سورة التوبة / الآية رقم 31 / تفسير تيسير التفسير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يدينون دين الحق: يعتنقون الاسلام. الجزية: الضرية على الاشخاص لا على الأرض أو التجارة أو الماشية. وهم صاغرون: أذلاء، خاضعون عزير: هو الذي يسميه أهل الكتاب عزرا. يضاهئون: يشابهون ويحاكون. يؤفكون: يصرفون عن الحق إلى الباطل. الاحبار: واحدهم حبر بفتح الحاء وكسرها، العلماء. البرهان: واحدهم راهب وهو المنقطع للعبادة نور الله: دين الاسلام.
بعد أن ذكر الله تعالى أحكام المشركين في إظهار البراءة من عهودهم، وفي وجوب مقاتَلَتِهم وإبعادِهم عن المسجد- جاء هنا بحُكم أهل الكتاب وبيان الغاية منه. وفي لك توطئةٌ للكلام عن غزوة تبوك والخروج إليها في زمن العُسرةِ وقتَ الحر الشديد في الصيف، وما يتعلق بها من فضيحة المنافقين. ثم بعد ذلك بيّن انحراف اليهود والنصارى عن دِينهم الاصلي، وأنهم اتّخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دون الله، وأنهم يسعون في إبطال الاسلام، وإخفاء الدلائل الدالة على صدق رسول الله وصحة دنيه.
{قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحق مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.
يا إيها الذين آمنوا: قاتِلوا الكافرين من أهل الكتابا لذين لا يؤمنون إيماناً صحيحاً بالله، ولا يقرّون بالبعث والجزاء إقرارً صحيحاً، بل يقولون إن حياة الآخرة حياةٌ روحانية يكون فيها الناس كالملائكة. وهم لا يحرّمون ما نهى الله ورسوله عنه، ولا يعتنقون الدين الحق وهو الاسلام... قاتِلوهم حتى يؤمنوا، أو يؤدُّوهم الجِزيةَ خاضعين طائعين.
والجزيةُ ضرية مالية من أموال غير المسلمين المستظِلّين براية الاسلام، وهي مقدار يتراوح بين اثني عشر درهما، وثمانيةٍ واربعين. وذلك ليُسهوا في مزانية الدولة التي تحميهم في أنفسِهم وأموالهم وأعراضهم. فهي في مقابل ما يؤخذ من المسلم، فالمسلم يُؤخَذ منه خُمس الغنائم، والزكاة، وصدّقة الفطر، وغير ذلك مثل الكفّارات للذنوب المختلفة. وتنفق الجزية في المصالح العامة، وعلى فقراء أهل الذمة أيضا.
وتفرض الجزية على أهل الكتاب، ولا تُفرض على المشركين. هكذا عند جمهور العلماء. ويقرر أبو حنيفة أنها تفرض على غير المسلمين جميعا، اما المشركون الذين لا تقبل منهم فهم مشركو العرب فقط.
وفيما يلي عهد كتبه احد امراء عمر بن الخطاب إلى مَرزُبان واهل دهستان.
(هذا كتاب سويد بن مقرن لمزربان بن صول بن رزبان واهل دهستان وسائر أهل جرجان ان لكم الذمة وعليكم المنعة، على أن عليكم من الجزاء في كل سنة على قدر طاقتكم على كل حالم، ومن استعنّا به منكم فله جزاؤه في معونته عوضا عن جزائه، ولكن الامان على انفسكم واموالكم ومللكم وشرائعكم ولا يغير شيء من ذلك).
شهد بذلك سواد بن قطبة، وهند بن عمر، وسماك بن مخزمة وعتيبة بن النهاس.
{وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ الله أنى يُؤْفَكُونَ}.
ترك اليهودُ الوحدانية في عقيدتهم وقالوا: عُزيزٌ ابنُ الله، وترك النصارى الوحدانية كذلك فقالوا: المسيحُ ابن الله. وقولهم هذا مبتدَع من عندهم، يردّدونه بأفواههم، لم يأتِهم به كتاب ولا رسول، وليس عليه حُجّة ولا برهان. وهم في هذا القول يشابهون قول المشركين قبلهم.
عجباً لهم كيف يَضِلّون عن الحق الظاهر ويَعْدِلون إلى الباطل! وقد تُستعمل جملة {قاتله الله} هذه بالمدح.
روى ابن اسحاق، وابن جرير وابن مَرْدَوَيْه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بن مشكم ونعمان بن اوفى وأبو انس وشاس بن قيس ومالك بن الصيف، وهم من رؤساء اليهود واحبارهم، فقالوا: كيف نتّبعك وقد تركتَ قِبلتنا، وانت لا تزعم ان عُزَيْراً ابن الله».
وعُزير هذا كاهن يهودي وكانت شهير سَكَنَ بابل حالي سنة 457 ق. م. أسَّس المجمع الكبير، وجمع أسفار الكتاب المقدس، وأدخل الأحرفَ الكِلدانية عوضاً عن العِبرية القديمة، وألّف أسفار الأَيام، وعِزرا، ونحِمْيا، وأحيا الشريعةَ اليهودية بعد أن نُسيت من أجْل هذا فاليهود يقدّسونه حتى إن بعض يهود المدينة أطلق عليه لقب (ابن الله).
وأما النصارى فقد كان القدماء منهم يَعْنُون بقولهم عن المسيح انه {ابن الله} انه المحبوبُ أو المكّرم، كما نقول نحن (الخلق عيال الله) وكان منهم موحِّدون. لكنهم في مَجْمَع نيقية سنة 325م وتحت إشراف الملك قسطنطين، قرروا عقيدةَ التثليث، واعتمدوا الأناجيلَ الاربعة، واحرقوا ما عداها وكانت تزيد على سبعين انجيلا. وقد خالف في ذلك خلقٌ كثير منهم يُسَمَّون الموحِّدين أو العقليين لكمن الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستنتية لا تعتدُّ بنصرانيهتم ولا بدِينهم، مع ان رسالة المسيح ثابتة في اناجيلهم. ففي انجيل يوحنا: (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك، أنتَ الالهُ الحقيقي وحدّك، ويسوع المسيحُ الذي ارسلتَه).
قراءات:
قرأ: {عزير} بالتنوين عاصم والكسائي. والباقون: {عزير} بترك التنوين. وقرأ عاصم: {يضاهئون} بالهمزة والباقون: {يضاهون} بغير همزة.
{اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله والمسيح ابن مَرْيَمَ}.
لقد اتخذوا رجالَ دِينهم ارباباً، يشرّعون لهم، ويكوِّن كلامهم دينا، ولو كان يخالق قولَ رسولهم، فاتّبعوهم في باطِلهم، وأضافوا إلى الشرائع ما سمِعوه من رؤسائهم واقوال أحبارهم من قبلِ ان يدونّوه في المِشنَة والتلمود، ثم دونوه، فكان هو الشرعَ العام وعليه العملُ، وهو مقدَّم عندهم على التوراة.
وانظروا النصارى باتّخاذهم المسيحَ ربّاً وإلهاً، لقد غيرّ رؤساؤهم جميع الاحكام التي جاء بها المسيح، وزادواحقَّ مغفرةِ الذنوب لمن شاؤا، والله تعالى يقول: {وَمَن يَغْفِرُ الذنوب إِلاَّ الله} [آل عمران: 135] وزادوا القولَ بِعصمة البابا في تفسيرِ الكتب الالهية، ووجوبِ طاعته في كل ما يأمر به من الطاعات، وينهى عنه من المحرمات.
روى الامام أحمد والترمذي وابن جرير عن عَدِيّ بن حاتم انه فرّ إلى الشام (وكان قد تنصَّر في الجاهلية) فذهبت أخته بعد أن اسلمتْ ورغَبته في الإسلام والقدوم على رسول الله، فقدم المدينة، وكان رئيسا في قومه، فدخل على رسول الله وهو يقرأ {اتّخَذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دون الله}، قال عدي فقلت: إنهم لم يعبُدوهم فقال: «بلَى إنهم حَرّموا عليهم الحلالَ وأحَلّوا الحرام فاتّبعوهم، فذلك عبادتُهم إياهم».
وقال رسول الله: يا عديّ ما تقول؟ ايضرُّك ان يُقال اللهُ اكبر؟ فهل تعلم شيئا اكبرُ من الله؟ وما يضرك ان يقال لا إله الا الله، فهل تعلم إلهاً غيرا لله؟ ثم دعاه إلى الإسلام، فأسلم وشهد شهادة الحق، قال فلقد رأيتُ وجهه استبشر.
{وما أمروا إِلاَّ ليعبدوا إلها وَاحِداً لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
وقد أمَرَهم الله في كُتبه على لسان رُسله ان لا يعبدوا الا إلهاً واحدا، لأنه لم يستق العبادة في حكم الشرع والعقل الا الإله الواحد. تنزه الله عن الإشراك في العبادة والخَلْق والصفات.
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون}.
يريد الكفار بمزاعمهم الباطلة ان يطفئوا نورَ الله وهو الاسلام، ولا يريدُ الله إلا ان يتم نورَه على الناس بإظهار دينه على يد خاتم النبيّن محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ارسله إلى الخلق اجمعين. هذا هو الوعدُ الحق من الله تعالى، والدال على سنّته التي لاتتبدّل.
{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون}.
هو الله الذ كَفَل إتمامَ نوره بإرسال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالحجج البينّات، ودينِ الإسلام ليُعليَ هذا الدينَ ويرفع شأنه على جميع الأديان ولو كره ذلك المشركون. ولقد تحقَّقَ هذا الوعدُ على يد رسول الله وخلفائه ومن جاء بعدهم، ونشروا نور الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. لقد دام هذا النور فترةً طويلة من الزمن، ثم تخلّى اصحابُ هذا الدين عنه خطو خطوة. غير أن حالنا المؤلم ليس نهاية المطاف... ان وعد الله قائم ينتظر العصبة المسلمة التي تحمل راية الإسلام التي لا تُهزم، ولن يُخلِف الله وعدَه.
روى الامام احمد عن عدي بن حاتم: دخلتُ على رسول الله، فقال: يا عدي أسلمْ: قلت: إني من أهل دين. قال: أنا أعلمُ بِدِينكم منك..ألستَ من الركوسية: (دين بين الصائبة والنصرانية) وانت تأكل المرباع (والمرباع ما كان يأخذه رئيسُ القوم من الغنائم، وهو من عادات الجاهلية)؟ قلت: بلى قال: فإن هذا لا يحلُّ لك في دينك. قال عدي: فتواضعتُ لَمّا قالها... فقال: أتعرف الحِيرةَ يا عدي؟ قلت: لم أرها، ولكن سمعتُ بها. قال: فوالذي نفسي بيده ليُتِمنَّ الله هذا الدين حتى تخرجَ الظعينةُ من الحِيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوارِ احد، لتفتحن كنوز كسرى بن هرمز. قلت: كنوز كسرى بن عرمز، وليبذلن المال حتى لا يعيله أحد.
قال عدي بعد ذلك: فهذه الظعينةُ تخرج من الحيرة فتطوف بالتبيت من غير جوار احد، ولقد كنتُ في مَنْ فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة. يعني كثرة المال.
فوعدُ الله حق، والله يقول: {إِن تَنصُرُواْ الله يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 8].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال