سورة يونس / الآية رقم 69 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ أَلاَ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ

يونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ}: نهى للنبي صلى الله عليه وسلم عن الحزن من قول الكفار المتضمن: للطعن عليه وتكذيبه، والقدح في دينه. والمقصود: التسلية له والتبشير. ثم استأنف سبحانه الكلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معللاً لما ذكره من النهي لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً} أي: الغلبة والقهر له في مملكته وسلطانه، ليست لأحد من عباده، وإذا كان ذلك كله له، فكيف يقدرون عليك حتى تحزن لأقوالهم الكاذبة، وهم لا يملكون من الغلبة شيئاً. وقرئ: {يحزنك} من أحزنه. وقرئ: {أن العزة} بفتح الهمزة على معنى، لأن العزّة لله، ولا ينافي ما في هذه الآية من جعل العزّة جميعها لله تعالى قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] لأن كل عزّة بالله، فهي: كلها لله. ومنه قوله: {كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} [المجادلة: 21] {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} [غافر: 51].
{أَلا إِنَّ للَّهِ مَن فِى السموات وَمَن فِى الأرض} ومن جملتهم هؤلاء المشركون المعاصرون للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كانوا في ملكه يتصرّف فيهم كيف يشاء، فكيف يستطيعون أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يأذن الله به، وغلب العقلاء على غيرهم؛ لكونهم أشرف. وفي الآية نعي على عباد البشر، والملائكة والجمادات؛ لأنهم عبدوا المملوك، وتركوا المالك، وذلك مخالف لما يوجبه العقل، ولهذا عقبه بقوله: {وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَاء} والمعنى: أنهم وإن سموا معبوداتهم شركاء لله، فليست شركاء له على الحقيقة، لأن ذلك محال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] و{ما} في و{ما يتبع} نافية وشركاء مفعول يتبع، وعلى هذا يكون مفعول يدعون محذوفاً، والأصل: وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء في الحقيقة: إنما هي: أسماء لا مسميات لها، فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، ويجوز أن يكون المذكور مفعول {يدعون} وحذف مفعول يتبع لدلالة المذكور عليه، ويجوز أن تكون استفهامية بمعنى: أيّ شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، ويكون على هذا الوجه {شركاء} منصوباً ب {يدعون} والكلام خارج مخرج التوبيخ لهم، والإزراء عليهم. ويجوز أن تكون {ما} موصولة معطوفة على {من في السموات}: أي لله من في السموات، ومن في الأرض، وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء؛ والمعنى: أن الله مالك لمعبوداتهم لكونها من جملة من في السموات ومن في الأرض. ثم زاد سبحانه في تأكيد الردّ عليهم، والدفع لأقوالهم، فقال: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} أي: ما يتبعون يقيناً إنما يتبعون ظناً، والظنّ لا يغني من الحق شيئاً {إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} أي: يقدرون أنهم شركاء تقديراً باطلاً، وكذباً بحتاً، وقد تقدّمت هذه الآية في الأنعام.
ثم ذكر سبحانه طرفاً من آثار قدرته مع الامتنان على عباده ببعض نعمه، فقال: {هُوَ الذى جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً} أي: جعل لعباده الزمان منقسماً إلى قسمين: أحدهما: مظلم وهو: الليل؛ لأجل يسكن العباد فيه عن الحركة والتعب، ويريحون أنفسهم عن الكدّ والكسب. والآخر: مبصر، لأجل يسعون فيه بما يعود على نفعهم، وتوفير معايشهم، ويحصلون ما يحتاجون إليه في وقت مضيء منير، لا يخفى عليهم فيه كبير ولا حقير، وجعله سبحانه للنهار مبصراً مجاز. والمعنى: أنه مبصر صاحبه كقولهم: نهاره صائم، والإشارة بقوله: {إِنَّ فِى ذَلِكَ} إلى الجعل المذكور {لآيَاتٍ} عجيبة كثيرة {لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} أي: يسمعون ما يتلى عليهم من الآيات التنزيلية المنبهة على الآيات التكوينية مما ذكره الله سبحانه هاهنا منها، ومن غيرها مما لم يذكره، فعند السماع منهم لذلك يتفكرون ويعتبرون، فيكون ذلك من أعظم أسباب الإيمان.
قوله: {قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً سبحانه هُوَ الغني} هذا نوع آخر من أباطيل المشركين التي كانوا يتكلمون بها، وهو زعمهم بأن الله سبحانه اتخذ ولداً، فردّ ذلك عليهم بقوله: {سبحانه هُوَ الغني} فتنزّه جل وعلا عما نسبوه إليه من هذا الباطل البين، وبين أنه غنيّ عن ذلك، وأن الولد إنما يطلب للحاجة. والغنيّ المطلق لا حاجة له حتى يكون له ولد يقضيها، وإذا انتفت الحاجة انتفى الولد، وأيضاً إنما يحتاج إلى الولد من يكون بصدد الانقراض، ليقوم الولد مقامه، والأزليّ القديم لا يفتقر إلى ذلك.
وقد تقدّم تفسير الآية في البقرة. ثم بالغ في الردّ عليهم بما هو كالبرهان، فقال: {لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض} وإذا كان الكل له، وفي ملكه، فلا يصح أن يكون شيء مما فيهما ولداً له للمنافاة بين الملك والبنوّة والأبوّة. ثم زيف دعواهم الباطلة وبين أنها بلا دليل فقال: {إِنْ عِندَكُمْ مّن سُلْطَانٍ بهذا} أي: ماعندكم من حجة وبرهان بهذا القول الذي تم لونه، و{من} في: {مّن سلطان} زائدة للتأكيد، والجار والمجرور في {بهذا} متعلق إما بسلطان، لأنه بمعنى الحجة والبرهان، أو متعلق بما عندكم لما فيه من معنى الاستقرار. ثم وبخهم على هذا القول العاطل عن الدليل الباطل عند العقلاء فقال: {أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْمَلُونَ} ويستفاد من هذا أن كل قول لا دليل عليه، ليس هو من العلم في شيء، بل من الجهل المحض.
ثم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم قولاً يدلّ على أن ما قالوه كذب، وأن من كذب على الله لا يفلح، فقال: {قُلْ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ} أي: كل مفتر هذا شأنه، ويدخل فيه هؤلاء دخولاً أوّلياً.
وذكر الكذب مع الافتراء للتأكيد كما سبق في مواضع من الكتاب العزيز. والمعنى: أن هؤلاء الذين يكذبون على ربهم لا يفوزون بمطلب من المطالب. ثم بين سبحانه أن هذا الافتراء وإن فاز صاحبه بشيء من المطالب العاجلة، فهو متاع قليل في الدنيا، ثم يتعقبه الموت والرجوع إلى الله، فيعذب المفتري عذاباً مؤبّداً. فيكون {متاع} خبر مبتدأ محذوف، والجملة مستأنفة لبيان أن ما يحصل للمفترى بافترائه ليس بفائدة يعتدّ بها، بل هو متاع يسير في الدنيا، يتعقبه العذاب الشديد بسبب الكفر الحاصل بأسباب من جملتها الكذب على الله.
وقال الأخفش: إن التقدير: لهم متاع في الدنيا، فيكون المحذوف على هذا هو الخبر.
وقال الكسائي: التقدير ذلك متاع أو هو متاع، فيكون المحذوف على هذا هو المبتدأ.
وقد أخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس، قال: في قوله تعالى: {وَلاَ يَحْزُنكَ}: لما لم ينتفعوا بما جاءهم من الله وأقاموا على كفرهم، كبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه من الله فيما يعاتبه: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السميع العليم} يسمع ما يقولون ويعلمه، فلو شاء بعزّته لانتصر منهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: {والنهار مُبْصِراً} قال: منيراً.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله: {إِنْ عِندَكُمْ مّن سُلْطَانٍ بهذا} يقول: ما عندكم سلطان بهذا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال