سورة إبراهيم / الآية رقم 21 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ

إبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيمإبراهيم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)}
{وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا} أي يبرزون يوم القيامة، وإيثار الماضي لتحقق الوقوع أو لأنه لا مضي ولا استقبال بالنبسة إليه سبحانه، والمراد ببروزهم لله ظهورهم من قبورهم للرائين لأجل حساب الله تعالى، فاللام للتعليل وفي الكلام حذف مضاف، وجوز أن تكون اللام صلة البروز وليس هناك حذف مضاف، ويراد أنهم ظهروا له عز شأنه عند أنفسهم وعلى زعمهم فإنهم كانوا يظنون عند ارتكابهم الفواحش سرًا أنها تخفى على الله تعالى فإذا كان يوم القيامة انكشفوا له تعالى عند أنفسهم وعلموا أنه لا تخفى عليه جل شأنه خافية، وقال ابن عطية: معنى برزوا صاروا بالبراز وهي الأرض المتسعة فاستعير ذلك لمجمع يوم القيامة، وهذا ميل إلى التعليل والحذف. ونقل الإمام عن الحكماء في تأول البروز أن النفس إذا فارقت الجسد فكأنه زال الغطاء وبقيت مجردة بذاتها عارية عن كل ما سواها وذلك هو البروز لله تعالى وهو كلام تعده العرب من الأحاجي ولذا لم يلتفت إليه المحدثون.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما {وَبَرَزُواْ} مبنيًا للمفعول وبتشديد الراء، والمراد أظهرهم الله تعالى وأخجرهم من قبورهم لمحاسبته {فَقَالَ الضعفاء} جمع ضعيف، والمراد بهم ضعاف الرأي وهم الاتباع، وكتب في المصحف العثماني بواو قبل الهمزة، ووجه ذلك بأنه على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو، ونظيره {عُلَمَآؤُا بني إسرائيل} [الشعراء: 197]. ورد ذلك الجعبي قائلًا: إنه ليس من لغة العرب ولا حاجة للتوجيه بذلك لأن الرسم سنة متبعة، وزعم ابن قتيبة أنه لغة ضعيفة، ولو وجه بأنه اتباع للفظه في الوقف فإن من القراء من يقف في مثل ذلك بالواو كان حسنًا صحيحًا كذا ذكر فليراجع. ولعل من أنصف لا يرى أحسن من ترك التوجيه.
{لِلَّذِينَ استكبروا} أي لرؤسائهم الذين استتبعوهم واستغووهم {إِنَّا كُنَّا} في الدنيا {لَكُمْ تَبَعًا} في تكذيب الرسل عليهم السلام والإعراض عن نصائحهم وهو جمع تابع كخادم وخدم وغايب وغيب أو اسم جمع لذلك ولم يذكر كونه جمعًا في البحر. أو هو مصدر نعت به مبالغة أو بتأويل أو بتقدير مضاف أي تابعين أو ذوي تبع؛ وبه على سائر الاحتمالات يتعلق الجار والمجرور، والتقديم للحصر أي تبعًا لكم لا لغيركم.
وقيل: المعنى: إنا تبع لكم لا لرأينا ولذا سماهم الله تعالى ضعفاء، ولا يلزم منه كون الرؤساء أقوياء الرأي حيث ضلوا وأضلوا، ولو حمل الضعف على كونهم تحت أيديهم وتابعين لهم كان أحسن وليس بذاك.
{فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا} استفهام أريد به التوبيخ والتقريع، والفاء للدلة على سببية الاتباع للإغناء، وهو من الغناء عنى الفائدة وضمن معنى الدفع ولذا عدى بعن أي إنا اتبعناكم فميا كنتم فيه من الضلال فهل أنتم اليوم دافعون عنا {مِنْ عَذَابِ الله مِن شَىْء} أي بعض الشيء الذي هو عذاب الله تعالى بناء على ما قيل: إن {مِنْ} الثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول للوصف السابق والأولى للبيان وهي واقعة موقع الحال من مجرور الثانية لأنها لو تأخرت كانت صفة له وصفة النكرة إذا قدمت أعربت حالًا، واعترض هذا الوجه بأن فيه تقديم من البيانية على ما تبينه وهو لا يجوز، وكذا تقديم الحال على صاحبها المجرور.
وأجيب بأن في كل من هذين الأمرين اختلافًا، وقد أجاز جماعة تقديم {مِنْ} البيانية وصحح ذلك لأنه إنما يفوت بالتقديم الوصفية لا البيانية، وكذا أجاز كثير كابن كيسان وغيرهم تقديم الحال على صاحبها المجرور فلعل الذاهب إلى هذا الوجه في الآية يرى رأي المجوزين لكل من التقديمين.
وقال بعض المدققين: جاز تقديم هذه الحال لأنها في الحقيقة عما سد مسده من شيء أعني بعض لا عن المجرور وحده، وفيه من البعد ما لا يخفى، وجوز أن تكون الأولى والثانية للتبعيض، والمعنى هل أنتم مغنون عنا بعض شيء هو بعض عذاب الله تعالى؛ والإعراب كما سبق، واختار بعضهم على هذا كون الحال عما سد مسده من شيء إذ لو جعل حالًا عن المجرور لآل الكلام إلى هل أنتم مغنون عنا بعض بعض عذاب الله تعالى ولا معنى له، وفيه أنه يفيد المبالغة في عدم الغناء كقولهم: أقل من القليل فنفي المعنى لا معنى له، ولا يصح الإلغاء إذ لا يصح أن يتعلق بفعل ظرفان من جنس دون ملابسة بينهما تصحح التبعية، وجعل الثاني بدلًا من الأول يأباه كما في الكشف اللفظ والمعنى؛ وقد تعقب أبو حيان توجيه التبعيض في المكانين كما سمعت بأن ذلك يقتضي البدلية فيكون بدل عام من خاص لأن {مِن شَىْء} أعم من قوله: {مِنْ عَذَابِ} وهذا لا يقال: لأن بعضية الشيء مطلقة فلا يكون لها بعض، ومما ذكرنا يعلم ما فيه.
وجوز أن تكون الأولى مفعولًا والثانية صفة مصدر سادة مسده، والشيء عبارة عن إغناء ما أي فهل أنتم مغنون عنا بعض عذاب الله بعض الإغناء. وتعقب بأنه يلزم على هذا أن يتعلق بعامل ظرفان إلى آخر ما سمعت آنفًا، وفيه نظر لأن لكون أحدهما في تأويل المفعول به والآخر في تأويل المفعول المطلق صح التعلق ولم يكونا من جنس واحد، وقد يقال: إن تقييد الفعل بالثاني بعد اعتبار تقييده بالأول فليس العامل واحدًا.
ونص الحوفي. وأبو البقاء على أن {مِنْ} الثانية زائدة للتوكيد وسوغ زيادتها تقدم الاستفهام الذي هو هنا في معنى النفي، و{عَذَابُ الله} أما متعلق غنون أو متعلق حذوف وقع حالًا من {شَىْء} أي شيئًا كائنًا من عذاب الله تعالى أو مغنون من عذاب الله تعالى غناء ما {قَالُواْ} أي المستكبرون جوابًا عن توبيخ الضعفاء وتقريعهم واعتذارًا عما فعلوا بهم: {لَوْ هَدَانَا الله} إلى الايمان ووفقنا له {لَهَدَيْنَاكُمْ} ولكن ضللنا فضللناكم أي اهترنا لكم ما اخترنا لأنفسنا، وحاصله على ما قيل: إن ما كان منا في حكم هو النصح لكن قصرنا في رأينا، وقال الزمخشري: إنهم وركوا الذنب في ضلالهم وإضلالهم على الله تعالى وكذبوا في ذلك، ويدل على وقوع الكذب من أمثالهم يوم القيامة قوله تعالى حكاية عن المنافقين: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ على شَىْء} [المجادلة: 18] وقد خالف في ذلك أصول مشايخه لأنهم لا يجوزون صدور الكذب عن أهل القيامة فلا يقبل منه، وجوز أن يكون المعنى لو كنا من أهل اللطف فلطف بنا ربنا واهتدينا لهديناكم إلى الايمان، ونقل ذلك القاضي وزيفه كما ذكره الإمام، وقيل: المعنى لو هدانا الله تعالى إلى الرجعة إلى الدنيا فنصلح ما أفسدناه لهديناكم وهو كما ترى، وقال الجياني. وأبو مسلم: المراد لو هدانا الله تعالى إلى طريق الخلاص من العقاب والوصول إلى النعيم والثواب لهديناكم إلى ذلك، وحاصله لو خلصنا لخلصناكم أيضًا لكن لا مطمع فيه لنا ولكم، قال الإمام: والدليل على أن المراد من الهدي هو هذا أنه الذي طلبوه والتمسوه.
{سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا} مما لقينا {أَمْ صَبَرْنَا} على ذلك و{سَوَآء} اسم عنى الاستواء مرفوع على الخبرية للفعل المذكور بعده لأنه مجرد عن النسبة والزمان فحكمه حكم المصدر والهمزة و{أَمْ} قد جردتا عن الاستفهام لمجرد التسوية ولذا صارت الجملة خبرية فكأنه قيل: جزعنا وصبرنا سواء علينا أي سيان، وإنما أفرد الخبر لأنه مصدر في الأصل، وقال الرضي في مثله: إن {سَوَآء} خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء ثم بين الأمر أن بقولهم: {أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} وما قيل: من أن {سَوَآء} خبر مبتدأ والجملة جزاء للجملة المذكورة بعد لتضمنها معنى الشرط، وإفادة همزة الاستفهام معنى إن لاشتراكهما في الدلالة على عدم الجزم، والتقدير إن جزعنا أم صبرنا فالأمران سيان فتكلف كما لا يخفى، والجزع حزن يصرف عما يراد فهو حزن شديد. وفي البحر هو عدم احتمال الشدة فهو نقيض الصبر، وإنما أسندوا كلًا من الجزع والصبر واستوائهما إلى ضمير المتكلم المنتظم للمخاطبين أيضًا مبالغة في النهي عن التوبيخ بإعلامهم أنهم شركاء لهم فيما ابتلوا به وتسلية لهم.
وجوز أن يكون هذا من كلام الفريقين فهو مردود إلى ما سيق له الكلام وهم الفريقان، ولا نظر إلى القرب كما قيل في قوله تعالى: {ذلك لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بالغيب} [يوسف: 52] وأيد ذلك بما أخرجه ابن أبي حاتم. والطبراني. وابن مردويه عن كعب بن مالك رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما يظن أنه قال: «يقول أهل النار: هلموا فلنصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: هلموا فلنجزع فيبكون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: {سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} الآية، وإلى كون هذه المحاورة بين الضعفاء والمستكبرين في النار ذهب بعضهم ميلًا لظواهر الأخبار.
واستظهر أبو حيان أنها في موضع العرض وقت البروز بين يدي الله تعال، ى وقول الاتباع: {فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا} جزع منهم، وكذا جواب الرؤساء باعترافهم بالضلال، واحتمال أنه من كلام الأولين فقط خلاف الظاهر جدًا، وقوله تعالى: {مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} جملة مفسرة لاجمال ما فيه الاستواء فلا محل لها من الإعراب أو حال مؤكدة أو بدل منه، والمحيص من حاص حاد وفر، وهو إما اسم مكان كالمبيت والمصيف أو مصدر ميمي كالمغيب والمشيب، والمعنى ليس لنا محل ننجوا فيه من عذابه أولًا نجاة لنا من ذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال