سورة البقرة / الآية رقم 150 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلِكُلٍّ وَجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بْالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)}
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام} عطف على {فَاسْتَبِقُوا} [البقرة: 148] و{حَيْثُ} ظرف لازم الإضافة إلى الجمل غالبًا، والعامل فيها ما هو في محل الجزاء لا الشرط فهي هنا متعلقة بولّ والفاء صلة للتنبيه على أن ما بعدها لازم لما قبلها لزوم الجزاء للشرط لأن حيث وإن لم تكن شرطية لكنها لدلالتها على العموم أشبهت كلمات الشرط ففيها رائحة الشرط، ولا يجوز تعلقها بخرجت لفظًا وإن كانت ظرفًا له معنى لئلا يلزم عدم الإضافة والمعنى من أي موضع خرجت فولّ وجهك من ذلك الموضع شطر الخ، ومن ابتدائية لأن الخروج أصل لفعل ممتد وهو المشي وكذا التولية أصل للاستقبال وقت الصلاة الذي هو ممتد، وقيل: إن حيث متعلقة بولّ والفاء ليست زائدة، وما بعدها يعمل فيما قبلها كما بين في محله إلا أنه لا وجه لاجتماع الفاء والواو فالوجه أن يكون التقدير افعل ما أمرت به من حيث خرجت فول فيكون {فَوَلّ} عطفًا على المقدر، ويجوز أن يجعل من حيث خرجت عنى أينما كنت وتوجهت فيكون فول جزاءًا له على أنها شرطية العامل فيها الشرط ولا يخفى ما فيه من التكلف والتخريج على قول ضعيف لم يذهب إليه إلا الفراء وهو شرطية حيث بدون ما حتى قالوا: إنه لم يسمع في كلام العرب، ثم الأمر بالتولية مقيد بالقيام إلى الصلاة للإجماع على عدم وجوب استقبال القبلة في غير ذلك.
{وَأَنَّهُ} أي الاستقبال أو الصرف أو التولية والتذكير باعتبار أنها أمر من الأمور أو لتذكير الخبر أو لعدم الاعتداد بتأنيث المصدر أو بذي التاء الذي لا معنى للمجرد عنه سواء كان مصدرًا أو غيره، وإرجاع الضمير للأمر السابق واحد الأوامر على قربه بعيد {لَلْحَقُّ مِن رَّبّكَ} أي الثابت الموافق للحكمة. {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} فيجازيكم بذلك أحسن الجزاء فهو وعيد للمؤمنين، وقرئ {يعملون} على صيغة الغيبة فهو وعيد للكافرين، والجملة عطف على ما قبلها وهما اعتراض للتأكيد.
؟؟؟
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} معطوف على مجموع قوله تعالى: {وَلِكُلّ وِجْهَةٌ} [البقرة: 148] إلخ أو على قوله تعالى: {قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} [البقرة: 144] إلخ عطف القصة على القصة وليس معطوفًا على قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ} [البقرة: 149] الداخل تحت فاء السببية الدالة على ترتبه على قوله تعالى: {وَلِكُلّ وِجْهَةٌ} [البقرة: 148] لأنه معلل بقوله تعالى: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} وهو وإن كان علة لولوا لا لمحذوف أي عرفناكم وجه الصواب في قبلتكم والحجة في ذلك كما قيل به: إلا أنه يفهم منه كونه علة لول لأن انقطاع الحجة بالتولية إذا حصل للأمة كان حصوله بها للرسول صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى، ولو جعل الخطاب عامًا للرسول صلى الله عليه وسلم والأمة ولم يلتزم تخصيصه بالأمة على حد خطابات الآية كان علة لهما وإنما كرر هذا الحكم لتعدد علله، والحصر المستفاد من {إِلاَّ لِنَعْلَمَ} إلخ إضافي أو ادعائي فإنه تعالى ذكر للتحويل ثلاث علل، أولًا: تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بابتغاء مرضاته، وجري العادة الإلهية على أن يؤتي كل أهل ملة وجهة ثانيًا: ودفع حجج المخالفين ثالثًا: فإن التولية إلى الكعبة تدفع احتجاج اليهود بأن المنعوت في التوراة قبلته الكعبة لا الصخرة وهذا النبي يصلي إلى الصخرة فلا يكون النبي الموعود، وبأنه صلى الله عليه وسلم يدعي أنه صاحب شريعة ويتبع قبلتنا وبينهما تدافع لأن عادته سبحانه وتعالى جارية بتخصيص كل صاحب شريعة بقبلة، وتدفع احتجاج المشركين بأنه عليه الصلاة والسلام يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته وترك سبحانه التعميم بعد التخصيص في المرتبة الثالثة اكتفاءً بالعموم المستفاد من العلة، وزاد {مّنْ حَيْثُ خَرَجْتَ} دفعًا لتوهم مخالفة حال السفر لحال الحضر بأن يكون حال السفر باقيًا على ما كان كما في الصلاة حيث زيد في الحضر ركعتان أو يكون مخيرًا بين التوجهين كما في الصوم.
وقد يقال فائدة هذا التكرار الاعتناء بشأن الحكم لأنه من مظان الطعن وكثرة المخالفين فيه لعدم الفرق بين النسخ والبداء، وقيل: لا تكرار فإن الأحوال ثلاثة، كونه في المسجد كونه في البلد خارج المسجد وكونه خارج البلد، فالأول: محمول على الأول، والثاني: على الثاني، والثالث: على الثالث، ولا يخفى أنه مجرد تشه لا يقوم عليه دليل.
{إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} إخراج من الناس، وهو بدل على المختار، والمعنى عند القائلين بأن الاستثناء من النفي إثبات: لئلا يكون لأحد من الناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا بالعناد فإن لهم عليكم حجة فإن اليهود منهم يقولون ما تحول إلى الكعبة إلا ميلًا لدين قومه وحبًا لبلده، والمشركين منهم يقولون بدا له فرجع إلى قبلة آبائه، ويوشك أن يرجع إلى دينهم، وتسمية هذه الشبهة الباطلة حجة مع أنها عبارة عن البرهان المثبت للمقصود لكونها شبيهة بها باعتبار أنهم يسوقونها مساقها، واعترض بأن صدر الكلام لو تناول هذا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وإلا لم يصح الاستثناء لأن الحجة مختصة بالحقيقة، ولا محيص سوى أن يراد بالحجة المتمسك حقًا كان أو باطلًا، وأجيب بأنه لم يستثن شبهتهم عن الحجة بل ذواتهم عن الناس إلا أنه لزم تسمية شبهتهم حجة باعتبار مفهوم المخالفة فلا حاجة إلى تناول الصدر إياها، وأنت تعلم أن مراد المعترض إن الاستثناء وإن كان من الناس إلا أنه يثبت به ما نفي عن المستثني منه للمستثني بناءً على أن الاستثناء من النفي إثبات فإن كان الصدر مشتملًا على ما أثبت للمستثني لزم الجمع وإلا لم يتحقق الاستثناء قتضاه إذ الثابت للمستثنى منه شيء وللمستثنى شيء آخر، ولا محيص للتفصي عن ذلك إلا أن يراد بالحجة المتمسك أو ما يطلق عليه الحجة في الجملة فيتحقق حينئذٍ الاستثناء قتضاه لأن الشبهة حجة بهذا المعنى كالبرهان، ولا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز، ولك أن تحمل الحجة على الاحتجاج والمنازعة كما في قوله تعالى: {لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} [الشورى: 15] فأمر الاستثناء حينئذٍ واضح إلا أن صوغ الكلام بعيد عن الاستعمال عند إرادة هذا المعنى، وقيل: الاستثناء منقطع، وهو من تأكيد الشيء بضده وإثباته بنفيه، والمعنى إن يكن لهم حجة فهي الظلم والظلم لا يمكن أن يكون حجة فحجتهم غير ممكنة أصلًا فهو إثبات بطريق البرهان على حد قوله:
ولا عيب فيهم غير أن نزيلهم *** يلام بنسيان الأحبة والوطن
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما {ألا} بالفتح والتخفيف وهي حرف يستفتح به الكلام لينبه السامع إلى الإصغاء، و{الذين} مبتدأ خبره قوله تعالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ} والفاء زائدة فيه للتأكيد، وقيل: لتضمن المبتدأ معنى الشرط، وجوز أن يكون الموصول نصبًا على شريطة التفسير، والمشهور أن الخشية مرادفة للخوف أي فلا تخافوا الظالمين لأنهم لا يقدرون على نفع ولا ضر، وجوز عود الضمير إلى الناس وفيه بعد. {واخشونى} أي وخافوني فلا تخالفوا أمري فإن القادر على كل شيء، واستدل بعض أهل السنة بالآية على حرمة التقية التي يقول بها الإمامية، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك في محله.
{وَلاِتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} الظاهر من حيث اللفظ أنه عطف على قوله تعالى: {لِئَلاَّ يَكُونَ} كأنه قيل: فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة ولأتم إلخ فهو علة لمذكور أي أمرتكم بذلك لأجمع لكم خير الدارين، أما دنيا فلظهور سلطانكم على المخالفين، وأما عقبى فلاثابتكم الثواب الأوفى ولا يرد الفصل بالاستثناء وما بعده لأنه كلا فصل إذ هو من متعلق العلة الأولى، نعم اعترض ببعد المناسبة وبأن إرادة الاهتداء المشعر بها الترجي إنما تصلح علة للأمر بالتولية لا لفعل المأمور به كما هو الظاهر في المعطوف عليه فالظاهر معنى جعله علة لمحذوف أي وأمرتكم بالتولية والخشية لإتمام نعمتي عليكم وإرادتي اهتداءكم والجملة المعللة معطوفة على الجملة المعللة السابقة، أو عطف على علة مقدرة مثل {واخشونى} لأحفظكم ولأتم الخ، ورجح بعضهم هذا الوجه بما أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي من حديث معاذ بن جبل: «تمام النعمة دخول الجنة» ولا يخفى أنه على الوجه الأول قد يؤول الكلام إلى معنى فاعبدوا، وصلوا متجهين شطر المسجد الحرام لأدخلكم الجنة والحديث لا يأبى هذا بل يطابقه حذو القذة بالقذة فكونه مرجحًا لذلك عزل عن التحقيق فإن قيل: إنه تعالى أنزل عند قرب وفاته صلى الله عليه وسلم: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} [المائدة: 3] فبين أن تمام النعمة إنما حصل ذلك اليوم فكيف قال قبل ذلك بسنين في هذه الآية: {وَلاِتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ}؟ أجيب بأن تمام النعمة في كل وقت بما يليق به فتدبر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال