سورة إبراهيم / الآية رقم 19 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ

إبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ} أي صفتُهم وحالُهم العجيبةُ الشأنِ التي هي كالمثل في الغرابة، وهو مبتدأٌ خبرُه قوله تعالى: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} كقولك: صفةُ زيدٍ عرضُه مهتوكٌ ومالُه منهوب، وهو استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال من قال: ما بالُ أعمالِهم التي عمِلوها في وجوه البرِّ من صلة الأرحامِ، وإعتاقِ الرقاب، وفداءِ الأسارى، وإغاثةِ الملهوفين، وقرى الأضياف، وغير ذلك مما هو من باب المكارم حتى آل أمرُهم إلى هذا المآل؟ فأجيب بأن ذلك كرماد {اشتدت بِهِ الريح} حملتْه وأسرعتْ الذهاب به {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} العصْفُ اشتدادُ الريحِ وصف به زمانُها مبالغةً، كقولك: ليلةٌ ساكرةٌ وإنما السكورُ لريحها شُبّهت صنائعُهم المعدودةُ لابتنائها على غير أساسٍ من معرفة الله تعالى والإيمان به والتوجّه بها إليه تعالى برماد طيّرته الريحُ العاصفةُ، أو استئنافٌ مسوقٌ لبيان أعمالِهم للأصنام، أو مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ كما هو رأيُ سيبويه أي فيما يتلى عليك مَثلُهم، وقوله: أعمالُهم بدلٌ من مَثَلُ الذين، وقوله: كرماد خبرُه {لاَّ يَقْدِرُونَ} أي يوم القيامة {مِمَّا كَسَبُواْ} من تلك الأعمال {على شَىْء} ما، أي لا يرَوْن له أثراً من ثواب أو تخفيفِ عذابٍ كدأب الرماد المذكور، وهو فذلكةُ التمثيل، والاكتفاءُ ببيان عدمِ رؤيةِ الأثر لأعمالهم للأصنام مع أن لها عقوباتٍ هائلةً للتصريح ببطلان اعتقادِهم وزعمِهم أنها شفعاءُ لهم عند الله تعالى وفيه تهكّمٌ بهم {ذلك} أي ما دل عليه التمثيلُ دَلالةً واضحةً من ضلالهم مع حُسبانهم أنهم على شيء {هُوَ الضلال البعيد} عن طريق الصواب أو عن نيل الثواب.
{أَلَمْ تَرَ} خطابٌ للرسول صلى الله عليه وسلم والمرادُ به أمتُه، وقيل: لكل أحد من الكفرة لقوله تعالى: {يُذْهِبْكُمْ} والرؤيةُ رؤيةُ القلب وقوله تعالى: {أَنَّ الله خَلَقَ السموات والأرض} سادٌّ مسدَّ مفعوليها، أي ألم تعلمْ أنه تعالى خلقهما {بالحق} ملتبسةً بالحكمة والوجهِ الصحيح الذي يحِق أن تخلَقَ عليه، وقرئ: {خالقُ السموات والأرض} {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} يُعدمْكم بالمرة {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} أي يخلُق بدلكم خلقاً آخرَ مستأنَفاً لا علاقة بينكم وبينهم، رتب قدرتَه تعالى على ذلك على قدرته تعالى على خلق السموات والأرض على هذا النمط البديعِ إرشاداً إلى طريق الاستدلالِ فإن من قدَر على خلق مثلِ هاتيك الأجرامِ العظيمةِ كان على تبديل خلق آخرَ بهم أقدر ولذلك قال: {وَمَا ذلك} أي إذهابُكم والإتيانُ بخلق جديد مكانكم {عَلَى الله بِعَزِيزٍ} بمتعذر أم متعسر فإنه قادرٌ بذاته على الممكِنات لا اختصاصَ له بمقدور دون مقدورٍ، ومَنْ هذا شأنُه حقيقٌ بأن يؤمَنَ به ويرجى ثوابُه ويُخشى عقابه.
{وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا} أي يبرُزون يوم القيامة، وإيثارُ صيغة الماضي للدَّلالة على تحقق وقوعِه كما في قوله سبحانه: {وَنَادَى أصحاب الجنة أصحاب النار} أو لأنه لا مُضِيَّ ولا استقبالَ بالنسبة إليه سبحانه، والمرادُ بروزُهم من قبورهم لأمر الله تعالى ومحاسبته، أو لله على ظنهم فإنهم كانوا يظنون عند ارتكابِهم الفواحشَ سراً أنها تخفى على الله سبحانه، فإذا كان يومُ القيامة انكشفوا لله عند أنفسِهم {فَقَالَ الضعفاء} الأتباعُ جمع ضعيف، والمرادُ ضعفُ الرأي، وإنما كتب بالواو على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة {لِلَّذِينَ استكبروا} لرؤسائهم الذين استتبعوهم واستغوَوْهم {إِنَّا كُنَّا} في الدنيا {لَكُمْ تَبَعًا} في تكذيب الرسل عليهم السلام والإعراضِ عن نصائحهم، وهو جمعُ تابع كغيب في جمع غائب، أو مصدر نُعت به مبالغةً، أو على إضمار أي ذوي تبع {فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ} دافعون {عَنَّا} والفاء للدِلالة على سببية الاتباعِ للإغناء، والمرادُ التوبيخُ والعتابُ والتقريعُ والتبكيت {مِنْ عَذَابِ الله مِن شَىْء} من الأولى للبيان واقعةٌ موقعَ الحال، والثانية للتبعيض واقعةٌ موقعَ المفعول، أي بعضُ الشيء الذي هو عذابُ الله تعالى ويجوز كونُهما للتبعيض أي بعضَ شيءٍ هو بعضُ عذاب الله والإعراب كما سبق ويجوز أن تكون الأولى مفعولاً والثانية مصدراً أي فهل أنتم مغنون عنا بعضَ العذاب بعضَ الإغناء، ويعضُد الأولَ قوله تعالى: {فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مّنَ النار}.
{قَالُواْ} أي المستكبرون جواباً عن معاتبة الأتباعِ واعتذاراً عما فعلوا بهم {لَوْ هَدَانَا الله} أي للإيمان ووفّقنا له {لَهَدَيْنَاكُمْ} ولكن ضَلَلْنا فأضللناكم أي اخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا، أو لو هدانا الله طريقَ النجاة من العذاب لهديناكم وأغنينا عنكم كما عرّضناكم له، ولكن سُدّ دوننا طريقُ الخلاص ولاتَ حينَ مناص {سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا} مما لقِينا {أَمْ صَبَرْنَا} على ذلك أي مستوٍ علينا الجزَعُ والصبرُ في عدم الإنجاء، والهمزةُ وأم لتأكيد التسويةِ كما في قوله تعالى: {سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ} وإنما أسندوهما ونسبوا استواءَهما إلى ضمير المتكلم المنتظِمِ للمخاطبين أيضاً مبالغةً في النهي عن التوبيخ بإعلام أنهم شركاءُ لهم فيها ابتُلوا به وتسليةً لهم، ويجوز أن يكون قوله: {سَوَاء عَلَيْنَا} الخ، من كلام الفريقين على مِنوال قوله تعالى: {ذلك لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ} ويؤيده ما روي أنهم يقولون: تعالَوا نجزَعْ فيجزعون خمسَمائة عام فلا ينفعهم، فيقولون: تعالَوا نصبِرْ فيصبِرون كذلك فلا ينفعهم فعند ذلك يقولون ذلك، ولما كان عتابُ الأتباع من باب الجزَعِ ذيّلوا جوابَهم ببيان أن لا جدوى في ذلك فقالوا: {مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} من منجى ومهربٍ من العذاب، من حاص الحمارُ إذا عدل بالفرار، وهو إما اسمُ مكان كالمبيت والمَصيف، أو مصدرٌ كالمغيب والمشيب وهي جملةٌ مفسِّرة لإجمال ما فيه الاستواءُ فلا محل لها من الإعراب، أو حالٌ مؤكدة، أو بدلٌ منه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال