سورة الرعد / الآية رقم 11 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العِقَابِ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ القَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ

الرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (11)}
قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّباتٌ} أي لله ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار، فإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار. وقال: {مُعَقِّباتٌ} والملائكة ذكران لأنه جمع معقبة، يقال: ملك معقب، وملائكة معقبة، ثم معقبات جمع الجمع. وقرأ بعضهم {له معاقيب من بين يديه ومن خلفه}. ومعاقيب جمع معقب، وقيل للملائكة معقبة على لفظ الملائكة.
وقيل: أنث لكثرة ذلك منهم، نحو نسابة وعلامة وراوية، قال الجوهري وغيره. والتعقب العود بعد البدء، قال الله تعالى: {وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ} [النمل: 10] أي لم يرجع، وفي الحديث: {معقبات لا يخيب قائلهن- أوفاعلهن} فذكر التسبيح والتحميد والتكبير. قال أبو الهيثم: سمين {مُعَقِّباتٌ} لأنهن عادت مرة بعد مرة، فعل من عمل عملا ثم عاد إليه فقد عقب. والمعقبات من الإبل اللواتي يقمن عند أعجاز الإبل المعتركات على الحوض، فإذا انصرفت ناقة دخلت مكانها أخرى. وقوله: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أي المستخفي بالليل والسارب بالنهار. {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} اختلف في هذا الحفظ، فقيل: يحتمل أن يكون توكيل الملائكة بهم لحفظهم من الوحوش والهوام والأشياء المضرة، لطفا منه به، فإذا جاء القدر. خلوا بينه وبينه، قاله ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. قال أبو مجلز: جاء رجل من مراد إلى علي فقال: احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه ما لم يقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبين قدر الله، وإن الأجل حصن حصينة، وعلى هذا، {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي بأمر الله وبإذنه، ف {مِنْ} بمعنى الباء، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض.
وقيل: {مِنْ} بمعنى عن، أي يحفظونه عن أمر الله، وهذا قريب من الأول، أي حفظهم عن أمر الله لا من عند أنفسهم، وهذا قول الحسن، تقول: كسوته عن عري ومن عري، ومنه قوله عز وجل: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} [قريش: 4] أي عن جوع.
وقيل: يحفظونه من ملائكة العذاب، حتى لا تحل به عقوبة، لأن الله لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم بالإصرار على الكفر، فإن أصروا حان الأجل المضروب ونزلت بهم النقمة، وتزول عنهم الحفظة المعقبات.
وقيل: يحفظونه من الجن، قال كعب: لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفتكم الجن. وملائكة العذاب من أمر الله، وخصهم بأن قال: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} لأنهم غير معاينين، كما قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] أي ليس مما تشاهدونه أنتم.
وقال الفراء: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره، له معقبات من أمر الله من بين يديه ومن خلفه يحفظونه، وهو مروي عن مجاهد وابن جريج والنخعي، وعلى أن ملائكة العذاب والجن من امر الله لا تقديم فيه ولا تأخير.
وقال ابن جريج: إن المعنى يحفظون عليه عمله، فحذف المضاف.
وقال قتادة: يكتبون أقواله وأفعاله. ويجوز إذا كانت المعقبات الملائكة أن تكون الهاء في {لَهُ} لله عز وجل، كما ذكرنا، ويجوز أن تكون للمستخفي، فهذا قول.
وقيل: {لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} يعني به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي أن الملائكة تحفظه من أعدائه، وقد جرى ذكر الرسول في قوله: {لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7] أي سواء منكم من أسر القول ومن جهر به في أنه لا يضر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل له معقبات يحفظونه عليه السلام، ويجوز أن يرجع هذا إلى جميع الرسل، لأنه قد قال: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} [الرعد: 7] أي يحفظون الهادي من بين يديه ومن خلفه. وقول رابع- أن المراد. بالآية السلاطين والأمراء الذين لهم قوم من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم، فإذا جاء أمر الله لم يغنوا عنهم من الله شيئا، قاله ابن عباس وعكرمة، وكذلك قال الضحاك: هو السلطان المتحرس من أمر الله، المشرك. وقد قيل: إن في الكلام على هذا التأويل نفيا محذوفا، تقديره: لا يحفظونه من أمر الله تعالى، ذكره الماوردي. قال المهدوي: ومن جعل المعقبات الحرس فالمعنى: يحفظونه من أمر الله على ظنه وزعمه.
وقيل: سواء من أسر القول ومن جهر به فله حراس وأعوان يتعاقبون عليه فيحملونه على المعاصي، ويحفظونه من أن ينجع فيه وعظ، قال القشيري: وهذا لا يمنع الرب من الإمهال إلى أن يحق العذاب، وهو إذا غير هذا العاصي ما بنفسه بطول الإصرار فيصير ذلك سببا للعقوبة، فكأنه الذي يحل العقوبة بنفسه، فقوله: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي من امتثال أمر الله.
وقال عبد الرحمن بن زيد: المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه في عباده، قال الماوردي: ومن قال بهذا القول ففي تأويل قوله: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وجهان: أحدهما- يحفظونه من الموت ما لم يأت أجل، قاله الضحاك.
الثاني- يحفظونه من الجن والهوام المؤذية، ما لم يأت قدر،- قاله أبو أمامة وكعب الأحبار- فإذا جاء المقدور خلوا عنه، والصحيح أن المعقبات الملائكة، وبه قال الحسن ومجاهد وقتادة وابن جريج، وروي عن ابن عباس، واختاره النحاس، واحتج بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» الحديث، رواه الأئمة.
وروى الأئمة عن عمرو عن ابن عباس قرأ- {معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه} فهذا قد بين المعنى.
وقال كنانة العدوي: دخل عثمان رضي الله عنه على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: «ملك عن يمينك يكتب الحسنات وأخر عن الشمال يكتب السيئات والذي على اليمين أمير على الذي على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين أأكتب قال لا لعله يستغفر الله تعالى أو يتوب إليه فإذا قال ثلاثا قال نعم اكتب أراحنا الله تعالى منه فبئس القرين هو ما أقل مراقبته لله عز وجل وأقل استحياءه منا يقول الله تعالى: {ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] وملكان من بين يديك ومن خلفك يقول الله تعالى: {لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك وملكان على شفتيك وليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد وآله وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي يتداولون ملائكة الليل على ملائكة النهار لأن ملائكة الليل ليسوا بملائكة لنهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس مع ابن آدم بالنهار وولده بالليل». ذكره الثعلبي. قال الحسن: المعقبات أربعة أملاك يجتمعون عند صلاة الفجر. واختيار الطبري: أن المعقبات المواكب بين أيدي الأمراء وخلفهم، والهاء في {لَهُ} لهن، على ما تقدم.
وقال العلماء رضوان الله عليهم: إن الله سبحانه جعل أوامره على وجهين: أحدهما- قضى حلوله ووقوعه بصاحبه، فذلك لا يدفعه أحد ولا يغيره. والآخر- قضى مجيئه ولم يقض حلوله ووقوعه، بل قضى صرفه بالتوبة والدعاء والصدقة والحفظ. قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ} أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يغير ما بقوم حتى يقع منهم تغيير، إما منهم أو من الناظر لهم، أو ممن هو منهم بسبب، كما غير الله بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة بأنفسهم، إلى غير هذا من أمثلة الشريعة، فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد سئل انهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث». والله أعلم. قوله تعالى: {وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً} أي هلاكا وعذابا، {فَلا مَرَدَّ لَهُ} وقيل: إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام فلا مرد لبلائه.
وقيل: إذا أراد الله بقوم سوءا أعمى أبصارهم حتى يختاروا ما فيه البلاء ويعملوه، فيمشون إلى هلاكهم بأقدامهم، حتى يبحث أحدهم عن حتفه بكفه، ويسعى بقدمه إلى إراقة دمه. {وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ} أي ملجأ، وهو معنى قول السدي.
وقيل: من ناصر يمنعهم من عذابه، وقال الشاعر:
ما في السماء سوى الرحمن من وال***
ووال وولي كقادر وقدير.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال