سورة التوبة / الآية رقم 27 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)}.
التفسير:
التجربة التي وضع اللّه سبحانه وتعالى المسلمين إزاءها في الآية السابقة، هى تجربة قاسية، تعالج منها النفس الشيء الكثير، من الضيق والألم، إلّا من عصم اللّه من عباده المؤمنين.. ولهذا جاء قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ} جاء قوله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين، مذكّرا المسلمين بعظمة اللّه وقدرته، وفضله على المؤمنين من عباده.. وفى هذا ما يخفّ به ميزان كل شيء يتعلّق به الإنسان، من أهل ومال وموطن.. وبذلك يشتدّ عزم المؤمن، ويقوى يقينه، فيجد القدرة من نفسه على أن يجلى عنها كل ما يطوف حول إيمانه باللّه ورسوله والجهاد في سبيل اللّه، من دواعى الوهن والضعف، حين تطلع عليه الذكريات لأهله وماله ووطنه.
فلقد أيد اللّه المؤمنين، وأمدّهم بنصره في مواطن كثيرة.. في بدر، وفى الخندق، وفى فتح مكة.. وفى حرب اليهود، في خيبر، وفى المدينة.
ثم في يوم حنين.. وقد كان المسلمون في عدد عديد، وعدّة ظاهرة، حتى لقد قال قائلهم: {إننا لن نغلب اليوم من قلّة} فقد كانوا في اثنى عشر ألفا، بين راجل وفارس.
ومع هذا، فإنه ما كاد المسلمون يلتقون بهوازن في وادي حنين قرب مكة، حتى ولّوا مدبرين، وانكشف رسول اللّه للعدو، ولم يثبت معه إلا عدة من ذوى قرابته، منهم علىّ بن أبى طالب، والعباس بن عبد المطلب، ونفر قليل من المؤمنين.
والذي كان يرصد المعركة في تلك اللحظة ما كان يشك أبدا في أن الدائرة على المسلمين، وأن الهزيمة واقعة بهم، لا محالة.
لقد تبدّد جيش المسلمين، وتناثرت جموعهم، وذهبت ريحهم، وما كان لقوة في الأرض أن تجمع هذا الكيان الممزق، وأن تبعث فيه الحياة والقوة من جديد.
ولكن أمداد السّماء، ونفحات الحق، جاءت في وقتها، فأحالت الهزيمة نصرا حاسما.. {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ} وفى هذا يرى المسلمون أن القوة للّه، وأن النصر والعزّة للمؤمنين، وأن البلاء والخزي على الكافرين.
فمن أراد النصر والعزّة.. فلا مبتغى لهما، ولا سبيل إليهما، إلا بالإيمان، ومع المؤمنين.
ومن رغب عن الإيمان، وآثر عليه الأهل والمال، فلن يلق إلا الذّلة والهوان.
وفى قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} استدعاء لمن خذلتهم عزائمهم، وتخلى عنهم السداده والتوفيق، فمالوا إلى جانب الضالين والمشركين.. فهؤلاء لا يزال الطريق إلى اللّه مفتوحا لهم، ولا زالت رحمة اللّه ومغفرته تنتظرهم على أول الطريق، إن هم راجعوا أنفسهم، ونزعوا عما هم فيه من تردد وارتياب! وهنا وقفة لا بد منها مع {ثمّ} وهو حرف عطف للترتيب والتراخي.
وقد جاء مكررا ثلاث مرات في الحديث عن يوم حنين.. هكذا.
{وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ.. ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ...}.
{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ..}.
والعطف يثم هنا في هذه المواضع الثلاثة، أفاد أمرين:
أولهما: الترتيب الزمنى في وقوع هذه الأحداث.. فقد وقع المسلمون أولا في اضطراب وذعر، والتمسوا الخلاص مما هم فيه من بلاء، ولم يكن ذلك بالميسور لهم.. ثم كان الفرار وتولية الأدبار هما طريق النجاة.. ثم كان من اللّه توبة ومغفرة لمن فرّ منهم وولىّ المشركين دبره في القتال.
وثانيهما: التغاير بين وجوه هذه الأحداث المتعاطفة، بحيث يبدو أن عنصر الزمن لا بد أن يكون عاملا هنا في تحريك الأحداث، حتى تتغير وتبلغ الصورة التي جاءت عليها.
والذي ينظر إلى الموقعة- موقعة حنين- من الظاهر، يجد أنها حدثا واحدا، متلاحم النسج، وأن ليس هناك أي فاصل زمنى يفصل بين مجريات الأمور في هذا الحدث.. فهى معركة واحدة، احتواها زمن واحد، لم يجاوز غدوة يوم.. ولكن الذي ينظر إلى المعركة نظرا أعمق وأرحب، يجد أنها لم تكن معركة واحدة، وإنما هى معارك متصلة، بدأت بمعركة هزم فيها المسلمون، ثم انتهت بمعركة كتب اللّه لهم فيها النصر.
فالمعركة الأولى، لها حسابها وتقديرها، وحكمها، وهى الهزيمة المطلقة للمسلمين.. فقد أحاط بهم العدوّ، وأوقع في صفوفهم الفوضى والاضطراب.
الأمر الذي يسلم إلى الهزيمة التي لا مفرّ منها.
ومع هذا، فإنه ما كان للمسلمين أن يفرّوا بأيّ حال كانوا عليه، وعلى أي تقدير يقدّرونه لنتائج المعركة.. فلتكن الهزيمة واقعة بهم، ولكن الذي كان يجب ألا يكون منهم، هو الفرار.. فهذا أمر لا يصحّ أن يقع من المسلمين في ميدان القتال، واللّه سبحانه وتعالى يقول: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
فأى مسلم هذا الذي تحدّثه نفسه بالفرار من المعركة، وهو يعلم حكم اللّه فيمن يفرّ ويولّى العدوّ دبره؟
ولكن الذي حدث، هو أن المسلمين فرّوا، وولّوا الأدبار..!
ومن هنا كان هذا الأمر منهم حدثا غريبا، ما كان ينبغى أن يكون في ميدان القتال..!
وهذا هو بعض السرّ في عطفه بثم على الحدث الذي قبله، وهو الضيق والكرب الذي ركب المسلمين في أول القتال.. وفى هذا ما يشعر بأن هذا الحدث- حدث الفرار- وإن كان قد وقع في ميدان القتال، هو حدث مستقلّ بنفسه، منقطع الصلة بما قبله، غير مترتب عليه.. وعطفه على ما قبله هو من عطف حدث على حدث، أو قصة على قصة، أو حال على حال! أما عطف قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فهو كذلك عطف حال على حال، أو قصة على قصة.. وهذا ما يشعر بأن الحدث الأول، وهو الفرار والهزيمة، أمر قد وقع، وسوّى حسابه.. ثم بدأ أمر آخر، له حسابه الخاص به، وهو الممثل في تلك المعركة الجديدة التي دخل فيها المسلمون القتال مع العدوّ، بنفوس جديدة ومشاعر جديدة، بل قل وبأشخاص غير الأشخاص ومقاتلين غير المقاتلين.. إذ أنزل اللّه سكينته عليهم، ونزع لو كان قد استولى على قلوبهم من خوف وهلع، وأمدّهم بجنود من عنده، كانوا ردءا لهم، ويدا قوية ضاربة معهم، فكان لهم النصر والظفر.
وأمّا عطف قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ} فكان من عطف حال على حال، وقصّة على قصّة، وشأن على شأن، وأن الصّلة التي بينه وبين ما قبله ليست صلة سبب ومسبّب، أو علة ومعلول.
ذلك أن ما كان يتوقعه المسلمون بعد فرارهم وتولّيتهم الأدبار، هو وقوع غضب اللّه عليهم في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة.. ولكن الذي حدث كان غير هذا، فقد عاد اللّه سبحانه وتعالى بفضله وإحسانه عليهم، وجاءهم برحمته ومغفرته، وتقبّل توبة التائبين منهم.
وقد جاءت رحمة اللّه ومغفرته إلى الذين فروا وولوا الأدبار في هذه الصورة المتراخية- وفى هذا ما يشعر بأن مغفرة اللّه ورحمته ما كانت لتنال هؤلاء الفارّين أبدا، وأنها إذ نالتهم في تلك المرّة، فإنها قد لا تنالهم بعدها.. لأن الحكم المسلّط على الفارّين الذين يولّون الأدبار في ميدان القتال هو الحكم المحكم الذي لا يردّ، وأن هذا الذي أصاب المسلمين الفارين من مغفرة ورحمة في هذا اليوم هو استثناء من أصل، ليس من الحتم أن يقع في كل حال تشبهه!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال