سورة البقرة / الآية رقم 14 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَأَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الله تعالى: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين قالوا: {آمَنَّا} أي: أظهروا لهم الإيمان والموالاة والمصافاة، غرورًا منهم للمؤمنين ونفاقا ومصانعة وتقية، ولِيَشركوهم فيما أصابوا من خير ومغنم، {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} يعني: وإذا انصرفوا وذهبوا وخلصوا إلى شياطينهم. فضمن {خَلَوْا} معنى انصرفوا؛ لتعديته بإلى، ليدل على الفعل المضمر والفعل الملفوظ به. ومنهم من قال: إلى هنا بمعنى مع، والأول أحسن، وعليه يدور كلام ابن جرير.
وقال السدي عن أبي مالك: {خَلَوْا} يعني: مضوا، و{شَيَاطِينِهِمْ} يعني: سادتهم وكبراءهم ورؤساءهم من أحبار اليهود ورؤوس المشركين والمنافقين.
قال السدي في تفسيره، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرّة عن ابن مسعود، عن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} يعني: هم رؤوسهم من الكفر.
وقال الضحاك عن ابن عباس: وإذا خلوا إلى أصحابهم، وهم شياطينهم.
وقال محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عِكْرِمة أو سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} من يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول.
وقال مجاهد: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} إلى أصحابهم من المنافقين والمشركين.
وقال قتادة: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} قال: إلى رؤوسهم، وقادتهم في الشرك، والشر.
وبنحو ذلك فسَّره أبو مالك، وأبو العالية والسدي، والرّبيع بن أنس.
قال ابن جرير: وشياطين كل شيء مَرَدَتُه، وتكون الشياطين من الإنس والجن، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112].
وفي المسند عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن». فقلت: يا رسول الله، وللإنس شياطين؟ قال: «نعم».
وقوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} قال محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أي إنا على مثل ما أنتم عليه {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} أي: إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعب بهم.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: قالوا إنما نحن مستهزئون ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قال الرّبيع بن أنس، وقتادة.
وقوله تعالى جوابًا لهم ومقابلة على صنيعهم: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
وقال ابن جرير: أخبر الله تعالى أنه فاعل بهم ذلك يوم القيامة، في قوله: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الآية [الحديد: 13]، وقوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران: 178]. قال: فهذا وما أشبهه، من استهزاء الله، تعالى ذكره، وسخريته ومكره وخديعته للمنافقين، وأهل الشرك به عند قائل هذا القول، ومتأول هذا التأويل.
قال: وقال آخرون: بل استهزاؤه بهم توبيخه إياهم، ولومه لهم على ما ركبوا من معاصيه، والكفر به.
قال: وقال آخرون: هذا وأمثاله على سبيل الجواب، كقول الرّجل لمن يخدعه إذا ظفر به: أنا الذي خدعتك. ولم تكن منه خديعة، ولكن قال ذلك إذ صار الأمر إليه، قالوا: وكذلك قوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] و{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} على الجواب، والله لا يكون منه المكر ولا الهزء، والمعنى: أن المكر والهُزْء حَاق بهم.
وقال آخرون: قوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} وقوله {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]، وقوله {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] و{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] وما أشبه ذلك، إخبار من الله تعالى أنه يجازيهم جَزَاءَ الاستهزاء، ويعاقبهم عقوبة الخداع فأخرج خبره عن جزائه إياهم وعقابه لهم مُخرج خبره عن فعلهم الذي عليه استحقوا العقاب في اللفظ، وإن اختلف المعنيان كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194]، فالأول ظلم، والثاني عدل، فهما وإن اتفق لفظاهما فقد اختلف معناهما.
قال: وإلى هذا المعنى وَجَّهوا كل ما في القرآن من نظائر ذلك.
قال: وقال آخرون: إن معنى ذلك: أنّ الله أخبر عن المنافقين أنهم إذا خَلَوا إلى مَرَدَتِهم قالوا: إنا معكم على دينكم، في تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وإنما نحن بما يظهر لهم- من قولنا لهم: صدقنا بمحمد، عليه السلام، وما جاء به مستهزئون؛ فأخبر الله تعالى أنه يستهزئ بهم، فيظهر لهم من أحكامه في الدنيا، يعني من عصمة دمائهم وأموالهم خلاف الذي لهم عنده في الآخرة، يعني من العذاب والنكال.
ثم شرع ابن جرير يوجه هذا القول وينصره؛ لأن المكر والخداع والسخرية على وجه اللعب والعبث منتف عن الله، عز وجل، بالإجماع، وأما على وجه الانتقام والمقابلة بالعدل والمجازاة فلا يمتنع ذلك.
قال: وبنحو ما قلنا فيه روي الخبر عن ابن عباس: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا عثمان، حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} قال: يسخر بهم للنقمة منهم.
وقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} قال السدي: عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرّة، عن ابن مسعود، وعن أناس من الصحابة قالوا يَمدهم: يملي لهم.
وقال مجاهد: يزيدهم.
قال ابن جرير: والصواب يزيدهم على وجه الإملاء والترك لهم في عُتُوّهم وتَمَرّدهم، كما قال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: 110].
والطغيان: هو المجاوزة في الشيء. كما قال: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: 11]، وقال الضحاك، عن ابن عباس: {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} في كفرهم يترددون.
وكذا فسره السدي بسنده عن الصحابة، وبه يقول أبو العالية، وقتادة، والرّبيع بن أنس، ومجاهد، وأبو مالك، وعبد الرحمن بن زيد: في كفرهم وضلالتهم.
قال ابن جرير: والعَمَه: الضلال، يقال: عمه فلان يَعْمَه عَمَهًا وعُمُوهًا: إذا ضل.
قال: وقوله: {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} في ضلالهم وكفرهم الذي غمرهم دَنَسُه، وعَلاهم رجْسه، يترددون حيارى ضُلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا؛ لأن الله تعالى قد طبع على قلوبهم وختم عليها، وأعمى أبصارهم عن الهدى وأغشاها، فلا يبصرون رُشْدًا، ولا يهتدون سبيلا.
وقال بعضهم: العمى في العين، والعمه في القلب، وقد يستعمل العمى في القلب- أيضا-: قال الله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] ويقال: عمه الرجل يعمه عموها فهو عمه وعامه، وجمعه عمّه، وذهبت إبله العمهاء: إذا لم يدر أين ذهبت.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال