سورة التوبة / الآية رقم 127 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةيونس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ(127)}
ومن قبل جاء قول الحق: {وَإِذَا ما أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً...} [التوبة: 124].
أي: أن هؤلاء المنافقين يشعرون بالضيق والحصار، ويخافون أن يتكلموا؛ لأنهم موجودون مع المسلمين، ولكنهم لا يعدمون وسيلة للتعبير عن كفرهم، فيغمز الواحد منهم بعينه، أو يشير إشارة بيده، فإذا ما كانوا قد تساءلوا من قبل ب {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً} فقد كان هذا السؤال يتعلق بالتكاليف، أما في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها فليس فيها تكاليف جديدة.
لقد كانوا يريدون أن يقولوا شيئاً، ولكنهم لم يستطيعوا أن يتكلموا بأفواههم، فتكلموا بأعينهم ونظراتهم، فكأن النظر نفسه كان فيه هذه الكلمة: {هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ}، وهذا قد تراه من واحد يسمع خطبة الخطيب، ولكنه يرى بها أشياء لا تعجبه، فتجده يعبر بانفاعالات وجهه عن عدم رضاه.
إذن: فهناك نظر، وهناك كلام، وهم قد تساءلوا: هل يراكم من أحد؟ زمثلها مثل قولك: ما عندي من مال؟ أي أنك لا تملك بداية ما يقال عنه مال، والقول الكريم أبلغ بالقطع من أن تقول: هل يراكم أحد.
إن قوله الحق: {هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ} دليل على أنهم في خوف من أن يضبطهم أحد، ومن بعد ذلك تجدهم يتسللون خارج دائرة الاستماع للقرآن أو للرسول؛ لأنهم لا يطيقون الاستمرار في الاستماع؛ لأن منطق الحق يلجم الباطل، والواحد منهم غير قادر على أن يؤمن بالحق وغير قادر على إعلان الكفر؛ فينسحبون، وينصرف كل واحد منهم؛ لذلك نجد أن بعضهم قد قال من قبل: {لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ...} [فصلت: 26].
وقد قالوا ذلك لأن الكافر أو المنافق قد تأتيه لحظة غفلة عن الباطل، فيتسلل الإيمان إلى قلبه، كما أن المؤمن قد تأتيه لحظة غفلة عن الحق، لكنه يستغفر الله عنها.
وإذا ما أتت للمنافق أو الكافر لحظة غفلة عن كفره أو نفاقه؛ فتأتيه هجمة الإيمان فيخافها، فيقول لمن هم مثله: من الأفضل أن نقول لمن معنا لا تسمعوا هذا القرآن. لماذا؟ حتى لا يصادف فترة غفلة عن النفاق، فإذا صادف فترة غفلة عن النفاق فمن الممكن أن يدخل الإيمان القلب. ولذلك قالوا: {لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن}، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل طلبوا من الأتباع ان يلغوا فيه، أي: أن يشوشوا عليه: {والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ...} [فصلت: 26].
إذن: لا غلبة لهم مطلقاً إلا بعدم الاستماع إلى القرآن، أو أن يشوشوا عند سماع القرآن؛ حتى لا ينفذ القرآن إلى القلوب.
وهنا يقول الحق سبحانه عن هؤلاء المنافقين: {وَإِذَا ما أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ} كانوا يقولون ذلك؛ لأنهم كمنافقين سبق لهم إعلان الإسلام، وكانوا يدعون أنهم متقدمون في تطبيق أحكام الإيمان، وكانوا يصرون على الوقوف أثناء الصلاة في الصف الأول؛ حتى يدفعوا عن أنفسهم تهمة النفاق، وكما يقول المثل: يكاد المريب أن يقول خذوني.
وينظر بعضهم إلى بعض متسائلين: {هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصرفوا} لأنهم لا يطيقون الجلوس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى المؤمنين. وينهي الحق الآية: {صَرَفَ الله قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} وذلك نتيجة لانصرافهم نفسيّاً إلى النفاق؛ فيساعدهم سبحانه على ذلك، فما داموا لا يعرفون قيمة الإيمان؛ فليذهبوا بعيداً عنه، فالحق لهم يصرفهم إلا باختيارهم، حتى لا يقول أحد: إن الله هو مصرف القلوب، فما ذنبهم؟ لا، لقد انصرفوا هم بما خلقه الله فيهم من اختيار، فصرف الله قلوبهم، لماذا؟ لأنهم {قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} أي: لا يفهمون.
والفهم أول مرحلة من مراحل الذات الإنسانية، وهناك فرق بين الفهم والعلم. فالفهم يعني أنك تملك القدرة على تَفَهُّم ذاتية الأشياء بملكة فيك، لكن العلم يعني أنك قد لا تفهم أنت بذاتك، وإنما يفهم غيرك ويعلمك. فأنت قد تعلم جزئية لا من عندك وإنما من معلم لك. ولكن قد يقول قائل: ما داموا لا يفقهون فما ذنبهم؟ ونقول: الذي لا يفهم عليه أن يتقبل التعليم، لكن هؤلاء لم يفهموا ولم يتعلَّموا، وأصروا على عدم قبول العلم.
وبعد ذلك يتأتى ختام سورة التوبة.
والسورة بدأت بالقطيعة: {بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مِّنَ المشركين} [التوبة: 1].
ووردت لنا أحوال الكفار والمنافقين وتكاليف الجهاد الشاقة، وأراد الحق أن يختم السورة بما يبرر هذه المشقات المتقدمة، فبيّن لنا: إياكم أن تنفضُّوا عن الرسول أو تغضبوه؛ لأنه وإن جاء لكم ببلاغ فيه أمور شاقة عليكم فخذوا هذه الأمور الشاقة على أنها من حبيب لكم، لا من عدو لكم.
إنك مثلاً إن رأيت عدوّا ضرب ابنك وجرحه، يكون وقع هذا الأمر شديداً عليك؛ لأنه عدو. لكنك إذا أخذت ابنك للطبيب وقرر الطبيب إجراء جراحة للابن، فأنت تقبل ذلك؛ لتزيل عن ابنك خطراً. إذن: فهناك فارق بين جرح عدوك لابنك وجرح الطبيب له رغم أن الإيلام قد يكون واحداً.

إذن: لا ترفض الأمور الشاقة عليك لمجرد ورود المشاق عليك، ولكن اعرف أولاً من الذي أجرى المشاق عليك، فإن كان ربك، فربك بك رحيم. وإن كان الرسول فخذ أوامر الرسول وطبيقها؛ لأنها من حبيب يريد لك الخير.
وهنا يقول الحق: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال