سورة يوسف / الآية رقم 111 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ القُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلاَ تَعْقِلُونَ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

يوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}.
التفسير:
بهذه الآيات تختم سورة يوسف.. فيؤذّن النبىّ الكريم في قومه بقوله تعالى: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
فالسبيل التي استقام عليها النبىّ بأمر ربه، ودعا الناس إلى أن يأخذوا خطوهم عليها وراءه- هذه السبيل، هى سبيله، لا يحيد عنها، ولا يلتفت إلى غيرها.
وإنه ليدعو إلى اللّه على هدى ونور من ربه، فقد أبصر الحق، واستيقنه، وعرف الخير وطعم منه.. فهو يدعو الناس إليه، ليأخذوا حظهم من فضل ربهم، ولينزلوا منازل رحمته ورضوانه.. فمن اتبع الرسول، فقد عرف هذا الحق، وطعم من ذلك الخير، فكان على هدى وبصيرة.
قوله {وَسُبْحانَ اللَّهِ} معطوف على مقول القول: {هذِهِ سَبِيلِي} أي قل هذه سبيلى، وقل سبحان اللّه، أي تنزيها للّه عن الأنداد والشركاء.
وقل {وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين يجعلون مع اللّه آلهة أخرى.
{وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى}.
وهذا ردّ على المشركين الذين ينكرون على النبىّ أن يؤذّن فيهم بكلمات اللّه، وأن يدعوهم إلى اللّه بما أوحى إليه من ربه.. فقد صورت لهم أوهامهم المضلّة، أن الرسول الذي يبعثه اللّه، ينبغى أن يكون على غير شاكلة الناس، كأن يكون ملكا من السماء، أو نحو هذا.
ولو أنهم نظروا إلى أبعد من مواقع أقدامهم، والتفتوا إلى ما حولهم، لرأوا أن رسل اللّه جميعا كانوا من البشر، وكانوا من أقوامهم، وبلسانهم.. {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [4: إبراهيم].
وفى قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْقُرى} إشارة إلى تلك القرى، التي يرى المشركون من قريش مخلّفات من عمروها قبلهم من عاد وثمود.. وإلى هذه القرى يشير اللّه سبحانه وتعالى بقوله: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [27: الأحقاف].
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.
هو إلفات لمشركى قريش، إلى تلك القرى التي يمرون عليها في طريقهم إلى الشام مع رحلة الصيف.. فليقفوا قليلا على أطلالها، وليروا كيف كانت عاقبة الذين كذبوا برسل اللّه.. ولقد كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالا وأولادا، فما عصمتهم قوتهم، من بأس اللّه إذ جاءهم، وما أغنت عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه من شى ء! قوله تعالى: {وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا}.
إنها العبرة التي يستخلصها العقلاء من الوقوف على أطلال هذه القرى الظالم أهلها.. وإنها لتنطق بأن الحياة الدنيا متاع زائل، وزخرف حائل، وأن الدار الآخرة خير وأبقى، للذين اتقوا ربهم، وتزودوا لتلك الدار بالعمل الصالح والتقوى.
وفى قوله: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} تقريع وتوبيخ لهؤلاء المشركين الضّالين، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا! فلقد عطلوا عقولهم، فلم يهتدوا بها إلى خير، ولم يتعرفوا بها على حق.. فخسروا الدنيا والآخرة.. ذلك هو الخسران المبين.
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.
استيئس: واجه اليأس، ووقع في تصوره أن لا ملجأ، ولا نجاة، وذلك في لقاء الأحداث، ومصادمة الشدائد.
كذبوا: أي كذب عليهم، إذ لم يتحقق لهم ما وعدوا به إلى أن بلغ بهم الحال إلى هذا اليأس.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا}.
حتّى حرف غاية لما قبله.
وهنا كلام محذوف هو الغاية التي يشير إليها هذا الحرف.. والتقدير:
أن مهمة الرسل هى الوقوف في وجه هذا الظلام الزاحف، والتصدّى لتلك القوى العاتية من قوى الشرّ والعدوان، وأنهم مطالبون بأن يثبتوا، ويصبروا، ويصابروا. فإن نصر اللّه آت لا ريب فيه.. وهكذا يظل الرسل في متلاطم الشدائد والمحن، حتى لقد يدخل اليأس عليهم، وتغيم الحياة في أعينهم، ويغمّ عليهم طريق النجاة، ويخيل إليهم أن النصر أبعد ما يكون منهم- عندئذ تهب ريح النصر، وتطلع عليهم تباشير الصباح، فتطوى جحافل الظلام، وتطارد فلوله.
وإذا دولة الباطل قد ذهبت، وذهبت آثارها، وإذا راية الحق قد علت، وخفقت أعلامها.
وفى هذا تسلية للنبىّ الكريم، وشحد لعزيمته، وتثبيت لقدمه، وتطمين لقلبه، وتأكيد للوعد الذي وعد به من ربّه في قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [21: المجادلة] هذا، وليس في استيئاس الرسل، وفى إطافة الظنون بهم، وبأنهم قد كذبوا- ليس في هذا ما ينقص من قدر الرّسل، أو يشكك في كمال إيمانهم بربهم، واستيقانهم من صدق وعده.. فهم على يقين راسخ بما وعدهم اللّه به، ولكن هناك مواقف حادّة من الضيق، وأحوال بالغة من الشدّة، تأخذ على الإنسان تقديره وتدبيره، وتمثّل له الحقائق المحسوسة التي عايشها، ونزلت من عقله منزل اليقين، وقد قلبت أوضاعها، وتبدّلت حقائقها- عندئذ وللحظة عابرة عبور الطيف، يخون الإنسان يقينه، ويفلت منه زمام أمره.. ثم يعود إلى موقفه، أشدّ تثبتا، وأقوى يقينا، وأرسخ قدما.. إنها سحابة صيف، تغشى وجه الشمس، ثم لا تلبث حتى تزول، وتسفر الشمس عن وجه أبهى بهاء، وأضوأ ضوءا، وأصفى صفاء مما كانت عليه قبل أن تمر بها تلك السحابة العابرة.
فتلك الحال التي تمثل الرسل في هذا الموقف، هى القمة التي تنتهى عندها طاقة الاحتمال البشرى، في مصادمة الأحداث، ومدافعة الأهوال والشدائد.
وهى قمة لا يبلغها إلا أولو العزم من رسل اللّه.. حيث تون الخطوة التالية بعدها انخلاعا من عالم البشر، إلى العالم العلوىّ، وعندها تهبّ ريح النصر، وتجىء أمداد السماء.! وفى هذا ابتلاء للرسل، واستخلاص لكل ما عندهم من مذخور.. من قوى الصبر والعزم والإيمان.
قوله تعالى: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} إشارة إلى أن نصر اللّه الذي يحقق به لرسله ما وعدهم به، يحمل معه من الهلاك والبلاء للقوم المجرمين.. فإن هذا النصر إنما يمشى على جثث أعداء الرسل، الذين حاربوهم هذه الحرب القاسية، ودفعوا بهم إلى تلك المآزق الحرجة، حتى لكادوا يفتنونهم في دينهم: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ} [32: التوبة] {لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ.. ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الضمير في {قصصهم} يعود إلى الرسل المذكورين في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} ففى قصص الرسل، وفى الصراع الذي يدور بينهم وبين السفهاء والضالين من أقوامهم- في هذا القصص عبرة لأولى الأبصار، وذوى الفطنة والرأى.. حيث ينجلى الموقف دائما عن إظهار دين اللّه، وإعلاء كلمته، وانتصار رسله ومن اتبعهم من المؤمنين، على حين يقع البلاء والخزي والخذلان بالذين كذبوا رسل اللّه وآذوهم، وصدّوا الناس عن سبيل اللّه.
قوله تعالى: {ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى} أي هذا القصص الذي يقصه اللّه تعالى على نبيّه الكريم، من أنباء الرسل، لم يكن حديثا ملفقا، أو مفترى ولكنه كلام ربّ العالمين، قد تلقاه النبىّ وحيا من ربّه، فجاء مصدّقا لما سبقه من الكتب السماوية، مفصّلا كلّ ما كان مجملا فيها، حاملا الهدى والرحمة لمن يؤمنون به، ويهتدون بهديه، ويستقون من موارده.
وقوله تعالى: {وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} معطوف على قوله تعالى: {ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى} وهو عطف يفيد الاستدراك، ويجعل ما بعد {لكن} مخالفا لما قبلها في الحكم الواقع على المعطوف عليه.
وفى قوله تعالى: {وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} في التعبير بالفعل المستقبل {يُؤْمِنُونَ} بدل الفعل الماضي {آمنوا}، مع أن الهدى والرحمة لا يقعان إلا بعد الإيمان- في هذا إشارة إلى أن الهدى والرحمة أمران ذاتيان، ثابتان في هذا الكتاب، يجدهما كل من اتصل به وأخذ عنه، وتعامل معه، على امتداد الزمان، فلا يقطع الماضي ما له من آثار في المستقبل، ولا ينضب معين الهدي والرحمة، على كثرة الواردين.. فهو أبدا مصدر هدى ورحمة للذين يؤمنون به، لا لمن آمنوا به وحدهم، وسبقوا إلى الإيمان.. فللّاحقين حظهم من هداه ورحمته، مثل ما للسابقين، سواء بسواء.. وإنما تختلف حظوظ الناس بحسب استعدادهم لتقبل الهدى، واستئهال الرحمة.. فكتاب اللّه. هو هو، وآياته.. هى هى، والهدى المشّع منه.. هو هو، والرحمة المحملة معه.. هى هى.
لا اختلاف مع الزمن في شيء من هذا، ولا تحوّل أو تبدّل في كلمات اللّه وآياته.. وإنما الذي يختلف ويتبدل ويتحول، هم الناس، وعقول الناس، وقلوب الناس!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال