سورة النحل / الآية رقم 123 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ

النحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحلالنحل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}
اعلم أنه تعالى لما زيف في هذه السورة مذاهب المشركين في أشياء، منها قولهم بإثبات الشركاء والأنداد لله تعالى، ومنها طعنهم في نبوة الأنبياء والرسل عليهم السلام، وقولهم لو أرسل الله رسولاً لكان ذلك الرسول من الملائكة.
ومنها قولهم بتحليل أشياء حرمها الله، وتحريم أشياء أباحها الله تعالى، فلما بالغ في إبطال مذاهبهم في هذه الأقوال، وكان إبراهيم عليه السلام رئيس الموحدين وقدوة الأصوليين، وهو الذي دعا الناس إلى التوحيد وإبطال الشرك وإلى الشرائع. والمشركون كانوا مفتخرين به معترفين بحسن طريقته مقرين بوجوب الاقتداء به، لا جرم ذكره الله تعالى في آخر هذه السورة، وحكى عنه طريقته في التوحيد ليصير ذلك حاملاً لهؤلاء المشركين على الإقرار بالتوحيد والرجوع عن الشرك، واعلم أنه تعالى وصف إبراهيم عليه السلام بصفات:
الصفة الأول: أنه كان أمة، وفي تفسيره وجوه:
الأول: أنه كان وحده أمة من الأمم لكماله في صفات الخير كقوله:
ليس على الله بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحد
الثاني: قال مجاهد، كان مؤمناً وحده، والناس كلهم كانوا كفاراً فلهذا المعنى كان وحده أمة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زيد بن عمرو بن نفيل: يبعثه الله أمة وحده الثالث: أن يكون أمة فعلة بمعنى مفعول كالرحلة والبغية، فالأمة هو الذي يؤتم به، ودليله قوله: {إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124].
الرابع: أنه عليه السلام هو السبب الذي لأجله جعلت أمته ممتازين عمن سواهم بالتوحيد والدين الحق، ولما جرى مجرى السبب لحصول تلك الأمة سماه الله تعالى بالأمة إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، وعن شهر بن حوشب لم تبق أرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض إلا زمن إبراهيم عليه السلام فإنه كان وحده.
الصفة الثانية: كونه قانتاً لله، والقانت هو القائم بما أمره الله تعالى به قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه كونه مطيعاً لله.
الصفة الثالثة: كونه حنيفاً والحنيف المائل إلى ملة الإسلام ميلاً لا يزول عنه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أول من اختتن وأقام مناسك الحج وضحى، وهذه صفة الحنيفية.
الصفة الرابعة: قوله: {وَلَمْ يَكُ مِنَ المشركين} معناه: أنه كان من الموحدين في الصغر والكبر والذي يقرر كونه كذلك أن أكثر همته عليه السلام كان في تقرير علم الأصول فذكر دليل إثبات الصانع مع ملك زمانه وهو قوله: {رَبّيَ الذي يُحْىِ وَيُمِيتُ} [البقرة: 258] ثم أبطل عبادة الأصنام والكواكب بقوله: {لا أُحِبُّ الآفلين} [الأنعام: 76] ثم كسر تلك الأصنام حتى آل الأمر إلى أن ألقوه في النار، ثم طلب من الله أن يريه كيفية إحياء الموتى ليحصل له مزيد الطمأنينة، ومن وقف على علم القرآن علم أن إبراهيم عليه السلام كان غارقاً في بحر التوحيد.
الصفة الخامسة: قوله: {شَاكِراً لأَنْعُمِهِ} روي أنه عليه السلام كان لا يتغدى إلا مع ضيف فلم يجد ذات يوم ضيفاً فأخر غداءه فإذا هو بقوم من الملائكة في صورة البشر فدعاهم إلى الطعام فأظهروا أن بهم علة الجذام فقال: الآن يجب عليّ مؤاكلتكم فلولا عزتكم على الله تعالى لما ابتلاكم بهذا البلاء.
فإن قيل: لفظ الأنعم جمع قلة، ونعم الله تعالى على إبراهيم عليه السلام كانت كثيرة. فلم قال: {شَاكِراً لأَنْعُمِهِ}.
قلنا: المراد أنه كان شاكراً لجميع نعم الله إن كانت قليلة فكيف الكثيرة.
الصفة السادسة: قوله: {اجتباه} أي اصطفاه للنبوة. والاجتباء هو أن تأخذ الشيء بالكلية وهو افتعال من جبيت، وأصله جمع الماء في الحوض والجابية هي الحوض.
الصفة السابعة: قوله: {وَهَدَاهُ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} أي في الدعوة إلى الله والترغيب في الدين الحق والتنفير عن الدين الباطل، نظيره قوله تعالى: {وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه} [الأنعام: 153].
الصفة الثامنة: قوله: {وءاتيناه فِي الدنيا حَسَنَةً} قال قتادة: إن الله حببه إلى كل الخلق فكل أهل الأديان يقرون به، أما المسلمون واليهود والنصارى فظاهر، وأما كفار قريش وسائر العرب فلا فخر لهم إلا به، وتحقيق الكلام أن الله أجاب دعاءه في قوله: {واجعل لّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخرين} [الشعراء: 84] وقال آخرون: هو قول المصلي منا كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وقيل: الصدق، والوفاء والعبادة.
الصفة التاسعة: قوله: {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين}.
فإن قيل: لم قال: {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} ولم يقل: وإنه في الآخرة في أعلى مقامات الصالحين؟
قلنا: لأنه تعالى حكى عنه أنه قال: {رَبّ هَبْ لِى حُكْماً وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} [البقرة: 130] فقال هاهنا: {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} تنبيهاً على أنه تعالى أجاب دعاءه ثم إن كونه من الصالحين لا ينفي أن يكون في أعلى مقامات الصالحين فإن الله تعالى بين ذلك في آية أخرى وهي قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ءاتيناها إبراهيم على قَوْمِهِ نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء} [الأنعام: 83].
واعلم أنه تعالى لما وصف إبراهيم عليه السلام بهذه الصفات العالية الشريفة قال: {ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا} وفيه مباحث:
البحث الأول: قال قوم: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان على شريعة إبراهيم عليه السلام، وليس له شرع هو به منفرد، بل المقصود من بعثته عليه السلام إحياء شرع إبراهيم عليه السلام وعول في إثبات مذهبه على هذه الآية وهذا القول ضعيف، لأنه تعالى وصف إبراهيم عليه السلام في هذه الآية بأنه ما كان من المشركين، فلما قال: {اتبع مِلَّةَ إبراهيم} كان المراد ذلك.
فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الشرك وأثبت التوحيد بناء على الدلائل القطعية وإذا كان كذلك لم يكن متابعاً له فيمتنع حمل قوله: {إِنْ أَتَّبِعْ} على هذا المعنى فوجب حمله على الشرائع التي يصح حصول المتابعة فيها.
قلنا: يحتمل أن يكون المراد الأمر بمتابعته في كيفية الدعوة إلى التوحيد وهو أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى بأنواع كثيرة على ما هو الطريقة المألوفة في القرآن.
البحث الثاني: قال صاحب الكشاف: لفظة ثم في قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ} تدل على تعظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلال محله والإيذان بأن أشرف ما أوتي خليل الله من الكرامة وأجل ما أوتي من النعمة اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملته من قبل، إن هذه اللفظة دلت على تباعد هذا النعت في المرتبة عن سائر المدائح التي مدحه الله بها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال