سورة البقرة / الآية رقم 172 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}
يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالأكل من طَيبات ما رزقهم تعالى، وأن يشكروه على ذلك، إن كانوا عبيده، والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبولَ الدعاء والعبادة، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد:
حدثنا أبو النضر، حدثنا الفُضَيل بن مرزوق، عن عدَيِّ بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثم ذكر الرجل يطيلُ السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك».
ورواه مسلم في صحيحه، والترمذي من حديث فضيل بن مرزوق.
ولما امتن تعالى عليهم برزقه، وأرشدهم إلى الأكل من طيبه، ذكر أنه لم يحرم عليهم من ذلك إلا الميتة، وهي التي تموت حتف أنفها من غير تذكية، وسواء كانت منخنقة أو موقوذة أو مُتَردِّية أو نطيحة أو قد عدا عليها السبع.
وقد خصص الجمهور من ذلك ميتة البحر لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] على ما سيأتي، وحديث العنبر في الصحيح وفي المسند والموطأ والسنن قوله، عليه السلام، في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» وروى الشافعي وأحمد وابن ماجه والدارقطني من حديث ابن عمر مرفوعًا: «أحل لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال» وسيأتي تقرير ذلك في سورة المائدة.
ولبن الميتة وبيضها المتصل بها نجس عند الشافعي وغيره؛ لأنه جزء منها.
وقال مالك في رواية: هو طاهر إلا أنه ينجس بالمجاورة، وكذلك أنفحة الميتة فيها الخلاف والمشهور عندهم أنها نجسة، وقد أوردوا على أنفسهم أكل الصحابة من جبن المجوس، فقال القرطبي في تفسيره هاهنا: يخالط اللبن منها يسير، ويعفى عن قليل النجاسة إذا خالط الكثير من المائع.
وقد روى ابن ماجه من حديث سيف بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء، فقال: «الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه».
وكذلك حرم عليهم لحم الخنزير، سواء ذُكِّي أو مات حَتْف أنفه، ويدخُلُ شَحْمه في حكم لحمه إما تغليبًا أو أن اللحم يشمل ذلك، أو بطريق القياس على رأي. وكذلك حَرَّم عليهم ما أهِلَّ به لغير الله، وهو ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام، ونحو ذلك مما كانت الجاهلية ينحرون له.
وذكر القرطبي عن ابن عطية أنه نقل عن الحسن البصري: أنه سئل عن امرأة عملت عرسًا للعبها فنحرت فيه جزورًا فقال: لا تؤكل لأنها ذبحت لصنم؛ وأورد القرطبي عن عائشة أنها سئلت عما يذبحه العجم في أعيادهم فيهدون منه للمسلمين، فقالت: ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوه، وكلوا من أشجارهم. ثم أباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج إليها، عند فقد غيرها من الأطعمة، فقال: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} أي: في غير بغي ولا عدوان، وهو مجاوزة الحد {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} أي: في أكل ذلك {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وقال مجاهد: فمن اضطر غير باغ ولا عاد، قاطعًا للسبيل، أو مفارقًا للأئمة، أو خارجًا في معصية الله، فله الرخصة، ومن خرج باغيًا أو عاديًا أو في معصية الله فلا رخصة له، وإن اضطر إليه، وكذا روي عن سعيد بن جبير.
وقال سعيد- في رواية عنه- ومقاتل بن حيان: غير باغ: يعني غير مستحله.
وقال السدي: غير باغ يبتغي فيه شهوته، وقال عطاء الخراساني في قوله: {غَيْرَ بَاغٍ} قال لا يشوي من الميتة ليشتهيه ولا يطبخه، ولا يأكل إلا العُلْقَة، ويحمل معه ما يبلغه الحلال، فإذا بلغه ألقاه وهو قوله: {وَلا عَادٍ} يقول: لا يعدو به الحلال.
وعن ابن عباس: لا يشبع منها. وفسره السدي بالعدوان.
وعن ابن عباس {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} قال: {غَيْرَ بَاغٍ} في الميتة {وَلا عَادٍ} في أكله.
وقال قتادة: فمن اضطر غير باغ ولا عاد في أكله: أن يتعدى حلالا إلى حرام، وهو يجد عنه مندوحة.
وحكى القرطبي عن مجاهد في قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ} أي: أكره على ذلك بغير اختياره.
مسألة: ذكر القرطبي إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير بحيث لا قطع فيه ولا أذى، فإنه لا يحل له أكل الميتة بل يأكل طعام الغير بلا خلاف- كذا قال- ثم قال: وإذا أكله، والحالة هذه، هل يضمنه أم لا؟ فيه قولان هما روايتان عن مالك، ثم أورد من سنن ابن ماجه من حديث شعبة عن أبي إياس جعفر بن أبي وحشية: سمعت عباد بن العنزي قال: أصابتنا عامًا مخمصة، فأتيت المدينة. فأتيت حائطا، فأخذت سنبلا ففركته وأكلته، وجعلت منه في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال للرجل: «ما أطعمته إذ كان جائعا أو ساعيا، ولا علمته إذ كان جاهلا». فأمره فرد إليه ثوبه، وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق، إسناد صحيح قوي جيد وله شواهد كثيرة: من ذلك حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق، فقال: «من أصاب منه من ذي حاجة بفيه غير متخذ خبنة فلا شيء عليه». الحديث.
وقال مقاتل بن حيان في قوله: {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فيما أكل من اضطرار، وبلغنا- والله أعلم- أنه لا يزاد على ثلاث لقم.
وقال سعيد بن جبير: غفور لما أكل من الحرام. رحيم إذ أحل له الحرام في الاضطرار.
وقال وَكِيع: حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: من اضطُرَّ فلم يأكل ولم يشرب، ثم مات دخل النار.
وهذا يقتضي أن أكل الميتة للمضطر عزيمة لا رخصة. قال أبو الحسن الطبري- المعروف بالكيا الهراسي رفيق الغزالي في الاشتغال: وهذا هو الصحيح عندنا؛ كالإفطار للمريض في رمضان ونحو ذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال