سورة يوسف / الآية رقم 76 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا العِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِـينَ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وَعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وَعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ قَالُوا يَا أَيُّهَا العَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}
اعلم أن إخوة يوسف لما أقروا بأن من وجد المسروق في رحله فجزاؤه أن يسترق قال لهم المؤذن: إنه لابد من تفتيش أمتعتكم، فانصرف بهم إلى يوسف {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ} لإزالة التهمة والأوعية جمع الوعاء وهو كل ما إذا وضع فيه شيء أحاط به استخرجها من وعاء أخيه، وقرأ الحسن {وِعَاء أَخِيهِ} بضم الواو وهي لغة، وقرأ سعيد بن جبير {مِنْ أَخِيهِ} فقلب الواو همزة.
فإن قيل: لم ذكر ضمير الصواع مرات ثم أنثه؟
قلنا: قالوا رجع ضمير المؤنث إلى السقاية وضمير المذكر إلى الصواع أو يقال: الصواع يؤنث ويذكر، فكان كل واحد منهما جائزاً أو يقال: لعل يوسف كان يسميه سقاية وعبيده صواعاً فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية وفيما يتصل بهم صواعاً، عن قتادة أنه قال: كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تائباً مما قذفهم به، حتى إنه لما لم يبق إلا أخوه قال ما أرى هذا قد أخذ شيئاً، فقالوا: لا نذهب حتى تتفحص عن حاله أيضاً، فلما نظروا في متاعه استخرجوا الصواع من وعائه والقوم كانوا قد حكموا بأن من سرق يسترق، فأخذوا برقبته وجروا به إلى دار يوسف.
ثم قال تعالى: {كذلك كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الملك} وفيه بحثان: الأول: المعنى ومثل ذلك الكيد كدنا ليوسف، وذلك إشارة إلى الحكم باسترقاق السارق، أي مثل هذا الحكم الذي ذكره إخوة يوسف حكمنا ليوسف.
الثاني: لفظ الكيد مشعر بالحيلة والخديعة، وذلك في حق الله تعالى محال إلا أنا ذكرنا قانوناً معتبراً في هذا الباب، وهو أن أمثال هذه الألفاظ تحمل على نهايات الأغراض لا على بدايات الأغراض، وقررنا هذا الأصل في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْىِ} [البقرة: 26] فالكيد السعي في الحيلة والخديعة، ونهايته إلقاء الإنسان من حيث لا يشعر في أمر مكروه ولا سبيل له إلى دفعه، فالكيد في حق الله تعالى محمول على هذا المعنى. ثم اختلفوا في المراد بالكيد هاهنا فقال بعضهم: المراد أن إخوة يوسف سعوا في إبطال أمر يوسف، والله تعالى نصره وقواه وأعلى أمره.
وقال آخرون: المراد من هذا الكيد هو أنه تعالى ألقى في قلوب إخوته أن حكموا بأن جزاء السارق هو أن يسترق، لا جرم لما ظهر الصواع في رحله حكموا عليه بالاسترقاق، وصار ذلك سبباً لتمكن يوسف عليه السلام من إمساك أخيه عند نفسه.
ثم قال تعالى: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الملك} والمعنى: أنه كان حكم الملك في السارق أن يضرب ويغرم ضعفي ما سرق، فما كان يوسف قادراً على حبس أخيه عند نفسه بناء على دين الملك وحكمه، إلا أنه تعالى كاد له ما جرى على لسان إخوته أن جزاء السارق هو الاسترقاق فقد بينا أن هذا الكلام توسل به إلى أخذ أخيه وحبسه عند نفسه وهو معنى قوله: {إِلاَّ أَن يَشَاء الله} ثم قال: {نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرأ حمزة وعاصم والكسائي {درجات} بالتنوين غير مضاف، والباقون بالإضافة.
المسألة الثانية: المراد من قوله: {نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء} هو أنه تعالى يريه وجوه الصواب في بلوغ المراد، ويخصه بأنواع العلوم، وأقسام الفضائل، والمراد هاهنا هو أنه تعالى رفع درجات يوسف على إخوته في كل شيء.
واعلم أن هذه الآية تدل على أن العلم أشرف المقامات وأعلى الدرجات، لأنه تعالى لما هدى يوسف إلى هذه الحيلة والفكرة مدحه لأجل ذلك فقال: {نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء} وأيضاً وصف إبراهيم عليه السلام بقوله: {نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء} [الأنعام: 83] عند إيراده ذكر دلائل التوحيد والبراءة عن إلهية الشمس والقمر والكواكب ووصف هاهنا يوسف أيضاً بقوله: {نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء} لما هداه إلى هذه الحيلة وكم بين المرتبتين من التفاوت.
ثم قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ} والمعنى أن إخوة يوسف عليه السلام كانوا علماء فضلاء، إلا أن يوسف كان زائداً عليهم في العلم.
واعلم أن المعتزلة احتجوا بهذه الآية على أنه تعالى عالم بذاته لا بالعلم فقالوا: لو كان عالماً بالعلم لكان ذا علم ولو كان كذلك، لحصل فوقه عليم تمسكاً بعموم هذه الآية وهذا باطل.
واعلم أن أصحابنا قالوا دلت سائر الآيات على إثبات العلم لله تعالى وهي قوله: {إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة} [لقمان: 34] {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] {ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْء مّنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255] {مَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} [فاطر: 11] وإذا وقع التعارض فنحن نحمل الآية التي تمسك الخصم بها على واقعة يوسف وإخوته خاصة غاية ما في الباب أنه يوجب تخصيص العموم، إلا أنه لابد من المصير إليه لأن العالم مشتق من العلم، والمشتق مركب والمشتق منه مفرد، وحصول المركب بدون حصول المفرد محال في بديهة العقل فكان الترجيح من جانبنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال