سورة البقرة / الآية رقم 158 / تفسير روائع البيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلاَ تَقُولُوا لِمْن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلاَّ الَذيِنَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التُّوَّابُ الـرَّحِيم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)}
[4] السعي بين الصفا والمروة:
التحليل اللفظي:
{الصفا والمروة}: الصفا في أصل اللغة: الحجرُ الأملس، واشتقاقه من صفا إذا خلص، ومنه الصفوان وهو الحجر الأملس الصلب قال تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} [البقرة: 264]، والصفا جمعٌ مفردة (صفاة) قال جرير:
إنّا إذا قرع العدو صفاتنا *** لأقوالنا حجراً أصمّ صلودا
قال المبرّد: الصفا كل حجر لا يخالطه غيره من تراب أو طين.
وأما المروة: فقال الخليل: هي من الحجارة ما كان أبيض أملس صلباً شديد الصلابة، وجمعها (مرو) مثل تمرة وتمرٌ قال أبو ذؤيب:
حتى كأني للحوادث مَرْوةٌ *** بصفا المشاعر كلّ يوم يُقرع
قال الألوسي: وقد صار في العُرف علمين لموضعين (جبلين) معروفين بمكة.
{شَعَآئِرِ الله}: جمع شعيرة وهي في اللغة العلامة، ومنه الشعار للعلامة، وأشعر الهدي أي جعل له علامة ليعرف أنه هديٌ قال الشاعر:
نقتّلهمْ جيلاً فجيلاً تراهُمُ *** شعائر قُربانَ بهمُ يتقرب
والمراد أن هذين الموضعين من علامات دين الله، ومن معالمه ومواضع عباداته.
والشعائر تطلق على كل معالم الدين التي تعبدنا الله تعالى بها كالطواف، والسعي والأذان الخ.
{حَجَّ}: الحجّ في اللغة: القصدُ وإكثار التردّد إلى الشيء، قال الشاعر:
ألم تعلمي يا أمّ عمرةَ أنني *** تخاطأني ريبُ الزمان لأكبرا
وأشهد من عوفٍ حلولاً كثيرة *** يحجّون بيتَ الزّبرقان المزغفرا
يعني يكثرون التردد إليه لسؤدده ورياسته.
وفي الشرع: هو قصد البيت العتيق لأداء المناسك من الطواف، والسعي، والوقوف بعرفة وسائر الأعمال.
{اعتمر}: العمرة في اللغة: الزيارة، والمعتمر: الزائر لأنه يعمر المكان بزيارته له قال الشاعر:
لقد سَمَا ابنُ مَعْمرٍ حين اعتمر ***
وفي الشرع: زيارة البيت لأداء نُسك معين من الطواف، والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير. وليس في العمرة وقوف بعرفة، ولا مبيت بمزدلفة، ولا رمي جمار إلى آخر ما هو معروف في الفقه.
{جُنَاحَ}: الجناح بالضم: الميلُ إلى الإثم، وقيل: هو الإثم نفسه، سمي جناحاً لأنه ميل إلى الباطل.
قال في (لسان العرب): جنح: مال. وجنحت الناقة: إذا مالت على أحد شقيها، وجنحت السفينة إذا انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض فلم تمض.
قال ابن الأثير: وقد تكرر الجناح في الحديث فأين ورد فمعناه الإثم والميل.
والمعنى: لا إثم عليكم ولا حرج ولا تضييق في السعي بين الصفا والمروة.
{يَطَّوَّفَ}: أي يتطوّف أدغمت التاء في الطاء، مثل (المزمّل) و(المدّثر) أصله المتزمل والمتدثر، وطاف وأطاف بمعنى واحد.
المعنى الإجمالي:
يقول الله جل ثناؤه ما معناه: إن الصفا والمروة- أيها المؤمنون- من علامات دين الله، التي جعلها الله لعباده معلماً ومشعراً، يعبدونه عندها بالدعاء، والذكر، وسائر أنواع القربات.
والسعيُ بين هذين الجبلين شعيرة من شعائر الدين، ومنسك من مناسك الحج لا يصح التفريط فيه، لأنه تشريع الحكيم العليم، الذي أمر به خليله إبراهيم عليه السلام، حين سأل ربه أن يريه مناسك الحج {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التواب الرحيم} [البقرة: 128].
فمن قصد منكم- أيها المؤمنون- بيت الله العتيق للحج، أو قصده للزيارة، فلا يتحرجنّ من الطواف بينهما، إذ لا إثم عليه ولا حرج لأنه إنما يسعى لله، امتثالاً لأمره، وطلباً لرضاه، والمشركون يطوفون للأصنام، وأنتم تطوفون لله ربّ العالمين. فلا تتركوا الطواف بينهما خشية التشبه بالمشركين، فهم يطوفون بهما كفراً، وأنتم تطوفون بهما إيماناً وتصديقاً لرسولي، وطاعة لأمري، فلا إثم ولا جناح عليكم في الطواف بهما، ومن تطوع بالحج والعمرة بعد قضاء حجته الواجبة عليه، فإن الله شاكر له طاعته، ومجازيه عليها خير الجزاء يوم الدين.
سبب النزول:
أ- عن عائشة رضي الله عنها أن عُروة بن الزبير قال لها: أرأيتِ قول الله تعالى: {إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله فَمَنْ حَجَّ البيت أَوِ اعتمر فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فما أرى على أحدٍ جُناحاً ألاّ يطّوف بهما، فقالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي، إنها لو كانت على ما أوّلتها كانت {فلا جناح عليه أن لا يطّوف بهما} ولكنها إنما نزلت أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلّون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها، وكان من أهلّ لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله: إنّا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله: {إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله...} قالت عائشة ثمّ قد سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما فليس لأحدٍ أن يدع الطواف بهما.
ب- وأخرج البخاري والترمذي عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن الصفا والمروة فقال: كنّا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله: {إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله..}.
وجوه القراءات:
قرأ الجمهور: {ومن تَطوّعَ} بالتاء وفتح العين على أنه ماضٍ من التطوع، وقرأ حمزة والكسائي: {ومن يَطوّعْ} بالياء مجزوم على أنه فعل مضارع إلا أنّ التاء أدغمت في الطاء لتقاربهما.
وجوه الإعراب:
1- قوله تعالى: {إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله}.
قال العكبري: في الكام حذف مضاف تقديره: إن سعي الصفا، وألف الصفا مبدلة عن (واو) لقولهم في تثنيته صفوان و{من شعائر الله} خبر إنّ.
2- قوله تعالى: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ} مَنْ: اسم موصول بمعنى الذي مبتدأ، وجملة: {فَإِنَّ الله شَاكِرٌ} خبر المبتدأ، وأجاز بعضهم أن تكون (من) شرطية والله أعلم.
لطائف التفسير:
اللطيفة الأولى: قال الإمام الفخر: اعلم أن تعلّق هذه الآية بما قبلها، هو أن الله تعالى بيّن أنه إنما حول القبلة إلى الكعبة، ليتم إنعامه على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، بإحياء شرائع إبراهيم ودينه، وكان السعي بين الصفا والمروة من شعائر إبراهيم كما في قصة بناء الكعبة، وسعي هاجر بين الجبلين، فلما كان الأمر كذلك ذكر الله تعالى هذا الحكم عقيب تلك الآية.
اللطيفة الثانية: السعيُ بين الصفا والمروة إمّا فرض أو واجب، أو مسنون، فكيف نفى الله تعالى الجناح (الإثم) عمن سعى بينهما؟
والجواب: إنه كان على الصفا صنم يقال له: (إساف) وعلى المروة صنم يقال له: (نائلة) كما قال ابن عباس وكان المشركون إذا طافوا تمسّحوا بهما، فخشي المسلمون أن يتشبهوا بأهل الجاهلية، وتحرجوا من الطواف لهذا السبب، فنزلت الآية تدفع الحرج عنهم، لأنهم إنما يسعون لله لا للأصنام.
اللطيفة الثالثة: الشكر معناه مقابلة النعمة والإحسان، بالثناء والعرفان، وهذا المعنى محال على الله، إذ ليس لأحد عنده يد ونعمة حتى يشكره عليها، فقوله تعالى: {فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ} محمول على الثواب والجزاء أي أنه تعالى يثيبه ولا يضيع أجر العاملين.
قال العلامة أبو السعود: المعنى أنه تعالى مجازٍ له على الطاعة، عبّر عن ذلك بالشكر مبالغة في الإحسان على العباد فبهذا المعنى سميت مقابلة العامل بالجزاء الذي يستحقه شكراً، وسمى الله تعالى نفسه شاكراً، على سبيل المجاز.
الأحكام الشرعية:
الحكم الأول: هل السعي بين الصفا والمروة فرض أو تطوع؟
اختلف الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة على ثلاثة أقوال:
1- القول الأول: أنه ركن من أركان الحج، من تركه يبطل حجه وهو مذهب (الشافعية والمالكية) وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو مروي عن ابن عمر، وجابر، وعائشة من الصحابة.
2- القول الثاني: أنه واجب وليس بركن، وإذا تركه وجب عليه دم، وهو مذهب (أبي حنيفة والثوري).
3- القول الثالث: أنه تطوع (سنّة) لا يجب بتركه شيء، وهو مذهب ابن عباس، وأنس، ورواية عن الإمام أحمد.
دليل المذهب الأول:
استدل القائلين بأن السعي ركن وهم (الجمهور) بما يلي:
أ- قوله عليه الصلاة والسلام: «اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي».
ب- ما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام سعي في حجة الوداع، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصفا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله} فبدأ بالصفا وقال: «أبدؤوا بما بدأ الله به» ثم أتمّ السعي سبعة أشواط وأمر الصحابة أن يقتدروا به فقال: «خذوا عني مناسككم» والأمر للوجوب فدل على أنه ركن.
ج- حديث عائشة: (لعمري ما أتمّ الله حجّ من لم يطف بين الصفا والمروة).
د- وقالوا: إنه أشواط شرعت في بقعة من بقاع الحرم، وهو نسك في الحج والعمرة، فكان ركناً فيهما كالطواف بالبيت.
دليل المذهب الثاني:
واستدلّ (أبو حنيفة والثوري) على أنه واجب وليس بركن بما يلي:
أ- إن الآية الكريمة رفعت الإثم عمّن تطّوف بهما {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ورفعُ الجناح يدل على الإباحة لا على أنه ركن، ولكنّ فعل النبي صلى الله عليه وسلم جعله واجباً فصار كالوقوف بالمزدلفة، ورمي الجمار، وطواف الصدر، يجزئ عنه دم إذا تركه.
ب- واستدل بما روى الشعبي عن (عروة بن مضرس الطائي) قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة فقلت يا رسول الله: جئت من جبل طي، ما تركتُ جبلاً إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من صلى معنا هذه الصلاة، ووقف معنا هذا الموقف، وقد أدرك عرفة قبل ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه، وقضى تفثه».
ووجه الاستدلال في الحديث من وجهين:
أحدهما: إخباره بتمام الحج وليس فيه السعي بين الصفا والمروة.
والثاني: أنه لو كان من فروضه وأركانه لبيّنه للسائل لعلمه بجهله بالحكم.
دليل المذهب الثالث:
واستدل من قال بأنه تطوع وليس بركنٍ ولا واجب بما يلي:
أ- قوله تعالى: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ} فبيّن أنه تطوع وليس بواجب، فمن تركه لا شيء عليه عملاً بظاهر الآية.
ب- حديث (الحج عرفة) قالوا: فهذا الحديث يدل على أنّ من أدرك عرفة فقد تمّ حجه، وهذا يقتضي التمام من جميع الوجوه، العمل ترك به في بعض الأشياء، فبقي العمل معمولاً به في السعي.
قال ابن الجوزي: واختلفت الرواية عن إمامنا أحمد في السعي بين الصفا والمروة، فنقل الأثرم أنّ من ترك السعي لم يجزه حجه، ونقل أبو طالب: لا شيء في تركه عمداً أو سهواً، ولا ينبغي أن يتركه، ونقل الميموني أنه تطوع.
الترجيح: ورجّح صاحب (المغني) المذهب الثاني وقال: هو أولى لأن دليل من أوجبه دلّ على مطلق الوجوب، لا على كونه لا يتم الواجب إلا به، وقول عائشة مُعَارَضٌ بقول من خالفها من الصحابة.
أقول: الصحيح قول الجمهور لأن النبي عليه الصلاة والسلام سعى بين الصفا والمروة وقال: «خذوا عني مناسككم» والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم واجب ودعوى من قال: إنه تطوع أخذاً بالآية غير ظاهر لأن معناها كما قال الطبري: أن يتطوع بالحج والعمرة مرة أخرى والله أعلم.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة:
1- الصفا والمروة من شعائر دين الله وأعلام طاعته التي تعبدنا الله بها.
2- السعي بين الصفا والمروة إحياء لحادثة تاريخية وقعت لأم إسماعيل عليها السلام.
3- تمسّحُ المشركين بالأصنام في الجاهلية عند السعي لا يمنع المؤمنين من السعي بينهما.
4- السعي واجب على من حج بيت الله العتيق أو زاره للعمرة.
5- التطوع بالحج والعمرة في غير الفريضة من مظاهر كمال الإيمان.
6- الله شاكر لعباده يثيب الطائع على طاعته ويجزيه عليها خير الجزاء.
خاتمة البحث:
حكمة التشريع:
أمر جل ثناؤه المؤمنين بالسعي بين الصفا والمروة، عند الحج أو العمرة، وجعل السعي من شعائر دين الله، ومن معالم طاعته، وذلك إحياء لحادثة تاريخية من أروع الذكريات في تاريخ الإنسانية، تلك هي حادثة إسماعيل عليه السلام مع أمه (هاجر) المؤمنة الصابرة، بعد أن تركهما الخليل إبراهيم عليه السلام في مكان قفر ليس فيه أنيس، ولا سمير، ولا ساكن.. تركهما امتثالاً لأمر الله سبحانه في هذه الصحراء الشاسعة الواسعة، التي لا يسكنها أحد، لأن الله عز وجل يريد أن يعمرها بالسكان، ويجعل هذه البقعة المباركة مكاناً لبناء بيته العتيق، ومهوى لأفئدة الملايين من البشر.
وكان إسماعيل طفلاً رضيعاً، فلما أراد إبراهيم عليه السلام الرجوع، تبعته (أم إسماعيل) فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا المكان الفقير، الذي لا أنيس فيه ولا سمير!؟ فجعل لا يلتفت إليها مخافة أن تصرفه عن تنفيذ أمر الله، ثم قالت يا إبراهيم: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيّعنا الله.
ثم رجعت وانطلق إبراهيم عليه السلام، حتى إذا كان عند الثنيّة بحيث يراهم ولا يرونه، استقبل بوجهه جهة البيت ثم دعا بهذه الدعوات المباركات، التي ذكرها القرآن الكريم {رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37].
ثم انطلق يقطع الصحارى والقفار، حتى عاد إلى وطنه الأول في أرض فلسطين، بعد أن ترك زوجه وولده في رعاية الله وحفظه.
بقيت (أم إسماعيل) وحيدة مع طفلها ترضعه، وتشرب من ذلك السقاء الذي معها، وتأكل من الثمر الذي تركه لها إبراهيم عليه السلام، حتى إذا نفذ ما في السقاء، ولم يبق عندها ماء، عطشت عطشاً شديداً، وعطش ولدها (إسماعيل) فجعلت تنظر إليه يتلوّى من شدة العطش، يكاد يهلكه الظمأ، فانطلقت تفتش له عن ماء، فوجدت الصفا أقرب جبل يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً؟ ولكنها لم تر أحداً، فهبطت من الصفا ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى وصلت إلى المروة فلم تر أحداً، فأخذت تهرول وتسعى بين (الصفا والمروة) سبع مرات.
قال ابن عباس: (فذلك سعي الناس بينهما) حتى إذا أشرفت على الهلاك، وتلاشت قواها سمعت صوتاً من بعيد، فقالت: قد أسمعتَ فأغثْ إن كان عندك غواث، ثمّ نظرت فإذا هي برجلٍ جميل الطلعة عند مكان زمزم، فهرولت نحوه تظنه بشراً، فإذا هو ملك من ملائكة الله، فضرب بجناحه الأرض فإذا بالماء يفور كأنه نبع دافق، وكانت (زمزم) التي هي آية من آيات الله، ثم قال لها الملك: لا تخافي الضياع فإن لله هاهنا بيتاً سوف يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإنّ الله لن يضيّع أهله.
هذه خلاصة تلك الحادثة التاريخية، والذكرى الخالدة، التي أراد الله أن يعمر بها بيته العتيق، ويجعل منها مناسك للحج وشعائر لدينه الإسلامي المجيد.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال