سورة يونس / الآية رقم 41 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَناًّ إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ وَمَا كَانَ هَذَا القُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لاَ يَعْقِلُونَ

يونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}
{وَإِن كَذَّبُوكَ} أي أصروا على تكذيبك بعد الزام الحجة، وأول بذلك لأن أصل التكذيب حاصلًا فلا يصح فيه الاستقبال المفاد بالشرط، وأيضًا جوابه وهو قوله سبحانه: {فَقُل لّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} المراد منه التبرؤ والتخلية إنما يناسب الاصرار على التكذيب واليأس من الإجابة، والمعنى لي جزاء عملي ولكم جزاء عملكم كيفما كانا، وتوحيد العمل المضاف إليهم باعتبار الاتحاد النوعي ولمراعاة كمال المقابلة كما قيل، وقوله سبحانه: {أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىء مّمَّا تَعْمَلُونَ} تأكيد لما أفاده لام الاختصاص من عدم تعدي جزاء العمل إلى غير عامه أن لا تؤاخذون بعملي ولا أؤاخذ بعملكم، وعلى هذا فالآية محكمة غير منسوخة بآية السيف لما أن مدلولها اختصاص كل بأفعاله وثمراتها من الثواب والعقاب وآية السيف لم ترفع ذلك، وعن مقاتل. والكلبي. وابن زيد أنها منسوخة بها وكأن ذلك لما فهموا منها الأعراض وترك التعرض بشيء، ولعل وجه تقديم حكم المتكلم أولًا وتأخيره ثانيًا والعكس في حكم المخاطبين ظاهر مما ذكرناه في معنى الآية فافهم.
هذا ومن باب الإشارة في الآيات: {وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِى ءاياتنا} وهو احتجابهم عن قبول صفات الحق وذلك لأنه بتوفر النعم الظاهرة والمرادات الجسمانية يقوي ميل النفس إلى الجهة السفلية فتحتجب عن قبول ذلك كما أنه بأنواع البلاء تنكسر سورة النفس ويتلطف القلب ويحصل الميل إلى الجهة العلوية والتهيؤ لقبول ذلك {قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْرًا} بإخفاء القهر الحقيقي في هذا اللطف الصوري {إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} [يونس: 21] في ألواح الملكوت {هُوَ الذى يُسَيّرُكُمْ فِى البر والبحر} أي يسير نفوسكم في بر المجاهدات وقلوبكم في بحر المشاهدات، وقيل: يسير عقولكم في بر الأفعال وأرواحكم في بحر الصفات والذات {حتى إِذَا كُنتُمْ فِى الفلك} أي فلك العناية الإزلية {وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيّبَةٍ} وهي ريح صبا وصاله سبحانه: {وَفَرِحُواْ بِهَا} لايذانها بذلك وتعطرها بشذا ديار الأنس ومرابع القدس:
ألا يا نسيم الريح مالك كلما *** تقربت منا زاد نشرك طيبا
أظن سليمى خبرت بسقامنا *** فأعطتك رياها فجئت طبيبًا
{جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الموج مِن كُلّ مَكَانٍ} وذلك عاصف القهر وأمواج صفات الجلال، وهذه سنة جارية في العاشقين لا يستمر لهم حال ولا يدوم لهم وصال، ولله در من قال:
فبتنا على رغم الحسود وبيننا *** شراب كريح المسك شيب به الخمر
فوسدتها كفى وبت ضجيعها *** وقلت لليلى طل فقد رقد البدر
فلما أضاء الصبح فرق بيننا *** وأي نعيم لا يكدره الدهر
{وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي أنهم من الهالكين في تلك الأمواج {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} بالتبري من غير الله تعالى قائلين {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [يونس: 22] لك بك {فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِى الارض بِغَيْرِ الحق} وهو تجاوزهم عن حد العبودية بكسرهم في جمال الربوبية، وذلك مثل ما عرا الحلاج وأضرابه ثم أنه سبحانه نبههم بعد رجوعهم من السكر إلى الصحو على أن الأمر وراء ذلك بقوله جل وعلا: {الحق ياأيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ} [يونس: 32] أي أنه يرجع إليكم ما ادعيتم لا إليه تعالى فإنه سبحانه الموجود المطلق حتى عن قيد الإطلاق كذا قالوا.
وقال ابن عطاء في الآية {حتى إِذَا رَكِبُواْ} مراكب المعرفة وجرت بهم رياح العناية وطابت نفوسهم وقلوبهم بذلك وفرحوا بتوجههم إلى مقصودهم {جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} أفنتهم عن أحوالهم وإرادتهم {وَجَاءهُمُ الموج مِن كُلّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي تيقنوا أنهم مأخوذون عنهم ولم يبق لهم ولا عليهم صفة يرجعون إليها وأن الحق خصهم من بين عباده بأن سلبهم عنهم {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [يونس: 22] حيث صفى سبحانه أسرارهم وطهرها مما سواه {فَلَمَّا أَنجَاهُمْ} أي ردهم إلى أوصافهم وأشباحهم ورجعوا إلى ما عليه عوام الخلق من طلب المعاش للنفوس انتهى. وكأنه حمل البغي على الطلب وضمنه معنى الاشتغال أي يطلبون في الأرض مشتغلين بغير الحق سبحانه وهو المعاش الذي به قوام أبدانهم، ويشكل أمر الوعيد المنبىء به {فَنُنَبّئُكُمْ} [يونس: 23] إلخ على هذا التأويل وما قبله لأن ما يقع في السكر لا وعيد عليه وكذا طلب المعاش، وانظر هل يصح أن يقال: إن الأمر من باب حسنات الابرار سيآت المقربين؟ ثم أنه سبحانه مثل الحياة في سرعة زوالها وانصرام نعيمها غب اقبالها واغترار صاحبها بها بما أشار إليه سبحانه بقوله جل وعلا: {كَمَا أنزلناه} [يونس: 24] إلخ وفيه إشارة إلى ما يعرض والعياذ بالله تعالى لمن سبقت شقاوته في الأزل من الحور بعد الكور فبينما تراه وأحواله حالية وأعوامه عن شوائب الكدر خالية وغصون أنسه متدلية ورياض قربه مونقة قلب الدهر له ظهر المجن وغزاه بجيوش المحن وهبت على هاتيك الرياض عاصفات القضاء وضاقت عليه فسيحات الفضاء وذهب السرور والانس وجعل حصيدًا كأن لم يغن بالأمس وأنشد لسان حاله:
قف بالديار فهذه آثارهم *** نبكي الأحبة حشرة وتشوقًا
كم قد وقفت بهنا أسائل مخبرا *** عن أهلها أو صادقًا أو مشفقًا
فأجابني داعي الهوى في رسمها *** فارقت من تهوي فعز الملتقى
{واللَّهُ يَدْعُو إلى دَارِ السلام} يدعو العالم الروحاني السليم من الآفات {وَيَهْدِى مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] لا شعوب فيه وهو طريق الوحدة. وقد يقال: يدعو الجميع إلى داره. ويهدي خواص العارفين إلى وصاله. أو يدعو السالكين إلى الجنة ويبدي المجذوبين إلى المشاهدة {لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} وهم خواص الخواص {الحسنى} وهي رؤية الله تعالى: {وَزِيَادَةٌ} وهي دوام الرؤية، أو للذين جاؤا بما يحسن به حالهم من خير قلبي أو قالبي، المثوبة الحسنة من الكمال الذي يفاض عليهم وزيادة في استعداد قبول الخير إلى ما كانوا عليه قبل، وقد يقال: الحسنى ما يقتضيه قرب النوافل والزيادة ما يقتضيه قرب الفرائض {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ} أي لا يصيبهم غبار الخجالة ولا ذلك الفرقة {أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة} التي تقتضيها أفعالهم {هُمْ فِيهَا خالدون} [يونس: 26] ثم ذكر سبحانه حال الذين أساءوا بقوله جل شأنه: {والذين كَسَبُواْ} [يونس: 27] إلخ وأشار إلى أنه على عكس حال أولئك الكرام {الظالمون وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} في المجمع الأكبر {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ} منهم وهم المحجوبون الواقفون مع الغير بالمحبة والطاعة {مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} قفوا جميعًا وانتظروا الحكم {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} أي قطعنا الأسباب التي كانت بينهم {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس: 28] بل كنتم تعبدون أشياء اخترعتموها في أوهامكم الفاسدة {فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين} [يونس: 29] لم نطلبها منكم لا بلسان حال ولا بلسان قال: {هُنَالِكَ} أي في ذلك الموقف {تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ} أي تذوق وتختبر {مَّا أَسْلَفَتْ} في الدنيا {وَرُدُّواْ إِلَى الله مولاهم الحق} المتولي لجزائهم بالعدل والقسط {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [يونس: 30] من اختراعاتهم وتوهماتهم الكاذبة وأمانيهم الباطلة. ثم ذكر سبحانه مما يدل على التوحيد ما ذكر، والرزق من السماء عند العارفين هو رزق الأرواح ومن الأرض رزق الأشباح، والحي عندهم العارف والميت الجاهل {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّا} [يونس: 36] ذم لهم بعدم العلم بما يجب لمولاهم وما يمتنع وما يجوز ولا يكاد ينجو من هذا الذم إلا قليل، ومنهم الذين عرفوه جل شأنه به لا بالفكر بل قد يكاد يقصر العلم عليهم فإن أدلة أهل الرسوم من المتكلمين وغيرهم متعارضة وكلماتهم متجاذبة فلا تكاد ترى دليلًا سالمًا من قيل وقال ونزاع وجدال، والوقوف على علم من ذلك مع ذلك أمر أبعد من العيوق وأعز من بيض الانوق:
لقد طفت في تلك المعاهد كلها *** وسرحت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعًا كف حائر *** على ذقن أو قارعًا سن نادم
فمن أراد النجاة فليفعل ما فعل القوم ليحصل له ما حصل لهم أولًا فليتبع السلف الصالح فيما كانوا عليه في أمر دينهم غير مكترث قالات الفلاسفة ومن حذا حذوهم من المتكلمين التي لا تزيد طالب الحق إلا شكا {وَمَا كَانَ هذا القرءان أَن يَفْتَرِى *مِن دُونِ الله ولكن تَصْدِيقَ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ} من اللوح المحفوظ {وَتَفْصِيلَ الكتاب} [يونس: 37] الذي هو الأم، أي كيف يكون مختلقًا وقد أثبت قبله في كتابين مفصلًا ومجملًا {بَلْ كَذَّبُواْ بما لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] ذم لهم بالمسارعة إلى تكذيب الحق قبل التأمل والتدبر والاطلاع على الحقيقة وهذه عادة المنكرين أهل الحجاب مع كلمات القوم حيث أنهم يسارعون إلى إنكارها قبل التأمل فيها وتدبر مضامينها والوقوف على الاصطلاحات التي ينبت عليها وكان الحرى بهم التثبت والتدبر والله تعالى ولي التوفيق.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال