سورة البقرة / الآية رقم 179 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقاًّ عَلَى المُتَّقِينَ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَكُمْ فِي القصاص حياة} بيانٌ لمحاسِنِ الحُكم المذكور على وجهٍ بديعٍ لا تُنال غايتُه حيث جُعل الشيءُ محلاً لضِدِّه، وعُرِّف القصاص ونُكِّر الحياةُ ليدل على أن في هذا الجنس نوعاً من الحياة عظيماً لا يبلُغه الوصفُ وذلك لأن العلمَ به يردَعُ القاتلَ عن القتل فيتسبَّب لحياةِ نفسَيْن، ولأنهم كانوا يقتُلون غيرَ القاتل والجماعةَ بالواحد فتثورُ الفتنةُ بينهم، فإذا اقتُصَّ من القاتل سلِم الباقون فيكون ذلك سبباً لحياتهم، وعلى الأول فيه إضمارٌ وعلى الثاني تخصيصٌ وقيل: المرادُ بالحياة هي الأُخروية فإن القاتلَ إذا اقتُصَّ منه في الدنيا لم يؤخَذْ به في الآخرة، والظَّرْفان إما خبرانِ لـ {حياةٌ} أو أحدُهما خبرٌ والآخَرُ صِلةٌ له أو حالٌ من المستكنِّ فيه وقرئ {في القَصَصِ} أي فيما قُصَّ عليكم من حُكم القتل حياةٌ أو في القرآن حياة أو في القرآنِ حياةٌ للقلوب {يأُوْلِي الالباب} أي ذوي العقولِ الخالصةِ عن شَوْب الأوهام، خوطبوا بذلك بعد ما خُوطبوا بعنوان الإيمان تنشيطاً لهم إلى التأمل في حِكمة القصاص {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي تتقون أنفسَكم من المساهلة في أمره والإهمالِ في المحافظة عليه والحُكمِ به والإذعانِ له، أو في القصاص فتكُفّوا عن القتل المؤدِّي إليه {كُتِبَ عَلَيْكُمْ} بيانٌ لحكمٍ آخَرَ من الأحكام المذكورة {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت} أي حضر أسبابُه وظهرَ أماراتُه أو دنا نفسُه من الحضور، وتقديمُ المفعول لإفادة كمال تمكنِ الفاعلِ عند النفسِ وقت ورودِه عليها {إِن تَرَكَ خَيْرًا} أي مالاً وقيل: مالاً كثيراً لما رُوي عن علي رضي الله عنه أن مولىً له أراد أن يوصِيَ وله سبعُمائة درهمٍ فمنعه وقال: قال الله تعالى: {إِن تَرَكَ خَيْرًا} وإن هذا لشيء يسيرٌ فاترُكْه لعيالك. وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً أراد الوصيةَ وله عيالٌ وأربعُمائة دينارٍ فقالت: ما أرى فيه فضلاً. وأراد آخرُ أن يوصِيَ فسألته كم مالُك؟ فقال: ثلاثةُ آلافِ درهم قالت: كم عيالُك؟ قال: أربعة قالت: إنما قال الله تعالى: إنْ ترك خيراً وإن هذا لشيءٌ يسيرٌ فاترُكْه لعيالك {الوصية للوالدين والاقربين} مرفوعٌ بكُتِبَ، أُخِّر عما بينهما لما مر مراراً، وإيثارُ تذكيرِ الفعلِ مع جواز تأنيثِه أيضاً للفصل أو على تأويل أن يوصِيَ، أو الإيصاءُ، ولذلك ذُكّر الضميرُ في قوله تعالى: {فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ} وإذا ظرفٌ محضٌ والعاملُ فيه كُتب لكن لا من حيث صدورُ الكتْب عنه تعالى بل من حيث تعلُّقُه بهم تعلقاً فِعلياً مستتبِعاً لوجوب الأداءِ كما يُنبىء عنه البناءُ للمفعول وكلمةُ الإيجاب، ولا مساغَ لجعل العامل هو الوصيةُ لتقدّمه عليها، وقيل: هو مبتدأ خبرُه للوالدين، والجملةُ جوابُ الشرط بإضمار الفاءِ كما في قوله:
مَنْ يفعلِ الحسناتِ الله يشكُرُها ***
ورد بأنه صحّ فمن ضرورةِ الشعر ومعنى كُتب فُرض، وكان هذا الحكمُ في بدء الإسلام ثم نسخ عند نزول آيةِ المواريثِ، بقوله عليه السلام: «إنّ الله قد أعطى كلَّ ذي حق حقَّه ألا لا وصيةَ لوارثٍ» فإنه وإن كان من أخبار الآحادِ لكن حيثُ تلقته الأمةُ بالقَبول انتظم في سلك المتواتِر في صلاحيته للنسخ عند الحنفيةِ على أن التحقيقَ أن الناسخَ حقيقةً هي آيةُ المواريث، وإنما الحديثُ مُبيّنٌ لجهة نسخِها ببيانِ أنه تعالى كان قد كتب عليكم أن تؤدوا إلى الوالدين والأقربين حقوقَهم بحسب استحقاقهم من غير تبيين لمراتب استحقاقِهم ولا تعيين لمقادير أنصبائِهم بل فوض ذلك إلى آرائكم حيث قال: {بالمعروف} أي بالعدْل، فالآن قد رَفَعَ ذلك الحُكمَ عنكم لتبيين طبقاتِ استحقاقِ كلِّ واحدٍ منهم وتعيينِ مقاديرِ حقوقِهم بالذات وأعطى كلَّ ذي حق منهم حقه الذي يستحقه بحكم القرابة من غير نقصٍ ولا زيادة ولم يدَعْ ثمةَ شيئاً فيه مدخلٌ لرأيكم أصلاً حسبما تُعرِب عنه الجملةُ المنفيَّةُ بلا النافية للجنس وتصديرُها بكلمة التنبيه، إذا تحققتَ هذا ظهر لك أن ما قيل مِنْ أن آيةَ المواريثِ لا تعارضُه بل تحقِّقه وتؤكّدُه من حيث إنها تدلُ على تقديمِ الوصيةِ مطلقاً والحديثُ من الآحاد، وتلقّي الأمةِ إياه بالقَبول لا يُلحِقُه بالمتواتر ولعله احترَز عنه مَنْ فسَّر الوصيةَ بما أوصى به الله عز وجل من توريثِ الوالدَيْن والأقرَبين بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ الله} أو بإيصاءِ المُحتَضَرِ لهم بتوفير ما أوصى به الله تعالى عليهم بمعزلٍ من التحقيق وكذا ما قيل من أن الوصيةَ للوارث كانت واجبةً بهذه الآية من غير تعيينٍ لأنصبائهم فلما نزلت آيةُ المواريثِ بياناً للأنصباء بلفظ الإيصاءِ فُهم منها بتنبيه النبي صلى الله عليه وسلم أن المرادَ منه هذه الوصيةُ التي كانت واجبة، كأنه قيل: إن الله تعالى أوصى بنفسه تلك الوصيةَ ولم يُفَوِّضْها إليكم فقام الميراثُ مقامَ الوصيةِ فكان هذا معنى النسخِ لا أن فيها دلالةً على رفع ذلك الحُكمِ، فإن مدلولَ آيةِ الوصيةِ حيث كان تفويضاً للأمر إلى آراء المكلَّفين على الإطلاق وتسنّي الخروجِ عن عُهدة التكليف بأداءِ ما أدَّى إليه آراؤُهم بالمعروف، فتكون آيةُ المواريثِ الناطقةِ بمراتب الاستحقاقِ وتفاصيل مقاديرِ الحقوقِ القاطعةِ بامتناعِ الزيادةِ والنقصِ بقوله تعالى: {فَرِيضَةً مّنَ الله} ناسخةً لها رافعةً لحُكمها مما لا يَشتبهُ على أحد، وقولُه تعالى: {حَقّا عَلَى المتقين} مصدرٌ مؤكد أي حَقَّ ذلك حقاً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال