سورة يوسف / الآية رقم 97 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا أَن جَاءَ البَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (96) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (97) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)}.
التفسير:
وما أن كشف يوسف لأخوته عن وجهه، وأراهم منه الصفح والمغفرة، حتى التفت بوجوده كلّه إلى أبيه الذي أضرّ به الحزن عليه، وعلاه الكبر، ومسّه الوهن والضعف!
{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}!
قميص يوسف.. ما هو؟
وأي قميص هذا الذي أعطاه يوسف إخوته، ودعاهم إلى أن يلقوه على وجه أبيه، فيعيد إليه بصره الذي ذهب؟
تكثر الروايات، حول هذا القميص، حتى لتنسبه إحدى هذه الروايات إلى إبراهيم عليه السلام، وتحدّث بأنه كان قميصا جاء به جبريل من الجنة وألبسه إبراهيم حين ألقى به في النار، فلم تمسّه بسوء، وكانت بردا وسلاما عليه.. فجعل إبراهيم هذا القميص ميراثا في ذريته.. أعطاه إسحق، ثم أعطاه إسحق يعقوب، ثم ألبسه يعقوب يوسف، ثم ها هو ذا يدفع به يوسف إلى إخوته ليلقوه على وجه أبيه، فتتشكل منه معجزة تعيد إليه البصر المفقود! ويمكن أن يكون هذا، إذا كان مستنده كتاب اللّه، أو حديث رسول اللّه.
وأما وليس في القرآن الكريم، ولا حديث رسول اللّه الأمين، شاهد لهذا، فإنه من الخير أن يتخفف العقل من هذه الغيبيات القائمة على الرجم بالغيب، وأن يأخذ الأمور على ظاهرها المكشوفة له.
ومن جهة أخرى، فإن القرآن الكريم يحدّث عن القميص الذي كان يلبسه يوسف، حين خرج به إخوته ثم ألقوه في غيابة الجبّ- هذا القميص قد انتزعه منه إخوته، وجاءوا به إلى أبيهم عشاء يبكون، وقد لطخوه بالدم مدّعين أن الذئب قد أكله، فكيف يكون مع يوسف القميص الذي يردّ في أصله إلى إبراهيم عليه السلام؟
فليكن القميص إذن واحدا من الأقمصة التي كان يلبسها يوسف، والتي علق بها بعض عرقه، فكان فيها ريحه.
أمّا كيف يجد يعقوب ريح يوسف في هذا القميص، على هذا المدى البعيد، الذي أحد طرفيه مصر، والطرف الآخر في الشام؟. فهذا السؤال يرد على أي قميص.. سواء أكان القميص الذي يقال إنه قميص إبراهيم أم أي قميص آخر غيره!.
والذي علينا أن نصدّقه هو أن يعقوب وجد ريح يوسف، وهو في مصر، ويعقوب في الشام!.
أما هذه الريح التي وجدها يعقوب، فهى إما أن تكون ريحا شمّها بأنفه على الحقيقة، كما تشمّ أرواح الأشياء، ذات الريح.. وإما أن تكون الريح هذه مشاعر وخواطر، مثّلت له يوسف قريبا منه، مقبلا إليه، أشبه بالطيف الزائر في المنام، أو الخاطر المسعد في أحلام اليقظة.. وذلك كلّه من ألطاف اللّه بيعقوب، ومن إشراقات النفس الصافية، وانطلاقات الروح من كثافة المادة، وقيود الجسد!.
ونحن في حياتنا اليومية كثيرا ما يقع لنا في أحلام اليقظة شيء مثل هذا أو قريب منه، فنتمثل شخصا لم نره منذ زمن بعيد، فإذا بنا بعد قليل نلتقى به! أو يرد على خاطرنا فيقع كما ورد!.. فكيف بنبىّ كريم من أنبياء اللّه في إشراق روحه، وصفاء نفسه؟
وأما كيف كان لهذا القميص أن يعيد إلى يعقوب بصره بمجرد أن ألقى عليه.. فلهذا أكثر من قول يقال هنا.
فلك أن تقول إنه آية من آيات اللّه، أجراها اللّه سبحانه وتعالى بين يدى نبيّين كريمين.. يعقوب ويوسف! أو قل هى معجزة جعلها اللّه سبحانه ليوسف- عليه السلام- وآذنه بها.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى على لسان يوسف: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً}.
فهو يعلم من اللّه، ما يحمل هذا القميص في طياته من أسرار أودعها اللّه فيه! ولك أن تقول: إن ذلك لم يكن أمرا معجزا، وإنه جاء جاريا على سنن الطبيعة ومألوف الحياة.. وأن الذي ذهب ببصر يعقوب هو شدة الحزن، وأن الذي أعاد إليه بصره الذاهب هو شدة الفرح..! وأن قول يوسف الذي أنبأ به عن ارتداد بصر أبيه إليه بعد أن يلقى القميص على وجهه- هذا القول هو لمحة كاشفة من لمحاته المشرقة، عرف بها تأويل هذا الأمر.. تماما كموقفه من تأويل الأحاديث والأحلام! {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ} فصلت العير: أي بدأت رحلتها، بعد أن شدّت رحالها، وأصل الفعل يدل على الانفصال عن الشيء.. ومنه الفصيل، وهو ابن الناقة، يفصل عنها بعد أن يستغنى عن لبنها.. ومن ذلك قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} أي حمله وفطامه.. والعير: الحمير.. وهى جمع، واحدها عير، مثل:
سقف وسقف، وأصل العير، عير على وزن فعل، مثل: سقف.. استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فسكنت الياء، وسبقها ضمة، فقلبت الضمة كسرة، لتناسب الياء، فصارت العير، على وزن فعل، مثل حلم.
تفنّدون. أي تهزءون وتسخرون بي، وتنسبوننى إلى الخرف، والأفن وضعف الرأى.
{قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} لقد وقع ما كان يحذره، ولم يسلم من تفنيد المفنّدين، ولوم اللائمين، ممن سمعوا منه هذا القول، من أهله وجيرانه.. ولم يكن فيهم بنوه، الذين كانوا يومئذ ما زالوا في طريقهم إليه من مصر.
والمراد بالضلال القديم هنا، ما عرف منه من حبّ شديد ليوسف، وتعلق بالغ به، حتى لقد حسب هذا ضلالا عن طريق القصد والاعتدال في الحبّ.. وفى هذا يقول اللّه تعالى على لسان أبناء يعقوب: {إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
فإلى هذا الضلال يشير أولئك الذين قالوا له: {إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} {فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ} ولقد صدّق اللّه- سبحانه- ظنون يعقوب، فوقع ما توقعه، وجاء البشير بريح يوسف محمّلة في قميصه، فلما ألقى القميص على وجهه ارتدّ بصيرا، كما تنبأ بذلك يوسف.
وفى غمرة هذا الفرح الكبير، لم ينس يعقوب أن يردّ اعتباره عند هؤلاء الذين فنّدوه ورموه بالضلال.. فقال لائما مؤنبا: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ}! أي إنّى كنت على رجاء من رحمة ربّى، وعلى طمع في فضله.. ولهذا لم أيأس من روحه، ولم ينقطع رجائى في فضله، وأن ألتقى بيوسف الذي حجبته الأقدار عنّى خلال هذا الزمن الطويل؟
وفى قوله: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ} إشارة إلى ما سبق أن قاله لهم حين قالوا له: {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ} فكان ردّه عليهم: {إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ}.
{قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} هو نفس الموقف الذي وقفوه بين يدى يوسف، حين قالوا له: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ}.
إنه الاعتراف بالذنب، وطلب الصفح والمغفرة.
ولقد لقيهم يوسف بالصفح والمغفرة، من غير مهل ولا إبطاء، فقال:
{لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ.. يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} أما أبوهم يعقوب، فإنه لم يلقهم بهذا الصفح وتلك المغفرة من فوره، بل جعل ذلك وعدا مستقبلا، يجىء على تراخ من الزمن.. {قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي}.
ولم يقل سأستغفر لكم ربى! وقد أخذ بعض العلماء من هذا الاختلاف بين موقف يوسف من إخوته، وموقف أبيه يعقوب منهم- أخذ من هذا شاهدا على أن الشباب أسمح نفسا بما في أيديهم، من الشيوخ الذين يغلب عليهم الحرص على كل ما عندهم، ليكون لهم من ذلك قوة تمسك عليهم البقية الباقية من قواهم الواهية.
والذي نذهب إليه لتعليل هذا الاختلاف في الموقفين، أن يعقوب، في هذا الموقف أب، وهو بهذا يملك من أبنائه ما لا يملكه الأخ من إخوته.
إنه يملك التأنيب، والتأديب.. أما الأخ فلا يملك من إخوته هذا الذي يملكه منهم أبوهم.
ومن أجل هذا فقد استعمل يعقوب حقّه في تأنيب بنيه وتأديبهم، فأمسك عنهم صفحه ومغفرته، إلى حين، ولم ير من الحكمة أن يجيبهم إلى طلبهم في الحال. وأن يخلى مشاعرهم من القلق والهمّ. بل رأى أن يريهم أن هذا الطلب موضع نظره، وأنه سوف يحققه لهم في الوقت المناسب! وفى هذا ما فيه من درس بالغ في التربية والتأديب.
فقسا ليزدجروا، ومن يك حازما *** فليقس أحيانا على من يرحم
أما يوسف، فهو في مواجهة إخوة له، وهم أكبر منه سنّا.. فلم يكن بدّ من أن يبادرهم بالصفح والمغفرة، بعد أن أخذ بحقّه منهم، وأجراهم هذا الشوط الطويل، حتى كادت تنقطع منهم الأنفاس، في غدوهم ورواحهم إلى مصر، وإتيانهم بأخيهم من أبيهم، ثم في هذا التدبير الذي جعل منه يوسف مدخلا لاتهام أخيه بالسرقة، وأخذه بما سرق، ووضع إخوته في هذا الموقف الحرج!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال