سورة هود / الآية رقم 114 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوَهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ

هودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهود




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (114)}
فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ} لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة، وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان، واليها يفزع في النوائب، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وقال شيوخ الصوفية: إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا، قال ابن العربي: وهذا ضعيف، فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجبا لا نفلا، فإن الأوراد معلومة، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة، وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم، وليس ذلك في قوة بشر.
الثانية: قوله تعالى: {طَرَفَيِ النَّهارِ} قال مجاهد: الطرف الأول، صلاة الصبح، والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر، واختاره ابن عطية.
وقيل: الطرفان الصبح والمغرب، قال ابن عباس والحسن. وعن الحسن أيضا: الطرف الثاني العصر وحده، وقال قتادة والضحاك.
وقيل: الطرفان الظهر والعصر. والزلف المغرب والعشاء والصبح، كأن هذا القائل راعى جهر القراءة. وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق. قلت: وهذا الاتفاق ينقصه القول الذي قبله. ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب، وأنه ظاهر، قال ابن عطية: ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل. قال ابن العربي: والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب، وهما طرفا الليل! فقلب القوس ركوة، وحاد عن البرجاس غلوة، قال الطبري: والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح، فدل على أن الطرف الآخر المغرب، ولم يجمع معه على ذلك أحد.
قلت: هذا تحامل من ابن العربي في الرد، وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد، وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح، وقد وقع الاتفاق- إلا من شذ بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمدا أن يومه ذلك يوم فطر، وعليه القضاء والكفارة، وما ذلك إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار، فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح، وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم. والله أعلم.
الثالثة: قوله تعالى: {وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} أي في زلف من الليل، والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض، ومنه سميت المزدلفة، لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة. وقرأ ابن القعقاع وابن أبي إسحاق وغيرهما {وزلفا} بضم اللام جمع زليف، لأنه قد نطق بزليف، ويجوز أن يكون واحده {زلفة} لغة، كبسرة وبسر، في لغة من ضم السين. وقرأ ابن محيصن {وزلفا} من الليل بإسكان اللام، والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر. وقرأ مجاهد وابن محيصن أيضا {زلفى} مثل قربى. وقرأ الباقون {وَزُلَفاً} بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي: الزلف الساعات، واحدها زلفة.
وقال قوم: الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس، فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة، قاله ابن عباس.
وقال الحسن: المغرب والعشاء.
وقيل: المغرب والعشاء والصبح، وقد تقدم.
وقال الأخفش: يعني صلاة الليل ولم يعين.
الرابعة: قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات هاهنا هي الصلوات الخمس وقال مجاهد: الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، قال ابن عطية: وهذا على جهة المثال في الحسنات، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ما اجتنبت الكبائر». قلت: سبب النزول يعضد قول الجمهور، نزلت في رجل من الأنصار، قيل: هو أبو اليسر بن عمرو.
وقيل: اسمه عباد، خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج. روى الترمذي عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:: إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت. فقال له عمر: لقد سترك الله! لو سترت على نفسك، فلم يرد عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا فدعاه، فتلا عليه: {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ} إلى آخر الآية، فقال رجل من القوم: هذا له خاصة؟ قال: «لا بل للناس كافة». قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وخرج أيضا عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن كفارتها فنزلت: {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} فقال الرجل: ألي هذه يا رسول الله؟ فقال: «لك ولمن عمل بها من أمتي». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وروي عن أبي اليسر قال: أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت: إن في البيت تمرا أطيب من هذا، فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت ذلك له فقال: «أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا»؟ حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة، حتى ظن أنه من أهل النار. قال: وأطرق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أوحى الله إليه {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ}. قال أبو اليسر: فأتيته فقرأها علي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أصحابه: يا رسول الله! ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: «بل للناس عامة». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وقيس بن الربيع ضعفه وكيع وغيره، وقد روى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعرض عنه، وأقيمت صلاة العصر فلما فرغ منها نزل جبريل عليه السلام عليه بالآية فدعاه فقال له: «أشهدت معناالصلاة»؟ قال نعم، قال: «اذهب فإنها كفارة لما فعلت». وروي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما تلا عليه هذه الآية قال له: «قم فصل أربع ركعات». والله أعلم. وخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث ابن عباس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم، {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ}».
الخامسة: دلت الآية مع هذه الأحاديث على أن القبلة الحرام واللمس الحرام لا يجب فيهما الحد، وقد يستدل به على أن لا حد ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد، وهو اختيار ابن المنذر، لأنه لما ذكر اختلاف العلماء في هذه المسألة ذكر هذا الحديث مشيرا إلى أنه لا يجب عليهما شي، وسيأتي ما للعلماء في هذا في النور إن شاء الله تعالى.
السادسة: ذكر الله سبحانه في كتابه الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأسمائها فقال: {أَقِمِ الصَّلاةَ} الآية. وقال: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] الآية. وقال: {فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18- 17]. وقال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها} [طه: 130]. وقال: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]. وقال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ} [البقرة: 238]. وقال: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] على ما تقدم. وقال: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها} [الإسراء: 110] أي بقراءتك، وهذا كله مجمل أجمله في كتابه، وأحال على نبيه في بيانه، فقال جل ذكره: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فبين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مواقيت الصلاة، وعدد الركعات والسجدات، وصفه جميع الصلوات فرضها وسننها، وما لا تصح الصلاة إلا به من الفرائض وما يستحب فيها من السنن والفضائل، فقال في صحيح البخاري: «صلوا كما رأيتموني أصلي». ونقل ذلك عنه الكافة عن الكافة، على ما هو معلوم، ولم يمت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إليه، فكمل الدين، وأوضح السبيل، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3]. قوله تعالى: {ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ} أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر، وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى. والذكرى مصدر جاء بألف التأنيث.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال