سورة التوبة / الآية رقم 112 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ لَقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ العُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)}
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ} التائبون هم الراجعون عن الحالة المذمومة في معصية الله إلى الحالة المحمودة في طاعة الله. والتائب هو الراجع. والراجع إلى الطاعة هو أفضل من الراجع عن المعصية لجمعه بين الأمرين. {الْعابِدُونَ} أي المطيعون الذين قصدوا بطاعتهم الله سبحانه. {الْحامِدُونَ} أي الراضون بقضائه المصرفون نعمته في طاعته، الذين يحمدون الله على كل حال. {السَّائِحُونَ} الصائمون، عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما. ومنه قوله تعالى: {عابِداتٍ سائِحاتٍ} [التحريم: 5].
وقال سفيان بن عيينة: إنما قيل للصائم سائح لأنه يترك اللذات كلها من المطعم والمشرب والمنكح.
وقال أبو طالب:
وبالسائحين لا يذوقون قطرة *** لربهم والذاكرات العوامل
وقال آخر:
برّا يصلي ليله ونهاره *** يظل كثير الذكر لله سائحا
وروي عن عائشة أنها قالت: سياحة هذه الامة الصيام، أسنده الطبري. ورواه أبو هريرة مرفوعا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «سياحة أمتي الصيام». قال الزجاج: ومذهب الحسن أنهم الذين يصومون القرض. وقد قيل: إنهم الذين يديمون الصيام.
وقال عطاء: السائحون المجاهدون.
وروى أبو أمامة أن رجلا استأذن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السياحة فقال: «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله». صححه أبو محمد عبد الحق.
وقيل: السائحون المهاجرون قاله عبد الرحمن بن زيد.
وقيل: هم الذين يسافرون لطلب الحديث والعلم، قاله عكرمة.
وقيل: هم الجاعلون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وتعظيمه حكاه النقاش وحكي أن بعض العباد أخذ القدح ليتوضأ لصلاة الليل فأدخل أصبعه في أذن القدح وقعد يتفكر حتى طلع الفجر فقيل له في ذلك فقال: أدخلت إصبعي في أذن القدح فتذكرت قول الله تعالى: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ} [غافر: 71] وذكرت كيف أتلقى الغل وبقيت ليلي في ذلك أجمع. قلت: لفظ س ي ح يدل على صحة هذه الأقوال فإن السياحة أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء، فالصائم مستمر على الطاعة في ترك ما يتركه من الطعام وغيره فهو بمنزلة السائح. والمتفكرون تجول قلوبهم فيما ذكروا.
وفي الحديث: «إن لله ملائكة سياحين مشائين في الآفاق يبلغونني صلاة أمتي» ويروى صياحين بالصاد، من الصياح. {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} يعني في الصلاة المكتوبة وغيرها. {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} أي بالسنة، وقيل: بالايمان. {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} قيل: عن البدعة.
وقيل: عن الكفر.
وقيل: هو عموم في كل معروف ومنكر. {وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} أي القائمون بما أمر به والمنتهون عما نهى عنه.
الثانية: واختلف أهل التأويل في هذه الآية هل هي متصلة بما قبل أو منفصلة فقال جماعة: الآية الأولى مستقلة بنفسها يقع تحت تلك المبايعة كل موحد قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وإن لم يتصف بهذه الصفات في هذه الآية الثانية أو بأكثر ها. وقالت فرقة: هذه الأوصاف جاءت على جهة الشرط والآيتان مرتبطتان فلا يدخل تحت المبايعة إلا المؤمنون الذين هم على هذه الأوصاف ويبذلون أنفسهم في سبيل الله قاله الضحاك. قال ابن عطية: وهذا القول تحريج وتضييق ومعنى الآية على ما تقتضيه أقوال العلماء والشرع أنها أوصاف الكملة من المؤمنين ذكرها الله ليستبق إليها أهل التوحيد حتى يكونوا في أعلى مرتبة.
وقال الزجاج: الذي عندي أن قوله: {التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ} رفع بالابتداء وخبره مضمر، أي التائبون العابدون- إلى آخر الآية- لهم الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا إذا لم يكن منهم عناد وقصد إلى ترك الجهاد لان بعض المسلمين يجزي عن بعض في الجهاد. واختار هذا القول القشيري وقال: وهذا حسن إذ لو كان صفة للمؤمنين المذكورين في قوله: {اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} لكان الوعد خاصا للمجاهدين.
وفي مصحف عبد الله {التائبين العابدين} إلى آخرها، ولذلك وجهان: أحدهما الصفة للمؤمنين على الاتباع. والثاني النصب على المدح.
الثالثة: واختلف العلماء في الواو في قوله: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فقيل: دخلت في صفة الناهين كما دخلت في قوله تعالى: {حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3- 2- 1] فذكر بعضها بالواو والبعض بغيرها. وهذا سائغ معتاد في الكلام ولا يطلب لمثله حكمة ولا علة.
وقيل: دخلت لمصاحبة الناهي عن المنكر الآمر بالمعروف فلا يكاد يذكر واحد منها مفردا. وكذلك قوله: {ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً} [التحريم: 5]. ودخلت في قوله: {وَالْحافِظُونَ} لقربه من المعطوف. وقد قيل: إنها زائدة، وهذا ضعيف لا معنى له.
وقيل: هي واو الثمانية لان السبعة عند العرب عدد كامل صحيح. وكذلك قالوا في قوله: {ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً} [التحريم: 5]. وقوله في أبو أب الجنة: {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} [الزمر: 73] وقوله: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] وقد ذكرها ابن خالويه في مناظرته لابي علي الفارسي في معنى قوله: {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} [الزمر: 73] وأنكر ها أبو علي. قال ابن عطية: وحدثني أبي رضي الله عنه عن الأستاذ النحوي أبي عبد الله الكفيف المالقي، وكان ممن استوطن غرناطة وأقرأ فيها في مدة ابن حبوس أنه قال: هي لغة فصيحة لبعض العرب من شأنهم أن يقولوا إذا عدوا: واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية تسعة عشرة وهكذا هي لغتهم. ومتى جاء في كلامهم أمر ثمانية أدخلوا الواو. قلت: هي لغة قريش. وسيأتي بيانه ونقضه في سورة الكهف إن شاء الله تعالى وفي الزمر أيضا بحول الله تعالى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال