سورة الرعد / الآية رقم 18 / تفسير التفسير الوسيط / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى المَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَراًّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المِهَادُ

الرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (18) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (19)} [الرّعد: 13/ 17- 19].
هذه الآيات مثال واضح للحقّ والباطل، والإيمان والكفر، والشّك في الشّرع واليقين به، والحقّ هو القرآن والإيمان في ثباته ونفعه، والباطل هو الكفر في الاضمحلال والفناء. ومثل الحق كالمطر النازل من السماء الذي تسيل منه الأودية غزارة وضعفا بحسب صغرها وكبرها أو مقدارها، والقلوب كهذه الوديان تتفاوت في استيعاب الإيمان سعة وضيقا، وهذا هو الثابت النافع، وأما زبد السّيل الطّافي فوقه، فهو مثل الباطل في زواله وانعدام نفعه.
والمثل الثاني: هو أن الحقّ كالمعدن النافع من ذهب أو فضّة ونحوهما من المعادن التي يستفاد منها فوائد كثيرة، والباطل: هو ما يعلو تلك المعادن من شوائب وأخلاط طافية عند انصهارها أو إذابتها في النار.
وعقّب الله تعالى على المثلين بقوله: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ} أي إن التشبيه المذكور مثل الحقّ والباطل إذا اجتمعا، فالحق في استقراره ونفعه كالماء المستقرّ النافع، وكالمعدن النّقي الصّافي. والباطل في زواله وعدم نفعه كالرغوة التي يقذفها السّيل على جوانبه، وكشوائب المعدن التي يطرحها ويتخلّص منها عند انصهاره، فيبقى الحقّ ويثبت، ويزول الباطل ويتبدّد. وما أجمل وأحكم هذا التشبيه وبيان النتائج، فأما الزّبد الطّافي فوق الماء فيزول ويقف على جانبي السّيل وفوق قدور المراجل، وأما النافع من الماء والمعدن فيبقى مستقرّا في الأرض، فيشرب الإنسان والحيوان والنبات والزرع من الماء، وتستفيد البشرية من المعادن الصافية بالحلي والصناعات المختلفة.
وعقّب الله تعالى على استقرار النافع وتبدّد الضّار بقوله: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ} أي إنه تعالى كما بيّن لكم هذه الأمثال، فكذلك يضربها بيّنات واضحات، لإيضاح الفارق المتميّز بين الإيمان والكفر، والحق والباطل.
والقرآن الكريم يجسّد الحق ونور الإيمان بإحياء القلوب، كما يحيي الماء الأرض بعد موتها ويبسها، وكما ينفع المعدن النّقي الناس في منافع كثيرة. وأما الكفر والضّلال والشّرك، فهو عديم النفع سريع الزوال، ويتبدّد فورا. وما ضرب هذا المثل إلا لخير الإنسان الذي كرّمه الله بالعقل ليختار النافع وهو الإيمان، ويترك الضّارّ المتلاشي وهو الكفر، فيكثر أهل الحق والإيمان بالحق والنّور، ويضعف أهل الضلال والكفران بالباطل والظلام.
ثم ذكر الله تعالى مصير أهل الحق وأهل الباطل، ومآل السعداء والأشقياء، ترغيبا وترهيبا، فقال: { لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى} أي إن الذين يطيعون الله ورسوله، وينقادون لأوامره، ويصدّقون أخباره، لهم الجزاء الحسن ونعيم الجنة، والخلود الأبدي في دار النعيم. والذين لم يستجيبوا لربّهم، فلم يطيعوا الله ورسوله، لا ينفعهم الفداء في الآخرة بجميع ما في الدنيا من أموال وأضعاف ما فيها، فلا يمكنهم أن يفتدوا من عذاب الله بملء الأرض ذهبا ومثله معه. ولو كان لهم كل ما في الدنيا، وقدّموا فداء من العذاب، لا يتقبّله الله منهم على الإطلاق. أولئك الذين لم يطيعوا الله، لهم سوء الحساب والعذاب، ومرجعهم إلى النار ومستقرّهم فيها، وبئس المستقرّ والفراش تلك النار الموقدة التي تفوق بحرارتها كل ما عرفته البشرية من أفران عادية وذرّية عالية التّوتر تصهر كل شيء.
بعد هذا البيان الرهيب والواضح سلفا لا يستوي من يعلم أن المنزل إليك من ربّك يا محمد هو الحقّ الثّابت الذي لا شكّ فيه، فأخباره وشرائعه كلها حقّ وعدل، لا يستوي هذا ومن لم يصدّق برسالتك يا محمد، وكان أعمى لا يبصر الحق ولا يدرك المصلحة الحقيقية، ولا يختار ما فيه خير وهداية، وسعادة وإنقاذ. قال تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (20)} [الحشر: 59/ 20].
الأوصاف الاجتماعية لأولي الألباب:
عني القرآن الكريم بتربية الفرد والجماعة تربية فاضلة متماسكة، يعود خيرها وانعكاساتها على الناس جميعا، لأن القرآن والإسلام رسالة إصلاح وإنقاذ، وتقدّم وبناء، وعطاء وإحسان. وكل من يسهم في هذا البناء الاجتماعي للأمة فهو ترجمان القرآن والإيمان الصحيح، وكل من يشذّ أو ينحرف أو يسيء لأسرته ومجتمعة، فهو تلميذ الشيطان وعدو الأمة، لذا وصف الله أهل الإيمان والاستقامة بأنهم أولو الألباب والعقول الرشيدة، ووصف أهل الضّلال والانحراف بأنهم ذوو الجهالة والحماقة، فقال الله تعالى:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال