سورة الإسراء / الآية رقم 36 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً وَأَوْفُوا الكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: قفا الشيء يقفوه: تبعه. والضمير في {عنه}: يجوز أن يعود لمصدر {لا تَقْفُ}، أو لصاحب السمع والبصر. وقيل: إن {مسؤولاً} مسند إلى {عنه} كقوله تعالى: {غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين} [الفَاتِحَة: 7]، والمعنى: يسأل صاحبه عنه، وهو خطأ؛ لأن الفاعل وما يَقوم مقامه لا يتقدم. قاله البيضاوي.
قال ابن جزي: الإشارة في {أولئك}: إلى السمع والبصر والفؤاد، وإنما عاملها معاملة العقلاء في الإشارة بأولئك؛ لأنها حواس لها إدراك، والضمير في {عنه}: يعود على {كل}، ويتعلق {عنه} بمسؤُولاً. اهـ. وضمير الغائب يعود على المصدر المفهوم من {مسؤولاً}. و{مَرَحًا}: مصدر في موضع الحال. و{مكروهًا}: نعت لسيئة، أو بدل منها، أو خبر ثان لكان.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {ولا تَقْفُ}؛ تتبع {ما ليس لك به علمٌ}، فلا تقل ما لا تحقيق لك به؛ من ذم الناس ورميهم بالغيب. فإذا قلت: سمعتُ كذا، أو رأيت كذا، أو تحقق عندي كذا، مما فيه نقص لأحد، فإنك تُسأل يوم القيامة عن سند ذلك وتحقيقه. وهذا معنى قوله: {إِنَّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً}. قال البيضاوي: ولا تتبع ما لم يتعلق علمك به؛ تقليدًا، أو رجمًا بالغيب. واحتج به من منع اتباع الظن، وجوابه: أن المراد بالعلم هو الاعتقاد الراجح المستفاد من سند، سواء كان قطعيًا أو ظنيًا؛ إذ استعماله بهذا المعنى شائع. وقيل: إنه مخصوص بالعقائد. وقيل: بالرمي وشهادة الزور، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: «من قَفَا مُؤْمنًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ، حَبَسَهُ اللهُ فِي رَدْغَةِ الخَبَالِ، حَتَّى يَأتِيَ بِالمَخْرَجِ» {إِن السمعَ والبصرَ والفؤاد كلُّ أولئك} أي: كل هذه الأعضاء الثلاثة {كان عنه مسؤولاً}؛ كل واحد منها مسؤول عن نفسه، يعني: عما فعل به صاحبه. اهـ. مختصرًا.
{ولا تمشِ في الأرض مرحًا} أي: ذا مرح، وهو: التكبر والاختيال، {إِنك لن تخرق الأرضَ}؛ لن تجعل فيها خرقًا؛ لشدة وطأتك {ولن تبلغ الجبال طُولاً}؛ تتطاول عليها؛ عزّا وعلوا، وهو تهكم بالمختال، وتعليل للنهي، أي: إذا كنت لا تقدر على هذا، فلا يناسبك إلا التواضع والتذلل بين يدي خالقك، {كلُّ ذلك} المذكور، من قوله: {لا تجعل مع الله إلهًا آخر} إلى هنا، وهي: خَمْسٌ وعشرون خصلة، قال ابن عباس: (إنها المكتوبة في ألواح موسى)، فكل ما ذكر {كان سَيّئة عند ربك} أي: خصلة قبيحة {مكروهًا} أي: مذمومًا مبغوضًا. والمراد بما ذكر: من المنهيات دون المأمورات.
{ذلك مما أَوحى إِليك ربُّك من الحكمة}؛ التي هي علم الشرائع، أو معرفة الحق لذاته، والعلم للعمل به.
{ولا تجعلْ مع الله إلهًا آخر}، كرره، للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه، وأنه رأس الحكمة وملاكها، ومن عُدِمَهُ لم تَنْفَعْهُ علومه وحِكمه، ولو جمع أساطير الحكماء، ولو بلغت عنان السماء. والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد: غيره ممن يتصور منه ذلك. ورتب عليه، أولاً: ما هو عاقبة الشرك في الدنيا، وهو: الذم والخذلان، وثانيًا: ما هو نتيجته في العقبى. فقال: {فتُلقى في جهنم ملومًا}؛ تلوم نفسك، وتلومك الملائكة والناس، {مدحورًا}؛ مطرودًا من رحمة الله.
ثم قبَّح رأيهم في الشرك، فقال: {أفأصفاكُم رَبُّكم بالبنين}، وهو خطاب لمن قال: الملائكة بنات الله. والهمزة للإنكار، أي: أفخصَّكم ربكُم بأفضل الأولاد، وهم البنون، {واتخذَ من الملائكة إِناثًا}؛ بناتٍ لنفسه، {إِنكم لتقولون قولاً عظيمًا} أي: عظيم النكر والشناعة، لا يُقْدَرُ قَدْرُهُ في إيجاب العقوبة؛ لخرمه لقضايا العقول، بحيث لا يجترئ عليه أحد؛ حيث تجعلونه تعالى من قبيل الأجسام المتجانسة السريعة الزوال، ثم تضيفون إليه ما تكرهونه، وتُفضلون عليه أنفسكم بالبنين، ثم جعلتم الملائكة، الذين هم أشرف الخلق، أدونهم، تعالى الله عن قولكم علوًا كبيرًا.
الإشارة: ينبغي للإنسان الكامل أن يكون في أموره كلها على بينة من ربه، فَيُحَكِّمُ على ظاهره الشريعة المحمدية، وعلى باطنه الحقيقة القدسية، فإذا تجلى في باطنه شيء من الواردات أو الخواطر فليعرضه على الكتاب والسُنَّة، فإن قبلاه أظهره وفعله، وإلاَّ رده وكتمه، كان ذلك الأمر قوليًا أو فعليًا، أو تركًا او عقدًا؛ فقد انعقد الإجماع على أنه لا يحل لامرئٍ مسلم أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، وإليه الإشارة بقوله: {ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم}، فإن لم يجد نصًا في الكتاب أو السنة فليستفت قلبه، إن صفا من خوض الحس، وإن لم يَصْفُ فليرجع إلى أهل الصفاء، وهم أهل الذكر. قال تعالى: {فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [النّحل: 43]، ولا يستفت أهل الظنون، وهم أهل الظاهر، قال تعالى: {إِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً} [يُونس: 36].
وقال القشيري في تفسير الآية هنا: {ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم} أي: جانب محاذاة الظنون، وما لم يُطْلِعْكَ الله عليه، فلا تتكلف الوقوف عليه من غير برهان. فإذا أُشْكِلَ عليك شيءٌ في حكم الوقت، فارجعْ إلى الله، فإِنْ لاحَ لقلبك وَجْهٌ من التحقيق فكن مع ما أريد، وإن بقي الحال على حدِّ الالتباس فَكِلْ عِلْمَه إلى الله، وقِفْ حيثما وقفت. ويقال: الفرق بين من قام بالعلم، ومن قام بالحق: أنَّ العلماء يعرفون الشيء أولاً، ثم يعملون بعلمهم، وأصحابُ الحقائق يجْرِي، بحكم التصريف عليهم، شيءٌ، ولا عِلمَ لهم به على التفصيل، وبعد ذلك يُكْشَف لهم وجههُ، فربما يجري على لسانهم شيءٌ لا يدرون وَجْهَه، ثم بعد فراغهم من النطق به يظهر لقلوبهم برهانُ ما قالوه من شواهد العلم؛ إذ يتحقق ذلك بجريان الحال في ثاني الوقت. انتهى. قلت: وإلى هذا المعنى أشار في الحكم العطائية بقوله: «الحقائق ترد في حال التجلي مُجْمَلَةً، وبعد الوعي يكون البيان، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}».
قوله تعالى: {ولا تمشِ في الأرض مرحًا}، ورد في بعض الأخبار، في صفة مشي الصوفية: أنهم يدبون على أقدامهم دبيب النمل، متواضعين خاشعين، ليس فيه إسراع مُخل بالمروءة، ولا اختيال مُخل بالتواضع. والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال