سورة يونس / الآية رقم 91 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ العِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ

يونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}
يذكر تعالى كيفية إغراقه فرعون وجنوده؛ فإن بني إسرائيل لما خرجوا من مصر صحبة موسى، عليه السلام، وهم- فيما قيل- ستمائة ألف مقاتل سوى الذرية، وقد كانوا استعاروا من القبط حُلِيّا كثيرا، فخرجوا به معهم، فاشتد حَنَق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبهة عظيمة، وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم، ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته، فلحقوهم وقت شروق الشمس، {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61] وذلك أنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر، وأدركهم فرعون، ولم يبق إلا أن يتقاتل الجمعان، وألح أصحاب موسى، عليه السلام، عليه في السؤال كيف المخلص مما نحن فيه؟ فيقول: إني أمرت أن أسلك هاهنا، {كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62].
فعندما ضاق الأمر اتسع، فأمره الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63] أي: كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقًا، لكل سبط واحد. وأمر الله الريح فنَشَّفت أرضه، {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى} [طه: 77] وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك، ليرى كل قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا. وجازت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى، وهو في مائة ألف أدهم سوى بقية الألوان، فلما رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهم بالرجوع، وهيهات ولات حين مناص، نفذ القدر، واستجيبت الدعوة. وجاء جبريل، عليه السلام، على فرس- وديق حائل- فمر إلى جانب حصان فرعون فحمحم إليها وتقدم جبريل فاقتحم البحر ودخله، فاقْتحم الحصان وراءه، ولم يبق فرعون يملك من نفسه شيئا، فتجلد لأمرائه، وقال لهم: ليس بنو إسرائيل بأحق بالبحر منا، فاقتحموا كلهم عن آخرهم وميكائيل في ساقتهم، لا يترك أحدا منهم، إلا ألحقه بهم. فلما استوسقوا فيه وتكاملوا، وهم أولهم بالخروج منه، أمر اللهُ القدير البحرَ أن يرتطم عليهم، فارتطم عليهم، فلم ينج منهم أحد، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون، وغشيته سكرات الموت، فقال وهو كذلك: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فآمن حيث لا ينفعه الإيمان، {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 84، 85].
وهكذا قال الله تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} أي: أهذا الوقت تقول، وقد عصيت الله قبل هذا فيما بينك وبينه؟ {وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} أي: في الأرض الذين أضلوا الناس، {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ} [القصص: 41]
وهذا الذي حكى الله تعالى عن فرعون من قوله هذا في حاله ذاك من أسرار الغيب التي أعلم الله بها رسوله؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله:
حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهْران، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما قال فرعون: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} قال: قال لي جبريل: يا محمد لو رأيتني وقد أخذت حالا من حال البحر، فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة».
ورواه الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم، من حديث حماد بن سلمة، به وقال الترمذي: حديث حسن.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر، فأدسه في فم فرعون مخافة أن تدركه الرحمة». وقد رواه أبو عيسى الترمذي أيضا، وابن جرير أيضا، من غير وجه، عن شعبة، به وقال الترمذي: حسن غريب صحيح.
ووقع في رواية عند ابن جرير، عن محمد بن المثنى، عن غُنْدَر، عن شعبة، عن عطاء وعَدِيّ، عن سعيد، عن ابن عباس، رفعه أحدهما- وكأن الآخر لم يرفعه، فالله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمر بن عبد الله بن يَعْلَى الثقفي، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال: لما أغرق الله فرعون، أشار بأصبعه ورفع صوته: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} قال: فخاف جبريل أن تسبق رحمة الله فيه غضبه، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه.
وكذا رواه ابن جرير، عن سفيان بن وَكِيع، عن أبي خالد، به موقوفا.
وقد روي من حديث أبي هريرة أيضا، فقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا حَكَّام، عن عَنْبَسة- هو ابن سعيد- عن كثير بن زاذان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال لي جبريل: يا محمد، لو رأيتني وأنا أغطّه وأدس من الحال في فيه، مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له» يعني: فرعون.
كثير بن زاذان هذا قال ابن مَعِين: لا أعرفه، وقال أبو زُرْعَة وأبو حاتم: مجهول، وباقي رجاله ثقات.
وقد أرسل هذا الحديث جماعة من السلف: قتادة، وإبراهيم التيمي، وميمون بن مِهْران. ونقل عن الضحاك بن قيس: أنه خطب بهذا للناس، فالله أعلم.
وقوله: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} قال ابن عباس وغيره من السلف: إن بعض بني إسرائيل شكُّوا في موت فرعون، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده بلا روح، وعليه درعه المعروفة به على نجوة من الأرض وهو المكان المرتفع، ليتحققوا موته وهلاكه؛ ولهذا قال تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ} أي: نرفعك على نَشز من الأرض، {بِبَدَنِك} قال مجاهد: بجسدك.
وقال الحسن: بجسم لا روح فيه.
وقال عبد الله بن شداد: سويا صحيحا، أي: لم يتمزق ليتحققوه ويعرفوه.
وقال أبو صخر: بدرعك.
وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها، كما تقدم، والله أعلم.
وقوله: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} أي: لتكون لبني إسرائيل دليلا على موتك وهلاكك، وأن الله هو القادر الذي ناصية كل دابة بيده، وأنه لا يقوم لغضبه شيء؛ ولهذا قرأ بعض السلف: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلَقَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} أي: لا يتعظون بها، ولا يعتبرون. وقد كان إهلاك فرعون وملئه يوم عاشوراء، كما قال البخاري:
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غُنْدَر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينَة، واليهود تصوم يوم عاشوراء فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أنتم أحق بموسى منهم، فصوموه».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال