سورة الحجر / الآية رقم 7 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الـر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ مَا نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذاً مُّنظَرِينَ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ المُجْرِمِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ

الحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجرالحجر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (11) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} لذّكر: هو القرآن، كما يقول الحق سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}.
والآية الكريمة تحدث عن مقولة من مقولات المشركين المنكرة، وتكشف عن موقف من مواقفهم السفيهة، من النبىّ، إذ يلقون النبىّ بهذا الاستهزاء، ويلقون إليه بتلك السبّة المفضوحة.. {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}.
يقولونها هكذا.. في تأكيد وإصرار!- وفى الإشارة إلى النبي بقولهم: {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} استصغار للنبىّ وإحقار له، إذ ينادونه من مكان بعيد.. {يا أَيُّهَا الَّذِي}.
مع إعراضهم عن ذكر اسمه.. ومناداته بالصفة التي جاءهم عليها، إنما كأنه إنكار لتلك الصفة، وتشنيع عليه بها.. إذ كانوا ينكرون على النبي أن ينزل عليه هو الذكر، من بينهم، كما يقول سبحانه وتعالى عنهم: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا؟ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} [25: القمر] وقوله تعالى: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
يكشف عما أراده المشركون بقولهم: {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} وأنهم إنما يقولون ذلك استهزاء وسخرية وتكذيبا، ولهذا جاء قولهم: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} تحدّيا للنبىّ أن يدفع التهمة التي يتهمونه بها، وهى الادعاء الكاذب، بأنه يحمل إليهم آيات اللّه التي أوحيت إليه.. فإن كان ذلك الذي يدّعيه حقّا، وأنه متصل بالسماء، فليأت بالملائكة تحدثهم، وتشهد له أنه رسول اللّه.. عندئذ يعرف صدقه، ويقبل قوله! ولو ما: حرف تحضيص، بمعنى هلّا.
قوله تعالى: {ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ} أي لا ينزل اللّه سبحانه الملائكة، استجابة لأهواء أصحاب الضلالات، وإنما ينزلهم سبحانه بما يأمرهم به، كالسفارة بينه وبين رسله، أو كالعذاب الذي يرسلهم به إلى من يريد إهلاكهم من القوم الظالمين. وكل هذا حقّ من عند اللّه سبحانه..!
وفى قوله: {وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ} تهديد لهؤلاء المشركين، وأنهم إذا استجاب اللّه لهم، ونزلت الملائكة عليهم كما يقترحون، فإنهم لا ينزلون عليهم إلا بالهلاك والبلاء، بعد أن نزلوا عليهم على يد رسوله بالرحمة والهدى.
وفى هذا يقول اللّه سبحانه: {وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ} [8: الأنعام].
وقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}.
هو ردّ على هؤلاء المشركين الذين سخروا من النبىّ بقولهم: {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} فجاء قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} كبتا لهؤلاء المشركين، وردعا لهم، وإعلانا بما يملأ صدورهم حسدا وحسرة.. فقد أبوا إلا أن يجهلوا الجهة التي يقول النبىّ إنه تلقّى الذّكر منها، فقالوا {نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} ولم يقولوا- ولو على سبيل الاستهزاء- نزّل اللّه عليه الذكر.. فجاءهم قول الحق جلّ وعلا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} بهذا التوكيد القاطع.. ثم جاء قوله تعالى {وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} مؤكدا لهذا التوكيد.. إذ أنه سبحانه هو الذي يتولى حفظه من كل عبث، وصيانته من كل سوء.. وهذا هو الدليل القاطع على أنه منزّل من عند اللّه.. فليحاولوا أن يبدّلوا من صورته، أو يدسّوا عليه ما ليس منه.. فإنهم لو فعلوا، لكان لهم من ذلك حجة على أن ليس من عند اللّه! وقد حفظ اللّه القرآن الكريم، هذا الحفظ الربانىّ، الذي أبعد كلّ ريبة أو شكّ في هذا الكتاب، فلم تمسسه يد بسوء، على كثرة الأيدى التي حاولت التحريف والتعديل، فردّها اللّه، وأبطل كيدها وتدبيرها.. وهكذا ظلّ القرآن الكريم، وسيظل إلى يوم البعث، حمى اللّه الذي تحرسه عنايته، وتحفظه قدرته، فلم تنخرم منه كلمة، أو يتبدل منه حرف.. وتلك حقيقة يعلمها أولو العلم من خصوم الإسلام، كما يؤكدها تاريخ القرآن الكريم، الذي تولّى النبىّ الأمى كتابته في الصحف، كما تولّى غرسه في صدور المؤمنين.. كلمة كلمة، وآية آية.
سئل بعض العلماء: لم جاز التحريف والتبديل على الكتب السماوية السابقة، ولم يجز هذا على القرآن الكريم؟ فقال: إن الكتب السماوية السابقة قد وكل اللّه حفظها إلى أهلها، كما يقول اللّه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ} [44: المائدة]. فأهل الكتاب هم الذين استحفظوا أي وكّلوا بحفظ كتبهم.. ومن هنا جاز أن يفرطوا في هذه الأمانة التي في أيديهم، وأن يدخل عليها ما دخل من تبديل وتحريف.. أما القرآن الكريم فقد تولّى اللّه سبحانه وتعالى حفظه، ولم يكله إلى أهله.. فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}.
ومن ثمّ كان من المستحيل أن يدخل على القرآن الكريم- وهو في حراسة اللّه- تغيير كلمة، أو تبديل حرف!!.
والسؤال هنا: لم وكل اللّه سبحانه وتعالى حفظ الكتب السماوية السابقة إلى أهلها، ولم يتولّ سبحانه وتعالى حفظها، وهى من كلماته، كما تولّى ذلك سبحانه، بالنسبة للقرآن الكريم؟.
والجواب على هذا، واللّه أعلم:
أولا: أن الكتب السماوية السابقة مرادة لغاية محدودة، ولوقت محدود، وذلك إلى أن يأتى القرآن الكريم، الذي هو مجمع هذه الكتب، والمهيمن عليها.. وهو بهذا التقدير الرسالة السماوية إلى الإنسانية كلها في جميع أوطانها وأزمانها.
فلو أن الكتب السماوية السابقة، كان لها هذا الحفظ من اللّه سبحانه، لما دخلها هذا التحريف والتبديل، ومن ثمّ لم يكن للقرآن الكريم هيمنة عليها، ولم يكن ناسخا لها.. الأمر الذي أراد اللّه سبحانه وتعالى للقرآن الكريم أن يجىء له.
وثانيا: هذا التبديل والتحريف الذي أدخله أهل الكتب السابقة على كتبهم، لا يدخل منه شيء على آيات اللّه وكلماته.. كما لم يدخل شيء من ذلك على آياته الكونية، التي يغوى بها الغاوون، وينحرف بها المنحرفون.
وكما لا يدخل شيء من النقص على ذاته الكريمة، أو صفاته وكمالاته، إذا جدّف المجدفون على اللّه، ونظروا إلى ذاته وصفاته بعيون مريضة، وقلوب فاسدة، وعقول سقيمة.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ، وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ}.
الشّيع: جمع شيعة.. وشيعة المرء، من يجتمعون إليه من أهل وعشير.
وفى قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} إشارة إلى أن كل رسول أرسل من عند اللّه، كان مبعوثا إلى قومه الذين يعرفهم ويعرفونه.. كما يقول سبحانه: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [4: إبراهيم].
وفى قوله سبحانه: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} مواساة كريمة للنبىّ، وتخفيف عليه، مما يلقى من قومه من عنت ومكروه.
فتلك هى سبيل الرسل مع أقوامهم.. كلها أشوك، يزرعها السفهاء والحمقى في طريق رسل اللّه إليهم.. فليس الرسول إذا بدعا من الرسل، فيما لقى من قومه، من سفاهات وحماقات، فلقد كان إخوانه الذين سبقوه من رسل اللّه، يلقون مثل ما لقى، من استهزاء وتكذيب.. بل ومنهم من رجم وقتل، ولم يشفع لهم في ذلك، ما بأيديهم من هدى، ولا ما بينهم وبين أقوامهم من آصرة النسب والقرابة.
قوله تعالى: {كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}.
يقال سلك الطريق: أي سار فيه، ومنه قوله تعالى: {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [69: النحل].. وسلك الشيء في الشيء: إدخاله فيه، ومنه قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [32: القصص].. وقوله تعالى: {فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [27: المؤمنون] ومنه السلك، وهو الخيط الذي تنتظم فيه حبات العقد.
وفى قوله تعالى: {كَذلِكَ} إشارة إلى أن ما كان من الأقوام السابقين من تكذيب لرسل اللّه، واستهزاء بهم، هو الذي كان من هؤلاء المجرمين الذين وقفوا من محمد هذا الموقف اللئيم، فكذبوه، وسخروا منه، وآدوه بكل ما قدروا عليه من ألوان الأذى.. فكأن هذا الضلال المستولى على بعض النفوس الخبيثة والطبائع المنكرة، هو داء متنقل، وميراث موروث، يأخذه الخلف عن السلف: {كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ}.
أي أن الضلال القديم، ينغرس في قلوب هؤلاء المجرمين من مشركى قريش، فيكونون أشبه بحبة من حبات هذا العقد الذي ينتظم المقابح والمساويء، ويجمع الأشرار إلى الأشرار.
قوله تعالى: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}.
الضمير في قوله تعالى: {لا يُؤْمِنُونَ} يرجع إلى هؤلاء المجرمين، وهم مشركو قريش، والضمير {به} يعود إلى النبىّ الكريم، الذي جاء ذكره في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ}.
والحديث عنه بضمير الغائب، تنويه بقدر النبي وتكريم له، وإشعار بأن اللّه سبحانه وتعالى هو الذي يتولّى الدفاع عنه، ومحاسبة المجرمين على استهزائهم به.. ويجوز أن يكون هذا الضمير عائدا إلى القرآن الكريم، المذكور في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}.
وفى قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}.
تهديد ووعيد لهؤلاء المجرمين من كفار قريش، وأن سنّة اللّه التي مضت في السابقين، كانت الهلاك والبلاء للمكذبين، والنصر، والعافية للمرسلين وأتباع المرسلين.. ولن تتبدل سنة اللّه مع هؤلاء المشركين من قريش ومن معهم! قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ}.
عرج إلى المكان: صعد إليه، والعروج، هو الصعود من أسفل إلى أعلى.
وسكرّت الأبصار: عميت وعشيت، وزاغت، شأن من تستولى عليه الخمر، ويصيبه دوار السّكر.
وفى الآيتين الكريمتين، ما يكشف عن الضلال الكثيف المنعقد على قلوب هؤلاء المجرمين، وأنهم- وهم في هذا الضلال- لا يرون لمعة من لمعات الهدى أبدا، ولو جاءتهم كل آية مبصرة.
فلو أن اللّه سبحانه فتح لهم بابا من السماء، فظلوا فيه يعرجون ويرتفعون صعدا، حتى يشهدوا الملأ الأعلى، وما فيه من آيات، تدعوهم إلى الإيمان باللّه- لأنكروا ما تشهده حواسّهم، ولاتّهموا أعينهم بأنها قد وقعت تحت حدث من الأحداث، فذهب بقدرتها على الإبصار.. أو لقالوا إن قوة خفية سحرتهم، وخيّلت إليهم هذا الذي يرونه. وهذا يعنى أنهم لن يؤمنوا أبدا، ولو جاءتهم تلك الآيات التي يقترحونها على النبىّ. إذ أن لهم، من ضلالهم، مع كل آية مكر، وفى كل معجزة قاهرة قول.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال