سورة يونس / الآية رقم 83 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ المُسْرِفِينَ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القَوْمِ الكَافِرِينَ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ

يونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَما آمَنَ لِمُوسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (86)}.
التفسير:
قوله تعالى: {فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ}.
اختلف في العائد عليه الضمير في قوله تعالى {مِنْ قَوْمِهِ}.
، وهل يعود على قوم موسى، أو قوم فرعون؟ كما اختلف في العائد عليه الضمير في {ملائهم} أهم الملأ من قوم موسى، أو الملأ من قوم فرعون؟
وينبنى على هذا الاختلاف، اختلاف في الذرية الذين آمنوا لموسى، واستجابوا لدعوته.. أهم من ذرية بنى إسرائيل أم هم من ذرية المصريين؟
والذي نراه- واللّه أعلم- أن هؤلاء الذرية هم من أبناء المصريين، ويرجّح هذا عندنا أمور، منها:
أولا: أن بنى إسرائيل كانوا قبل موسى مؤمنين باللّه، على دين آبائهم إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ويوسف.. فهم ذرية أبناء يعقوب {الأسباط} الاثني عشر، وكانت رسالة موسى هى أن يخلصهم من يد فرعون، ومما كانوا يلقون من هوان وذلّ. كما يقول اللّه تعالى لموسى وهرون: {فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ} [47: طه].
ثانيا: أن بنى إسرائيل كانوا مع موسى جميعا، فاستجابوا له، وخرجوا من مصر معه.. فلم يكن بينه وبينهم خلاف، حتى خرج بهم من مصر.
وقوله تعالى: {فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} يعنى أن الذين آمنوا له كانوا بعضا من القوم، بل ومن ذرية القوم.. وهذا يعنى أن قلة قليلة تلك التي آمنت لموسى، من هؤلاء القوم.. وهذا لا يمكن أن يحمل على قوم موسى الذين كانوا جميعا معه.
ثالثا: يذكر القرآن الكريم أن أناسا من المصريين قد استجابوا لموسى، وآمنوا باللّه، ومنهم السحرة، الذين يقول القرآن عنهم: {قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ} [121- 126: الأعراف].
رابعا: يذكر القرآن أنه قام من بين المصريين ممن آمن باللّه على يد موسى- قام من يبشّر بالدعوة إلى اللّه، ويدعو إلى الإيمان به.. وقد سمّيت في القرآن سورة باسمه هى سورة المؤمن وتسمّى غافر كذلك.. وفيها يقول اللّه تعالى: {وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} (الآية: 28).. وفى هذه السورة أيضا جاء قوله تعالى على لسان هذا الرجل المؤمن من آل فرعون: {يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا} (الآية: 29) وفى هذه السورة كذلك جاء قوله تعالى على لسان هذا الرجل المؤمن من آل فرعون:
{وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} (الآية: 34) وقوله سبحانه أيضا:
{وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ} (الآية: 38).
إذن فقد كان من المصريين مؤمنون، وكان منهم دعاة من هؤلاء المؤمنين يدعون إلى الإيمان باللّه.. ولكن في حذر، وخفية.. خوفا من فرعون أن يبطش بهم.
وعلى هذا فالضمير في {ملائهم} يعود إلى ملأ المصريين الذين آمنوا، وأنهم كانوا يخافون من فرعون، ومن قومهم أيضا.
وملاحظة هنا نحب أن نشير إليها، وهو أن الذين آمنوا لموسى، واستجابوا له كانوا {ذرية} أي من الذرية، وهم الأبناء، لا الآباء، وهذا يعنى أن الشبان هم أقرب من غيرهم إلى تقبّل الجديد، والأخذ به، سواء كان من ماديات الحياة أو معنوياتها.. وهذا يعنى أيضا أن تحركات الأمم نحو التجديد تكون إلى يد الشبان.. أما الشيوخ فقلّ أن يستجيبوا لجديد يدعون إليه.. إذ أن طول إلفهم لما هم فيه من عادات، وتقاليد، ومعتقدات، قد شدّهم إلى ما هم فيه، وربطهم به، فكان فكاكهم منه عسيرا شاقا.
ونجد هذا في الدعوة الإسلامية.. فقد كان المستجيبون لها، والسابقون إلى الإيمان باللّه، هم من كانوا في مرحلة الشباب، لم يخرجوا منها بعد إلى مرحلة الشيخوخة.. كأبى بكر، وعمر، وعثمان، وعلىّ، وطلحة، والزبير، وأبى عبيدة، فهؤلاء كانوا أسبق الناس إلى الإسلام، وقد خلفوا النبي، وعاشوا سنين بعده!- ومعنى قوله تعالى: {عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} أي يضطهدهم، ويعذهم، ويعرضهم بهذا العذاب لأن يفتنوا في دينهم.
وفى قوله تعالى: {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} إشارة إلى علوّ سلطانه، وأنه سلطان قائم على تراب هذه الأرض.. فهو سلطان- وإن علا- لن يبلغ أن يكون جبلا من جبال هذه الأرض، أو تلّا من تلالها: إنه بناء من تراب، على تراب!- وفى قوله سبحانه: {وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} إشارة أخرى إلى إسرافه على نفسه، ومجاوزة الحدّ بها في الظلم والجبروت.
{وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} بهذه الدعوة، وأمثالها، كان يثبّت موسى قومه، ويصبرهم على ما هم فيه من بلاء، وأن يجعلوا للّه أمرهم، ويسلموا له قيادهم، وألا يأبهوا لما يأخذهم به فرعون من أذى وضرّ.
وهنا سؤال: كيف يقول لهم موسى: {إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} ولم يقل إن كنتم مؤمنين، مع أن الإيمان درجة فوق درجة الإسلام.. فالإسلام باللسان، والإيمان بالقلب.. ولهذا ردّ اللّه إيمان الأعراب، الذين قالوا آمنا.. فقال تعالى: {قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [14: الحجرات].. فكيف هذا؟.. ثم إن النظم كان يقضى بأن يذكر الإيمان بدل الإسلام. إذ كان الشرط مبنيّا على الإيمان، كما يقول سبحانه على لسان موسى: {يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} فكان مقتضى النظم أن يكون الجواب: فعليه توكلوا إن كنتم مؤمنين.
كيف هذا أيضا؟
والجواب: أن القوم كانوا على درجات في الإيمان، فمنهم المسلم المؤمن، ومنهم المسلم، غير المؤمن.
وحين أراد موسى أن يأخذ اعترافهم في صلتهم باللّه، جعل هذا الاعتراف قائما على الإيمان: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ}.
حتى ينظر كل منهم إلى نفسه، ويتعرف إلى حقيقة إيمانه، لأن المطلوب منه هو أن يكون مؤمنا.
وهنا يدعوهم موسى جميعا إلى التوكل على اللّه، إن كانوا مسلمين، فمن كان منهم مسلما إسلاما خالصا، فهو مؤمن.. وإذن فهم مسلمون، قبل أن يكونوا مؤمنين، وبالإسلام الخالص، يكونون مؤمنين.
فقول موسى عليه السلام: {إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} دعوة منه إلى أن يبرأ إسلامهم للّه من النفاق والمداهنة.. فهو يريدهم مسلمين أوّلا، يقوم إسلامهم على اقتناع عقل، واطمئنان قلب، وإخلاص نية.. وهذا هو الإيمان.
{فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ}.
بهذا الجواب أجاب القوم موسى إلى ما طلبه منهم، من التوكل على اللّه.
{فَقالُوا: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا} فلا متوجه لنا إلى غير اللّه.
وفى قولهم: {رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} دعاء منهم إلى اللّه ألا يعرّضهم للبلاء والضرّ على يد الطغاة الظالمين، حتى لا يكون في ذلك ما يفتنهم عن دينهم، ويفتن الظالمين بهم أيضا، فيؤخذوا بجنايتهم على هؤلاء المظلومين.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [20: الفرقان].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال