سورة البقرة / الآية رقم 204 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَادُ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فَإِن زَلَلْتُم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ البَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (204)}
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} لما ذكر الذين قصرت همتهم على الدنيا- في قوله: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا}- والمؤمنين الذين سألوا خير الدارين ذكر المنافقين، لأنهم أظهروا الايمان وأسروا الكفر. قال السدى وغيره من المفسرين: نزلت في الأخنس بن شريق، واسمه أبى، والأخنس لقب لقب به، لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من حلفائه من بنى زهرة عن قتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على ما يأتي في آل عمران بيانه. وكان رجلا حلو القول والمنظر، فجاء بعد ذلك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأظهر الإسلام وقال: الله يعلم أنى صادق، ثم هرب بعد ذلك، فمر بزرع لقوم من المسلمين وبحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر. قال المهدوي: وفيه نزلت {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} و{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}. قال ابن عطية: ما ثبت قط أن الأخنس أسلم.
وقال ابن عباس: نزلت في قوم من المنافقين تكلموا في الذين قتلوا في غزوة الرجيع: عاصم بن ثابت، وخبيب، وغيرهم، وقالوا: ويح هؤلاء القوم، لا هم قعدوا في بيوتهم، ولا هم أدوا رسالة صاحبهم، فنزلت هذه الآية في صفات المنافقين، ثم ذكر المستشهدين في غزوة الرجيع في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ}.
وقال قتادة ومجاهد وجماعة من العلماء: نزلت في كل مبطن كفرا أو نفاقا أو كذبا أو إضرارا، وهو يظهر بلسانه خلاف ذلك، فهي عامة، وهى تشبه ما ورد في الترمذي أن في بعض كتب الله تعالى: إن من عباد الله قوما ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، يشترون الدنيا بالدين، يقول الله تعالى: أبى يغترون، وعلى يجترءون، فبى حلفت لأتيحن لهم فتنة تدع الحليم منهم حيران. ومعنى: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ} أي يقول: الله يعلم أنى أقول حقا. وقرأ ابن محيصن {ويشهد الله على ما في قلبه} بفتح الياء والهاء في يشهد {الله} بالرفع، والمعنى يعجبك قوله، والله يعلم منه خلاف ما قال. دليله قوله: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}. وقراءة ابن عباس: {والله يشهد على ما في قلبه}. وقراءة الجماعة أبلغ في الذم، لأنه قوى على نفسه التزام الكلام الحسن، ثم ظهر من باطنه خلافه. وقرأ أبيّ وابن مسعود {ويستشهد الله على ما في قلبه} وهي حجة لقراءة الجماعة.
الثانية: قال علماؤنا: وفى هذه الآية دليل وتنبيه على الاحتياط فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا، واستبراء أحوال الشهود والقضاة، وأن الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس وما يبدو من إيمانهم وصلاحهم حتى يبحث عن باطنهم، لأن الله تعالى بين أحوال الناس، وأن منهم من يظهر قولا جميلا وهو ينوي قبيحا. فإن قيل: هذا يعارضه قوله عليه السلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» الحديث، وقوله: «فأقضي له على نحو ما أسمع» فالجواب أن هذا كان في صدر الإسلام، حيث كان إسلامهم سلامتهم، وأما وقد عم الفساد فلا، قاله ابن العربي.
قلت: والصحيح أن الظاهر يعمل عليه حتى يتبين خلافه، لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صحيح البخاري: أيها الناس، إن الوحى قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه، وليس لنا من سريرته شي، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نؤمنه ولم نصدقه، وإن قال إن سريرته حسنة.
الثالثة: قوله تعالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ} الألد: الشديد الخصومة، وهو رجل ألد، وامرأة لداء، وهم أهل لدد. وقد لددت- بكسر الدال- تلد- بالفتح- لددا، أي صرت ألد. ولددته- بفتح الدال- ألده- بضمها- إذا جادلته فغلبته. والألد مشتق من اللديدين، وهما صفحتا العنق، أي في أي جانب أخذ من الخصومة غلب. قال الشاعر:
وألدّ ذي حنق عليّ كأنما *** تغلي عداوة صدره في مرجل
وقال آخر:
إن تحت التراب عزما وحزما *** وخصيما ألدّ ذا مغلاق
و{الخصام} في الآية مصدر خاصم، قاله الخليل.
وقيل: جمع خصم، قاله الزجاج، ككلب وكلاب، وصعب وصعاب، وضخم وضخام. والمعنى أشد المخاصمين خصومة، أي هو ذو جدال، إذا كلمك وراجعك رأيت لكلامه طلاوة وباطنه باطل. وهذا يدل على أن الجدال لا يجوز إلا بما ظاهره وباطنه سواء.
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال