سورة التوبة / الآية رقم 46 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الكَاذِبِينَ لاَ يَسْتَئْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَئْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ(46)}
ففي ترددهم دلالة على أنهم لا يريدون الخروج للجهاد؛ ولو كانوا عازمين بالفعل على ذلك لأعدوا ما يلزمهم للحرب من الزاد الراحلة والسلاح، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من هذا قط؛ لأنهم افتقدوا النية الصادقة للجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.
ولقائل أن يقول: ألم يكن من الجائز أن يعدوا كل شيء للقتال في آخر لحظة؟ نقول: لا، فالذاهب إلى القتال لا يمكن أن يستعد في آخر لحظة. بل لابد أن يشغل نفسه بمقدمات الحرب من سلاح وزاد وراحلة وغير ذلك، ولو لم يشغل نفسه بهذه المسائل قبل الخروج بفترة وتأكد من صلاحية سلحه للقتال؛ ووجود الطعام الذي سيحمله معه؛ وغير ذلك، لما استطاع أن يخرج مقاتلاً. فليست المسألة بنت اللحظة. بل كان عدم استعدادهم للقتال يُعَدُّ كشفاً للخميرة المبيَّتة في أعماقهم بألا يخرجوا، وسبحانه قد اطلع علة نواياهم، وما تُخْفى صدورهم، وقد جازاهم بما أخفوا في أنفسهم. لذلك يقول: {ولكن كَرِهَ الله انبعاثهم فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقعدوا مَعَ القاعدين} وسبحانه وتعالى لا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل الخلق هم الذين في احتياج دائم إليه سبحانه؛ لذلك ثبط هؤلاء عن الخروج، وكره سبحانه خروجهم للقتال، و(ثبطهم) أي جعلهم في مكانهم، ولم يقبل منهم أن يعدوا العدة للقتال كراهية منه سبحانه أن يخرجوا بنشاط إلى القتال. والكره: عملية وجدانية. والتثبيط: عملية نزوعية.
وأضرب هذا المثل دائماً- ولله المثل الأعلى- أنت ترى الوردة، فتدرك بعينيك جمالها، فإنْ مددتَ يدك إليها لتقطفها، هنا يتدخل الشرع ليقول لك: لا؛ لأن هذا نزوع إلى ما لا تملك. وإن أردت أن تحوز وردة مثلها، فإما أن تشتريها وإما أن تزرع مثلها، إذن: فالمشرع يتدخل- فقط- في الأعمال النزوعية.
وكراهية الله لنزوعهم تجلَّتْ في تثبيطهم وخذلهم وردِّهم عن الفعل، وزيَّن لهم في نفوسهم ألا يخرجوا للقتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لحكمة أرادها الحق سبحانه، فوافقت ما أذن فيه رسول الله في التخلف، وهنا نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قال: {وَقِيلَ اقعدوا مَعَ القاعدين} وإذا كان التثبيط من الله، فكأنه أوضح لهم: اقعدوا بإذن الله من الإرادة الإلهية. أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لهم بالقعود والتخلف لمّا استشفَّ تراخيهم، أو أن الشياطين أوحتْ لهم بالقعود، فالحق هو القائل سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس والجن يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القول غُرُوراً} [الأنعام: 112].
وهكذا نجد أن كلمة: {قِيلَ} قد بُنيتْ لما يُسَمَّ فاعله لإمكان أن يتعدد القائلون، فالله بتثبيطه لهم كأنه قال لهم: اقعدوا، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم: اقعدوا، والشياطين حينما زينوا لهم القعود؛ كأنهم قالوا لهم: اقعدوا.
وقولهم بعضهم لبعض زيَّن لهم القعود، وهكذا أعطتنا كلمة واحدة عطاءات متعددة.
وهل ينفي عطاءٌ عطاءً؟. لا، بل كلها عطاءات تتناسب مع الموقف.
{ولكن كَرِهَ الله انبعاثهم فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقعدوا مَعَ القاعدين} والمقصود بالقاعدين هنا: هم الذين لا يجب عليهم الجهاد من النساء والأطفال والعجائز. فكأنهم قد تخلوا بعدم خروجهم عن رجولتهم التي تفرض عليهم الجهاد. وهذه مسألة ما كان يصح أن يرتضوها لأنفسهم. وفي موقع آخر من نفس السورة قال الحق سبحانه: {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الخوالف وَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 87].
وقد كانت الرجولة تفترض فيهم أن يهبوا للقتال، لكنهم ارتضوا لأنفسهم، ضعف النساء والأطفال.
ونجد الشاعر العربي عندما أراد أن يستنفر أفراد قبيلته الذين تكاسلوا عن القتال معه، فقال:
وَمَا أدْرِي ولسْتُ إخَالُ أدْري *** أقوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِسَاءُ
والقوم تُطلَقُ على الرجال دون النساء. ثم يبين لنا الحق حكمة التثبيط، فإن كان قعودهم من جانب الخير، فتثبيط الله لهم حكمة، وإذن الرسول لهم بعدم الخروج حكمة. وإن كانت مسألة قعودهم من وسوسة الشياطين لهم أو وسوسة النفوس، فقد خدمت وسوسة الشياطين ووسوسة النفوس قضية الإيمان، وأعانوا على مراد الله، وهذا هو الغباء الكفرى، فزينت الوسوسة لهؤلاء المنافقين عدم الخروج للجهاد في سبيل الله؛ لأنهم لو خرجوا لحدث منهم ما قاله الحق سبحانه وتعالى فيهم: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً..}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال