سورة يوسف / الآية رقم 99 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا أَن جَاءَ البَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}.
التفسير:
آوى إليه أبويه: ضمهما إليه، وكان مأوى لهما.
نزغ الشيطان: أي أفسد الشيطان، والنزغ، والزيغ، بمعنى.
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ}.
هناك أحداث كثيرة طويت، ولم يجر لها ذكر هنا، إذ لم يكن لها أثر ظاهر في مضمون القصة.
وها نحن أولاء نرى يعقوب وبنيه في مصر، بعد أن كانوا منذ لحظة في أرض كنعان، نراهم في موقف استغفار واسترضاء من جهة، وموقف تأنيب وتأديب من جهة أخرى.
وها هو ذا يوسف يلقى أبويه وإخوته، ويضمهم إليه، ويفتح لهم الطريق إلى مصر وينزلهم فيها منزل الأمن والسلامة.. {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}.
ثم يرفع أبويه على العرش، ويدعوهم جميعا إلى مشاركته مجلس السلطان والحكم، فيدخلون عليه، ويؤدون له تحية الملك والسلطان، وينزلون على حكم العرف السائد في مصر، عند لقاء الملوك، فيخرّون له ساجدين.
وإذ يشهد يوسف هذا الموقف، تتمثل له في الحال رؤياه التي رآها في صغره، والتي عرضها على أبيه قائلا: {يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ}.
وهنا يقول يوسف لأبيه: {يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ.. قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا} أي قد تحققت كما رأيتها في المنام.
أمي، وأبى، وإخوتى الأحد عشر.. {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}.
{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ}.
فمن إحسان اللّه إلى يوسف أن حقق له هذه الرؤيا، وأن أخرجه من السجن، وأن جمع بينه وبين أهله، فجاء بهم من البدو، وأنزلهم الحضر.
وفى قوله: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ} إشارة إلى أن اللّه سبحانه وتعالى إذا أراد شيئا أحكم تدبير الأسباب الموصلة إليه، فجاء بها على غير ما يقدر العباد، ثم أراهم من عواقبها غير ما يتوقعون.
فمن كان يقع في تقديره أن تلك الأحداث التي بدأت بها قصة يوسف من إلقائه في الجب، إلى وقوعه في يد جماعة من التجار، إلى بيعه لرجل من مصر، إلى كيد امرأة العزيز له، وتآمرها مع جماعة النسوة عليه، إلى إلقائه في السجن بضع سنين- من كان يقع في تقديره أن هذه الأحداث ينسج من خيوطها عرش، ويصاغ من حصاها تاج، ويولد من تصارعها ملك يجلس على هذا العرش، ويتوّج بهذا التاج؟ إن ذلك لا يكون إلا من تدبير حكيم خبير، يمسك الأسباب بلطفه، فإذا هى طوع مشيئته، ورهن إرادته، فيخرج الحىّ من الميت، ويخرج الميت من الحىّ، ويجعل من المكروه محبوبا، ومن المحبوب مكروها: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ.. وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [216: البقرة]: {فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [19: النساء]- وفى قوله: {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} إشارة إلى أن لطف اللّه سبحانه وتعالى، وتدبيره المحكم لما يريد، إنما هو عن علم العليم، وحكمة الحكيم، لا يشاركه أحد في علمه وحكمته، فبعلمه المحيط بكل شىء، تتولد الأسباب والمسببات، وبحكمته البالغة، تقدّر الأمور، وتحكم في أسبابها.. وذلك هو اللطف في كماله وتمامه، فلا يقع شيء في ملك اللّه إلا كان اللطف سداه ولحمته!.
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ.. فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.
بهذه الابتهالات وتلك التسابيح، يستقبل يوسف هذه النعم التي أنعم اللّه بها عليه.. فيحدّث بنعمة ربّه، ويسبّحه بها، ويحمده عليها، ويستزيده من فضله، بأن يتم تلك النعمة عليه، وأن يتوفاه على دين الإسلام، وأن يلحقه بالصالحين من عباده.. فذلك هو الذي يجعل لتلك النعم مساغا في فمه، وطعما هنيئا في حياته!.
وإلى هنا تنتهى قصة يوسف التي كانت السورة كلها تقريبا معرضا لها، وحديثا عنها.
ويلاحظ أنّ قصّة يوسف على خلاف القصص القرآنى كلّه- جاءت في معرض واحد، لم يذكر معها غيرها من قصص الأنبياء، ولم تذكر هى في معرض آخر، ولم يجر عن يوسف حديث في غير هذه السورة، اللهم إلا أن يذكر اسمه مع جماعة الأنبياء، ذكرا لا يراد منه إلا تعداد أسمائهم، أو مجرد الإشارة إلى قصته، للعبرة والعظة!.
ولعلّ الحكمة في هذا هى أن هذه القصة تعتبر حدثا واحدا، هو رحلة عبر الزمن، للإنسان من مولده إلى مماته، وعلى طريق هذه الرحلة تقوم سدود، وتهبّ أعاصير، ولكن يد اللطف والقدرة تبلغ بهذا الإنسان مأمنه، وتخرجه من تلك التجربة التي عانى فيها الشدائد والأهوال- جوهرا صافيا، وإنسانا عظيما يمسك بكلتا يديه خير الدنيا والآخرة جميعا.
ولو أن هذه القصّة صنع بها ما في القصص القرآنى، فعرضت في أكثر من معرض لتمزقت وحدة الشخصية التي هى العمود الفقرى للقصة.
ومن جهة أخرى، فإن القصة وقد اصطبغت من أولها بلون الدم ثم كان ختامها الأمن والسلامة- فقد كان مما يتفق وتطلعات النفوس أن تجىء القصّة هكذا كيانا واحدا، يجمع بين بدئها وختامها.
ومع هذا، فلو جاء بها القرآن على نسق القصص القرآنية الأخرى، فعرضها في أكثر من معرض لما أخلّ ذلك بشىء من مقوماتها.. ولكن هكذا جاء بها القرآن، فكان ذلك شاهدا من شهوده الكثيرة على امتلاكه ناصية البيان، وتمكنه غاية التمكن من فنون القول! فيجىء بالقصة في معارض مختلفة، فإذا هى كيان واحد، وخلق سوىّ، ينبض بالحياة، ويفيض بالجمال والجلال.. ثم يجىء بالقصة في معرض واحد، فإذا هى مائدة تجمع شهى الطعام، وتؤلف بين مختلف الطعوم، فإذا الوارد عليها، والطاعم منها آخذ بحظه من كل طعام، متذوق من كل لون.. حتى إذا قارب حدّ الشبع وجد على لسانه حلاوة هذا الختام الذي انتهت به أحداث القصة.
فسبحان من هذا كلامه، و{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً.. قَيِّماً..}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال