سورة الرعد / الآية رقم 39 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مَّثَلُ الجَنَّةِ الَتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الكَافِرِينَ النَّارُ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلُ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَئَابِ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِياًّ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌيَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلاغُ وَعَلَيْنَا الحِسَابُ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ المَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ

الرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعدالرعد




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (39)}
قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ} أي يمحو من ذلك الكتاب ما يشاء أن يوقعه بأهله ويأتي به. {وَيُثْبِتُ} ما يشاء، أي يؤخره إلى وقته، يقال: محوت الكتاب محوا، أي أذهبت أثره. {وَيُثْبِتُ} أي ويثبته، كقوله: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ} [الأحزاب: 35] أي والذاكرات الله. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {وَيُثْبِتُ} بالتخفيف، وشدد الباقون، وفي قراءة ابن عباس، واختيار أبي حاتم وأبي عبيد لكثرة من قرأ بها، لقول: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27].
وقال ابن عمر: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ إلا السعادة والشقاوة والموت».
وقال ابن عباس: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا أشياء، الخلق والخلق والأجل والرزق والسعادة والشقاوة، وعنه: هما كتابان سوى أم الكتاب، يمحو الله منهما ما يشاء ويثبت. {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ} الذي لا يتغير منه شي. قال القشيري: وقيل السعادة والشقاوة والخلق والخلق والرزق لا تتغير، فالآية فيما عدا هذه الأشياء، وفي هذا القول نوع تحكم. قلت: مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد، وإنما يؤخذ توقيفا، فإن صح فالقول به يجب ويوقف عنده، وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء، وهو الأظهر والله أعلم، وهذا يروي معناه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود وأبي وائل وكعب الأحبار وغيرهم، وهو قول الكلبي. وعن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب.
وقال ابن مسعود: اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء، فإنك: تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب. وكان أبو وائل يكثر أن يدعو: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
وقال كعب لعمر بن الخطاب: لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة. {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ}.
وقال مالك بن دينار في المرأة التي دعا لها: اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وقد تقدم في الصحيحين عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «من سره أن يبسط له رزقه وينسأ له أثره فليصل رحمه». ومثله عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «من أحب» فذكره بلفظه سواء، وفية تأويلان: أحدهما- معنوي، وهو ما يبقى بعده من الثناء الجميل والذكر الحسن، والأجر المتكرر، فكأنه لم يمت. والآخر- يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ، والذي في علم الله ثابت لا تبدل له، كما قال: {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ}. وقيل لابن عباس لما روى الحديث الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من أحب أن يمد الله في عمره وأجله ويبسط له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه» كيف يزاد في العمر والأجل؟! فقال: قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام: 2]. فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته، والأجل الثاني- يعني المسمى عنده- من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله، فإذا اتقى العبد ربه ووصل رحمه زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ، ما شاء، وإذا عصى وقطع رحمه نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء، فيزيده في أجل البرزخ فإذا تحتم الأجل في علمه السابق امتنع الزيادة والنقصان، لقوله تعالى: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] فتوافق الخبر والآية، وهذه زيادة في نفس العمر وذات الأجل على ظاهر اللفظ، في اختيار حبر الأمة، والله أعلم.
وقال مجاهد: يحكم الله أمر السنة في رمضان فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة، وقد مضى القول فيه.
وقال الضحاك: يمحو الله ما يشاء من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه ثواب وعقاب، وروى معناه أبو صالح عن ابن عباس.
وقال الكلبي: يمحو من الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه، ورواه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم سئل الكلبي عن هذه الآية فقال: يكتب القول كله، حتى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب، مثل قولك: أكلت وشربت ودخلت وخرجت ونحوه، وهو صادق، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب.
وقال قتادة وابن زيد وسعيد بن جبير: يمحو الله ما يشاء من الفرائض والنوافل فينسخه ويبدله، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، وجملة الناسخ والمنسوخ عنده في أم الكتاب، ونحوه ذكره النحاس والمهدوي عن ابن عباس، قال النحاس: وحدثنا بكر بن سهل، قال حدثنا أبو صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ} يقول: يبدل الله من القرآن ما يشاء فينسخه، {وَيُثْبِتُ} ما يشاء فلا يبدله، {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ} يقول: جملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ.
وقال سعيد بن جبير أيضا: يغفر ما يشاء- يعني- من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره.
وقال عكرمة: يمحو ما يشاء- يعني بالتوبة- جميع الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً} [الفرقان: 70] الآية. وقال الحسن: {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ} من جاء أجله، {وَيُثْبِتُ} من لم يأت أجله.
وقال الحسن: يمحو الآباء، ويثبت الأبناء. وعنه أيضا. ينسي الحفظة من الذنوب ولا ينسى.
وقال السدي: {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ} يعني: القمر، {وَيُثْبِتُ} يعني: الشمس، بيانه قوله: {فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] وقال الربيع بن أنس: هذا في الأرواح حالة النوم، يقبضها عند النوم، ثم إذا أراد موته فجأة أمسكه، ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه، بيانه قوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} الآية [الزمر: 42].
وقال علي بن أبي طالب يمحو الله ما يشاء من القرون، كقوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} [يس: 31] ويثبت ما يشاء منها، كقوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ} [المؤمنون: 31] فيمحو قرنا، ويثبت قرنا.
وقيل: هو الرجل يعمل الزمن الطويل بطاعة الله، ثم يعمل بمعصية الله فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو، والذي يثبت: الرجل يعمل بمعصية الله الزمان الطويل ثم يتوب، فيمحوه الله من ديوان السيئات، ويثبته في ديوان الحسنات، ذكره الثعلبي والماوردي عن ابن عباس.
وقيل: يمحو الله ما يشاء- يعني الدنيا- ويثبت الآخرة.
وقال قيس بن عباد في اليوم العاشر من رجب: هو اليوم الذي يمحو الله فيه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء، وقد تقدم عن مجاهد أن ذلك يكون في رمضان.
وقال ابن عباس: إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام، من درة بيضاء، لها دفتان من ياقوتة حمراء، لله فيه كل يوم ثلاثمائة وستون نظرة، يثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء. وروي أبو الدرداء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «إن الله سبحانه يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء». والعقيدة أنه لا تبديل لقضاء الله، وهذا المحو والإثبات مما سبق به القضاء، وقد تقدم أن من القضاء ما يكون واقعا محتوما، وهو الثابت، ومنه ما يكون مصروفا بأسباب، وهو الممحو، والله أعلم.
وقال الغزنوي: وعندي أن ما في اللوح خرج عن الغيب لإحاطة بعض الملائكة، فيحتمل التبديل، لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال، وما في علمه من تقدير الأشياء لا يبدل. {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ} أصل ما كتب من الآجال وغيرها.
وقيل: أم الكتاب اللوح المحفوظ الذي لا يبدل ولا يغير. وقد قيل: إنه يجري فيه التبديل.
وقيل: إنما يجري في الجرائد الأخر. وسيل ابن عباس عن أم الكتاب فقال: علم الله ما هو خالق، وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتابا، ولا تبديل في علم الله، وعنه أنه الذكر، دليله قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] وهذا يرجع معناه إلى الأول، وهو معنى قول كعب. قال كعب الأحبار: أم الكتاب علم الله تعالى بما خلق وبما هو خالق.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال