سورة التوبة / الآية رقم 60 / تفسير نيل المرام / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيـْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


الآية الثامنة عشرة:
{إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)}.
{إِنَّمَا الصَّدَقاتُ}: إنما من صيغ القصر، وتعريف الصدقات للجنس، أي جنس هذه الصدقات مقصورة على الأصناف الآتية لا تتجاوزها، بل هي لهم لا لغيرهم.
وقد اختلف أهل العلم: هل يجب تقسيط الصدقات على هذه الأصناف الثمانية، أو يجوز صرفها إلى البعض دون البعض على حسب ما يرى الإمام أو صاحب الصدقة؟
فذهب إلى الأول الشافعي وجماعة من أهل العلم.
وذهب إلى الثاني مالك وأبو حنيفة، وبه قال عمر وحذيفة وابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وميمون بن مهران.
قال ابن جرير: وهو قول أكثر أهل العلم.
احتج الأولون بما في الآية من القصر وبحديث زياد بن الحارث الصدائي عند أبي داود والدارقطني قال: «أتيت النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فبايعته فأتى رجل فقال: أعطني من الصدقة؟
فقال له إن اللّه لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أصناف، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك».
وأجاب الآخرون بأن ما في الآية من القصر إنما هو لبيان الصرف والمصرف لا لوجوب استيعاب الأصناف وبأن في إسناد الحديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي وهو ضعيف.
ومما يؤيد ما ذهب إليه الآخرون قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271].
والصدقة تطلق على الواجبة كما تطلق على المندوبة.
وصحّ عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردّها في فقرائكم».
وقد ادّعى مالك الإجماع على القول الآخر.
قال ابن عبد البر: بإجماع الصحابة، فإنه لا يعلم مخالفا منهم.
{لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ}: قدّمهم لأنهم أحوج من البقية على المشهور، لشدة فاقتهم وحاجتهم.
وقد اختلف أهل العلم في الفرق بين الفقير والمسكين على أقوال:
فقال يعقوب بن السّكيت والقتيبي ويونس بن حبيب: إن الفقير أحسن حالا من المسكين قالوا: لأن الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويقيمه، والمسكين الذي لا شيء له. وذهب إلى هذا قوم من أهل الفقه منهم أبو حنيفة.
وقال آخرون بالعكس فجعلوا المسكين أحسن حالا من الفقير واحتجوا بقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79]، فأخبر أن لهم سفينة من سفن البحر، وربما ساوت جملة من المال، ويؤيده تعوذ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الفقر مع قوله: «اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا».
وإلى هذا ذهب الأصمعي وغيره من أهل اللغة، وحكاه الطحاوي عن الكوفيين، وهو أحد قولي الشافعي، وإليه ذهب ابن القاسم وسائر أصحاب مالك، وبه قال أبو يوسف.
وقال قوم: الفقير: المحتاج للتعفف والمسكين: السائل. قاله الأزهري واختاره ابن شعبان، وهو مروي عن ابن عباس. وقد قيل غير هذه الأقوال مما لا يأتي الاستكثار منه بفائدة يعتد بها.
والأولى في بيان ماهيّة المسكين ما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عند البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «ليس المسكين بهذه الطّواف، الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، قالوا: فما المسكين يا رسول اللّه؟ قال: الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئا».
{وَالْعامِلِينَ عَلَيْها}: أي السّعاة الذين ينفقهم الإمام لتحصيل الزكاة فإنهم يستحقون منها قسطا.
واختلف في القدر الذي يأخذونه منها؟
فقيل: الثّمن، روي ذلك عن مجاهد والشافعي.
وقيل: على قدر أعمالهم من الأجرة، روي ذلك عن أبي حنيفة وأصحابه.
وقيل: يعطون من بيت المال قدر أجرتهم، روي ذلك عن مالك. ولا وجه لهذا، فإن اللّه تعالى قد أخبر بأن لهم نصيبا من الصدقة، فكيف يمنعون منها ويعطون من غيرها؟! واختلفوا هل يجوز أن يكون العامل هاشميا أم لا؟ فمنعه قوم وأجازه آخرون.
قالوا: ويعطى من غير الصدقة.
{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}: قوم كانوا في صدر الإسلام.
فقيل: هم الكفار الذين كان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يتألفهم ليسلموا، وكانوا لا يدخلون في الإسلام بالقهر والسيف بل بالعطاء.
وقيل: هم قوم أسلموا في الظاهر ولم يحسن إسلامهم، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يتألفهم بالعطاء.
وقيل: هم من أسلم من اليهود والنصارى، وقيل: هم قوم من عظماء المشركين، ولهم أتباع، فأعطاهم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليتألفوا أتباعهم على الإسلام، وأعطى النبي عليه السلام جماعة ممن أسلم ظاهرا، كأبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى: أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل يؤلفهم بذلك، وأعطى آخرين دونهم.
وقد اختلف العلماء: هل سهم المؤلفة قلوبهم باق بعد ظهور الإسلام أم لا؟
فقال عمر والحسن والشعبي: قد انقطع هذا الصنف بعزة الإسلام وظهوره. وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأي. وقد ادعى بعض الحنفية أن الصحابة أجمعت على ذلك.
وقال جماعة من العلماء: سهمهم باق لأن الإمام ربما احتاج أن يتألف على الإسلام، وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين، وبه أفتى الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، قال يونس: سألت الزهري عنهم؟ فقال: لا أعلم نسخ ذلك.
وعلى القول الأول يرجع سهمهم لسائر الأصناف.
{وَفِي الرِّقابِ}: أي في فكها بأن يشتري رقابا ثم يعتقها، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر، وبه قال مالك وابن حنبل وإسحاق وأبو عبيد.
وقال الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير والنخعي والزهري وابن زيد: إنهم المكاتبون يعانون من الصدقة على مال الكتابة، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي ورواية عن مالك. والأولى حمل ما في الآية على القولين جميعا، لصدق الرقاب على شراء العبد وإعتاقه، وعلى إعانة المكاتب على مال الكتابة.
{وَالْغارِمِينَ}: هم الذين ركبتهم الديون ولا وفاء عندهم بها، ولا خلاف في ذلك إلا من لزمه دين في سفاهة فإنه لا يعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب. وقد أعان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الصدقة من تحمل حمالة وأرشد إلى إعانته منها.
{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}: هم الغزاة والمرابطون يعطون من الصدقة ما ينفقون في غزوهم ومرابطتهم، وإن كانوا أغنياء. وهذا قول أكثر العلماء. قال ابن عمر: هم الحجاج والعمار.
وروي عن أحمد وإسحاق أنهما جعلا الحج من سبيل اللّه.
وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يعطى الغازي إلا إذا كان فقيرا منقطعا به.
{وَابْنِ السَّبِيلِ}: هو المسافر.
والسبيل: الطريق ونسب إليها المسافر لملازمته إياها.
والمراد الذي انقطعت به الأسباب في سفره عن بلده ومستقره، فإنه يعطى منها وإن كان غنيا في بلده، وإن وجد من يسلفه.
وقال مالك: إذا وجد من يسلفه فلا يعطى.
قوله: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}: يعني كون الصدقات مقصورة على هذه الأصناف هو حكم لازم فرضا للّه على عباده نهاهم عن مجاوزته.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال