سورة النحل / الآية رقم 110 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الخَاسِرُونَ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ

النحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِى الاخرة هُمُ الخاسرون} إذْ ضيّعوا أعمارَهم وصرفوها إلى ما لا يفضي إلا إلى العذاب المخلد.
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجروا} إلى دار الإسلام وهم عمارٌ وأصحابُه رضي الله عنهم، أي لهم بالولاية والنصرِ لا عليهم كما يوجبه ظاهرُ أعمالِهم السابقةِ، فالجارُّ والمجرور خبرٌ لإن ويجوز أن يكون خبرُها محذوفاً فالدلالة الخبرِ الآتي عليه ويجوز أن يكون ذلك خبراً لها وتكون إن الثانيةُ تأكيداً للأولى، وثم للدِلالة على تباعد رتبةِ حالهم التي يفيدها الاستثناءُ من مجرد الخروجِ عن حكم الغضب والعذابِ بطريق الإشارة، لا عن رتبة حالِ الكفرة {مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ} أي عُذّبوا على الارتداد وتلفظوا بما يرضيهم مع اطمئنان قلوبِهم بالإيمان، وقرئ على بناء الفاعل أي عذَّبوا المؤمنين كالحضْرمي أكره مولاه جبراً حتى ارتد ثم أسلما وهاجرا {ثُمَّ جاهدوا} في سبيل الله {وَصَبَرُواْ} على مشاقّ الجهاد {إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا} من بعد المهاجِرةَ والجهاد والصبرِ، فهو تصريحٌ بما أشعر به بناءُ الحُكم على الموصول من علّية الصلة له أو من بعد الفتنة المذكورة فهو لبيان عدمِ إخلالِ ذلك بالحكم {لَغَفُورٌ} لما فعلوا من قبلُ {رَّحِيمٌ} يُنعم عليهم مجازاةً على ما صنعوا من بعد، وفي الترعض لعنوان الربوبيةِ في الموضعين إيماءٌ إلى علة الحكمِ، وفي إضافة الربِّ إلى ضميره عليه السلام مع ظهور الأثرِ في الطائفة المذكورة إظهارٌ لكمال اللطفِ به عليه السلام وإشعارٌ بأن إفاضة آثارِ الربوبيةِ عليهم من المغفرة والرحمةِ بواسطته عليه السلام ولكونهم أتباعاً له.
{يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍ} منصوب برحيم وما رُتِّب عليه، أو باذكر وهو يوم القيامة يوم يقوم الناسُ لرب العالمين {تجادل عَن نَّفْسِهَا} عن ذاتها تسعى في خلاصها بالاعتذار لا يُهِمّها شأنُ غيرها فتقول نفسي نفسي {وتوفى كُلُّ نَفْسٍ} أي تعطى وافياً كاملاً {مَّا عَمِلَتْ} أي جزاءَ ما عملت بطريق إطلاقِ اسمِ السبب على المسبَّب إشعاراً بكمال الاتصالِ بين الأجزية والأعمال، وإيثارُ الإظهار على الإضمار لزيادة التقريرِ وللإيذان باختلاف وقتي المجادلةِ والتوفيةِ وإن كانتا في يوم واحد {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} لا يُنقَصون أجورَهم أو لا يعاقبون بغير موجب ولا يُزاد في عقابهم على ذنوبهم.
{وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً} قيل: ضرْبُ المثل صنعُه واعتمالُه، وقد مرَّ تحقيقُه في سورة البقرة، ولا يتعدى إلا إلى مفعول واحدٍ وإنما عُدّيَ لاثنين لتضمينه معنى الجعْل، وتأخيرُ قريةً مع كونها مفعولاً أولاً لئلا يحولَ المفعولُ الثاني بينها وبين صفتِها وما يترتب عليها، إذ التأخيرُ عن الكل مُخِلٌّ بتجاذب أطرافِ النظم وتجاوبها، ولأن تأخيرَ ما حقُّه التقديمُ مما يورث النفسَ ترقباً لوروده تشوقاً لا سيما إذا كان في المقدَّم ما يدعو إليه، فإن المثلَ مما يدعو إلى المحافظة على تفاصيل أحوالِ ما هو مثلٌ فيتمكن المؤخرُ عند ورودِه لديها فضلَ تمكنٍ، والقريةُ إما محققةٌ في الغابرين، وإما مقدرةٌ أي جعلها مثلاً لأهل مكةَ خاصةً، أو لكل قوم أنعم الله تعالى عليهم فأبطرتهم النعمةُ ففعلوا ما فعلوا فبدل الله تعالى بنعمتهم نقمةً ودخل فيهم أهلُ مكةَ دخولاً أولياً {كَانَتْ ءامِنَةً} ذاتَ أمنٍ من كل مَخُوف {مُّطْمَئِنَّةً} لا يُزعج أهلَها مزعجٌ {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا} أقواتُ أهلها، صفةٌ ثانية لقريةً وتغييرُ سبكها عن الصفة الأولى لما أن إتيانَ رزقِها متجددٌ وكونَها آمنةً مطمئنةً ثابتٌ مستمرٌّ {رَغَدًا} واسعاً {مّن كُلّ مَكَانٍ} من نواحيها.
{فَكَفَرَتْ} أي كفرَ أهلُها {بِأَنْعُمِ الله} أي بنِعَمه، جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدِرع وأدرُع، أو جمع نُعْم كبؤس وأبؤس، والمراد بها نعمةُ الرزقِ والأمن المستمرِّ، وإيثارُ جمعِ القلةِ للإيذان بأن كفرانَ نعمةٍ قليلة حيث أوجب هذا العذابَ فما ظنك بكفران نِعمٍ كثيرة {فَأَذَاقَهَا الله} أي أذاق أهلها {لِبَاسَ الجوع والخوف} شُبِّه أثرُ الجوعِ والخوف وضررُهما المحيطُ بهم باللباس الغاشي للاّبس فاستُعير له اسمُه وأُوقِع عليه الإذاقةُ المستعارة لمطلق الإيصالِ المنبئةِ عن شدة الإصابةِ بما فيها من اجتماع إدراكَيْ اللامسةِ والذائقة على نهج التحرير، فإنها لشيوع استعمالِها في ذلك وكثرةِ جرَيانها على الألسنة جرت مجرى الحقيقةِ كقول كثيِّر:
غمْرُ الرداءِ إذا تبسم ضاحكا *** غلقت لضحكته رقابُ المال
فإن الغمْرَ مع كونه في الحقيقة من أحوال الماءِ الكثير لمّا كان كثيرَ الاستعمال في المعروف المشبَّهِ بالماء الكثير جرى مجرى الحقيقةِ فصارت إضافتُه إلى الرداء المستعارِ للمعروف تجريداً. أو شبّه أثرُهما وضررُهما من حيث الإحاطةُ بهم والكراهةُ لديهم تارة باللباس الغاشي لِلاّبس المناسبِ للخوف بجامع الإحاطةِ واللزوم تشبيهَ معقولٍ بمحسوس فاستُعير له اسمُه استعارةً تصريحيةً، وأخرى بطعم المرِّ البشعِ الملائمِ للجوع الناشىءِ من فقد الرزق بجامع الكراهة، فأُوميَ إليه بأن أوقع عليه الإذاقةُ المستعارة لإيصال الضارِّ المنبئةُ عن شدة الإصابة بما فيها من اجتماع إدراكَيْ اللامسة والذائقة، وتقديمُ الجوعِ الناشىء مما ذكر من فقدان الرزقِ على الخوف المترتب على زوال الأمن المقدمِ فيما تقدم على إتيان الرزق لكونه أنسبَ بالإذاقة أو لمراعاةٍ بينها وبين إتيان الرزقِ، وقد قرئ بتقديم الخوفِ وبنصبه أيضاً عطفاً على المضاف، أو إقامةً له مُقامَ مضافٍ محذوف وأصله ولباسَ الخوف {بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} فيما قبلُ أو على وجه الاستمرار وهو الكفرانُ المذكور أسند ذلك إلى أهل القريةِ تحقيقاً للأمر بعد إسنادِ الكفرانِ إليها وإيقاعِ الإذاقة عليها إرادةً للمبالغة، وفي صيغة الصنعة إيذانٌ بأن كفرانَ النعمة صار صنعةً راسخةً لهم وسنةً مسلوكة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال