سورة الإسراء / الآية رقم 30 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)}.
يقول تعالى آمرًا بالاقتصاد في العيش ذامّا للبخل ناهيًا عن السَّرَف: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} أي: لا تكن بخيلا منوعًا، لا تعطي أحدًا شيئًا، كما قالت اليهود عليهم لعائن الله: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] أي نسبوه إلى البخل، تعالى وتقدس الكريم الوهاب.
وقوله: {وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} أي: ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملومًا محسورًا.
وهذا من باب اللف والنشر أي: فتقعد إن بخلت ملومًا، يلومك الناس ويذمونك ويستغنون عنك كما قال زهير بن أبي سُلمى في المعلقة:
ومن كان ذا مال ويبخل بماله *** على قومه يستغن عنه ويذمم
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك، قعدت بلا شيء تنفقه، فتكون كالحسير، وهو: الدابة التي قد عجزت عن السير، فوقفت ضعفًا وعجزًا فإنها تسمى الحسير، وهو مأخوذ من الكلال، كما قال تعالى: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 3، 4] أي: كليل عن أن يرى عيبًا. هكذا فسر هذه الآية- بأن المراد هنا البخل والسرف- ابن عباس والحسن وقتادة وابن جريج وابن زيد وغيرهم.
وقد جاء في الصحيحين، من حديث أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما. فأما المنفق فلا ينفق إلا سَبَغَت- أو: وفرت- على جلده، حتى تُخفي بنانه وتعفو أثره. وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع».
هذا لفظ البخاري في الزكاة.
وفي الصحيحين من طريق هشام بن عُرْوَةَ، عن زوجته فاطمة بنت المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنفقي هكذا وهكذا وهكذا، ولا تُوعِي فَيُوعي الله عليك، ولا توكي فيوكي الله عليك» وفي لفظ: «ولا تُحصي فيحصي الله عليك».
وفي صحيح مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال لي: أنفق أنفق عليك».
وفي الصحيحين من طريق معاوية بن أبي مُزَرِّد، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان من السماء يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».
وروى مسلم، عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: «ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا ومن تواضع لله رفعه الله».
وفي حديث أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «إياكم والشُّح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا».
وروى البيهقي من طريق سعدان بن نصر، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يخرج رجل صدقة، حتى يفك لَحْيَى سبعين شيطانا».
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثنا سُكَين بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعوده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عال من اقتصد».
وقوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} إخبار أنه تعالى هو الرزاق، القابض الباسط، المتصرف في خلقه بما يشاء، فيغني من يشاء، ويفقر من يشاء، بما له في ذلك من الحكمة؛ ولهذا قال: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} أي: خبير بصير بمن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر، كما جاء في الحديث: «إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه».
وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجًا، والفقر عقوبة عياذًا بالله من هذا وهذا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال