سورة يوسف / الآية رقم 84 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذاً لَّظَالِمُونَ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِياً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ وَاسْأَلِ القَرْيَةَ الَتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (85) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (86) يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (87)}.
التفسير:
{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}.
لقد انصرف يعقوب عن الحديث مع أبنائه في شأن أخيهم الذي قالوا عنه إنه سرق، وإنه في يد العزيز بمصر.. وأسلم نفسه إلى ما يعتمل في كيانه من حسرة وأسى على مصيبته في يوسف.. إنه قد عرف- على سبيل الظنّ أو اليقين- أن أخا يوسف في مصر، أما يوسف، فإنه لا يعلم المصير الذي صار إليه.. أحىّ هو أو ميت؟ وإذا كان حيّا فكيف يحيا؟ وأىّ بلاد اللّه احتوته؟
ذلك هو الذي يزعجه، ويؤرقه! فلو أن يوسف قد مات لكان لحزنه عليه نهاية.. ولكنه يعلم يقينا أن القصّة التي جاء بها إليه أبناؤه في شأنه، كانت مكذوبة ملفقة، وأن ذئبا لم يأكله.. فهو حىّ ميت.. يطلع عليه في كل لحظة بهذه الصورة العجيبة، فتهيج لذلك أحزانه، ويشتد كربه، وتسرح به الظنون في كل أفق، باحثا عن يوسف.. ثم يعود آخر المطاف ولا شيء معه، إلّا هذه الزّفرات التي تنطلق من صدره، فترسم على لسانه هذا النغم الحزين: {يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ}!! وهكذا تهجم لوعات الأسى والحسرة على هذا الشيخ الكبير، حتى لقد ابيضّت عيناه من الحزن الدفين، الذي أبى على عينيه أن تبللهما قطرات الدموع، وأن تطفئ النار المشتعلة فيهما، حتى أتت على فحمة سوادهما، وأحالته رمادا! {فهو كظيم} أي يكظم حزنه، ويحبسه في صدره.. وذلك هو الحزن أفدح الحزن، وأشدّه قسوة.. يقول الشاعر البارودى:
فزعت إلى الدموع فلم تجبنى *** وفقد الدّمع عند الحزن داء
وما قصّرت في جزع ولكن *** إذا غلب الأسى ذهب البكاء
{قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ}.
ومع هذه الهموم وتلك الأحزان، التي يعالجها الشيخ الضعيف في نفسه، ويمسكها في كيانه، فإنه لم يسلم من اللّوم، الذي يزيد من آلامه، ويضاعف من أحزانه.. فإذا غفل عن نفسه لحظة وجرت على لسانه كلمة يهتف فيها بيوسف، تحركت الغيرة في صدر أبنائه، وسلقوه بألسنة حداد.. إنه لم ينس يوسف، ولن ينساه، وإنه لا يزال يعيش مع ذكراه، منصرفا إليه بوجوده كلّه، غير ملتفت إلى أحد سواه! ومن كلمات العتب واللوم التي يسمعها يعقوب من أبنائه كلما جرى ذكر يوسف على لسانه- قولهم هذا، الذي حكاه القرآن عنهم: {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ}.
والحرض: الشيء الذي استحالت طبيعته وتغيرت معالمه.
والمعنى: أنك لا تزال هكذا في هذا الوسواس المزعج حتى تفسد وتختلّ، أو تهلك وتموت.. وهو خبر يراد به اللوم والتقريع.
والفعل {تَفْتَؤُا} من أفعال الاستمرار، ولا يستعمل إلا مصحوبا بالنفي، وقد حذف هنا حرف النفي {لا} لدلالة المقام عليه.. أو أن الفعل تفتأ ضمّن معنى الفعل تستمرّ الذي لا يصحبه النفي، وقد جاء في قول امرئ القيس:
فقلت يمين اللّه أبرح قاعدا *** ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى
جاء الفعل أبرح متضمنا معنى فعل الاستمرار، فلم يصحبه نفى.
{قَالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ}.
البثّ: الهمّ، والكرب، الذي يغلب صاحبه، فلا يتسع له صدره، فيصرّح به، ويلقيه خارج صدره.. وأصل البثّ الانتشار، يقال: بث الحديث:
أي أذاعه ونشره، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ} أي المنتشر في الفضاء.
وفى قوله تعالى: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ}.
إشارة إلى أنه إذ يشكو إلى اللّه ما به فإنما يشكو إلى رب رحيم، يضرع إليه في الكروب، وتبسط له الأيدى في الملمات، وتتجه الوجوه إليه في الشدائد!! ولمن إذا يشكو الموجوعون؟ وإلى من يستصرخ المستصرخون؟ إذا لم يكن بدّ من الشكوى والاستصراخ؟
أهناك غير اللّه من يرجى لدفع الضر وكشف البلاء؟
إن اللّجأ إلى اللّه والهتاف به، والشكوى إليه، والتوجع له، هو من دلائل الإيمان به، والثقة فيه، وإظهار العبودية له والافتقار إليه.
وإنها لعبادة أىّ عبادة، تلك الأكفّ الضارعة إلى اللّه، وهذه الألسنة الشاكية له، وتلك العيون المتطلعة إليه، ترقب العافية منه، وتنتظر مواطر الخير من غيوث رحمته.
ولهذا، فلقد كان مما أمر اللّه به عباده أن يدعوه دائما.. في السراء وفى الضرّاء، وأن يكشفوا بين يديه أحوالهم، وهو الذي يعلم سرهم ونجواهم، وأن يجتهدوا في الطلب، وهو الذي قدّر كل شىء، وكتب لهم ما هو لهم.. ولكن هذا منهم هو عبادة له، وتسبيح بحمده.. وفى هذا يقول سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [55: الأعراف].. ويقول سبحانه: {فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً} [90: الأنبياء].
ويقول سبحانه: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [60: غافر].
ذلك ما يعلمه يعقوب من موقفه من ربه، ومن تضرعه إليه، وشكاته له، إنه يعلم من اللّه، أي مما للّه من صفات الكمال والجلال ما لا يعلمه أبناؤه.
ولو علموا من اللّه ما علم لما كان منهم هذا اللوم له.
{يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ}.
ولعلم يعقوب بربّه، وما عنده من رحمة واسعة، وفضل عظيم، فإنه يدعو أبناءه إلى أن يؤمنوا باللّه إيمانه به، ويعرفوه معرفته له، ويطمعوا في فضله ورحمته طمعه فيهما، وأن ينطلقوا هنا وهناك ليتحسسوا من يوسف وأخيه أي ليبحثوا عنهما، ويتنسموا ريحهما، وألا يدخل عليهم شيء من اليأس من روح اللّه {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ} الذين لا يعرفون اللّه، ولا يقدرونه قدره.. أما المؤمنون فهم أبدا على رجاء من رحمة اللّه، وعلى ترقب لفضله، وتوقّع لغوثه.. ويوم ينقطع رجاء العبد من ربه، فذلك شاهد على انقطاع الصلة بينه وبينه، وعلى فراغ القلب من أية ذرّة من ذرات الإيمان به! روى أن بعض الصالحين كان يقول: إن لى إلى اللّه حاجة أدعوه لها منذ أربعين عاما، ما استجابها لى، ولا يئست من دعائه...
وفى قوله {فتحسسوا} إشارة إلى البحث المعتمد على التحسس بالمشاعر والحدس، لا على النظر المادىّ، إذ كان الأمر خفيّا، لا يرى الرائي منه شيئا.
إنه في البحث عنه أشبه بمن يتحسس طريقه في الظلام الدامس، حيث يبطل عمل العينين، ويكون الاعتماد على الحدس والتظنّي.
وفى تعدية الفعل بحرف الجر من، وهو فعل متعدّ بنفسه، إشارة إلى أنهم يتبعون آثار يوسف وأخيه أثرا أثرا، ويتحسسونها خطوة خطوة.. فحرف الجر من دال على التبعيض في هذا التركيب.
وروح اللّه: نفحات رحمته، وأنسام لطفه، التي بها تستروح النفوس، وتنتعش الأرواح.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال