سورة النحل / الآية رقم 90 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

النحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}
يخبر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل، وهو القسط والموازنة، ويندب إلى الإحسان، كما قال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، وقال {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]، وقال {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا، من شرعية العدل والندب إلى الفضل.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} قال: شهادة أن لا إله إلا الله.
وقال سفيان بن عيينة: العدل في هذا الموضع: هو استواء السريرة والعلانية من كل عامل لله عملا. والإحسان: أن تكون سريرته أحسن من علانيته. والفحشاء والمنكر: أن تكون علانيته أحسن من سريرته.
وقوله: {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} أي: يأمر بصلة الأرحام، كما قال: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26].
وقوله: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} فالفواحش: المحرمات. والمنكرات: ما ظهر منها من فاعلها؛ ولهذا قيل في الموضع الآخر: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33]. وأما البغي فهو: العدوان على الناس. وقد جاء في الحديث: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم».
وقوله {يَعِظُكُمْ} أي: يأمركم بما يأمركم به من الخير، وينهاكم عما ينهاكم عنه من الشر، {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
قال الشعبي، عن شُتَيْر بن شَكَل: سمعت ابن مسعود يقول: إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ} الآية. رواه ابن جرير.
وقال سعيد عن قتادة: قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ} الآية، ليس من خُلُق حسن كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به، وليس من خلق سيئ كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله عنه وقدم فيه. وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها.
قلت: ولهذا جاء في الحديث: «إن الله يحب معالي الأخلاق، ويكره سَفْسافها».
وقال الحافظ أبو نُعَيم في كتابه كتاب معرفة الصحابة: حدثنا أبو بكر محمد بن الفتح الحنبلي، حدثنا يحيى بن محمد مولى بني هاشم، حدثنا الحسن بن داود المنْكَدري، حدثنا عمر بن علي المقدمي، عن علي بن عبد الملك بن عمير عن أبيه قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه وقالوا: أنت كبيرنا، لم تكن لتخف إليه! قال: فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه. فانتدب رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك: من أنت؟ وما أنت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما من أنا فأنا محمد بن عبد الله، وأما ما أنا فأنا عبد الله ورسوله». قال: ثم تلا عليهم هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قالوا: اردد علينا هذا القول فردده عليهم حتى حفظوه. فأتيا أكثم فقالا أبى أن يرفع نسبه، فسألنا عن نسبه، فوجدناه زاكي النسب، وسطا في مضر، وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها، فلما سمعهن أكثم قال: إني قد أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رءوسا، ولا تكونوا فيه أذنابا.
وقد ورد في نزول هذه الآية الكريمة حديث حَسن، رواه الإمام أحمد:
حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر، حدثني عبد الله بن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء بيته جالس، إذ مر به عثمان بن مظعون، فكشر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تجلس؟» فقال: بلى. قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبله، فبينما هو يحدثه إذ شَخَص رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره في السماء، فنظر ساعة إلى السماء فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يَمْنته في الأرض، فتحرَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له، وابن مظعون ينظر فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له، شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما شخص أول مرة. فأتبعه بصره حتى توارى في السماء. فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى فقال: يا محمد، فيما كنت أجالسك؟ ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة! قال: «وما رأيتني فعلت؟» قال: رأيتك شخص بصرك إلى السماء ثم وضعته حيث وضعته على يمينك، فتحرفت إليه وتركتني، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئا يقال لك. قال: «وفطنت لذلك؟» فقال عثمان: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني رسول الله آنفا وأنت جالس». قال: رسولُ الله؟ قال: «نعم». قال: فما قال لك؟ قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قال عثمان: فذلك حين استقر الإيمان في قلبي، وأحببت محمدًا صلى الله عليه وسلم.
إسناد جيد متصل حسن، قد بُيِّن فيه السماع المتصل.
ورواه ابن أبي حاتم، من حديث عبد الحميد بن بَهرام مختصرًا.
حديث آخر: عن عثمان بن أبي العاص الثقفي في ذلك، قال الإمام أحمد:
حدثنا أسود بن عامر، حدثنا هُرَيْم، عن لَيْث، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، إذ شَخَصَ بَصره فقال: «أتاني جبريل، فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}».
وهذا إسناد لا بأس به، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين، والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال