سورة البقرة / الآية رقم 206 / تفسير تفسير الثعالبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَادُ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فَإِن زَلَلْتُم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ البَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وإذا تولى} أي أدبر وأعرض عنك بعد إلانة القول وحلاوة المنطق {سعى في الأرض} أي سار ومشى في الأرض {ليفسد فيها} يعني بقطع الأرحام وسفك دماء المسلمين {ويهلك الحرث والنسل} وذلك أن الأخنس بن شريق كان بينه وبين ثقيف خصومة فبيتهم ليلاً، فأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم، وقيل: خرج إلى الطائف مقتضياً ديناً كان له على غريم فأحرق له كدساً وعقر له أتاناً وقيل معناه إذا تولى أي صار والياً وملك الأمر سعى في الأرض ليفسد فيها يعني بالظلم والعدوان كما يفعله ولاة السوء والظلمة، وقيل: يظهر ظلمه حتى يمنع الله بشؤم ظلمه القطر فيهلك الحرث والنسل بسبب منع المطر وقيل أن الآية عامة في حق كل من كان موصوفاً بهذه الصفات المذكورة ولا يمتنع أن تنزل في رجل واحد ثم تكون عامة في حق كل من كان موصوفاً بهذه الصفات {والله لا يحب الفساد} قال ابن عباس: لا يرضى بالمعاصي واحتجت المعتزلة بهذه الآية على أن المحبة عبارة عن الإرادة. وأجيب عنه بأن الإرادة معنى غير المحبة، فإن الإنسان قد يريد شيئاً ولا يحبه وذلك لأنه قد يتناول الدواء المر ولا يحبه فبان الفرق بين الإرادة والمحبة، وقيل: إن المحبة مدح الشيء وتعظيمه والإرادة بخلاف ذلك {وإذا قيل له اتق الله} أي خف الله في سرك وعلانيتك {أخذته العزة بالإثم} أي حملته العزة وحمية الجاهلية على فعل الإثم وقيل بأن يعمل الإثم وهو الظلم وترك الالتفات إلى الوعظ وعدم الإصغاء إليه. وأصل العزة المنعة والتكبر {فحسبه جهنم} أي كافيه له جهنم جزاء وعذاباً، وجهنم اسم من أسماء النار التي يعذب بها الكفار في الآخرة، وقيل: هو اسم أعجمي وقيل بل هو عربي سميت النار بذلك لبعد قعرها {ولبئس المهاد} أي الفراش والمهاد التوطئة أيضاً والمعنى أن العذاب بالنار يجعل تحته وفوقه قال ابن مسعود إن من أكبر الذنوب عند الله أن يقال للعبد: اتق الله فيقول: عليك بنفسك. وروي أنه قيل لعمر اتق الله فوضع خده على الأرض تواضعاً لله تعالى. قوله عز وجل: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في سرية الرجيع وكانت بعد أحد.
(خ) عن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية عيناً وأمر عليهم عاصم بن ثابت وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كانوا بين عسفان ومكة ذكروا الحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتفوا آثارهم حتى أتوا منزلاً نزلوه فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة فقالوا هذه تمر يثرب، فتبعوا أثرهم حتى لحقوهم.
فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلاً، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر اللهم أخبر عنا رسولك فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا عاصماً في سبعة نفر بالنبل وبقي خبيب وزيد ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق. فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث الذي معهم: هذا أول الغدر، فأبى أن يصحبهم فجروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيباً بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو الذي قتل الحارث يوم بدر فمكث عندهم أسيراً حتى إذا اجتمعوا على قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحدَّ بها فأعارتها، فقالت: فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذلك مني وفي يده الموسى، فقال: أتخشين مني أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك أن شاء الله تعالى وكانت تقول: ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذٍ تمرة، وإنه لموثق في الحديد. وما كان إلاّ رزقاً رزقه الله خبيباً، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه قال: دعوني أصلي ركعتين، فصلى ركعتين ثم انصرف فقال: لولا ترون أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن ركعتين عند القتل، وقال: اللهم أحصهم عدداً وقال:
فلست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلوٍ ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليأتوا بشيء من جسده بعد موته وكان قتل عظيماً من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء زاد في رواية وأخبر يعني النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، الفدفد: الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع. وقوله عالجوه: أي مارسوه، وأراد به أنهم يخدعونه ليتبعهم فأبى. وقوله ليستحد الاستحداد حلق العانة. والقطف العنقود من العنب: قوله على أوصال شلو. الشلو العضو من أعضاء الإنسان. والممزع: المفرق. والظلة: الشيء الذي يظل من فوق الإنسان. والدبر: جماعة النحل والزنابير. وقال أهل التفسير: إن كفار قريش بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة أنا قد أسلمنا فابعث إلينا نفراً من علماء أصحابك يعلمونا دينك، وكان ذلك مكراً منهم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيب بن عدي الأنصاري ومرثد بن أبي مرثد الغنوي وخالد بن بكر وعبد الله بن طارق بن شهاب البلوي وزيد بن الدثنة وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي أفلح الأنصاري، وذكر نحو حديث البخاري، زاد عليه: فقالوا: نصلب خبيباً حياً، فقال: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي أحد حولي يبلغ سلامي رسولك فأبلغه سلامي، فقام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله ويقال كان رجل من المشركين يقال له أبو ميسرة سلامان معه رمح فوضعه بين ثديي خبيب فقال له خبيب: اتق الله، فما زاده ذلك إلاّ عتواً فطعنه فأنفذه فذلك قوله تعالى: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم} يعني سلامان.
وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف فبعثه مع مولى له يسمى نسطاس إلى التنعيم ليقتله في الحل، واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل أنشدك الله يا زيد أتحب محمداً عندنا الآن مكانك يضرب عنقه وأنك في أهلك قال زيد والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ثم قتله نسطاس، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخبر قال لأصحابه أيكم ينزل خبيباً عن خشبته وله الجنة فقال الزبير: أنا يا رسول الله وصاحبي المقداد بن الأسود، فخرجنا يمشيان الليل ويكمنان النهار حتى أتيا التنعيم ليلاً، فإذا حول الخشبة أربعون من المشركين نشاوى وهم نيام، فأنزلاه عن خشبته، فإذا هو رطب ينثني ولم يتغير منه شيء بعد أربعين يوماً ويده على جراحته وهي تبض دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك، فحمله الزبير على فرسه وسار فانتبه الكفار وقد فقدوا خبيباً فأخبروا قريشاً فركب معهم سبعون فارساً فلما لحقوهم قذف الزبير خبيباً فابتلعته الأرض فسمي بليغ الأرض وقال الزبير ما أجرأكم علينا يا معشر قريش ثم رفع العمامة عن رأسه وقال: أنا الزبير بن العوام وأمي صفية بنت عبد المطلب وصاحبي المقداد بن الأسود أسدان ضاريان يدفعان عن أشبالهما. فإن شئتم ناضلتكم وإن شئتم نازلتكم وإن شئتم انصرفتم، فانصرفوا إلى مكة، وقدم الزبير وصاحبه المقداد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عنده فقال يا محمد أن الملائكة لتباهي بهذين من أصحابك، ونزل في الزبير والمقداد: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} حين شريا أنفسهما بإنزال خبيب عن خشبته. وقال أكثر المفسرين: نزلت في صهيب ابن سنان الرومي، وإنما نسب إلى الروم لأن منازلهم كانت بأرض الموصل فأغارت الروم على تلك الناحية فسبوه وهو غلام صغير فنشأ بالروم، وإنما كان من العرب ابن النمر بن قاسط قال سعيد بن المسيب وعطاء أقبل صهيب مهاجراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من مشركي قريش فنزل عن راحلته ونثل ما كان في كنانته وقال: والله لا تصلوا إليّ أو أرمي بكل سهم معي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي، وإن شئتم دللتكم على مال دفنته بمكة وخليتم سبيلي.
فقالوا نعم، ففعل، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ربح البيع أبا يحيى» وتلا عليه هذه الآية. وقال الحسن: أتدرون فيم نزلت هذه الآية؟ نزلت في المسلم يلقي الكافر فيقول له: قل لا إله إلاّ الله فيأبى أن يقولها فيقولها المسلم والله لأشرين نفسي لله فتقدم فقاتل وحده حتى قتل، نزلت هذه الآية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال ابن عباس: رضي الله عنهما: أرى من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله يقوم فيأمر هذا بتقوى الله فإذا لم يقبل وأخذته العزة بالإثم قال وأنا أشري نفسي لله فقاتله، وكان علي كرم الله وجهه إذا قرأ هذه الآية يقول اقتتلا ورب الكعبة. وسمع عمر رجلاً يقرأ هذه الآية: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون قام رجل فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقتل. عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن غريب. وأما تفسير الآية فذكر المفسرون أن المراد بهذا الشراء البيع ومنه قوله: {وشروه بثمن} أي باعوه والمعنى أن المسلم باع نفسه بثواب الله تعالى في الدار الآخرة، وهذا البيع هو أن يبذل نفسه في طاعة الله من صلاة وصيام، وحج وجهاد وأمر بمعروف ونهي عن المنكر، فكان ما يبذله من نفسه كالسلعة فصار كالبائع، والله تعالى المشتري، والثمن هو ثواب الله تعالى في الآخرة ابتغاء مرضاة الله أي طلب رضا الله {والله رؤوف بالعباد} أي من رأفة الله بعباده أن جعل النعيم الدائم في الجنة جزاء على العمل القليل المنقطع، ومن رأفته أنه يقبل توبة عبد ه ومن رأفته أن نفس العباد وأموالهم له، ثم إنه تعالى يشتري ملكه بملكه فضلاً منه ورحمة وإحساناً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال