا، وقسم كفروا ولم يؤمنوا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال