سورة الإسراء / الآية رقم 93 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً قُلْ كَفَى بِاللَّّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا(93)}
البيت: هو المكان المعدّ للبيتوتة، والزخرف: أي المزيِّن، وكان الذهب وما يزال أجمل أنواع الزينة؛ لأن كل زُخْرف من زخارف الزينة يطرأ عليه ما يُغيِّره فيبهت لونه، وينطفئ بريقه، وتضيع ملامحه إلا الذهب، ونقصد هنا الذهب الخالص غير المخلوط بمعدن آخر، فالذهب الخالص هو الذي لا يتأكسد ولا يتفاعل مع غيره؛ لذلك يظل على بريقه ورَوْنقه، فإنْ كان البيت نفسه من زخرف، فماذا سيكون شكله؟
ونرى الذين يُحبُّون أن ينافقوا نفاقَ الحضارات، ويتبارَوْنَ في زخرفة الصناعات يُلصِقون على المصنوعات الخشبية مثلاً طبقة أو قشرة من الذهب؛ لتظلَّ محتفظة بجمالها، كما في الأطقم الفرنساوي أو الإنجليزي مثلاً.
ثم يقول تعالى: {أَوْ ترقى فِي السمآء..} [الإسراء: 93].
أي: يكون لك سُلَّم تصعد به في السماء، ويظهر أنهم تسرعوا في هذا القول، ورَأَوْا إمكانية ذلك، فسارعوا إلى إعلان ما تنطوي عليه نفوسهم من عناد: {وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ..} [الإسراء: 93].
وكأنهم يُبيِّتون العناد لرسول الله، فهم كاذبون في الأولى وكاذبون في الثانية، ولو نزَّل الله عليهم الكتاب الذي أرادوا ما آمنوا، وقد رَدَّ عليهم الحق سبحانه بقوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} [الأنعام: 7].
وانظر إلى رد القرآن على كل هذا التعنت السابق: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي..} [الإسراء: 93] وكلمة {سُبْحَانَ} كلمة التنزيه العُلْيا للحق سبحانه وتعالى، وقد تحدَّى بها الكون كله؛ لأنها كلمة لا تُقَال إلا لله تعالى، ولم يحدث أبداً بين الناس أنْ قالها أحد لأحد، مع ما في الكون من جبابرة وعُتَاة، يحرص الناس على منافقتهم وتملُّقهم، وهذه كلمة اختيارية يمكن أن يقولها كل إنسان، لكن لم يجرؤ أحد على قَوْلها لأحد.
والحق سبحانه وتعالى يتحدَّى الكون كله بأمور اختيارية يقدرون عليها، وتحدى المختار في المثل معناها أنه سبحانه عالم بأن قدرته لن تستطيع أن تفعل ذلك، ومثال ذلك قول الحق تبارك وتعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ما أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 1-3].
نزلت هذه الآيات في أبي لهب، وهو كافر، ويحتمل منه الإيمان كما آمن غيره من الكفرة، فقد آمن عمر والعباس وغيرهم، فما كان يُدرِي رسول الله أن أبا لهب لن يؤمن، لكنه يُبلِّغ قول ربه قرآناً يُتلَى ويُحفظ ويُسجَّل، وفيه تقرير وشهادة بأن أبا لهب سيموت كافراً، وأن مصيره النار.
وهنا نقول: أَمَا كان في إمكان أبي لهب أنْ يُكذّب هذا القول، فيقوم في قومه مُنادياً بلا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ولو نِفَاقاً وله بعد ذلك أن يتهم محمداً وقرآن محمد بالكذب؟
لكن هذا لم يحدث؛ لأن المتكلم هو الله ربُّ العالمين.
ومن هذا التحدي أن الحق سبحانه له صفات وله أسماء، الأسماء مأخوذة من الصفات، إلا اسم واحد مأخوذ للذات، هو لفظ الجلالة(الله)، فهو عَلَم على الذات الإلهية لم يُؤخَذ من صفة من صفاته تعالى، فالقادر والغفور والحيّ القيوم وغيرها من الأسماء مأخوذة من صفات، إنما(الله) عَلَم على الذات الجامعة لكُلِّ هذه الصفات.
لذلك تحدَّى الخالق سبحانه جميع الخَلْق، وقد أعطاهم الحرية في اختيار الأسماء أنْ يُسمُّوا أنفسهم أو أبناءهم بهذا الاسم(الله)، ويعلن هذا التحدي في كتابه الكريم وعلى رؤوس الأشهاد يقول: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65]؟
ومع ذلك لم يجرؤ كافر واحد على أنْ يُسمِّيَ هذا الاسم ليظلَّ هذا التحدي قائماً إلى قيام الساعة؛ لأن الله تعالى حق، والإيمان به وبوجوده تعالى متغلغل حتى في نفوس الكفار، فلو كانوا يعلمون أن هذه الكلمة كذب، أو لا وجودَ لها لأقدموا على التسمية بها دون أن يُبالُوا شيئاً، أَمَا وهم يعلمون أن الله حق فلن يجرؤ أحد، ويُجرِّب هذه التسمية في نفسه؛ لأنه يخشى عاقبة وخيمة لا يدري ما هي.
لذلك رَدَّ الحق سبحانه على تعنُّت الكفار فيما طلبوه من رسوله صلى الله عليه وسلم قائلاً: {سُبْحَانَ رَبِّي..} [الإسراء: 93] لأن الأمور التي طلبوها أمور بلغتْ من العجب حَدَّاً، ولا يمكن أن يُتعجب منها إلا بسبحان الله؛ لأنها كلمة التعجُّب الوحيدة والتي لا تُطلَق لغير الله، وكأنه أرجع الأمور كلها لله، ولقد كان لهم غِنىً عن ذلك في كتاب الله الذي نزل إليهم: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلك لَرَحْمَةً وذكرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51].
والهمزة هنا للاستفهام المراد به التعجُّب أيضاً: أيطلبون هذه الآيات، ولم يكْفِهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب، وقد كان فيه غناءٌ لهم.
ثم يقول تعالى: {هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً} [الإسراء: 93].
هل ادعيْتُ لكم أَنِّي إله؟! ما أنا إلا بشر أبلغكم رسالة ربي، وأفعل ما يأمرني به، كما في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نفسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15].
ثم يقول الحق سبحانه: {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى إِلاَّ أَن قالوا أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال