سورة البقرة / الآية رقم 127 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)}
{وَإِذْ يَرْفَعُ} عطف على {وَإِذْ قَالَ إبراهيم} [البقرة: 126] وإذ للمضي وآثر صيغة المضارع مع أن القصة ماضية استحضارًا لهذا الأمر ليقتدي الناس به في إتيان الطاعات الشاقة مع الابتهال في قبولها وليعلموا عظمة البيت المبني فيعظموه {القواعد مِنَ البيت} القواعد جمع قاعدة وهي الأساس كما قاله أبو عبيدة صفة صارت بالغلبة من قبيل الأسماء الجامدة بحيث لا يذكر لها موصوف ولا يقدر من القعود عنى الثبات، ولعله مجاز من المقابل للقيام، ومنه قعدك الله تعالى في الدعاء عنى أدامك الله تعالى وثبتك، ورفع القواعد على هذا المعنى مجاز عن البناء عليها إذ الظاهر من رفع الشيء جعله عاليًا مرتفعًا، والأساس لا يرتفع بل يبقى بحاله لكن لما كانت هيأته قبل البناء عليه الانخفاض ولما بني عليه انتقل إلى هيأة الارتفاع عنى أنه حصل له مع ما بني عليه تلك الهيأة صار البناء عليه سببًا للحصول كالرفع فاستعمل الرفع في البناء عليه واشتق من ذلك {يَرْفَعُ} عنى يبني عليها، وقيل: القواعد ساقات البناء وكل ساق قاعدة لما فوقه، فالمراد برفعها على هذا بناؤها نفسها، ووجه الجمع عليه ظاهر وعلى الأول لأنها مربعة ولكل حائط أساس، وضعف هذا القول بأن فيه صرف لفظ القواعد عن معناه المتبادر وليس هو كصرف الرفع في الأول، وقيل: الرفع عنى الرفعة والشرف، والقواعد عناه الحقيقي السابق فهو استعارة تمثيلية وفيه بعد إذ لا يظهر حينئذٍ فائدة لذكر القواعد. و{مِنْ} ابتدائية متعلقة بـ {يَرْفَعُ} أو حال من {القواعد} ولم يقل قواعد البيت لما في الإبهام والتبيين من الاعتناء الدال على التفخيم ما لا يخفى.
{وإسماعيل} عطف على {إِبْرَاهِيمَ}، وفي تأخيره عن المفعول المتأخر عنه رتبة إشارة إلى أن مدخليته في رفع البناء، والعمل دون مدخلية إبراهيم عليه السلام، وقد ورد أنه كان يناوله الحجارة، وقيل: كانا يبنيان في طرفين أو على التناوب، وأبعد بعضهم فزعم أن إسمعيل مبتدأ وخبره محذوف أي يقول: ربنا، وهذا ميل إلى القول بأن إبراهيم عليه السلام هو المتفرد بالبناء ولا مدخلية لإسمعيل فيه أصلًا بناءً على ما روي عن عليّ كرم الله تعالى وجهه أنه كان إذ ذاك طفلًا صغيرًا، والصحيح أن الأثر غير صحيح، هذا وقد ذكر أهل الأخبار في ماهية هذا البيت وقدمه وحدوثه، ومن أي شيء كان باباه، وكم مرة حجه آدم، ومن أي شيء بناه إبراهيم، ومن ساعده على بنائه، ومن أين أتى بالحجر الأسود؟؟؟ أشياء لم يتضمنها القرآن العظيم، ولا الحديث الصحيح، وبعضها يناقض بعضًا، وذلك على عادتهم في نقل ما دب ودرج، ومن مشهور ذلك أن الكعبة أنزلت من السماء في زمان آدم، ولها بابان إلى المشرق والمغرب فحج آدم من أرض الهند واستقبلته الملائكة أربعين فرسخًا فطاف بالبيت ودخله ثم رفعت في زمن طوفان نوح عليه السلام إلى السماء ثم أنزلت مرة أخرى في زمن إبراهيم فزارها ورفع قواعدها وجعل بابيها بابًا واحدًا ثم تمخض أبو قبيس فانشق عن الحجر الأسود، وكان ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة نزل بها جبريل فخبئت في زمان الطوفان إلى زمن إبراهيم فوضعه إبراهيم مكانه ثم اسود لامسة النساء الحيض، وهذا الخبر وأمثاله إن صح عند أهل الله تعالى إشارات ورموز لمن ألقى السمع وهو شهيد فنزولها في زمن آدم عليه السلام إشارة إلى ظهور عالم المبدأ والمعاد ومعرفة عالم النور وعالم الظلمة في زمانه دون عالم التوحيد، وقصده زيارتها من أرض الهند إشارة إلى توجهه بالتكوين، والاعتدال من عالم الطبيعة الجسمانية المظلمة إلى مقام القلب، واستقبال الملائكة إشارة إلى تعلق القوى النباتية والحيوانية بالبدن وظهور آثارها فيه قبل آثار القلب في الأربعين التي تكونت فيها بنيته وتخمرت طينته أو توجهه بالسير والسلوك من عالم النفس الظلماني إلى مقام القلب، واستقبال الملائكة تلقى القوى النفسانية والبدنية إياه بقبول الآداب والأخلاق الجميلة، والملكات الفاضلة، والتمرن والتنقل في المقامات قبل وصوله إلى مقام القلب، وطوافه بالبيت إشارة إلى وصوله إلى مقام القلب وسلوكه فيه مع التلوين، ودخوله إشارة إلى تمكينه واستقامته فيه، ورفعه في زمن الطوفان إلى السماء إشارة إلى احتجاب الناس بغلبة الهوى وطوفان الجهل في زمن نوح عن مقام القلب، وبقاؤه في السماء إشارة إلى البيت المعمور الذي هو قلب العالم ونزوله مرة أخرى في زمان إبراهيم إشارة إلى اهتداء الناس في زمانه إلى مقام القلب بهدايته، ورفع إبراهيم قواعده وجعله ذا باب واحد إشارة إلى ترقي القلب إلى مقام التوحيد إذ هو أول من أظهر التوحيد الذاتي المشار إليه بقوله تعالى حكاية عنه: {وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السموات والارض *حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ المشركين} [الأنعام: 79] والحجر الأسود إشارة إلى الروح التي هي أمر الله عز شأنه ويمينه، وموضع سره، وتمخض أبي قبيس وانشقاقه عنه إشارة إلى ظهوره بالرياضة وتحرك آلات البدن باستعمالها في التفكر والتعبد في طلب ظهوره، ولهذا قيل: خبئت أي احتجبت بالبدن، واسوداده لامسة الحيض إشارة إلى تكدره بغلبة القوى النفسانية على القلب، واستيلائها عليه، وتسويدها الوجه النوراني الذي يلي الروح منه:
ولو ترك القطا ليلًا لناما ***
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} أي: يقولان ربنا وبه قرأ أبيّ والجملة حال من فاعل {يَرْفَعُ} وقيل: معطوفة على ما قبله بجعل القول متعلقًا لـ {إِذْ} والتقبل مجاز عن الإثابة والرضا لأن كل عمل يقبله الله تعالى فهو يثيب صاحبه ويرضاه منه، وفي سؤال الثواب على العمل دليل على أن ترتبه عليه ليس واجبًا، وإلا لم يطلب، وفي اختيار صيغة التفعل اعتراف بالقصور لما فيه من الإشعار بالتكلف في القبول، وإن كان التقبل والقبول بالنسبة إليه تعالى على السواء إذ لا يمكن تعقل التكلف في شأنه عز شأنه، ويمكن أن يكون المراد من التقبل الرضا فقط دون الإثابة لأن غاية ما يقصده المخلصون من الخدم لوقوع أفعالهم موضع القبول والرضا عند المخدوم، وليس الثواب مما يخطر لهم ببال، ولعل هذا هو الأنسب بحال الخليل وابنه إسمعيل عليهما السلام.
{إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم} تعليل لاستدعاء التقبل، والمراد السميع لدعائنا، والعليم بنياتنا، وبذلك يصح الحصر المستفاد من تعريف المسندين ويفيد نفي السمعة والرياء في الدعاء والعمل الذي هو شرط القبول، وتأكيد الجملة لإظهار كمال قوة يقينهما ضمونها وتقديم صفة السمع، وإن كان سؤال التقبل متأخرًا عن العمل للمجاورة ولأنها ليست مثل العلم شمولًا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال