سورة البقرة / الآية رقم 134 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)}
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} الإشارة إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأولاده، والأمة أتت عان، والمراد بها هنا الجماعة من أمّ عنى قصد، وسميت كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان بذلك لأنهم يؤم بعضهم بعضًا ويقصده، والخلو المضي وأصله الانفراد.
{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم} استئناف أو بدل من قوله تعالى: {خَلَتِ} لأنها عنى لا تشاركونهم وهي كغير الوافية وهذه وافية بتمام المراد، أو الأولى صفة أخرى لأمة أو حال من ضمير {خَلَتِ} والثانية جملة مبتدأة، إذ لا رابط فيها ولا مقارنة في الزمان، وفي الكلام مضاف محذوف بقرينة المقام، أي لكل أجر عمله، وتقديم المسند لقصر المسند إليه على المسند، والمعنى أن انتسابكم إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمالهم، وإنما تنتفعون وافقتهم واتباعهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر قريش، إن أولى الناس بالنبي المتقون، فكونوا بسبيل من ذلك، فانظروا أن لا يلقاني الناس يحملون الأعمال، وتلقوني بالدنيا فأصد عنكم بوجهي» ولك أن تحمل الجملة الأولى: على معنى لها ما كسبته لا يتخطاها إلى غيرها، والثانية: على معنى ولكم ما كسبتموه لا ما كسبه غيرهم فيختلف القصران المقام ذلك.
{وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} إن أجرِيَ السؤال على ظاهره فالجملة مقررة لمضمون ما قبلها وإن أريد به مسببه أعني الجزاء فهو تذييل لتتميم ما قبله، والجملة مستأنفة أو معترضة، والمراد تخييب المخاطبين وقطع أطماعهم من الانتفاع بحسنات من مضى منهم، وإنما أطلق العمل لإثبات الحكم بالطريق البرهاني في ضمن قضية كلية، وحمل الزمخشري الآية على معنى لا تؤاخذون بسيئاتهم كما لا تثابون بحسناتهم واعترض بأنه مما لا يليق بشأن التنزيل، كيف لا وهم منزعون عن كسب السيئات فمن أين يتصور تحميلها على غيرهم حتى يتصدى لبيان انتفائه، وأنت تعلم أنه إذا كان المقصود سوق ذلك بطريق كلي برهاني لا يتوهم ما ذكر.
هذا ومن الغريب حمل الإشارة على كل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وأن المعنى كل واحد منهم أمة أي نزلتها في الشرف والبهاء قد خلت أي مضت، ولستم مأمورين تابعتهم لها ما كسبت وهو ما أمرها الله تعالى به ولكم ما كسبتم مما يأمركم به سبحانه وتعالى، ولا ينفعكم مكتسبهم لأنه ليس مقبولًا منكم لأنه ليس في حقكم، إنما ينفعكم ما يجب عليكم كسبه ولا تسألون عما كانوا يعملون هل عملتم به؟ وإنما تسألون عما كان يعمل نبيكم الذي أمرتم تابعته، فإن أعماله ما هو كسبكم المسؤول عنه، فدعوا أن هذا ما أمر به إبراهيم أو غيره، وتمسكوا بما أمر به نبيكم، واعتبروا إضافة العمل إليه دونهم، ولا يخفى أنه لو كانت هذه الآيات كلام هذا المفسر لأمكن حملها على هذا التفسير الذي لا فرع ولا أصل له، لكنها كلام رب العالمين الذي يجل عن الحمل على مثل ذلك.
ومن باب الإشارة والتأويل في الآيات السابقة إلى هنا: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} أي راتب الروحانيات كالقلب والسر والروح والخفاء والوحدة والأحوال والمقامات التي يعبر بها على تلك المراتب كالتسليم والتوكل والرضا وعلومها {فَأَتَمَّهُنَّ} بالسلوك إلى الله تعالى وفي الله تعالى حتى الفناء فيه {قَالَ إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا} بالبقاء بعد الفناء، والرجوع إلى الخلق من الحق، تؤمهم وتهديهم سلوك سبيلي، ويقتدون بك فيهتدون {قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124] فلا يكونون خلفائي مع ظلمهم وظلمتهم برؤية الأغيار ومجاوزة الحدود {وَإِذْ جَعَلْنَا} بيت القلب مرجعًا للناس، ومحل أمن وسلامة لهم إذا وصلوا إليه وسكنوا فيه من شر غوائل صفات النفس، وفتك قتال القوى الطبيعية وإفسادها، وتخييل شياطين الوهم والخيال وإغوائهم. {واتخذوا مِن مَّقَامِ إبراهيم} الذي هو مقام الروح والخلة موطنًا للصلاة الحقيقية التي هي المشاهدة والخلة الذوقية {وَعَهِدْنَا إلى إبراهيم وإسماعيل} [البقرة: 125] أمرناهما بتطهير بيت القلب من قاذورات أحاديث النفس، ونجاسات وساوس الشيطان، وأرجاس دواعي الهوى، وأدناس صفات القوى للسالكين المشتاقين الذين يدورون حول القلب في سيرهم، والواصلين إلى مقامه بالتكول الذي هو توحيد الأفعال، والخاضعين الذين بلغوا إلى مقام تجلي الصفات وكمال مرتبة الرضا، الغائبين في الوحدة، الفانين فيها {وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجعل هذا} الصدر الذي هو حريم القلب {بَلَدًا آمِنًا} من استيلاء صفات النفس، واغتيال العدو اللعين، وتخطف جن القوى البدنية {وارزق أَهْلَهُ} من ثمرات معارف الروح من وحد الله تعالى منهم وعلم المعاد إليه، قال: ومن احتجب أيضًا من الذين يسكنون الصدر ولا يجاوزون حده بالترقي إلى مقام العين لاحتجابهم بالعلم الذي وعاؤه الصدر {فَأُمَتّعُهُ قَلِيلًا} من المعاني العقلية والمعلومات الكلية النازلة إليهم من عالم الروح على حسب استعدادهم {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ} نار الحرمان والحجاب {وَبِئْسَ المصير} [البقرة: 126] مصيرهم لتعذيبهم بنقصانهم وعدم تكميل نشأتهم {وَإِذْ يَرْفَعُ إبراهيم القواعد مِنَ البيت} على الكيفية التي ذكرناها قبل {وإسماعيل} كذلك قائلين {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} مجاهداتنا ومساعينا في السلوك إليك بامداد التوفيق {إِنَّكَ أَنتَ السميع} لهواجس خواظرنا فيه {العليم} [البقرة: 127] بنياتنا وأسرارتا {رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} لاتكلنا إلى أن أنفسنا {وَمِن ذُرّيَّتِنَا} المنتمين إلينا {أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا} طرق الوصول إلى نفي ما سواك {وَتُبْ عَلَيْنَا} فيك عن أنفسنا وفنائنا {إِنَّكَ أَنتَ التواب} الموفق للرجوع إليك {الرحيم} [البقرة: 128] ن عوّل دون السوى عليك {رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولًا مّنْهُمْ} وهو الحقيقة المحمدية {يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياتك} الدالة عليك {وَيُعَلّمُهُمُ} كتاب العقل الجامع لصفاتك {والحكمة} الدالة على نفي غيرك {وَيُزَكّيهِمْ} ويطهرهم عن دنس الشرك {إِنَّكَ أَنتَ العزيز} [البقرة: 129] الغالب، فأنى يظهر سواك المحكم لما ظهرت فيه فلا يرى إلا إياك {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم} وهي التوحيد الصرف، إلا من احتجب عن نور العقل بالكلية، وبقي في ظلمة نفسه {وَلَقَدِ اصطفيناه} [البقرة: 130] فكان من المحبوبين المرادين بالسابقة الأزلية في عالم الملك، وأنه في عالم الملكوت من أهل الاستقامة، الصالح لتدبير النظام وتكميل النوع {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} أي وحّد وأسلم لله تعالى ذاتك {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ العالمين} [البقرة: 131] وفنيت فيه {ووصى} بكلمة التوحيد {إبراهيم بَنِيهِ} السالكين على يده وكذلك يعقوب {وَيَعْقُوبُ يابنى إِنَّ الله اصطفى لَكُمُ} دينه الذي لا دين غيره عنده {فَلاَ تَمُوتُنَّ} [البقرة: 132] بالموت الطبيعي وموت الجهل، بل كونوا ميتين بأنفسكم، أحياء بالله أبدًا، فيدرككم موت البدن على هذه الحالة {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} فلا تكونوا مقيدين بالتقليد البحت لهم، فليس لأحد إلا ما كسب من العلم والعمل والاعتقاد والسيرة، فكونوا على بصيرة في أمركم، واطلبوا ما طلبوا لتنالوا ما نالوا {والذين جاهدوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] ومن دق باب الكريم ولجّ ولج.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال