سورة البقرة / الآية رقم 166 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الَليْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما فرغ سبحانه من الدليل على وحدانيته، أخبر أن مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه، وجليل قدرته، وتفرّده بالخلق، قد وجد في الناس من يتخذ معه سبحانه ندّاً يعبده من الأصنام.
وقد تقدّم تفسير الأنداد، مع أن هؤلاء الكفار لم يقتصروا على مجرد عبادة الأنداد، بل أحبوها حباً عظيماً، وأفرطوا في ذلك إفراطاً بالغاً، حتى صار حبهم لهذه الأوثان، ونحوها متمكناً في صدورهم كتمكن حبّ المؤمنين لله سبحانه، فالمصدر في قوله: {كَحُبّ الله} مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، وهو المؤمنون. ويجوز أن يكون المراد: كحبهم لله، أي: عبدة الأوثان، قاله ابن كيسان، والزجاج، ويجوز أن يكون هذا المصدر من المبني للمجهول: أي: كما يُحَب الله. والأولى أولى لقوله: {والذين ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ} فإنه استدرك لما يفيده التشبيه من التساوي، أي: أن حبّ المؤمنين لله أشدّ من حبّ الكفار للأنداد؛ لأن المؤمنين يخصون الله سبحانه بالعبادة، والدعاء، والكفار لا يخصون أصنامهم بذلك، بل يشركون الله معهم، ويعترفون بأنهم إنما يعبدون أصنامهم؛ ليقرّبوهم إلى الله، ويمكن أن يجعل هذا، أعني قوله: {والذين ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ} دليلاً على الثاني؛ لأن المؤمنين إذا كانوا أشد حباً لله لم يكن حبّ الكفار للأنداد كحبّ المؤمنين لله؛ وقيل: المراد بالأنداد هنا الرؤساء، أي: يطيعونهم في معاصي الله، ويقوى هذا الضمير في قلوبهم: {يُحِبُّونَهُمْ} فإنه لمن يعقل، ويقوّيه أيضاً قوله سبحانه عقب ذلك: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا} الآية. قوله: {وَلَوْ تَرَى الذين ظَلَمُواْ} قراءة أهل مكة، والكوفة، وأبو عمر وبالياء التحتية، وهو: اختيار أبي عبيد. وقراءة أهل المدينة، وأهل الشام بالفوقية، والمعنى على القراءة الأولى: لو يرى الذين ظلموا في الدنيا عذاب الآخرة؛ لعلموا حين يرونه أن القوّة لله جميعاً، قاله أبو عبيد. قال النحاس: وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير. انتهى. وعلى هذا، فالرؤية هي: البصرية لا القلبية.
وروي عن محمد بن يزيد المبرّد أنه قال: هذا التفسير الذي جاء به أبو عبيد بعيد، وليست عبارته فيه بالجيدة؛ لأنه يقدّر: ولو يرى الذين ظلموا العذاب، فكأنه يجعله مشكوكاً فيه.
وقد أوجبه الله تعالى، ولكن التقدير، وهو الأحسن: ولو يرى الذين ظلموا أن القوة لله، ويرى بمعنى يعلم، أي: لو يعلمون حقيقة قوّة الله، وشدّة عذابه. قال: وجواب لو محذوف: أي: لتبينوا ضرر اتخاذهم الآلهة، كما حذف في قوله: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار} [الأنعام: 27] {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} [الأنام: 30].
ومن قرأ بالفوقية، فالتقدير: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب، وفزعهم منه لعلمت أن القوّة لله جميعاً.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك، ولكن خوطب بهذا الخطاب، والمراد به أمته، وقيل: {أن} في موضع نصب مفعول لأجله: أي: لأن القوّة لله، كما قال الشاعر:
وأغفُر عوراءَ الكَرِيمِ ادّخارَه *** وأعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللئيم تكَرُّمَا
أي: لادّخاره، والمعنى: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب؛ لأن القوّة لله لعلمت مبلغهم من النكال، ودخلت {إذ} وهي لما مضى في إثبات هذه المستقبلات، تقريباً للأمر، وتصحيحاً لوقوعه.
وقرأ ابن عامر: {إِذْ يَرَوْنَ} بضم الياء، والباقون بفتحها. وقرأ الحسن، ويعقوب، وأبو جعفر: {إن القوّة} و{إن الله} بكسر الهمزة فيهما على الاستئناف، وعلى تقدير القول.
قوله: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا} بدل من قوله: {إِذْ يَرَوْنَ العذاب} ومعناه: أن السادة، والرؤساء تبرءوا ممن اتبعهم على الكفر.
وقوله: {وَرَأَوُاْ العذاب} في محل نصب على الحال: يعني التابعين، والمتبوعين، قيل: عند المعاينة في الدنيا، وقيل: عند العرض، والمساءلة في الآخرة، ويمكن أن يقال فيهما جميعاً، إذ لا مانع من ذلك.
قوله: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب} هي: جمع سبب، وأصله في اللغة: الحبل الذي يشد به الشيء، ويجذب به، ثم جعل كل ما جرّ شيئاً سبباً، والمراد بها: الوُصَل التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من الرحم، وغيره، وقيل: هي الأعمال. والكرّة: الرجعة، والعودة إلى حال قد كانت، و{لو} هنا في معنى التمني كأنه قيل: ليت لنا كرّة، ولهذا وقعت الفاء في الجواب. والمعنى: أن الأتباع قالوا: لو رُددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحاً، ونتبرأ منهم كما تبرّءوا منا. والكاف في قوله: {كَمَا تَبَرَّءواْ مِنَّا} في محل نصب على النعت لمصدر محذوف. وقيل: في محل نصب على الحال، ولا أراه صحيحاً.
وقوله: {كذلك يُرِيهِمُ الله} في موضع رفع، أي: الأمر كذلك، أي: كما أراهم الله العذاب يريهم أعمالهم، وهذه الرؤية إن كانت البصرية فقوله: {حسرات} منتصب على الحال، وإن كانت القلبية، فهو المفعول الثالث، والمعنى: أن أعمالهم الفاسدة يريهم الله إياها، فتكون عليهم حسرات، أو يريهم الأعمال الصالحة التي أوجبها عليهم، فتركوها، فيكون ذلك حسرة عليهم. وقوله: {وَمَا هُم بخارجين مِنَ النار} فيه دليل على خلود الكفار في النار، وظاهر هذا التركيب يفيد الاختصاص، وجعله الزمخشري للتقوية لغرض له يرجع إلى المذهب، والبحث في هذا يطول.
وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن مجاهد في قوله: {وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَادًا} قال: مباهاة، ومضاهاة للحق بالأنداد {والذين ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ} قال: من الكفار لآلهتهم.
وأخرج ابن جرير، عن أبي زيد في هذه الآية قال: هؤلاء المشركون أندادهم آلهتهم التي عبدوا مع الله يحبونهم كما يحبّ الذين آمنوا الله {والذين ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ} من حبهم لآلهتهم.
وأخرج ابن جرير، عن السدّي في الآية قال: الأنداد من الرجال يطيعونهم كما يطيعون الله إذا أمروهم أطاعوهم، وعصوا الله.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة نحو ما قال ابن زيد.
وأخرج ابن جرير، عن الربيع في قوله: {وَلَوْ تَرَى * الذين ظَلَمُواْ} قال: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا أنفسهم، فاتخذوا من دوني أنداداً يحبونهم كحبكم إياي حين يعاينون عذابي يوم القيامة الذي أعددت لهم، لعلمتم أن القوّة كلها لي دون الأنداد، والآلهة لا تغني عنهم هنالك شيئاً، ولا تدفع عنهم عذاباً أحللت بهم، وأيقنتهم أني شديد عذابي لمن كفر بي، وادّعى معي إلهاً غيري.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة في قوله: {إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا} قال: هم الجبابرة، والقادة، والرءوس في الشرك. {مِنَ الذين اتبعوا} قال: هم: الشياطين تبرّءوا من الإنس.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن عباس في قوله: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب} قال: المودة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عنه قال: هي: المنازل.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عنه قال: هي: الأرحام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وأبو نعيم في الحلية، عن مجاهد قال: هي الأوصال التي كانت بينهم في الدنيا، والمودة.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي صالح قال: هي الأعمال.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن الربيع قال: هي المنازل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة في قوله: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} قال: رجعة إلى الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي العالية في قوله: {حسرات} قال: صارت أعمالهم الخبيثة حسرة عليهم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {وَمَا هُم بخارجين مِنَ النار} قال: أولئك أهلها الذين هم أهلها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ثابت بن معبد قال: ما زال أهل النار يأملون الخروج منها حتى نزلت: {وَمَا هُم بخارجين مِنَ النار}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال