سورة البقرة / الآية رقم 165 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الَليْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)}
{وإلهكم إله وَاحِدٌ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم} الكلبي عن أبي صالح عن ابن عبّاس: نزلت في كفّار قريش قالوا: يا محمّد صف وأنسب لنا ربّك فأنزل الله تعالى سورة الاخلاص وهذه الآية.
جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال: كان للمشركين في الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً يعبدون من دون الله إفكاً وشرّاً فبيّن الله تعالى لهم إنّه واحد فأنزل: {وإلهكم إله وَاحِدٌ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم}.
سعيد عن أبي الضحى: قال: لمّا نزلت هذه الآية عجب المشركون وقالوا: إنّ محمّداً يقول الهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصّادقين فأنزل الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار} أي تعاقبهما في الذهاب والمجيء والاختلاف: الإفتعال من خلف يخلف خلوفاً يعني إنّ كل واحد منهما إذا ذهب أحدهما جاء آخر خلافه أي: بعده، نظير قوله: {وَهُوَ الذي جَعَلَ الليل والنهار خِلْفَةً} [الفرقان: 62].
عطاء وابن كيسان: أراد في اختلاف الليل والنّهار في اللّون والطّول والقصر والنّور والظلمة والزيادة والنقصان يكون أحدهما على الآخر، والليل جمع ليلة مثل تمرة وتمر ونحلة ونحل، واللّيالي جمع الجمع والنّهار واحد وجمعه نُهر. قال الشّاعر:
لولا الثّريدان هلكنا بالضّمر *** ثريد ليل وثريد بالنّهر
وقدّم الليل على النّهار بالذكر لإنّه الأصل والأقدام قال الله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} [يس: 37]. خلق الله تعالى الأرض مظلمة ثمّ خلق الشمس والقمر وهذا كتقديمه الصّوامع والبيع والصلوات على المساجد.
{والفلك التي تَجْرِي فِي البحر} يعني السفن واحدة وجمعه سواء قال الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المرسلين * إِذْ أَبَقَ إِلَى الفلك المشحون} [الصافات: 139-140].
وقال في الجمع: {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: 22] يذكّر ويؤنّث قال الله تعالى: {الفلك المشحون} وقال في التأنيث {والفلك التي تَجْرِي فِي البحر} فالتذكير على الفظ الواحد والتأنيث على معنى الجمع.
{بِمَا يَنفَعُ الناس} يعني ركوبها والحمل عليها في التجارات والمكاسب وانواع المطلب.
{وَمَآ أَنزَلَ الله مِنَ السمآء مِن مَّآءٍ} يعني المطر.
{فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} بعد يبوستها وجدوبتها.
{وَبَثَّ} نشر وفرّق.
{فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرياح} أي يقلّبها قبولاً ودبوراً وشمالاً وجنوباً.
وقيل: تصريفيها مرّة بالرحمة ومرّة بالعذاب.
وقرأ حمزة والأعمش والكسائي وخلف: الرّيح بغير ألف على الواحد وقرأ الباقون: الرّياح بالجمع.
قال ابن عبّاس: الرّياح للرحمة والريح للعذاب، وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا هاجت الريح يقول: «اللّهمّ اّجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً».
والرّيح يذكر ويؤنث.
{والسحاب المسخر} أي الغيم المذلّل {بَيْنَ السمآء والأرض} سمّي سحاباً لأنّه يسحب أي يسير في سرعته كأنّه يسحب: أي يجرّ.
{لآيَاتٍ} دلالات وعلامات.
{لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فيعلمون إنّ لهذه الأشياء خالقاً وصانعاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويل لمن قرأ هذه الآية فمجّ بها» أي لم يتفكّر فيها ولم يعتبر بها.
{وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ} يعني الأصنام المعبودة من دون الله قال أكثر المفسّرين.
وقال السّدي: ساداتهم وقاداتم الّذين كانوا يطيعونهم في معصية الله فيحبّونهم {كَحُبِّ الله} أي كحبّ المؤمنين الله.
وهذا كما يقال: بعت غلامي كبيع غلامك يعني: كبيعك غلامك.
وأنشد الفرّاء:
ولستُ مسلّماً ما دمت حيّاً *** على زيد كتسليم الأمير
أي كتسليمي على الأمير هذا قول أكثر العلماء، وقال ابن كيسان والزجّاج: تقدير الآية: يحبّونهم كحبّهم الله يعني أنّهم يسووّن بين هذه الأصنام وبين الله في المحبّة ثمّ قال: {والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ} قال ابن عبّاس: أثبت وأدوم وذلك إن المشركين كانوا يعبدون صنماً فإذا رأوا شيئاً أحسن منه تركوا ذلك الوثن وأقبلوا على عبادة الأحسن.
عكرمة: أشدّ حبّاً في الآخرة.
قتادة: إنّ الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ولا يقبل على الله عزّ وجلّ لقوله: {فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [العنكبوت: 65].
قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 67].
والمؤمن لا يعرض عن الله في الضّراء والسرّاء والرّخاء والبلاء ولا يختار عليه سواه.
الحسن: إنّ الكافرين عبدوا الله بالواسطة وذلك قولهم للأصنام: {هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله} [يونس: 18].
وقوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى} [الزمر: 3].
والمؤمنون يعبدونه بلا واسطة ولذلك قال عزّ من قائل: {والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ}.
سعيد بن جبير: إنّ الله يأمر يوم القيامة من أحرف نفسه في الدّنيا على رؤية الأصنام أن يدخلوا جهنّم مع أصنامهم فيأتون لعلمهم إنّ عذاب جهنم على الدّوام ثمّ يقول للمؤمنين بين أيدي الكافرين: إنّ كنتم أحبّائي لا تحبّون النّار فينادي مناد من تحت العرش {والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ}.
وقيل: لأنّ حبّ المشركين لأوثانهم مشترك لأنّهم يحبّون الأنداد الكثيرة وحبّ المؤمنين لربّهم غير مشترك لأنّهم يحبّون ربّاً واحداً، وقيل: لأنّ حبّهم هوائي وحبّ المؤمنين عقلي.
وقيل إنّ حبّهم للأصنام بالتقليد وحبّ المؤمنين لله تعالى بالدّليل والتمييز.
وقيل: لأنّ الكافرين يرون معبودهم ومصنوعهم والمؤمنون يرون الله تعالى صانعهم، وقيل: لأنّ المشركين أحبّوا الأصنام وعاينوها والمؤمنون يحبّون الله ولم يعاينوه بل آمنوا بالغيب في الغيب للغيب.
وقيل: إنّما قال: {والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ} لأنّ الله أحبّهم أوّلاً ثمّ أحبّوه ومن شهد له المعبود بالمحبّة كان محبّته أتم وأصح.
قال الله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54].
وقرأ أبو رجاء العطاردي: يحبونهم بفتح الياء وهي لغة يقال: حببت الرجل فهو محبوب قال الفرّاء أنشدني أبو تراب:
أحبّ لحبّها السّوادن حتّى *** حببت لحبّها سواد الكلاب
{وَلَوْ يَرَى الذين ظلموا} قرأ أبو عبد الرحمن وأبو رجاء والحسن وأبو جعفر وشيبه ونافع وقتادة والأعرج وعمرو بن ميمون وسلام ويعقوب وأيّوب وابن عبّاس ولوترى بالتّاء: أي تبصر يا محمّد وقرأ الباقون بالياء.
فمن قرأ بالتّاء فهو خطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم والجواب محذوف تقديرها ولو ترى: أي تبصر يا محمّد الّذين ظلموا: أشركوا.
{إِذْ يَرَوْنَ العذاب} لرأيت أمراً عظيماً ولعلمت ما يصيرون إليه أو لتعجّبت منه، ومن قرأ بالياء فمعناه: لوترى الّذين ظلموا أنفسهم عند رؤية العذاب لعلموا {أَنَّ القوة للَّهِ جَمِيعاً} أو لآمنوا أو لعلموا مضرّة الكفر ونظير هذه الآية من المحذوف الجواب قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجبال} [الرعد: 31] الآية: يعني لكان هذا القرآن وهو كما يقول: لو رأيت فلاناً والسّياط تأخذه. فتستغني عن الجواب؛ لأنّ المعنى مفهوم {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ}.
وقرأ أبو البرخثم وابن عامر: يُرون بضم الياء على التعدي، وقرأ الآخرون بفتحها على اللزوم.
{أَنَّ القوة للَّهِ جَمِيعاً} قرأ الحسن وقتادة وأبو جعفر وشيبة وسلام ويعقوب: {إنّ القوّة وإن الله} بكسر الألف فيهما على الأستئناف والكلام تام عند قوله: {يَرَوْنَ العذاب} مع أضمار الجواب، كما ذكرنا.
وقرأ الباقون: بفتحها على معنى بانّ القوّة وبانّ الله، وقيل: معناه ليروا أنّ القوّة لله أي لأيقنوا وعاينوا.
قال عطاء: ولو يرى الذيّن ظلموا يوم القيامة إذ يرون العذاب حين تخرج إليهم جهنم من مسيرة خمسمائة عام لتلتقطهم كما يلتقط الحمام الحبّة؛ لعلموا أنّ القوّة والقدرة والملكوت والجبروت لله جميعاً.
{وَأَنَّ الله شَدِيدُ العذاب}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال