سورة النحل / الآية رقم 94 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ

النحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(94)}
وردتْ كلمة الدّخَل في الآية قبل السابقة وقلنا: إن معناها: أن تُدخِلَ في الشيء شيئاً أدْنى منه من جنسه على سبيل الغشِّ والخداع، وإن كان المعنى واحداً في الآيتين فإن الآية السابقة جاءت لتوضيح سبب الدَّخَل وعَلّته، وهي أن تكون أُمة أَرْبى من أمة، ويكسب أحد الأطراف على حساب الآخر. أما في هذه الآية فجاءت لتوضيح النتيجة من وجود الدَّخَل، وهي: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا..} [النحل: 94].
ففي الآية نَهْيٌ عن اتخاذ الأَيْمان للغش والخداع والتدليس؛ لأن نتيجة هذا الفعل فساد يأتي على المجتمع من أساسه، وفَقْد للثقة المتبادلة بين الناس والتي عليها يقوم التعامل، وتُبنَى حركة الحياة، فالذي يُعطي عهداً ويُخلْفه، ويحلف يميناً ويحنث فيه يشتهر عنه أنه مُخلِف للعهد ناقض للميثاق.
وبناءً عليه يسحب الناس منه الثقة فيه، ولا يجرؤ أحد على الصَّفَق معه، فيصبح مَهيناً ينفضُ الناس أيديهم منه، بعد أنْ كان أميناً وأهلاً للثقة ومَحَلاً للتقدير.
هذا معنى قوله تعالى: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا...} [النحل: 94].
وبذلك يسقط حقُّه مع المجتمع، ويحيق به سوء فِعْله، ويجني بيده ثمار ما أفسده في المجتمع، وبانتشار هذا الخلُق السيئ تتعطّل حركة الحياة، وتضيع الثقة والأمانة.
إذن: هذه زَلَّة وكَبْوة بعد ثبات وقوة، بعد أنْ كان أَهْلاً للثقة صاحب وفاء بالعهود والمواثيق يُقبِل عليه الناس، ويُحبُّون التعامل معه بما لديْه من شرف الكلمة وصِدْق الوعد، فإذا به يتراجع للوراء، ويتقهقر للخلف، ويفقد هذه المكانة.
ولذلك نجد أهل المال والتجارة يقولون: فلان اهتزَّ مركزه في السوق أي: زَلَّتْ قدمه بما حدث منه من نقْضٍ للعهود، وحِنْث في الأيمان وغير ذلك مما لا يليق بأهل الثقة في السوق، ومثل هذا ينتهي به الأمر إلى أنْ يعلنَ إفلاسه في دنيا التعامل مع الناس.
أما الوفاء بالعهود والمواثيق والأَيْمان فيجعل قدمك في حركة الحياة ثابتة لا تتزحزح ولا تهتزّ، فترى مال الناس جميعاً مالَه، وتجد أصحاب الأموال مقبلين عليك يضعون أموالهم بين يديك، بما تتمتع به من سمعة طيبة ونزاهة وأمانة في التعامل.
ولذلك، فالتشريع الإسلامي حينما شرع لنا الشركة راعى هذا النوع من الناس الذي لا يملك إلا سمعة طيبة وأمانة ونزاهة ووفاء، هذا هو رأس مالهم، فإنْ دخل شريك بما لديْه من رأس المال، فهذا شريك بما لديْه من شرف الكلمة وشرف السلوك، ووجاهة بين الناس، وماضٍ مُشرِّف من التعامل.
وهذه يسمونها (شركة الوجوه والأعيان) وهذا الوجيه في دنيا المال والتجارة لم يأخذ هذه الوجاهة إلا بما اكتسبه من احترام الناس وثقتهم، وبما له من سوابق فضائل ومكارم.
وكذلك، قد نرى هذه الثقة لا في شخص من الأشخاص، بل نراها في ماركة من الماركات أو العلامات التجارية، فنراها تُبَاع وتُشْتري، ولها قيمة غالية في السوق بما نالتْه من احترام الناس وتقديرهم، وهذا أيضاً نتيجة الصدق والالتزام والأمانة وشرف الكلمة.
وقوله تعالى: {وَتَذُوقُواْ السواء بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 94].
السوء: أي العذاب الذي يسُوء صاحبه في الدنيا من مهانة واحتقار بين الناس، وكسَاد في الحال، بعد أنْ سقط من نظر المجتمع، وهدم جِسْر الثقة بينه وبين مجتمعه.
وقوله تعالى: {بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله} [النحل: 94].
الحديث هنا عن الذين ينقضون العهود والأَيْمان ولا يُوفُونَ بها، فهل في هذا صَدٌّ عن سبيل الله؟
نقول: أولاً إن معنى سبيل الله: كل شيء يجعل حركة الحياة منتظمة تُدَار بشرف وأمانة وصِدْق ونفاذ عهد.
ومن هنا، فالذي يُخلف العهد، ولا يفي بالمواثيق يعطي للمجتمع قدوة سيئة تجعل صاحب المال يضنُّ بماله، وصاحب المعروف يتراجع، فلو أقرضتَ إنساناً وغدرَ بكَ فلا أظنُّك مُقرِضاً لآخر.
إذن: لا شَكَّ أن في هذا صداً عن سبيل الله، وتزهيداً للناس في فعْل الخير.
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 94].
فبالإضافة إلى ما حاقَ بهم من خسارة في الدنيا، وبعد أنْ زَلَّتْ بهم القدم، ونزل بهم من عذاب الدنيا ألوانٌ ما زال ينتظرهم عذاب عظيم أي في الآخرة.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال