سورة الإسراء / الآية رقم 2 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ وَآتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُواًّ كَبِيراً فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)}
{سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً}.
«عن طلحة بن عبيد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله. قال: تنزيه الله عن كل سوء» ويكون سبحان بمعنى التعجب.
قال الأعشى:
أقول لما جاءني فخر *** سبحان من علقمة الفاخر
وفي بعض الحديث تفسير سبحان الله: براءة الله من السوء.
فالآية متضمنة للمعنين جميعاً.
{مِّنَ المسجد الحرام}. اختلفوا فيه: قال بعضهم: كان اسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد مكة.
يدل عليه ماروى قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبرئيل بالبراق..» وذكر حديث المعراج.
وقال الآخرون: عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم من دار أم هاني بنت أبي طالب أخت علي رضي الله عنه وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي.
وقالوا: معنى قوله: {مِّنَ المسجد الحرام} من الحرم، لأن الحرم كله مسجد.
يدل عليه ماروى الكلبي عن أبي صالح عن باذان عن أم هاني بنت أبي طالب أنها كانت تقول: ما أسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة فصلى في بيتي العشاء الآخرة فصليت معه، ثمّ قمت فنمت وتركته في مصلاه فلم انتبه حتّى أنبهني لصلاة الغداة، قال: «قومي يا أم هاني أُحدثك العجب».
فقلت: كل حديثك العجب بأبي أنت وأمي فقام وصلى الغداة فصليت معه فلما إنصرف قال: «يا أم هاني لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بعد نومك ثمّ أتاني جبرئيل وأنا في مُصلاي هذا فقال: يا محمّد أخرج فخرجت إلى الباب فإذا بملك راكب على دابة فقال لي: اركب فركبت فسارت بي إلى بيت المقدس، فإذا أتيت على واد طالت يدا الدابة وقصرت رجلاها، فإذا أتيت على عقبة طالت رجلاها وقصرت يداها حتّى إذا أنتهيت إلى بيت المقدس فصليت فيه ثمّ صليت صلاة الغداة معكم الآن كما تروني».
قال مقاتل: كانت ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة.
{إلى المسجد الأقصى} يعني بيت المقدس، سمّي أقصى لأنه أبعد المساجد التي تزار {الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} بالماء والأنهار والأشجار والثمار.
وقال مجاهد: سمّاه مباركاً لأنه مَقَرّ الأنبياء، وفيه مهبط الملائكة والوحي، وهو الصخرة، ومنه يحشر الناس يوم القيامة.
{لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ} عجائب أمرنا {إِنَّهُ هُوَ السميع البصير}.
وأما حديث المسرى، فأقتصرت به على الأخبار المأثورة المشهورة دون المناكير والأحاديث الواهية الأسانيد وجمعتها على نسق واحد مختصر، ليكون أعلى في الاستماع وأدنى إلى الانتفاع، وهو ما ورى الزهري عن ابن سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى السدي عن محمّد بن السائب عن باذان عن ابن عبّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم دخل كلام بعضهم في بعض قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما كانت ليلة أسري بي وأنا بمكة بين النائم واليقظان، جاءني جبرئيل عليه السلام فقال يا محمّد قم فقمت فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل فقال جبرئيل لميكائيل: أئتني بطشت من ماء زمزم لكيما وعطر قلبه وأشرح له صدره قال: فشق بطني فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل بثلاث طشات من ماء زمزم، فشرح صدري ونزع ما كان فيه من غل وملاه حلماً وعلماً وإيماناً وختم بين كتفيَّ بخاتم النبوة، ثمّ أخذ جبرئيل بيدي حتّى انتهى بي إلى سقاية زمزم فقال لملك: ائتني بنور من ماء زمزم ومن ماء الكوثر، فقال: توضأ فتوضأت ثمّ قال لي: انطلق يا محمّد. قلت: إلى اين؟ قال: إلى ربك ورب كل شيء، فأخذ بيدي وأخرجني من المسجد فإذا أنا بالبراق دابة فوق الحمار ودون البغل خدّه كخد الانسان وذنبه كذنب البعير وعرفه كعرف الفرس وقوائمه كقوائم الابل وأظلافه كأظلاف البقر وصدره كأنه ياقوتة حمراء وظهره كأنه درة بيضاء عليه رحل من رحائل الجنة، وله جناحان في فخذيه يمّر مثل البرق خطوة منتهى طرفه فقال لي: إركب، وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام.
قال: فلما وضعت يديَّ عليه شمس واستعصى عليَّ، فقال جبرئيل: مه يابراق، فقال البراق: يا جبرئيل مس ظهري فقال جبرئيل: هل مسستَ ظهراً قال: لا والله إلاّ إني مررت يوماً على نصاب إبل فمسحت يدي على رؤسهما وقلت: إن قوماً يعبدونكما من دون الله ضلال. فقال جبرئيل: يابراق أما تستحي فوالله ماركبك مذ كنت قط نبي أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم قال: فأرتعش البراق وأنصب عرقاً حياءً مني، ثمّ خفض لي حتى لزق بالأرض، فركبته واستويت عليه قام بي جبرئيل نحو المسجد الأقصى بخطوا البراق مدَّ البصر يرسل إلى جنبي لا يفوتني ولا أفوته حيناً أنا في مسيري إذا جاءني نداء عن يميني قال: يا محمّد على رسلك أسلك بقولها ثلاثاً فلم أرفق عليه ثمّ مضيت حتّى جاوزته، فإذا أنا بامرأة عجوز رفعت لي عليها من كل زينة وبهجة تقول: يا محمّد إليَّ، فلم ألتفت إليها وقلت: يا جبرئيل من هذا الذي ناداني عن يميني؟ فقال: داعية اليهود والذي نفسي بيده لو أجبته لتهودت أُمتك من بعدك والذي ناداك من يسارك داعية النصارى، والذي نفسي بيده لو أجبت لتنصّرت أُمتك من بعدك، فأما التي رفعت لك بهجتها وزينتها فهي الدنيا لو التويت إليها لاختارت أُمتك الدنيا على الآخرة.
ثمّ أتيت بإنائين أحدهما اللبن والآخر خمرة فقيل لي: اشرب ايهما شئت، فأخذت اللبن فشربته. فقال لي جبرئيل: أصبت الفطرة أنت وأمتك، أما إنك لو أخذت الخمر لخمرت أمتك من بعدك قال: ثمّ سار رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار معه جبرئيل فأتى على قوم يزرعون ويحصدون في يوم واحد، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء المهاجرون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة سبعمائة ضعف، وما انفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين.
قال: ثمّ أتى على قوم يرضخ رؤسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيئاً. قال: ماهؤلاء ياجبرئيل؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة. ثمّ أتى على قوم إقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع فيسرحون كما تسرح الأنعام إلى الضريع، والزقوم قد صف جهنم وحجارتها فقال: ماهؤلاء ياجبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين لايؤدون صدقات أموالهم وماظلمهم الله {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] ثمّ أتى على قوم بين ايديهم لحم في قدر نضيج طيب ولحم آخر خبيث، فجعلوا يأكلون الخبيث ويدعون النضيج الطيب، قال: ماهؤلاء ياجبرئيل؟ فقال: هذا الرجل من يكون عنده المرأة حلالاً طيباً فأتى امرأه خبيثة فيبيت معها حتّى يصبح، فالمرأة تقوم من عند زوجها حلالاً طيباً فتأتي الرجل الخبيث فتبيت معه حتّى تصبح، ثمّ أتى على إمرأة في الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء آخر إلا فتتّه. فقال: ما هذا ياجبرئيل؟ قال: هذا مثل أمتك يقعدون على الطريق فيقطعون بمثلاً {وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} [الأعراف: 86] الآية ثمّ أتى على رجل جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال: ما هذا ياجبرئيل؟ قال: هذا الرجل من أمتك عليه أمانات الناس لايقدر على أدائها وهو يزيد عليها، ثمّ أتى على قوم يقرض السنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت. قال: ما هؤلاء ياجبرئيل؟ قال هؤلاء خطباء الفتنة، ثمّ أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع.
قال: ما هذا؟ قال: هذا الرجل من أمتك يتكلم الكلمة العظيمة ثمّ يندم عليها ولا يستطيع أن يردها. قال: ثمّ أتى واد فوجد ريحاً طيبة باردة وصوتاً. قال: ما هذه الريح الطيبة وما هذا الصوت؟ قال: هذا صوت الجنة، فقال: ربّ أرني بما وعدتني فقد كثر غُرَفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي وفواكهي وعسلي ولبني وخمري ومائي، فأتني بما وعدتني. فقال: لك كل مؤمن ومؤمنة من آمن بي وبرسلي وعمل صالحاً ولم يشرك بي ولم يتخذ من دوني أنداداً، ومن خشيني فهو آمن ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته ومن توكل عليَّ كفيته، إني أنا الله لا إله إلاّ أنا لا أخلف الميعاد قد أفلح المؤمنين تبارك الله أحسن الخالقين قال: قد رضيت. قال ثمّ أتى على واد فسمع صوتاً منكراً ووجد ريحاً منتنة فقال: ماهذا يا جبرئيل؟ قال: هذا صوت جهنم تقول: يا ربّ آتني ما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتد حرّي إئتني بما وعدتني، قال: لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لايؤمن بيوم الحساب.
قالت: قد رضيت يارب، ثمّ سار ومعه جبرئيل فقال له جبرئيل: إنزل فصل. قال: فنزلت وصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجرة إلى الله. ثمّ قال: إنزل فصلّ قال فنزلت فصليت فقال: أتدري أين صليت صليت بطور سيناء حيث كلّم الله موسى ثمّ قال: إنزل فصل، قال: فنزلت فصليت. فقال: أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام قال: ثمّ مضينا حتّى أتينا بيت المقدس فلما انتهيت إليه إذا أنا بملائكة قد نزلوا من السماء يتلقونني بالبشارة والكرامة من عند رب العزة يقولون: السلام عليك يا أول ويا آخر ويا حاشر، قال: قلت ياجبرئيل ما تحيتهم إياي؟ قال: إنك أول من تنشر عنه الأرض وعن أمتك، وأول شافع وأول مشفع وإنك آخر الأنبياء وإن الحشر لك وبأمتك يعني حشر يوم القيامة.
قال صلى الله عليه وسلم ثمّ جاوزناهم حتّى انتهينا إلى باب المسجد، فأنزلني جبرئيل وربط البراق بالحلقة الي كانت تربط بها الأنبياء عليه السلام بحطام عليه من حرير الجنة، فلما دخلت الباب إذا أنا بالأنبياء والمرسلين».
وفي حديث أبي العالية: «أرواح الأنبياء والمرسلين الذين بعثهم الله قبلي من لدن إدريس ونوح إلى عيسى قد جمعهم الله عزّ وجلّ، فسلموا عليَّ وحيوني بمثل تحية الملائكة قلت: ياجبرئيل من هؤلاء؟ قال: أخوتك الأنبياء، زعمت قريش أن لله شريكاً، واليهود والنصارى أن لله ولداً، سل هؤلاء المرسلين هل لله شريك؟».
وذلك قوله تعالى: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45] فأقرّوا بالربوبية لله تعالى ثمّ جمعهم والملائكة صفوفاً فقدمني وأمرني أن أُصلي بهم فصليت بهم ركعتين. ثمّ إن الأنبياء أثنوا على ربهم فقال إبراهيم عليه السلام الحمد لله الذي إتخذني خليلاً وأعطاني مُلكاً عظيماً وجعلني أُمة قانتاً يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها عليّ برداً وسلاماً. ثمّ إن موسى عليه السلام أثنى على ربّه فقال: الحمد لله رب العالمين الذي كلمني تكليماً وجعل هلاك فرعون منه ونجاة بني إسرائيل على يديّ، وجعل من أمتي قوماً يهدون بالحق وبه يعدلون. ثمّ إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي جعل لي ملكاً عظيماً وعلمني الزبور وأَلاَنَ لي الحديد وسخر لي الجبال يسبحن والطير وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب. ثمّ إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح وسخر لي جنود الشياطين يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواني وقدور راسيات، وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شيء فضلاً وآتاني ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد من بعدي وجعل ملكي ملكاً طيباً ليس عليّ فيه حساب.
ثمّ إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله ربّ العالمين الذي جعلني كلمة منه وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ورفعني وطهرني وأعاذني وأُمّي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيل.
ثمّ إن محمداً صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم قد أثنى على ربه وأنا مثن على ربي» فقال: «الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيراً ونذيراً وأنزل عليّ القرآن فيه بيان كل شيء وجعل أُمتي {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] وجعل أُمتي {أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: 143] وجعل أُمتي هم الأولون والآخرون وشرح لي صدري ووضع عني وزري ورفع لي ذكري وجعلني فاتحاً وخاتماً».
فقال إبراهيم عليه السلام: بهذا أفضلكم محمّد، ثمّ أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها: إناء فيه ماء فقيل له: إشرب فشرب منه يسيراً، ثمّ دفع إليه إناء آخر فيه لبن فقيل له: إشرب فشرب منه حتّى روى، ثمّ دفع إليه إناء آخر فيه خمر فقيل له: إشرب، فقال: لا أريده قد رويت. فقال له جبرئيل: قد أصبت أما إنها ستحرم على أُمتك، ولو شربت منها لم يتبعك من أُمتك إلاّ قليل، ولو رويت من الماء لغرقت وغرقت أمتك ثمّ أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فإنطلق بي إلى الصخرة فصعد بي إليها فإذا معراج إلى السماء لم أرَّ مثله حسناً وجمالاً لم ينظر الناظرون إلى شيء قط أحسن منه. ومنه تعرج الملائكة اصله على صخرة بيت المقدس ورأسه ملتصق بالسماء إحدى عارضيه ياقوتة حمراء والأخرى زبرجدة خضراء درجة من فضة ودرجة من ذهب ودرجة من زمرد مكلل بالدر والياقوت وهو المعراج الذي ينطلق منه ملك الموت لقبض الأرواح لمغاراتهم فيمنكم شخص أسرعت عنه المعرفة إذا عاينه لحسنهُ، فاحتملني جبرئيل حتّى وضعني على جناحه ثمّ ارتفع بي إلى سماء الدنيا من ذلك المعراج، فقرع الباب فقيل: مَن؟ قال: أنا جبرئيل. قال: ومن معك؟ قال: محمّد.
قال: أوَقد بعث محمّد؟ قال: نعم. قال: مرحباً به حيّاهُ الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء ففتح الباب ودخلنا. قال: فبينما أنا أسير في السماء الدنيا إذ رايت ديكاً له زغب أخضر ورأس أبيض بياض ريشه كأشد بياض ما رأيته قط، وزغب أخضر تحت ريشه كأشد خضرة ما رأيتها قط وإذا رجلا في تخوم الأرض السابعة السفلى ورأسه عند العرش مثنيّ عنقه تحت العرش له جناحان من منكبيه إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب فإذا كان في بعض الميل نشر جناحيه وخفق بهما، وصرخ بالتسبيح لله عزّ وجلّ يقول سبحان الملك القدوس الكبير المتعال لا إله إلاّ هو الحي القيوم، فإذا فعل ذلك سبّحت ديكة الأرض كلها وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ فإذا سكن ذلك الديك في السماء سكنت ديكة الأرض كلها، ثمّ إذا هاج بنحو ما فعلوا في السماء صاحت ديكة الأرض جواباً له بالتسبيح لله عزّ وجلّ بنحو قوله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم أزل منذ رأيت ذلك الديك مشتاقاً إليه أن أراه ثانية».
قال: ثمّ مررت بملك نصف جسده مما يلي رأسه نار والنصف الآخر ثلج وما بينهم رتق، فلا النار يذيب الثلج ولا الثلج يطفيء النار، وهو قائم ينادي بصوت له حسن رفيع: اللهم مؤلف بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين.
فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: ملك من الملائكة يقال له حبيب وكلّه الله بأكناف السماوات وأطراف الأرضين، ما أنصحه لأهل الأرض هذا قوله منذ خلقه الله تعالى. قال: ثمّ مررت بملك آخر جالس على كرسي قد جمع الدنيا بين ركبتيه، وفي يديه لوح مكتوب من نور ينظر فيه لا يلتفت يميناً ولا شمالاً ينظر فيه كهيئة الحزين. فقلت: من هذا ياجبرئيل؟ مامررت أنا بملك أنا أشد خوفاً منه شيء من هذا؟ قال: وما يمنعك كلّنا بمنزلتك، هذا ملك الموت دائب في قبض الأرواح وهو أشد الملائكة عملاً وأدأبهم. قلت: يا جبرئيل كل من مات نظر إلى هذا؟ قال: نعم. قلت: كفى بالموت من طامة. فقال: يا محمّد ما بعد الموت أطمّ وأعظم، قلت: يا جبرئيل أُدنني من ملك الموت أسلم عليه وأساله فأدناني منه فسلمت عليه فأومى إليَّ فقال له جبرئيل: هذا محمّد نبي الرحمة ورسول العرب فرحب بي وحياني وأحسن بشارتي وإكرامي. وقال: أبشر يا محمّد فإني ارى الخير كله في أمتك. فقلت: الحمد لله المنان بالنعم، ما هذا اللوح الذي بين يديك؟ قال: مكتوب فيه آجال الخلائق.
قلت: فأين أسماء من قبضت أرواحهم في الدهور الخالية؟ قال: تلك في لوح آخر قد علمت خلقها، ولذلك أصنع بكل ذي روح إذا قبضت روحه خَلفّت عليها، فقلت: يا ملك الموت سبحان الله كيف تقدر على قبض أرواح جميع أهل الأرض وأنت في مكانك هذا لا تبرح؟ قال: ألا ترى أن الدنيا كلها بين ركبتي وجميع الخلائق بين عيني ويداي يبلغان المشرق والمغرب وخلقهما فإذا نفد أجل عبد من عباد الله نظرت إليه وإلى أعواني فإذا نظر أعواني من الملائكة اليَّ فنظرت إليه عرفوا أنه مقبوض فعمدوا إليه يعالجون نزع روحه فإذا بلغ الروح الحلقوم علمت ذلك ولا يخفى عليَّ شيء من أمري، أمددت يدي إليه فقبضته فلا يلي قبضه غيري، فذلك أمري وأمر ذوي الأرواح من عباد الله.
قال: إنما أبكاني حديثه وأنا عنده ثمّ جاوزنا فمررنا بملك آخر ما رأيت من الملائكة خلقاً مثله عابس الوجه كريه المنظر شديد البطش ظاهر الغضب، فلما نظر رغبت منه شيئاً وسألته فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ فإني رعبت منه رعباً شديداً قال: فلا تعجب أن ترعب منه كلنا بمنزلتك في الرعب منه، هذا مالك خازن النار لم يتبسم قط ولم يزل منذ ولاّه الله عزّ وجلّ جهنم يزداد كل يوم غضباً وغيظاً على أعداء الله عزّ وجلّ وأهل معصيته لينتقم منهم، قلت: ادنني منه. فأدناني منه فسلم عليه جبرئيل فلم يرفع رأسه فقال جبرئيل: يا مالك هذا محمّد رسول العرب فنظر اليَّ وحياني وبشرني بالخير. فقلت: مُذّ كم أنت واقف على جهنم؟ فقال: مذ خلقت حتّى الآن وكذلك إلى أن تقوم الساعة فقلت: يا جبرئيل مره ليرني طرفاً من النار فأمره ففعل فخرج منه لهب ساطع أسود معه دخان مكدر مظلم إمتلأ منه الآفاق فرايت هولا عظيماً وأمراً فظيعاً أعجز عن صفته لكم فغشيّ عليَّ وكاد يذهب نَفسي، فضمّني جبرئيل وأمر أن يرد النار فرّدها.
قال صلى الله عليه وسلم: «فجاوزناها فمررنا بملائكة كثيرة لا يحصى عدتهم إلاّ الله عزّ وجلّ منهم وجوه بين كتفيه ووجوه في صدره في كل وجه أفواه والسن، فهو يحمد الله ويسبحه بتلك الألسن ورأيت من أجسامهم وخلقهم وعبادتهم أمراً عظيماً، ثمّ جاوزناها فإذا برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من خليقة الناس عن يمينه باب تخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب تخرج منه ريح خبيثة إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك فإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله بكى بحزن، فقلت: يا جبرئيل من هذا وما هذان البابان؟ قال: هذا أبوك آدم عليه السلام هذا الباب عن يمينه باب الجنة إذا نظر إلى من يدخل من ذريته الجنة ضحك واستبشر، والباب الذي عن شماله باب جهنم إذا نظر إلى من يدخل من ذريته جهنم بكى وحزن قال: ثمّ صعدنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبرئيل عليه السلام فقيل: من هذا؟ قال: جبرئيل. قيل ومَن معك؟ قال: محمّد، قيل: وقد أرسله الله.
قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة فنِعم الأخ ونعِم الخليفة ونعم المجيء، فدخلنا فاذا بشابين فقلت: يا جبرئيل من هذان الشابان؟ فقال: هذا عيسى ويحيى أبناء الخالة. قال: ثمّ صعدت إلى السماء الثالثة فاستفتح فقالوا: من هذا؟ قال: جبرئيل. قيل ومَن معك؟ قال: محمّد. قالوا: وقد أُرسل محمّد؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة فنِعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخلنا فإذا برجل قد فُضّل على الناس بالحسن كأفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب قلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أخوك يوسف عليه السلام».
قال صلى الله عليه وسلم: «ثمّ صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح قالوا: من هذا؟ قال: جبرئيل، قالوا: ومن معك؟ قال: محمّد. قالوا: وقد أُرسل محمّد؟ قال: نعم. قالوا: حيّاه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخلنا فإذا برجل من حاله كذا فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا إدريس رفعه الله مكاناً علياً وهو مسند ظهره إلى دواوين الخلائق التي فيها أمورهم.
قال: ثمّ صعد بي إلى السماء الخامسة فإستفتح قالوا: من هذا؟ قال: جبرئيل. قالوا: من معك؟ قال: محمّد قالوا: وقد أُرسل محمّد؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء.
قال: ثمّ دخلنا فإذا برجل جالس وحوله قوم يقصٌّ عليهم فقلت: ياجبرئيل من هذا؟ ومن هؤلاء الذين حوله؟ قال: هذا هارون المحبب وهؤلاء الذين حوله بنو إسرائيل».
قال «ثمّ صعدنا إلى السماء السادسة فإستفتح فقالوا: من هذا؟ قال: جبرئيل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمّد؟ قالوا: وقد أُرسل محمّد؟ قال: نعم قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، ثمّ دخلنا فإذا برجل جالس فجاوزناه فبكى الرجل فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: هذا موسى. قلت: فماله يبكي؟ قال: يزعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله عزّ وجلّ، وهذا رجل من بني آدم وقد خلفني في دنياه وأنا في أخرتي فلو أنه بنفسه لم أبال ولكن مع كل نبي أمته».
قال: «ثمّ صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح فقيل من هذا؟ قال: جبرئيل. قيل ومن معك؟ قال: محمّد. قالوا: وقد أرسل محمّد؟ قال: نعم. قالوا: حيّاه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، ثمّ دخلنا فإذا برجل أشمط جالس على كرسي عند باب الجنة وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس، وقوم في ألوانهم شيء [...] فقام الذين في ألوانهم شيء فدخلوا نهراً فاغتسلوا فيه فخرجوا منه وقد خلص من ألوانهم شيء، ثمّ دخلوا نهراً آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم وصارت مثل ألوان أصحابهم فجاءوا فجلسوا إلى جنب أصحابهم فقلت: يا جبرئيل من هذا الأشمط ومن هؤلاء وما هذه الأنهار؟ قال: هذا أبوك إبراهيم عليه السلام أوّل من شمط على الأرض، وأما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، فأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء فقوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فتابوا فتاب الله عليهم، وأما الأنهار الثلاثة فأولها رحمة الله والثاني نعمة الله والثالث سقاهم ربهم شراباً طهوراً قال: فإذا إبراهيم مستند إلى بيت فسالت جبرئيل، فقال: هذا البيت المعمور يدخل فيه كل يوم سبعون الف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه آخر ما عليهم. قال: فاتي بي جبرئيل حتّى إنتهينا إلى سدرة المنتهى فإذا أنا بشجرة لها أوراق الواحدة منها مغطية الدنيا بما فيها وإذا شقها مثل هلال هجر تخرج من أصلها أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فسألت عنها جبرئيل فقال: أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهرين فالنيل والفرات ويخرج أيضاً من أصلها {أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} [محمد: 15] وهي على حد السماء السابعة مما الجنة وعروقها وأغصانها تحت الكرسي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنتهيت إلى سدرة المنتهى وأنا أعرف أنها سدرة المنتهى وأعرف ورقها وثمرها فغشيها من نور الله ما غشيها وغشيتها الملائكة كأنهم جراد من ذهب من خشية الله تعالى فلما غشيها ما غشيها تحولت حتّى ما يستطيع أحد منعها، قال: وفيها ملائكة لا يعلم عدّتهم إلاّ الله عزّ وجلّ، ومقام جبرئيل في وسطها فلما إنتهيت إليها قال لي جبرئيل: تقدم. فقلت: أقدم من؟ تقدم أنت يا محمّد فإنك أكرم على الله مني، فتقدمت وجبرئيل على أثري حتّى انتهى بي إلى حجاب فراس الذهب فحرك الحجاب. فقال: من ذا؟ قال: أنا جبرئيل ومعي محمّد. قال الملك: الله أكبر فأخرج يده من تحت الحجاب فاحتملني وخلف جبرئيل فقلت له: إلى أين؟ قال: يا محمّد ومامنا إلاّ له مقام معلوم إن هذا منتهى الخلائق، وإنما أذن لي في الدنو إلى الحجاب لاحترامك ولجلالك.
قال: فإنطلق بي الملك أسرع من طرفة عين إلى حجاب اللؤلؤ فحرك الحجاب. قال الملك: من وراء الحجاب: من هذا؟قال: أنا صاحب فراس الذهب وهذا محمّد رسول العرب معي.
فقال الملك: الله اكبر وأخرج يده من تحت الحجاب فأحتملني حتّى وضعني بين يديه فلم أزل كذلك من حجاب إلى حجاب حتّى جاوزوا بي سبعين حجاباً غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام وما بين الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام، ثمّ دلّى لي رفرف أخضر يغلب ضوءه ضوء الشمس فألتمع بصري ووضعت على ذلك الرفرف ثمّ إحتملني حتّى وصلني إلى العرش فلما رأيت العرش إتضح كل شيء عند العرش فقربني الله إلى سند العرش وتدلى لي قطرة من العرش فوقف على لساني فماذاق الذائقون شيئاً قط أحلى منها فأنباني الله عزّ وجلّ بها نبأ الأولين والآخرين وأطلق الله لساني بعد ما كلّ من هيبة الرحمن، فقلت: التحيات لله والصلوات الطيبات. فقال الله تعالى: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقال: يا محمّد هل تعلم فيم اختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: أنت أعلم يارب بذلك وبكل شيء وأنت علام الغيوب. قال: اختلفوا في الدرجات والحسنات، فهل تدري يا محمّد ما الدرجات وما الحسنات؟ قلت: أنت أعلم يارب. قال: الدرجات إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإنتظار الصلوات بعد الصلاة والحسنات إفشاء السلم وإطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام ثمّ قال: يا محمّد آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه؟ قلت: نعم أي رب. قال: ومن؟ قلت: والمؤمنين {كُلٌّ آمَنَ بالله وملائكته وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ} [البقرة: 285] كما فرقت اليهود والنصارى. فقال: ماذا قالوا؟
قلت: قالوا: سمعنا قولك وأطعنا أمرك. قال: صدقت فسل تعط. قال: فقلت: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصير} [البقرة: 285] قال: قد غفرت لك ولأمتك سل تعطه؟ فقلت: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قال: قد رفعت الخطأ والنسيان عنك وعن أمتك وما استكرهوا عليه، قلت: {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] قال: قد فعلت ذلك بك وبأمتك. قلت ربنا {واعف عَنَّا} [البقرة: 286] من الخسف {واغفر لَنَا} [البقرة: 286] من القذف {وارحمنآ} [البقرة: 286] من المسخ {أَنتَ مَوْلاَنَا فانصرنا عَلَى القوم الكافرين} [البقرة: 286] قال: قد فعلت ذلك لك ولأُمتك، ثمّ قيل: لي سل.
فقلت: يارب إنك إتخذت إبراهيم خليلاً، وكلمت موسى تكليماً، ورفعت إدريس مكاناً علياً، وآتيت سليمان ملكاً عظيماً، وآتيت داود زبوراً، فمالي يارب؟ قال ربي: يا محمّد اتخذتك خليلي كما اتخذت إبراهيم خليلاً وكلمتك كما كلمت موسى تكليماً وأعطيتك فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة وكانا من كنوز العرش ولم أعطها نبياً قبلك، وأرسلتك إلى أهل الأرض جميعاً أبيضهم وأسودهم وإنسهم وجنّهم ولم أرسل إلى جماعتهم نبياً قبلك وجعلت الارض كلها برّها وبحرها طهوراً ومسجداً لك ولأمتك وأطعمتك وأمتك الفيء ولم أطعمه أمة قبلهم ونصرتك بالرعب على عدوك مسيرة شهر، وأنزلت عليك سيد الكتب كلها ومهيمناً عليها قرآناً فرقناه ورفعت لك ذكرك فتذكر كلما ذكرت في شرائع ديني، وأعطيتك مكان التوراة المثاني ومكان الانجيل المبين ومكان الزبور الحواميم، وفضلتك بالمفصّل وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس وجعلهم أمة وسطاً وجعلتهم الأولين وهم الآخرون فخذ ما أتيتك وكن من الشاكرين. قال صلى الله عليه وسلم ثمّ فوّض لي بعهد بعدها أمور لم يؤذن لي أن أخبركم بها ثمّ فرضت عليَّ وعلى أُمتي في كل يوم وليلة خمسون صلاة فلما شهد اليَّ بعهده وتركني عنده ما شاء قال لي: إرجع إلى قومك فبلغهم عني فَحملني الرفرف الأخضر الذي كنت عليه يخفضني ويرفعني حتّى أهوى بي إلى سدرة المنتهى فإذا أنا بجبرئيل عليه السلام أبصره خلفي بقلبي كما أبصر بعيني أمامي، فقال لي جبرئيل: ابشر يا محمّد فإنك خير خلق الله وصفوته من النبيين حياك الله بما لم يحيي به أحداً من خلقه لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولقد وضعك مكاناً لم يصل إليه أحد من أهل السماوات والأرض فهنّاك الله كرامته وما حباك من المنزلة الأثيرة والكرامة الفائقة، فخذ ذلك وإشكر فإن الله منعم يحب الشاكرين.
فحمدت الله على ذلك ثمّ قال لي جبرئيل: إنطلق يا محمّد إلى الجنة حتّى أُريك مالكَ فيها فتزداد بذلك في الدنيا زهادة إلى زهادتك وفي الآخرة رغبة إلى رغبتك فسرنا نهوي منفضين أسرع من السهم والريح حتّى وصلنا بإذن الله إلى الجنة فهدأت نفسي وثاب إليَّ فؤادي وأنشأت أسأل جبرئيل عما كنت رأيت في الجنة من البحور والنار والنور وغيرها، فقال: سبحان الله تلك سرادقات عرش رب العزة التي أحاطت بعرشه فهي سترة الخلائق من نور الحجب ونور العرش لولا ذلك لأحرق نور العرش ونور الحجب من تحت العرش من خلق الله ومالم تره أكثر وأعجب، قلت: سبحان الله ما أكثر عجائب خلقه.
قلت: يا جبرئيل ومن الملائكة الذين رأيتهم في تلك البحور الصفوف بعد الصفوف كأنهم بنيان مرصوص؟
قال: يا رسول الله هم الروحانيون الذين يقول الله: {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة} [النبأ: 38] ومنهم الروح الأعظم، ثمّ بعد ذلك قلت: ياجبرئيل فمن الصف الواحد الذين في البحر الأعلى فوق الصفوف كلها قد أحاطوا بالعرش؟ قال: هم الكروبيون أشراف الملائكة وعظمائهم ولايجتري أحد من الملائكة أن ينظر إلى ملك من الكروبيين وهم أعظم شأنا من أن أصف صفتهم لك وكفى مارأيت منهم، ثمّ طاف بي جبرئيل في الجنة بإذن الله فما نزل منها مكاناً إلاّ رأيته وأخبرني عنه فرأيت القصور من الدر والياقوت والاستبرق والزبرجد ورأيت الأشجار من الذهب الأحمر قضبانهم اللؤلؤ وعروقهن الفضة راسخة في المسك فلأنا أعرف بكل قصر وبيت وغرفة وخيمة ونهر وثمر في الجنة مني بما في مسجدي هذا.
قال: ورأيت نهراً يخرج من أصله ماء أشد بياضاً من اللبن واحلى من العسل على رضراض دُرّ وياقوت ومسك أذفر. فقال جبرئيل: هذا الكوثر الذي أعطاك الله عزّ وجلّ وهو التسنيم يخرج من دورهم وقصورهم وبيوتهم وغرفهم يمزجون بها أشربتهم من اللبن والعسل والخمر فذلك قوله: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27] {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله} [الإنسان: 6] الآية.
ثمّ انطلق بي يطوف في الجنة حتّى انتهينا إلى شجرة لم أر شجرة مثلها، فلما وقفت تحتها رفعت رأسي فإذا أنا لا أرى شيئاً من خلق ربي غيرها لعظمها وتفرق اغصانها ووجدت فيها ريحاً طيبة لم أشم في الجنة ريحاً أطيب منها فقلّبت بصري فيها فإذا ورقها حلل طرايف من ثياب الجنة من بين أبيض وأحمر وأخضر وثمارها أمثال القلال العظام من كل ثمرة خلقها الله في السماوات والأرضين من ألوان شتى وطعوم شتى وريح شتى، فعجبت من تلك الشجرة وما رأيت من حسنها. قلت: ياجبرئيل ما هذه الشجرة؟ قال: هذه التي ذكرها الله عز وجلّ وبشرى لهم {وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: 29، ص: 25، 40] ولكثير من أمتك ورهطك في ظلها حسن مقيل ونعيم طويل ورأيت في الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كل ذلك مفروغ عنه معدّ إنما ينتظر به صاحبه من أولياء الله عزّ وجلّ وما غمني الذي رأيت قلت: لمثل هذا فليعمل العاملون.
ثمّ عرض عليَّ النار حتّى نظرت إلى أغلالها وسلاسلها وحيّاتها وعقاربها وغساقها ويحمومها، فنظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكلّ بهم من يأخذ بمشافرهم، ثمّ يجعل في أفواههم صخراً من نار تخرج من أسافلهم. قلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً. ثمّ انطلقت فإذا أنا بنقر لهم بطون كأنها البيوت وهم على سابلة آل فرعون فإذا مرَّ بهم آل فرعون ثاروا فيميل بأحدهم بطنه فيقع فيتوطأهم آل فرعون بأرجلهم وهم يعرضون على النار غدواً وعشياً. قلت: من هؤلاء ياجبرئيل؟
قال: هؤلاء أكلة الربا ومثلهم كمثل {الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس} [البقرة: 275] ثمّ إنطلقت فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن منكسات أرجلهن. قلت: من هؤلاء ياجبرئيل؟ قال: هن اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن.
ثمّ أخرجني من الجنة فمررنا بالسموات منحدراً من السماء إلى السماء حتّى أتيت على موسى فقال: فما فرض الله عليك وعلى أمتك؟ قلت: خمسين صلاة. فقال موسى: أنا أعلم بالناس منك وأني سرت الناس بني إسرائيل وعالجتهم أشد المعالجة وأن أمتك أضعف الأمم فارجع إلى ربك واسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لن تطيق ذلك. قال: فرجعت إلى ربي».
وفي بعض الأخبار: «فرجعت فأتيت سدرة المنتهى فخررت ساجداً، قلت: يا رب فرضت عليَّ وعلى امتي خمسين صلاة ولن أستطيع أن أقوم بها ولا أمتي فخفّف عني عشراً. فرجعت إلى موسى فسألني فقلت: خفف عني عشراً. قال: ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف فإن أمتك أضعف الأمم فإني قد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: فرجعت فردّها إلى ثلاثين فما زلت بين ربي وبين موسى عليه السلام حتى جعلها خمس صلوات فأتيت موسى عليه السلام فقال: إرجع إلى ربك فأسأله التخفيف. فقلت: فإني قد رجعت إلى ربي حتّى استحيت وما أنا براجع إليه، قال: فنوديت أني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلوات، ولا يبدل القول لدي فخمسة بخمسين فقم بها أنت وأمتك إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأجزي بالحسنة عشر أمثالها لكل صلاة عشر صلوات. قال: فرضيَّ محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا وكان موسى عليه السلام من أشدهم عليه حين مرَّ به وخيرهم لهم حين رجع إليه.
ثمّ انصرفت مع صاحبي وأخي جبرئيل لايفوتني ولا أفوته حتّى انصرف بي إلى مضجعي وكان كل ذلك ليلة واحدة من لياليكم هذه فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وإليَّ مفاتيح الجنة يوم القيامة ولا فخر، وأنا مقبوض عن قريب بعد الذي رأيت فإني رأيت من آيات ربي الكبرى مارأيت وقد أحببت اللحوق بربي عزّ وجلّ ولقاء من رأيت من إخواني، وما رأيت من ثواب الله لأوليائه» {وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ وأبقى} [القصص: 60].
قال: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به وكان بذي طوى قال: «يا جبرئيل إن قومي لا يصدقونني».
قال: يصدقك أبو بكر وهو الصديق رضي الله عنه.
قال ابن عبّاس وعائشة رضى الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما كانت ليلة أُسري بي وأصبحت بمكة قطعت بأمري وعرفت إن الناس تكذبني».
قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم معتزلاً حزيناً فمرَّ به أبو جهل عدو الله فأتاه فجلس إليه، وقال كالمستهزي: هل إستفدت من شيء؟ قال: «نعم إني أُسري بي الليلة» قال: إلى أين؟ قال: «إلى بيت المقدس» قال: ثمّ أصبحت بين ظهرانينا. قال: «نعم» فكان أبو جهل ينكر مخافة أن يجحده، الحديث. قال:أتحدث قومك ماحدثتني؟قال: «نعم» قال أبو جهل: يا معشر بني كعب بن لؤي هلمّوا.
قال: فأنتقضت المجالس فجاءوا حتّى جلسوا اليهما. قال: حدِّث قومك ماحدثتني. قال: «نعم إنّي أُسري بي الليلة». قالوا: إلى أين؟ قال: «إلى بيت المقدس». قال: ثمّ أصبحت بين ظهرانينا قال: «نعم». قال: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجباً للكذب، فإرتد ناس ممن كان آمن به وصدقه وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك في صاحبك يزعم أنه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس؟.
قال: أوقد قال؟ قالوا: نعم. قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: تصدقه أنه ذهب إلى بيت المقدس في ليلة وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه بما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء في عدوه وروحه. فلذلك سمي أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال: وفي القوم من قد سافر هناك ومن قد اتى المسجد، فقالوا: هل تستطيع أن تصف لنا المسجد؟ قال: «نعم».
قال: فذهبت أنعت وأنعت فما زلت أنعت حتّى إلتبس عليَّ.
قال: «فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتّى وضع دون دار عقيل أو عقال فنعت المسجد وأنا أنظر إليه». فقال القوم: أما النعت فوالله قد أصاب.
ثمّ قالوا: يا محمّد أخبرنا عن عيرنا فهي أهم إلينا من قولك، هل لقيت فيها شيئاً؟ قال: «نعم مررت على عير بني فلان وهي بالروجاء وقد أضلوا بعيراً لهم وهم في طلبه وفي رحالهم قعب من ماء فعطشت فأخذته فقربته ثمّ وضعته كما كان فاسألوهم هل وجدوا الماء في القدح حين رجعوا إليه».
قالوا: إن هذه آية واحدة. قال: ومررت بعير فلان وفلان وفلان راكبان قعوداً لهما ببني مرة ففرآ بكرهما مني فرمى بفلان فإنكسرت يده فسلوهما عن ذلك.
قالوا: وهذه آية أخرى.
قالوا: أخبرنا عن عيرنا نحن؟ قال: «مررت بها بالنعيم». قالوا: فما عدتها وأحمالها وغنمها؟ قال: «كنت في شغل من ذلك ثمّ مثلت لي فكأنه بالجزورة وبعدتها وأحمالها وهيئتها ومن فيها فقال: نعم هيئتها كذا وكذا وفيها فلان وفلان تقدمها جعل أورق عليه خزارتان مخيطتان يطلع عليكم عند طلوع الشمس».
قالوا: وهذه آية، ثمّ خرجوا يشدّون نحو الثلاثة وهم يقولون: والله لقد قص محمّد شيئاً وبيّنه حتّى أتوا كداً فجلسوا عليه فجعلوا ينظرون متى تطلع الشمس فيكذبون، إذ قال قائل منهم: هذا الشمس قد طلعت. وقال الآخر: وهذه الإبل قد طاعت يتقدمها بعير أورق فيها فلان وفلان كما قال لهم، فلم يؤمنوا ولم يفلحوا وقالوا: ما سمعنا بهذا قط إن هذا إلاّ سحر مبين.
آخر المعراج ولله الحمد والمنة.
فإن قيل: إنما قال الله {سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا} فَلِم قال: إنه أسرى إلى السماء.
فالجواب أنه قال: إنما قال: {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا} كان ابتدأ أمر المعراج كان المسري، والعروج كان بعد الاسراء، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق، والحكمة فيه والله أعلم أنه لو أخبر إبتدأ بعروجه إلى السماء لاشتد إنكارهم وعظم ذلك في قلوبهم ولم يصدقوه، فأخبر بيت المقدس بها فلما تمكن ذلك في قلوبهم وبَان لهم صدقة وقامت الحجة عليهم له، أخبر بصعوده إلى السماء العليا وسدرة المنتهى وبقرينة حتّى دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى {وَآتَيْنَآ مُوسَى الكتاب} كما أسرينا بمحمد صلى الله عليه وسلم {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية يعني {أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً} ربّاً وشريكاً وكفيلاً.
قرأه العامّة: يتخذوا بالياء، يعني قلنا لهم لا يتخذوا.
وقرأ ابن عبّاس ومجاهد وأبو عمر: بالياء واختاره أبو عبيد قال: لأنه خبر عنهم {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} فأنجيناهم من الطوفان {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً}.
قال المفسرون: كان نوح عليه السلام إذا لبس ثوباً يأكل طعاماً أو شرب شراباً. قال: الحمد لله، فسمّي عمداً شكوراً.
روى النظر بن شقي عن عمران بن سليم قال: إنما سمي نوح عليه السلام عبداً شكوراً لأنه كان إذا أكل طعاماً قال: الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء أجاعني، فإذا شرب قال: الحمد لله الذي سقاني ولو أشاء أظماني وإذا اكتسى قال: الحمد ألله الذي كساني ولو أشاء أعراني، فإذا اهتدى قال: الحمد لله الذي هداني ولو أشاء لما هداني فإذا قضى حاجته قال: الحمد لله الذي أخرج عني الأذى في عافية ولو شاء لحبسه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال